كتاب “معجم المؤلفين الصوماليين بالعربية قديما وحديثا” للدكتور محمد حسين معلم علي، مجهود بحثي الأول من نوعه في الأرشيف الثقافة الصومالية ، وإضافة جديدة للمكتبة العربية، فهو مادة ضخمة تحتوى على تراجم 661 من المؤلفين الصوماليين القدماء منهم والمعاصرين، كُتّابا، وبُحّاثا، ونُقاّدا من منقبي قضايا الفكر والمعرفة والعلم.
تعريف بالمؤلف
مؤلف الكتاب هو الدكتور محمد حسين معلم علي ويلقب بمحمد ديق وهو من مواليد عام 1964 في حي عبد العزيز بمقديشو ، وترعرع عند والدته وأخواله في العاصمة، حيث أتم فيها المراحل التعليمية الأساسية والثانوية ، أما مراحل التعليم العالي فكانت في كل من السعودية، والسودان، والنرويج ، وانضم لهيئة التدريس في الجامعة الاسلامية بمقديشو.
عاش المؤلف لسنوات في النرويج التي يحمل جنسيتها، ويعمل حاليا في احدى دوائر التعليم الرسمي الإقليمي في النرويج كما أنه متعاون ومحاضر مستقل مع بعض الجامعات والمراكز الثقافية في الصومال والنرويج.
الدكتور محمد حسين كاتب ومؤرخ صومالي، له عشرات المقالات في التاريخ، والأدب، والسياسية نشرت في جرائد ، ومجالات، ودوريات صومالية، واقليمية ودولية ، وله أيضا عدة بحوث ومؤلفات بلغات مختلفة مثل:
- الثقافة العربية وروادها في الصومال وهي دراسة تاريخية حضارية ، الطبعة الأولى دار الفكر العربي في القاهرة ٢٠١٠.
- ديوان شعر لأبشر نور فارح بعدلي الطبعة الثانية استكهلم، السويد عام 2015 باللغة الصومالية
- إبن عبد ربه الأندلسي مؤرخا تحت الطبع
- عباقرة لهم أصول في منطقة القرن الأفريقي – تحت الطبع
- مصادر ومراجع لتاريخ الصومال وحضارته -عرض ونقد- غير مطبوع.
الكتاب كما عرّفه مؤلفه
قال المؤلف: إن هذا الكتاب هو عبارة عن جمع ما ألفه أهل الصومال قديما وحديثا في اللغة العربية فيما يتعلق بجميع الفنون والمعرفة وبعبارة أخرى فهو فهرست ما ألفه أهل الصومال في اللغة العربية حسب الحروف الهيجائية ، وقد وجدت أنه من الفائذة جمع هذه القوائم من المؤلفين والمؤلفات من أهل الصومال في كتاب واحد حتى يمكن الرجوع إلى ذلك الانتاج العلمي والثقافي الذي حققه أهل الصومال عبر العصور المختلفة ، وذلك لتقديم صورة واضحة على ذلك النتاج ولسهولة المتابعة التاريخية للجهود المعرفية التي بذلت في مجال التأليف والابداع من قبل شريحة من أهل العلم والمعرفة من أهلنا منذ البواكير الأولى حتى عصرنا الحاضر ، لكي تراقب مدى التطوير والتطور الذي طرأ على الساحة الصومالية في مجال التأليف، ومدى قوة الثقافة العربية والقلم العربي في مخيلة أهل الصومال وتفكيرهم الثقافي والعلمي . إذا فالمعجم يتناول فقط الانتاج العلمي والثقافي الذي خلفه أهل الصومال بلغة الضاد في أي فن من الفنون، ومن هنا جاء عنوانه “ معجم المؤلفين بالعربية قديما وحديثا”.
موضوعه
حاول الكاتب من خلال مجهوده البحثي جمع تراجم أكبر عدد ممكن من المؤلفين الصوماليين بالعربية، فيهم العالم، والوزير ، والشاعر، والطبيب، والفيلسوف، والمدرس، والطالب في كتاب واحد ليكون مؤرخا لما حققوه في مجال التأليف والتفكير الإبداعي، وموثقا لإنتاجهم العلمي والثقافي، ومسجلا أبرز مراحل التطور التي مرت بها اللغة العربية في الصومال ومدى جدارتها وأصالتها في تاريخ الأمة الصومالية.
لم يسرد الكاتب أسماء المؤلفين الصوماليين باللغة العربية مرتبة على الحروف الهيجائية فحسب، بل تناول سيرهم، وتاريخهم، وأنتاجهم الفكري والعلمي بشكل تفصيلي وبسلوب كتابي أصيل يجمع بين السهولة والجزالة والوفاء بالغرض.
استهل الكاتب في كتابه بعد الشكر والعرفان بالحديث عن مفهوم المعجم وتعريفه، والمنهجية التي اتبعها لجمع المعلومات والوصول إلى الحقيقة وأشار بأنه ليس الأول من نوعه صدر في العالم العربي والاسلامي وأخذ على سبيل الميثال لا الحصر عددا من معاجم المؤلفين، مثل معجم المؤلفين البحرينيين من عام ١٩٠٠- ٢٠١١ للدكتور منصور سرحان، ومعجم المؤلفين العراقيين لكور كيس عواد، ودليل المؤلفين الليبين، وتراجم المؤلفيين الليبين لمحمد محفوظ وغيرهم من معاجم المؤلفين.
