مما يتميز به المسلم عن غيره هي العقيدة الراسخة للإيمان بالقضاء والقدر سادس أركان الإيمان وهو الذي يقوده للاطمئنان وراحة البال مادام يؤمن مسبقا بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه, وما أخطأه لم يكن ليصيبه, وهذا ما كان يعلم الرسول أصحابه ويحفظهم, وهي نفس ما تشير إليه الآيات القرآنية في مواضع عدّة منها قوله تعالى في سورة الحديد ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم …….) الآية .
هذا الأمر يجعل الفرد المسلم يقابل تحديات الحياة وصعوباتها وتقلباتها بروح من الحيوية والنشاط, من غير آبه لما تخفي عليه الدهور والأيام من أفراح و أتراح, إذ يعتقد بأنه في كل الأحوال رابح بالمعيار الشرعي إذا احتسب وهذا الأمر هو ما يوجهنا به الحديث النبوي : ( عجبا لأمر المؤمن, إن أمره كله له خير, وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن, إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرا له, و إن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرا له ) .
إن من يتسلح بهذا التوجيه النبوي لا يمكن أن تتعكر حياته بسبب مصيبة تنزل به, أو عسر يطرق بابه, وهو ما نلاحظه مطبقا في واقع مجتمعنا الصومالي الذي يواجه منذ أمد بعيد صعوبات, لا سيما في هذه المرحلة الحرجة الذي يمر به الشعب, حيث يجتاح الجفاف أغلب المناطق ويتضرر به الإنسان والحيوان, وتنتشر الأمراض الوبائية التي لا تستثني أحد, وفي المدن تشتعل الحرائق بين الفينة والأخرى في الأسواق والتي تسبب خسائر ماليه رهيبة, والتفجيرات الدموية مستمرة, ومع ذلك يزداد الشعب تماسكا وأخوة أكثر , ويواجه حياته بنشاط وحيوية أقوى ويفتح صفحة جديدة متناسيا ما حل به وكأنّ شيئا لم يكن, هذه الحالة تعطي انطباعا واضحا مدى العزيمة والإرادة القوية في داخل النفوس للنهوض والقيام من جديد ينقصنا فقط وإعادة النظر والمراجعة لأماكن الخلل للتوخي من قادم آخر حبذا لو أضفناها .
هذه الحالة من الكفاح والتدافع والمنازعة مع القدر وعدم الاستسلام له تذكرني قول العارف عبد القادر الجيلاني حين قال : ( الناس إذا وصلوا إلى القضاء والقدر أمسكوا إلا انا فانفتحت لي روزنة, أنازع مقادير الحق للحق بالحق, والرجل من يكون منازعا للقدر لا من يكون مستسلما له ).
والحقيقة القاطعة هي أنه لا تخلوا حياة أي أحد مهما أوتي من النعم من منغصات تكدر صفو حياته, وبالتالي فإن السعي للبحث عن حياة خالية من كل المنغصات هي من المستحيلات, ولو يحظى أحد لحظي بها أناس دول بلغت من التقدم المادي والعلمي مبلغا رفيعا .
الرسالة التي أريد أن أوصلها هنا هي أنه لا بد من القيام بالعمل الجاد والدؤؤب والتخطيط المبني بالعلم والدراية التامة للتخطي عن الظروف المأساوية التي نمرّها وأن لا نستسلم لها, مهما كانت الظروف المحيطة بنا, إذا لا مكان للضعفاء في الحياة .