بعد خلافات فكرية عميقة وتجاذبات سياسية حادة يبن الرئيس حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء السابق عبد الولي شيخ، وخروج الأخير من القصر وحل حكومته عن طريق البرلمان، تم تعيين عمر عبد الرشيد خلفا له وذلك بتاريخ 27/1/2014 أي قبل48 يوماً تقريبا، وحينها تساءل البعض لماذا تم تعيين عمر عبد الرشيد لهذا المنصب الحساس مع أنه تمت تجربته من قبل في عهد شيخ شريف؟ في حين تساءل البعض من هو اللوبي في هذا الأمر؟، وماهي المواصفات التي ميزت عمر عن غيره لينال رضا الرئيس؟ هل هو كونه مطيعا ثم أمين؟ أم أنه يمتلك عصا موسى؟ أم أنه يأوي إلى ركن شديد؟ أم أنه الخلاص الوحيد لمشكلة الخلافات؟ أم أنه مثقف وذوا خبرة؟ أم ماذا ؟.
فمهما تكن المواصفات والأسباب والعوامل التي ساعدت عمر ليصبح رئيس الوزراء الثالث في عهد حسن شيخ الذي لم تتجاوز سنوات حكمه ثلاثة سنوات عجاف، إلا أن عمر يبدوا الآن أنه بين مطرقة الرئيس وسندان البرلمان وأن اللعنة التي أخرجت سلفه من القصر تلاحقه، لا التشكيلات المرضية للرئيس تنفع ولا التشكيلات المقنعة لنواب البرلمان تنجح، حاول جاهدا تشكيل حكومة موسعة مكونة من ستة وعشرون وزيرا وخمسة وعشرون نائب وزير وتسعة وزراء الدولة تضم حلفاء الرئيس وحاشيته ولم ينس المعارضين إلا أن ذلك لم يقنع بعض النواب بل أثار حفيظة بعضهم فتعالت أصواتهم وهددوا بعدم منحة الثقة للحكومة وزاد عددهم عن مأئة، وتأكد أنهم في هذه المرة جادون في تهديداتهم ولايقبلون ماكان يقنعهم في السابق، فحل عمر حكومته بنفسه وطالب بمهلة أربعة عشرة يوما وتخيب آمال من تم تعيينهم وزراء ونواب وزراء.
البرلمان يمنح عمر مهلة 14 يوماً.
إستجاب البرلمان لطلب عمر عبدالرشيد وأعطى مهلة 14 يوماً لتشكيل حكومة جديدة توافقية تنال رضا الجميع، وكالعاد أجرى اللقاءات والمشاورات مع المعنيين وأستقر به الأمر بتشكيل حكومة مصغرة تضم عشرون وزيراً، وخلت وجوه المعروفين والمغضوبين عليهم، وضمت شبابا مثقفين مما جعل البعض يصفها بأنها حكومة توافقية وظن الجميع أنها تمر أمام حاجز البرلمان مرور الكرام.
وفي يوم السبت المنصر قدم عمر حكومته الناقصة إلى البرلمان قبل أن يعين نواب الوزراء، مما أثار مرة أخرى حفيظة النواب وكالعادة عارضو، ورجع عمر بخفي حنين مطالبا مهلة 10 أيام ملوحا بأنه سيوسع حكومته لتكون خمسة وعشرون وزيراً إلى جانب نوابهم بدلاً من عشرون وزيراً.
من هنا يظهر اللغز
أين تكمن المشكلة؟ ولماذا فشل عمر في كلتا المحاولتين؟ لماذا كل مرة يتقهقر عمر وينهزم أمام النواب؟ من يقف وراء النواب المتمسكين بمواقفهم؟ من الذي جعل النواب يسرون على مواقفهم؟ لماذا هذه المرة لاتجدي جزرة الرئيس نفقاً لتنقذ صاحبه؟
أنا لم أجد – كباقي الصومالين – جوابا كافيا مقنعا لهذه التساؤلات، الا إنني أعتقد أن المشكلة تكمن في الآتي:-
– تضارب في المصالح ووجود صراعات خفية، كالصراع الذي أشرته في مقالي المنشور بتاريخ 2/2/2015م والذي عنوته بـ( الصراع الخفي بين الرئيس ورئيس البرلمان)
– أن التعيينات لا تتم بموافقة القطبين( حسن شيخ و عمر عبدالرشيد) وأن أحدهم يملى على الآخر، وهذا العامل متداول بشدة في أوساط الشعب، وفي أروقة اللقاءات المفتوحة للمتابعين والمهتمين.
– المؤثرين في البرلمان يريدون مناصب وزارية، لاشك أن كل نائب من نواب البرلمان يسعى الحصول على منصب وزاري، لأن الإنسان الصومالي بطبعه هو إنسان تملكي، فالدليل على ذلك هي الحروب الأهلية التي دارت في البلاد وأكلت الأخضر واليابس ودمرت البنية التحتية فلا نسل نجى منها ولا حرث سلم، كان السبب الرئيس هو الفوز بحكم البلاد.
– إحتمالية وجود أيادي خفية تتحكم في النواب سواء عن طريق المال أو طريق المصالح.
– إحتمالية وجود فريق في البرلمان يؤيد رئيس الوزاراء السابق ويقوم بإفشال كل المحاولات، لأن من شيمة الانسان الصومالي أنه لا يقر ولا يعترف الهزيمة.
وربما تكون هناك عوامل أخرى، الا أننا نتفق جميعا أن رئيس الوزاراء عمر عبدالرشيد في وضع حرج وأنه ورث عن سلفه وضعا سياسيا مضطربا يقودها أصحاب المصالح الذين يخططون لما بعد عام 2016م.