وتناول الكاتب أيضا في الصفحات الأولى من الكتاب جانبا من تاريخ أهل الصومال واللغة العربية ومراحل تطورها من فجر الاسلام إلي يومنا هذا، وأكد أن اللغة العربية ليست لغة غريبة ودخيلة في بلاد الصومال وأنها لغة أصيلة يعود استخدامها إلى فجر الاسلام ومع انتشاره في منطقة الحبشة.
وأوضح أن الصومالين كانوا يسخدمون اللغة العربية في جميع مجالات الحياة قبل دخول الاستعمار في بلادهم، وخصوصا في مجالات القضاء وفصل الخطاب، ومجالات البيع والشراء، والعقود التجارية، وكل ما له علاقة بالاقتصاد والتجارة بالإضافة إلى الاتصالات، والمراسلات بمجالاتها المختلفة.
في الفصل الأول قدم الكاتب وبأسلوب رصين المألفين العباقرة الذين لهم أصول في منطقة القرن الإفريقي، والمؤلفين الذين عاشوا فيها، ومؤلفين مجهولين يعتقد أن لهم أصول في الصومال، وكتب ومخطوطات ألفها علماء صوماليون ضاعت في غياهب الزمان بسب غياب المؤسسات والهيئات الرسمية و الشعبية المعنية بحفظ التراث الوطني وعنايتها وصيانتها .
يرى الكاتب أن هناك نخبة من العلماء يشار اليهم بالبنان والمتداول على ألسنة المثقفين والعامة في بعض البلدان الاسلامية في العصور الوسطى والحديثة، لهم أصول في بلاد الصومال، وعلى الرغم من اندماجهم مع مجتمعهم الجديد وكونهم جزاء منه الا أن سيرتهم وتراجمهم تشير بأنهم من أبناء منطقة القرن الإفريقي وبالذات بلاد الصومال ، ومن هؤلاء فخر الدين الزيلعي، عثمان بن علي بن محجن البارعي ، الذي وفد إلى مصر سنة 1305 صاحب كتاب الحقائق لشرح كنز الدقائق وهو شرح كتاب كنز الدقائق للامام عبد الله بن أحمد بن محمود أبو بركات حافظ الدين وغيرهم مما ذكرها الكتاب.
كما تناول الكاتب في هذا الفصل الانتاج العلمي والثقافي للنساء، ومجموعة الباحثين الذين اشتركوا في تأليف كتاب واحد، وأبواب التأليف وقلته في الصومال.
وأما في صلب المعجم سرد الكاتب تراجم 661 مؤلفا صوماليا وتعرض تاريخ ميلادهم، ومسيرتهم العلمية وكفاحهم، ودورهم في الحياة السياسية والاجتماعية، وانتاجهم العلمي والأدبي والثقافي. لم يكتف الكاتب على هذا القدر بل حاول قدر الإمكان على جمع ما أسدي لهؤلاء الكتاب من مناقب ومدائح، وما تعرضوا له من نقد وارشادات ، وما تركت انجازاتهم العلمية وبحوثهم من صدى في أوساط المجتمع الصومالي .
منهجه
رتب الكاتب كتابه ترتيبا هيجائيا ، فبدأه بالمؤلف الذي أول اسمه حرف الهمزة وختمه بالذي أوله ياء فبدأ بإبراهيم حاشي محمود وختم بيونس عبد الله موسي، كان الكاتب حريصا على الأمانة العلمية في النقل وضبط المعلومات والبحث عن الحقيقية وإعلانها سواء اتفقت مع ميوله أو خالفتها حتى يسلم الكتاب من التحريف والتصحيف، ويذكر اسم المؤلف وأبيه وجده وقبيلته ومولده إن وقف عليه ويتحرى زمان الوفاة والأراء المختلفة حول المولد والوفاة ثم يورد المعالم البارزة من حياة المؤلف وثقافته وأساتذته وجامعته وتلامذته ومزاياه وأحيانا يضيف إلي ذلك تعليقا على انتاجه العلمي والأدبي وينقل ما بين النصوص من إضافة أو تجديد، ومزايا.
تلقى الكاتب صعوبات جمة في إعداد الكتاب واعترت طريقه تحديات كبيرة ، رغم أنه لم يذكرها في كاتبه الا أنها كانت سببا في تأخر صدور الكتاب ، وأن يرى النور قبل هذا الوقت ، ومعظم هذه الصعوبات والتحديات كانت تتمثل في قلة اهتمام الكتّاب الصوماليين لقضية تبادل المعلومات وضروة دعم الباحث في عمله.
قيمته
يضم الكتاب الذي جاء 682 صحفحة مجموعة تراجم لا غنى عنها في كل بيت، وجامعة، ومركز بحثي ، فهي أداة في متناول كل مثقف وباحث في الشأن الصومالي يعتمد عليها في بحوثه ودراساته السياسية والاقتصادية والأدبية والاجتماعية فتضفي على معرفته مزيدا من خبايا وتقاليد وتراث الشعب الصومالي. لقد جمع الكاتب في كتابه عصارة أفكار المؤلفين الصوماليين وتاريخهم وذكر فيه ما نقله عنهم ما سمعه من مخالطيه، وما عرفه هو عن معاصريه ، فهو ذخيرة لدارسي العلوم والأدب والتاريخ واللغة وعلم الاجتماع.