تقدم حوالي 90 نائبا، منتصف هذا الشهر ، مشرعا لسحب الثقة من رئيس مجلس الشعب محمد عثمان جواري ووجهوا اليه لائحة طويلة من الإتهامات أبرزها، مخالفة الدستور، والإنتهاك باللوائح الداخلية للمجلس، والفشل في استكمال تشكيل اللجان وخاصة لجنة الخدمات.
نفى جواري هذا الإتهامات ووصفها بالمؤمرة، كاشفا النقاب عن ضغوط مورست ضده من قبل حكومة حسن علي خيري التي اتهمها بالوقوف وراء محاولة اقالته.
بعيدا عن التهامات المتبادلة فهناك ثلاثة إحتمالات وراء محاولة عزل رئيس مجلس الشعب.
الإحتمال الأول: يتمثل بأنه جزء من خطوة استباقية اتخذها الرئيس محمد عبد الله فرماجو لافشال مخطط “خارجي – داخلي “- بحسب مصدر مؤيد له- لزعزعة حكمه تمهيدا لإسقاطه وأن هذا المخطط برز منذ انتخابه رئيسا للبلاد، حيث شكك سياسيون صوماليون بعد أيام من انتخاب فرماجو رئيسا للبلاد في امكانية استكمال فترة ولايته القانونية.
ولافشال هذا المسعى طالب فرماجو من رئيس مجلس الشعب جواري بدعم مشروع قانوني يهدف إلى تعديل الدستور لسن قانون يمنح لرئيس الجمهورية صلاحية حل المجلس الا أن جواري رفض هذا المطلب ما اثار حفيظة الرئيس فرماجو ورئيس وزرائه خيري وقررا عزله.
الاحتمال الثاني: من اجل مواحهة تحرك سياسي لعزل رئيس الوزراء حسن علي خيري.
شهدت العاصمة الكينية نيروبي خلال الشهور الماضية تحركات سياسية عالية المستوى قادها نواب من البرلمان الصومالي ووزراء سابقين، واستضافت المدينة عدة لقاءات سرية وأخرى علنية بين زعماء وسياسين بارزين من تيارات سياسية مختلفة عقدت في عدة فنادق ومنازل بمدينة نيروبي.
لم تتبلور أهداف هذه اللقاءات والاجتماعات بشكل أكثر وضوحا الا أن بعض المصادر أماطت اللثام عن مناقشات جرت خلالها لبحث الأوضاع السياسية في البلاد وسبل تنسيق المواقف حول القضايا المطروحة للنقاش، وتشكيل جبهة سياسية قوية معارضة لحكومة حسن علي خيري.
شارك في هذه اللقاءات أعضاء من كتلتين معارضتين للحكومة
الكتلة الأولى: مؤيدوا الرئيس السابق حسن شيخ : لم يعد هذا التيار متماسكا كما كان الأمر قبل عام انفرطت عقده بعد خسارتهم في الانتخابات الرئاسية التي جرت في البلاد العام الماضي ومضى كل شخص نحوه ليضمن مقعده في الحكومة الجديدة لكن بعض الاشخاص الذين كانوا أذرع نظام حسن شيخ لا تزال تراودهم هوى السلطة ويبدو انهم لم يصدقوا ما جرى في انتخابات عام 2017 ويرون أن العودة الي السلطة ممكنة قبل انتهاء فترة ولاية الرئيس فرماجو أو على الأقل الحصول على مقاعد في الحكومة وبالتالي لم يدعوا ممارسة الضغط على النظام الجديد منذ توليه السلطة.
الكتلة الثانية: مجموعة من تيارات متعددة التوجه والأهداف يوحدها غيابهم عن الحكومة الحالية ويشكون من غدر الرئيس محمد عبد الله فرماجو وخلف وعده.
بدأت معارضة الجماعتين منذ تعيين حسن علي خيري الذي يحمل الجنسية النرويجية رئيسا للوزارء شهر فبراير عام 2017 ، وأثاروا تساؤولات حول قدرة الرجل على إدارة هذه البلد المثقل بالإزمات الداخلية والخارجية عبر سياساته المتسمة بالتقلبات والتحولات المفاجأة ورأوا انه من الضروري قطع الطريق امام طموحات هذا الرجل ومنعه من الاستمرار على منصبه وبالتالي لم يكن خيري من تسلم مهامه يخرج من أزمة الا ويرى نفسه أمام أزمة أكثر خطورة وتعقيدا، وظلت الأزمات التي تحاك من قبل منافسيه ترافقه في كل محطة الا انه رفض الخضوع والاستسلام وأن أزمة مجلس الشعب ما هي الا جولة من جولات صراع رئيس الوزراء مع معارضيه.
الاحتمال الثالت: أنه يأتي في اطار تفاهمات بين رئيس الوزراء حسن علي خيري ورئيس جنوب غرب الصومال شريف حسن لإنهاء خلافاتهما وكان ضمن هذه التفاهمات تعيين مقرب للأخير رئيسا لإحدى الأجهزية الأمنية السيادية- وهذا ما حدث – ومساعدته في استعادة دوره القوي والفاعل داخل مجلس الشعب.
ومهما تكن الإحتمالات وراء مشروع اقالة رئيس مجلس الشعب محمد عثمان جواري الأ أن المؤكد وفق مصدر مطلع اقتراب موعد حسم السلطة في مقديشو لصالح فريق من الفرقاء السياسين المتصارعين، ويرى المصدر بأن الأزمة قد تجاوزت حدودها ولا يمكن العودة إلى الوراء وأن الأمر يمثل بالنسبة لكل طرف مسألة حياة أو موت.