وفقا للدستور، فإن رئيس الوزراء المعين سيمثل أمام مجلس الشعب في الأيام القادمة للمصادقة على تعيينه، ويحتاج إلى أغلبية أصوات أعضاء المجلس (50+1) ليكون رسميا رئيسا للوزراء وليباشر مهامه في تشكيل الحكومة القادمة والتي بدورها ستحتاج الي تصديق من البرلمان، ما يعني أن مفاتيح الحكومة القادمة بيد أعضاء البرلمان، وهم القادرون على تمرير أول قرار مهم أتخذه الرئيس محمد فرماجو أو افشاله.
وكلها إجراءات دستورية كانت معمولة في الفترات السابقة بل يمكن القول أن التشكيلة الجديدة للبرلمان انظف واكثر وطنية من الفترات السابقة، وبالتالي من المرجح أن يصادق البرلمان على الرئيس الوزراء المعين ، ولكن قبل أن نجزم ما اذا كان سيحظي رئيس الوزراء المعين اصوات اغلبية النواب أم لا، لابد وأن نعرف عن التكتلات المختلفة في داخل البرلمان وتوجهاتهم السياسية، لكي نستقرأ حظوظه على المصادقة؟
وبناءا علي معلوماتنا، فإن اعضاء البرلمان موزعون على ثلاثة تكتلات رئيسية، كتلة التغيير، وهي التي انتخبت الرئيس محمد فرماجو، وهي كتلة قوية ومتماسكة وهدفها الرئيسي هو انجاح الرئيس محمد فرماجو ومساعدته على انزال خططه والشعارات الوطنية الي رفعها اثناء الانتخابات الي ارض الواقع، ومساندتها وتأييدها للرئيس فرماجو نابع عن قناعتهم بأنهم ينفذون رغبات الشعب الذي قام بالضغط عليهم بانتخاب الرئيس، والمصاقة علي رئيس الوزراء امتداد لتنفيذ هذه الرغبة الشعبية، لذلك، ستصوت هذه الكتلة بالمصادقة على الرئيس الوزراء حسن خيري.
تتمثل الكتلة الثانية مؤيدو الرئيس السابق حسن شيخ محمود، وهي الكتلة الثانية من حيث التمثيل والتماسك والقدرة على التأثير في داخل البرلمان ما يؤهلها للوقوف ضد رئيس الوزراء المعين، ومعظم اعضاء هذه الكتلة من انصار مجموعة حكمت البلاد في الفترة السابقة، واستثمرت جهدا بشريا وماليا كبيرا في السنين الأربع الماضية للبقاء في الحكم، واصطدمت بخيبة امل كبيرة بعد فشل مرشحهم في مقارعة الرئيس محمد فرماجو. ووقعت نتيجة الانتخابات كوقع الصاعقة في آذانهم، بل كانت ردود افعال بعض من منتسبي هذه المجموعة بالصادمة بعد أن حاولوا اللعب علي وتر القبيلة ولم يصدقوا أن زمنهم قد انتهي، وبالتالي من المنطقي أن يعرقل اعضاء البرلمان من هذه الكتلة المصادقة على تعيين رئيس الوزراء انتقاما من خسارتهم في السباق الانتخابي.
ولكن منذ تعيين حسن خيري رئيسا للوزراء، يبدو وكأن تغييرا مفاجأ حدث في مواقف انصار الرئيس السابق تجاه التجربة الجديدة في البلاد، حيث تحولت شخصيات مؤثرة من انصار الرئيس السابق من متشائمين ومتشككين في قدرة الرئيس وفريقه على قيادة البلاد نحو الافضل الي متفائلين ومشيدين بقرارات الرئيس، واعتبر بعضهم تعيين حسن خيري خطوة جريئة تعكس على النضوج السياسي الذي يتمتع به، وقد فسّر بهذا التغيير الايجابي من انصار الرئيس السابق ادعائهم بأن رئيس الوزراء المعين ينتمي الي معسكرهم، وأنه كان أحد مستشاري الرئيس السابق حسن شيخ محمود،و لعب دورا كبيرا في حملته الانتخابية السابقة.
وبعيدا عن صدقيه أو عدم صدقية هذه الإدعاءت من قبل انصار الرئيس السابق والمصدر الحقيقي لفرحتهم بتعيين حسن خيري رئيسا للوزرا، فإنه من المؤكد أن النواب المؤيدين للرئيس السابق سيصوتون لصالح رئيس الوزراء المعين في الجلسة المرتقبة للمصادقة عليه.
فهناك ايضا كتلة ثالثة في البرلمان تتكون من انصارالمرشحين الخاسرين في الانتخابات الرئاسية الماضية، وليست كتلة قوية لأن وجودهم من حيث الأساس كان مرحليا في اثناء الانتخابات ولا نتوقع أن يصمد لفترة طويلة، ومع ذلك في حال اخفاق الرئيس فرماجو في اشراك المرشحين الخاسرين بالانتخابات السابقة في قرار تعيينه رئيس الوزراء هناك احتمال بأن يقوم بعض المرشحين السابقين بمحاولة حشد اكبر عدد من النواب لعرقلة المصادقة على الرئيس الوزراء المعين، وهذا مستبعد لأنهم لا يتمتعون بمؤيدين في قبة البرلمان في الوقت الحالي، وكل من صوت لهم في الانتخابات الماضية صوت لأسباب مرحلية انتخابية، وانتهت هذه المرحلة، عكس أنصار الرئيس السابق في البرلمان وهي كتلة ايديولجية تتوفر لديها كل عوامل البقاء لاطول فترة ممكنة.
وتتمثل المجموعة الأخيرة النواب المحسوبون علي الإدارات الإقليمية، الانتخابات السابقة برهنت أن تأثير الولايات الاقليمية في البرلمان الجديد ضعيف جدا ومع ذلك رحبت جميع الولايات الإقليمية بتعيين حسن خيري رئيسا للوزراء، وقدمت له التهاني، ما يعني ان الادارات الاقليمية راضية عن الرئيس الوزراء الجديد، ولن تعمل على تعبئة النواب الموالين لها بالتصويت ضده.
وعليه، تشير كل الدلائل الي مصادقة اعضاء البرلمان على رئيس الوزراء المعين باغلبية كبيرة، ليباشر عمله، وفي مقدمتها تشكيل حكومة تنوقراط قادرة علي التعامل مع الملفات المهمة التي تنتظرها مثل الجفاف، الأمن، ومحاربة الفساد بالاضافة الي ربط اواصر التعاون مع قوى إقليمية ودولية ذات اهداف متعددة تناطح لتحقيق مصالحها في الصومال، وتوظيف هذه العلاقة خدمة لمصالح الشعب والوطن.