مرة أخرى…الصومال أمام مفترق طرق

من ينظر الصومال من الخارج تبدو اليوم وكأنها بلد خارج من مشاكل وأزمات طال أمدها، ويتلمس طريقه نحو التعافي ، ووضع أسس جديدة لمستقبل باهر، لكن الحقيقة في الداخل مختلفة نوعا ما؛ لأننا نتحدث عن بلد هش، لم تتوصل حتى الآن، الأطرف السياسية، والمكونات القبلية فيه إلى إتفاق حول مجمل القضايا المختلف عليها التي كانت سببا لإنهيار الدولة، ودخول البلاد في أتون الحرب الأهلية عام 1991، وفي مقدمتها شكل النظام السياسي، وتوزيع السلطة والثروة على العشائر والقوى السياسية ، وبالتالي فإن جميع التطورات الإيجابية التي تشهدها الصومال ليست قائمة على أسس قوية، ودعائم راسخة، وقابلة للإنهيار في أية لحظة، ولا يمكن المراهنة عليها سواء من قبل المهتمين في الخارج أوالداخل ، والمتطلعين إلى إقامة علاقات جيدة مع هذا البلد الواقع في هذه البقة الحساسة، وذات الأهمية من خريطة العالم أوالاستثمار فيه.
في الواقع، الصومال أمام مفترق طرق، وتحديات جسمية قد تجر البلاد نحو الانتكاسة ، والعودة إلى مربع الصفر في ظل قيادة صومالية غير مهتمة لهذه التحديات بما فيه الكفاية ، ومنشغلة في قضايا سياسية هامشية وفرعية، ولا تعطي الأولوية القصوى لوضع أسس جديدة وثابتة لا تنالها الزوابع لدولة صومالية قابلة للحياة لفترة طويلة. يحتاج الشعب الصومالي في هذه المرحلة إلى تحقيق توافق سياسي شامل على نظام سياسي يقوم على أسس من الشفافية، والعدالة، والمساءلة، ويضمن عدم عودة البلاد إلى الدكتاتورية، ووقوع الحكم مرة أخرى في أيدي شخص أو فئة معينة تتصرف وفق هواها ، وتقود الأمة مرة أخرى نحو الهاوية.
لا شك أن الصومال تشهد في السنوات الأخيرة تطورات مهمة على الأصعدة كافة ، ولاسيما على الصعيد الأمني، والاقتصادي، وبناء مؤسسات الدولة غير أن الطريق طويلة وشاق، ورغم أهمية هذه الانجازات، لا تزال في بداياتها ، وتتطلب وقتا وإرادة سياسية قوية كي تُحدث فرقا حقيقيا، وأثرا ملموسا في المستقبل. الارهاب لا يزال بالمرصاد ويشكل تحديا حقيقيا، وتهديدا على الانجازات المحرزة، وأنه قادر على الاستغلال من أي فرصة سانحة لإستعادة عافيته وضرب الاستقرار، والعشائر ما زالت مسلحة، وتهدد أمام الملأ بالتمرد على الدولة، وانتزاع حقوقها عبر القوة، وإدارات اقليمية في البلاد تقطع العلاقة مع مقديشو، وتلوح بالانفصال، والقوى السياسية المعارضة البارزة تهدد باللجوء إلى الشارع وخلط الأوراق ما لم تحصل نصيبها من الكعكة.
إذن الكرة الآن في ملعب الحكومة الحالية وأمام الرئيس حسن شيخ محمود، وما علينا إلا أن نتساءل هل يقود البلاد نحو الاتجاه الصحيح، وعلى مسار الوئام والتوافق أم إلى الاتجاه الخاطئ.

عبد الرحمن عبدي

كاتب وصحفي صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى