يمر العالم اليوم بأكثر من 196 دولة تجمع الآلاف من الشعوب والقوميات، والكيانات السياسية القديمة والتقليدية والحديثة، كما توجد عشرات الآلاف من المجموعات والجماعات الفكرية والدينية والقومية والقبلية والإقطاعية، ولكل منها رموزها وشعاراتها وأعلامها وسماتها، كما أن لكل شعب وبلد خصائص تميّزهم عمّن سواهم، يعتزون بها ويعلون من قيمتها، ويتعاملون معها بكثير من التبجيل، ومن ذلك شعار الدولة وعلَمُها الذي بلغ من أهميته أن يُخصَّصَ لوصفه وتحديده قواعد تتضمنها الدساتير في قواعدها وبنودها.
وضع الأعلام والرموز الصومالية:
إلّا أنه وخلال العقدين الماضيين تعرّضت الأعلام والرموز الوطنية الصومالية – على اختلافها – إلى الكثير مما يمكن اعتباره امتهانًا وإساءة من قبل مواطنين ومواطنات، يعتقدون – لقلة ثقافتهم ربما – ما يمارسونه من سلوكيات، تعبيرًا عن الوطنية والفخر والمباهاة برموز وطنهم وأقاليمهم وكياناتهم السياسية على اختلافها ومردّ ذلك إلى العوامل التالية:
- ارتباط المناسبات الوطنية غالبًا بالانتماءات القبلية والمناطقية، وما يترافق مع ذلك من سلوكيات نابعة عن التعصّب غير العقلاني، والاعتماد على الفئات الأدنى تعليمًا والأقل دخلًا في الظهور والبروز في تلك المناسبات.
- قلة ثقافة وتعليم منظمي المناسبات، مؤديًا ذلك غالبًا لسوء الإدارة والتنظيم والإخلال بالأعراف والبروتوكولات المتعارف عليها في التعامل مع العلم والرموز الوطنية.
- ضعف الإمكانيات المسخّرة لتنظيم المناسبات الوطنية، نتيجة لعزوف المتمولين عن التورّط في مظاهر الاجتماعية ذات الخلفيات السياسية المثيرة للخلاف، بما قد يضرّ مصالحهم، إضافة لسوء إدارة الموارد المالية الشحيحة المتوفرة، والاختلاسات والفساد.
نماذج من التشريعات الخاصة باحترام العلم والرموز الوطنية:
أصدرت عدد من الدول سلسلة من القوانين في مسعى منها للحد من السلوكيات والمظاهر المسيئة للأعلام والرموز الوطنية، في محاولة للتجاوب مع تدني المستوى التعليمي لفئات شعبية واسعة، بحيثُ اضطرت للتعامل القانوني مع سلوكها ذلك، إضافة إلى مسعى لتنظيم صور الاحتجاج على السياسات الحكومية، على أساس أن الرموز الوطنية تجسيد مادي للوطن وسيادته وتاريخه وآمال شعبه، لا يجب أن تتأثر مكانته بالمتغيرات السياسية في البلاد:
1- أشار البروفيسور أحمد اسماعيل سمتر، إلى امتعاضه عن محاولة بعض المتحمسين وضع علم “صوماليلاند” على كتفيه أثناء إحدى خطاباته، معبّرًا عن ذلك بقوله: “لا يوضع العلم على إنسانٍ ما لم يكن ميتًا في نعش!”
2- ويرد في قانون “منع الإساءة للعلم الوطني” الهندي الصادر برقم 69 سنة 1971م، تحريم ارتداء العلم الوطني أو استخدامه بصورة تحط من قدره.
3- البند “e” في القسم الرابع والثلاثين من القانون الجمهوري رقم 8491 لجمهورية الفليبين، الذي يحرّم ارتداء العلم كليًا أو جزئيًا.
4- البند الثالث من القانون البرازيلي رقم 5700 في الفقرة الحادية والثلاثين الصادر سنة 1971م الذي يجرم استخدام العلم بارتدائه .
5- يعتبر القانون الدنيماركي لمس علم البلاد للأرض إساءة للعلم الوطني.
6- يجرّم القانون الفرنسي ليس فقط الإساءة إلى العلم الوطني، بل وحتّى نشر الصور المأخوذة أثناء ممارسة تلك الإساءة.
قواعد عامة في التعامل مع الرموز الوطنية:
كما يظهر لنا من النماذج التي طرحناها في مقالنا هذا فإنّ الشعوب المتقدمة، او الساعية للتقدم، وكذلك أن من النخب العلمية والثقافية في بلادنا من تجد أن في بعض السلوكيات المتبعة تجاه الأعلام والرموز الوطنية في بلادنا، والتي اعتاد العامة ممارستها بصورة عفوية، ما يدل على غياب الوعي، بصورة مسيئة وممتهنة لمكانة وكرامة تلك الأعلام والرموز التي يُفترض بنا التعامل معها بكثير من التقدير والتبجيل والاحترام، بحيث يكون الإعلاء من شأنها، والتضامن حول رفع مكانتها إن أثناء السلوك الاحتفالي، أو من خلالها عرضها في أماكن السكن والعمل والمؤسسات الخاصة والدوائر العامة، و وضعها موضعًا يليق بها، بحيث ينتقل التعامل مع تلك الرموز من حالة الفخر الذاتي والظاهر، إلى سلوك فعلي ومصدرًا للعمل على بناء صورة جيدة للوطن عبر مواطنيه الساعين بجهد لتحقيق المجد والنبوغ، بحيث يقدمون ما من شأنه تحقيق المجد الذاتي والإعلاء من قدر الوطن بين البلدان والأمم.