بدأت وزارة الزراعة تنفيذ قرار منع بيع الحطب المحلي في 12 من يناير 2013م، وذلك بالتعاون مع وزارة الشؤون البلدية والقروية والجهات الأمنية، حيث نفذت حملات مشتركة على أسواق الفحم والحطب في مختلف مناطق المملكة، وصادرت كميات كبيرة منها، إلا أنه على الرغم من مرور 338 يوماً على تنفيذ القرار إلا أن ظاهرة البيع ما زالت مستمرة، وإن توارت خلف ستار المواقع الإلكترونية، وكانت وزارة الزراعة قد أكدت في وقت سابق منع بيع الحطب المحلي والاكتفاء بالمستورد، حيث فرضت رقابة مشددة على تداوله في الأسواق في يناير 2013م، وذلك بالتنسيق مع الجهات المختصة لمتابعة مخالفي القرار، حفاظاً على الثروة النباتية في السعودية ومواجهة خطر التصحر.
وأكدت وزارة الزراعة أن النقص المعروض من الحطب المحلي ستتم تغطيته بالاستيراد من الصومال ودول القرن الإفريقي وغيرها، وقال المهندس جابر الشهري المتحدث الرسمي للوزارة في تصريحه منتصف يناير 2013م، إن الحطب المستورد سيتوافر ليكون بديلا للمحلي.
وأضاف الشهري أن الكميات الموجودة من المستورد قد تكون غير كافية لحاجة السوق، لكن ستتم تغطيتها من قبل المستوردين. كما توعدت وزارة الزراعة مخالفي قرار منع بيع الحطب المحلي بمصادرة مركباتهم في حال تكرار مخالفة التعليمات والأوامر الصادرة بمنع بيعه ونقله في مختلف مناطق السعودية.
وأكدت الوزارة أن السعودية مهددة بالتصحر في الوقت الذي لا يدرك فيه الكثير من المواطنين حجم الكارثة التي تواجهها الجزيرة العربية من آثار الاحتطاب المحلي، وخوفاً من دفع الثمن غالياً يجب أن يتفهم المواطنون حجم المسؤولية، في الوقت الذي طالبت فيه المواطنين الراغبين في شراء الحطب بالبحث عن بدائل أخرى مثل الحطب المستورد وغيره، وذلك في إطار السعي لمواجهة كارثة التصحر.
وعلى الرغم من تحذيرات وزارة الزراعة المتواصلة لمنع الاحتطاب حفاظاً على الغطاء النباتي وإيقاف النزف المستمر للصحراء، إلا أن تلك النداءات لم تجد آذاناً مصغية خصوصاً لدى المواطنين المتنزهين في البراري في مواسم الشتاء والربيع.
وعبر أحد الباعة- ستيني متقاعد- عن استيائه من قرار وزارة الزراعة، مفيداً بأن موسم الشتاء يشكل فرصة ذهبية للحصول على أعلى الأرباح من بيع الحطب؛ نظراً لكونه مصدر رزقه الوحيد بعد تقاعده من عمله الرسمي.
وأضاف “منذ أكثر من 15 عاماً وأنا أعمل في هذه المهنة الشريفة، حيث إنني أتقاضى راتباً تقاعدياً لا يكفي احتياجات أسرتي، وعلى الرغم من قرار منع البيع إلا أن السنوات الماضية ساهمت في معرفتي بعدد كبير من الزبائن والمعارف الذين يتواصلون معي سواء داخل الرياض أو خارجها، ولم أتضرر كثيراً من قرار المنع، إلا أننا أجبرنا على البيع في الخفاء”.
وتابع “أتواصل مع زبائني بالجوال، ولا أحسن استخدام البرامج الاجتماعية، ولا أعرف “الواتساب”، وكل ما في الأمر أنني أتفق مع الزبائن على توفير كمية معينة ومقابلته في مكان معين بسيارة مغلقة كبيرة لتحميل الكمية التي يريدها خوفاً من مصادرة الجهات الرسمية للكميات في حال ضبطها، وتجنب فرض عقوبات وغرامات مالية”، حيث تعمل وزارة الزراعة بالتنسيق مع وزارة الداخلية وإمارات المناطق والهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية ووزارة البلدية والشؤون القروية لتنفيذ قرار منع بيع الحطب المحلي ومعاقبة المخالفين.
وتشير إحصاءات وتقارير رسمية إلى مدى حجم التدهور السنوي للغطاء النباتي الشجري نتيجة لاحتطاب أشجار السمر، التي تقدر بنحو 3376 هكتارا عام 2002، ومن المتوقع أن تصل إلى نحو 13712 هكتارا بحلول عام 2023، فيما قدرت كمية حطب الغضى المعروضة في أسواق السعودية سنويا بما يفوق أربعة آلاف طن، أما كمية حطب الأرطى المعروضة في الأسواق فقد تجاوزت أربعة آلاف طن سنويا.
كما قدرت الدراسات متوسط تكلفة إعادة زراعة أشجار السمر المدمرة مدى خمس سنوات بنحو 180 ريالا؛ أي أن إجمالي التكلفة الناتجة عن تدمير هذه المساحة ما يزيد على 12 مليون ريال، ما يوضح حجم الخسارة التي يسببها الاحتطاب في نوع واحد من الأشجار المحتطبة محليا. وأظهرت دراسات أن 87 نوعا من الأشجار تنمو في السعودية، حيث تنتشر في الأودية والفياض والرياض، كما تقدر الكثافة الشجيرية والشجرية العالية في الوديان بنحو 20 شجرة وشجيرة في الدونم الواحد،
يشار إلى أن وزارة الزراعة قامت بتحديث نظام المراعي والغابات عام 1425هـ، ليتماشى مع المستجدات، ولوضع أسس قانونية لتوضيح الأعمال المحظورة في مواقع الغابات والمراعي، وما يترتب على ذلك من عقوبات، حيث إيقاف إصدار تراخيص الاحتطاب والتفحيم ونقلهما ابتداء من عام 1419هـ، وكذلك منع تصدير الحطب والفحم من داخل السعودية إلى خارجها منعا باتا. وعملت الوزارة على تعيين أكثر من 110 حراس غابات، والتعاقد مع إحدى الشركات الأمنية المتخصصة لتوفير 112 حارسا ومراقب غابات، مع تزويدهم بالسيارات وأجهزة الاتصال اللازمة، كما صدر مرسوم ملكي كريم عام 1423هـ يقضي بإعفاء الحطب والفحم المستوردين من الرسوم الجمركية.
صحيفة الاقتصادية