الصومال.. الضحية المنسية

منذ الإطاحة بالرئيس الصومالي محمد سياد بري قبل أكثر من ربع قرن، وجمهورية الصومال الشقيقة تعيش في دوّامة من العنف وعدم الاستقرار وانتشار الميليشيات المسلّحة ومجموعات تخريبية متطرّفة مرتبط بعضها بجهات أجنبية معادية، تسعى لنشر الفوضى في هذا البلد العربي المسلم.

كما ظهر عدد من أمراء الحرب والصراعات القبلية للاستيلاء على أكبر قدر ممكن من موارد المياه والاراضي الزراعية والمراعي، وظهرت ما تسمى «جمهورية ارض الصومال» في الشمال، تتمتع بقدر من الحكم الذاتي، لكن لم يعترف بها أحد. ولم تكتف هذه المجموعات بصراعها في الداخل الصومالي، بل تعدّى الامر الى انتشار اعمال القرصنة في المياه الدولية وعرقله الملاحة واعتراض السفن المارة واحتجازها وطلب الفدية.

وقد حاولت الامم المتحدة والجامعة العربية التدخّل لإنهاء الفوضى وتخليص الشعب الصومالي من هذه المآسي، وأرسلت قوات فشلت في مهمتها، نظرا الى تعرّضها لهجمات هذه المجموعات وراح ضحيتها عدد من أفرادها ومعداتها مما اضطرها الى الانسحاب. كما تعرّضت المساعدات الإغاثية للاعتداءات وسلب ونهب مواد الإغاثة، مما اضطرها كذلك الى وقف هذه المساعدات، الا من بعض الجمعيات الخيرية التي تعمل بحذر، وتحيط بها المخاطر. كما ان الحكومة الصومالية والبرلمان أصبحا تحت وطأة التهديدات والخلافات المستمرة وهجمات المجموعات الإرهابية التي خلّفت خسائر في الأرواح والممتلكات.

وباعتقادنا، فان هذا البلد الشقيق يحتاج تدخلا سريعا من الامم المتحدة والجامعة العربية من جديد، وبأسلوب مختلف، بحيث تهيّئ الأجواء بتغليب الحكمة والعقل بين أطراف الصراع لعقد اجتماعات مصالحة على طاولة واحدة لتهدئة الأوضاع، والعمل على إنقاذ بلادهم وشعبهم من ويلات هذه الحروب الأهلية التي لا طائل من ورائها غير الفوضى والدمار وانتشار الجوع والفقر والمرض وسقوط ضحايا ابرياء من أبناء وطنهم. ومن ثم يتفرّغون لإعادة الإعمار لوطنهم الجديد المستقر الآمن وتنميته وتطوره ليأخذ دوره بين الامم.

كما نعتقد بان الجامعة العربية مطلوب منها الإسراع بإرسال بعثات ثقافية وتعليمية للصومال لنشر الثقافة واللغة العربية، حيث يلاحظ ان كثيرا من الشعب الصومالي الشقيق لا يجيدون اللغة العربية.

وإذا توقّفت اعمال العنف والصراعات في هذا البلد وعاد الأمن والاستقرار الى ربوعه ان شاء الله تعالى فستتمكن الدولة من استغلال واستثمار الموارد المتاحة في أراضيه من معادن مختلفة وثروات زراعية وحيوانية بعد استعمال التكنولوجيا الحديثة لتوفير مصادر المياه وتحليتها. الى جانب الثروات البحرية من اسماك وشعب مرجانية وغيرها، حيث تمتلك الصومال أطول حدود بحرية في افريقيا، كما تستغل موقعها الاستراتيجي المطل على المحيط الهندي والبحر الأحمر الذي كان يوما ما في الماضي مركزا تجاريا وملتقى القوافل التجارية المارة من مختلف الدول. فالأمن والاستقرار يشجعان على الاستثمار والنشاط التجاري والسياحي الدولي وتنميتها وتطويرها ورفاه شعبها بعد هذه المعاناة الطويلة، كما يتوقع وجود ثروات اخرى لم تُكتشف بعد.

نرجو للجمهورية الصومالية الشقيقة، وشعبها كل تطوّر وتقدّم وازدهار وصنع مستقبل واعد، في ظل مناخ مستقر وآمن وتآلف، ومحبة بين فئات وطوائف المجتمع الصومالي الشقيق.

والله الموفِّق.

 نقلا عن جريدة القبس الكويتي

محمد سعود يوسف البدر

محمد سعود يوسف البدر سفير سابق
زر الذهاب إلى الأعلى