تشار ف ولاية الرئيس على الإنتهاء، ولم يتحقق شيئ يذكر من حزمة الوعود التي قطعها على نفسه خلال حملته الانتخابية عام ٢٠١٢ والمتمثلة في إعادة الأمن والاستقرار، وتعزيز السلم الإجتماعي، وبناء المؤسسات الوطنية ، وارساء قواعد دولة القانون، ومحاربة الفساد والنهوض بالإقتصاد، وتنظيم انتخاب شعبي مباشر في البلاد خلال عام ٢٠١٦.
لقد قضى الرئيس ثلاث سنوات من فترة ولايتة في التركيز على إرساء دعائم سلطة جماعته، واحكام قبضتها على مفاصل الدولة من خلال اسقاط رئيس وزراء وتعين آخر، والإنشغال بأمور ثانوية لا تمت بصلة مباشرة لواقع حياة المواطنين بهدف تضليل الرأي العام وذر الرماد على العيون.
خلال الفترة الماضية خلف الرئيس وعده مع المواطنين، ولم يعط اهتماما خاصا لاحتياجاتهم الآنية والمستقبلية، ولم يلبي طموحاتهم الي الأمن والاستقرار، والعيش الكريم ، وتعامل معهم كأنه شعب غافل لا يستطيع التميز بين الغث والسمين وبين من يعمل من أجله ومن يحفر قبره. وكأنه شعب لا يقرأ ولا يدرى عما ترتكب قياداته من انتهاكات في الدستور وسوء استغلال سلطات الدولة ، ولا يتابع عما يجري في بلاده من عمليات ممنهجة لقطع أرازقهم، ونهب ممتلكاتهم لحد يندى لها جبين الحياء خجلا ولا يمكن السكوت عنه.
لم يصغ الرئيس خلال تلك الفترة نصائح وتوصيات المراكز البحثية والشخصيات الوطنية التي كانت تحذر من حين لأخر من إضاعة الوقت بما لا طائل فيه والسير على طريق مسدود اثبت فشله، فوجد نفسه بعد ثلاث سنوات على سدة الحكم أمام ازمة سياسية تكاد تعصف ببارقة الأمل التي كانت تلوح بالأفق قبل مجيئه الي الحكم، وتقضي على الاحلام الجميلة التي كان يرسم الشعب على شاطئ ليذو.
بات البلاد في مأزق حقيقي، والخيارات أمامنا صارت تتقلص وخصوصا بعد ان تقدم مشرعون مذكرة حجب الثقة عن الرئيس الي البرلمان في أول حدث من نوعه في تاريخ الصومال، متهمون إياه بسوء استغلال السلطة، وخيانة ثقة الشعب، الذي علق آماله عريضة على النظام الحالي، وخطف طموحاته وتطلعاته الي إحداث تغيير جذري في المشهد السياسي بالبلاد بعد اكثر من عقدين من الزمن ذاق خلالها ويلات الحرب والعنف وهَمٌ كالجوى.
يتجلى مأزق البلاد في ثلاثة جوانب، الأول التذمر الواسع بين المواطنين بسبب ما آلت اليه الاوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد، وخيبة الأمل المتزايد في صفوف الطبقات المثقفة تجاه حكم الرئيس وكيف يسقط مصير الأمة في أيدي فئة خاصة استحوذت مقدرات الدولة وتركت الشعب يأكل من فتاتها.
والأمر الثاني تفاقم التوتر في العلاقة بين الحكومة والمانحين الذين يشكون من أن الحكومة لا تبذل ما يكفي من الجهد لمحاربة الكسب غير المشروع والحد من سرقة الموارد الحكومية المحدودة ما أحبط مساعي المجتمع الدولي الي بناء دولة فاعلة قوية.
أما الجانب الثالث هو ما يشهده البرلمان من حراك سياسي وارتفاع لنبرة الاصوات المطالبة لعزل الرئيس واحداث تغير في المشهد السياسي في البلاد رغم ضئالة حظوظ نجاحها.
وعلى اي جنب يكون مصير الأصوات المطالبة لازاحة الرئيس من المشهد السياسي الا أنها تمثل اليوم الأمل الوحيد للشعب الصومالي، لأنها بداية لسلسة خطوات تصعيدية قد يقوم بها برلمانيون أو شخصيات وطنية في الشهور المقبلة للحيلولة دون عودة النظام الحالي الي الحكم والفوز في الانتخابات المقبلة. كما أنها كافية لتكون رسالة انذار حقيقية الي الرئيس ليعيد النظر في حساباته ويصحح ما ارتكبه في السنوات الثلاثة الماضية ليترك السطلة في نهاية فترة ولايته معززا مكرما.