لا يوجد مكان علني يباع ويشترى فيه الأسلحة في العاصمة مقديشو. لقد تمكنت الحكومة قبل سنوات من تدمير أكبر سوق للسلاح ( عرتوغتي) في منطقة بكارى وسط مقديشو ومنعت منعا باتا من حمل السلاح وحيازته داخل المدينة دون إذن من السلطات الأمنية ، لكن رغم ذلك لا تزال تجارة الأسلحة في الصومال وخصوصا في العاصمة مقديشو تعد من قطاعات التجارية الكبرى في البلاد ويتمتع تجار السلاح نفوذا قويا في أساط المجتمع الصومالي كونهم لهم علاقة مع الأطراف السياسية والقبلية التي تلجأ إليهم عندما يجتاجون السلاح .
الأسواق الوهمية للسلاح
لم يلتزم تجار السلاح بقرارات منع حمل السلاح وحيازته الصادرة من وزارة الامن، وقرروا التحدي واستخدام طرق أخرى وهم لا يزالون يعدون المصدر الرئيسي للسلاح المتدفق إلي تنظيم الشباب والقبائل المتحاربة.
هناك سوقين لتجارة الأسلحة في مقديشو، سوق زوبي وسوق شنت غيد الذي يقع على بعد أمتار من مبنى وزارة الأمن. يتوفر في هذين السوقين كل أنواع الأسلحة ابتداء من المسدس ومرورا بالقنابل وانتهاء بالأسلحة الثقيلة، و كل صباح، يمّ إليهما مواطنون يريدون شراء أو يبع سلاح وجنود منشقون من الجماعات المسلحة أو جنود من الحكومة ويعقدون صفقات مع تجاز السلاح في هذين السوقين.
سوق زوبي نموذجا
سوق زوبي القريب من مبنى الوزارة الخارجية يعد من الأسواق الوهمية التي تباع فيها الأسلحة وتتوفر فيه كل أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة. فالغريب عندما تزور هذه المنطقة لا تلاحظ أي مظهر من مظاهر السلاح أو أثر دال على وجود تجاري فيها، لكن يباع في كل يوم ويشرى في هذا السوق كميات من الأسلحة المختلفة، ويتلقى عروضا لشراء الأسلحة من ضباط في القوات المسلحة الصومالية أو من قوة بعثة الاتحاد الافريقي كما أنه مصدر مهم لحركة الشباب وتحصل منه كل ما تحتاج اليه من أسلحة وعتاد.
طرق شراء أو بيع الأسلحة
محمد جندي حقيقي من قوات الأجهزة الأمنية كان عنده سلاح من طراز كلانشكوف اراد ان يبيع سلاحه فقبل أن يذهب إلي سوق زوبي حصل على رقم تلفون أحد تجار السلاح في السوق وأبلغه بأن لديه سلاح يرغب بيعه وبعد دقائق من الحديث حصل بينهما اتفاق مبدئي على سعر البندقية ومكان الالتقاء ثم ذهب وبزيه العسكرى ومع الكلانشكوف الى السوق، والتقى مع التاجر أمام أحد المباني التجارية في الشارع الرئيسي في حي وزوبي وبعد دقائق باع محمد سلاحه بـ 800 دولار أمريكي.
أما إدريس رجل قبلي كان يريد شراء كمية كبيرة من السلاح لعشيرته. اتصل كذلك بأحد التجار المعروفين في سوق زوبي وقدم طلباته وكمية الاسلحة التي يحتاجها ونوعيتها، وبعد مساومة اتفقا على السعر والإلتقاء في مكان ما في حي زوبي.
إلتقى إدريس تجار السلاح أمام فندق أميرة الشهير في أحد الطرف الالتفافية بحي زوبي وسلمه العدد المطلوب من المال مقابل قطع من الاسلحة والعتاد ونقلها وايصالها إلي أماكن تواجد مليشيات عشير إدرس. وبالفعل خلال المدة المتفقة عليها نقل تاجر السلاح الذي طلب منا عدم ذكر اسمه الأسحلة إلى منطقة عشيرة إدريس التي كانت تستعد لخوض حرب مع عشيرة مناوئة لها.
طرق أخرى
وهناك عناصر من قوة بعثة الاتحاد الافريقي (أميصوم) متهمة بالتورط في صفقات بيع وشراء غير مشروعة للأسلحة والرصاص والوقود . وذكر لي أحد سكان منطقة عيل جالي أن في كل أسبوع أو أسبوعين تقوم عناصر قوة “أميصوم” المتمركزة في قاعدة عيل جالي بعمليات مراقبة خارج القاعدة. وفي كل مرة يخرج هؤلاء الجنود من قاعداتهم ترى أفرادا من سكان عيل جالي وهم يحملون جالونات يسيرون خلف عربات الجنود وما أن ابتعدت هذه العربات من القاعدة حتى تبدأ عمليات بيع وشراء للرصاص والوقود على مرآى قيادة الوحدة المكلفة بعملية المراقبة، ولتغطية هذه العملية غير المشروعة تقوم القوات بافتعال حرب وهمي ويطلقون الرصاص بشكل عشوائي دون مواجهة مع أحد ثم يعودون إلى قاعدتهم سالمين غانمين. ومثل هذه العلميات تحدث- بالمناسبة- في جميع القواعد العسكرية التابعة لقوات الاتحاد الافريقي المنتشرة في البلاد.