زيارة الرئيس الصومالي إلى الجزائر… شراكة تعزّز التعاون والتعليم

شهدت العلاقات بين الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وجمهورية الصومال الفيدرالية دفعة قوية بعد الزيارة الرسمية التي قام بها فخامة الرئيس الصومالي الدكتور حسن شيخ محمود إلى الجزائر، يرافقه وفد حكومي رفيع المستوى. وقد شكّلت الزيارة محطة بارزة أعادت الدفء إلى العلاقة الأخوية المتجذّرة بين البلدين، وأبرزت عمق الروابط التي تجمع الشعبين الشقيقين.
الجزائر وطن نضالي وتاريخ يضيء الحاضر
استقبلت الجزائر الوفد الصومالي بحفاوة بالغة وكرم ضيافة يجسّد أصالة هذا البلد الذي قدّم للعالم نموذجًا في التضحية والفداء. فهي بلد المليون ونصف المليون شهيد، تاريخ الجزائر حافل بالبطولات، من مقاومة الاستعمار الفرنسي إلى بناء دولة حديثة ذات سيادة، دولة رسّخت مفهوم الوطنية الحقة والمواطنة الصالحة، وعملت على تعزيز التعليم والثقافة كركائز أساسية للتنمية. وتظل مدرسة الشيخ عبد الحميد بن باديس نقطة مضيئة في التاريخ الجزائري، إذ صاغت وعي الأمة وجذور الهوية، وكرست الإصلاح الديني والثقافي، ونشرت ثقافة الوسطية والتجديد التي ما زالت تلهم الشعوب العربية والإفريقية.
اليوم، الجزائر ليست مجرد قوة سياسية وإقليمية، بل نموذج حضاري متجدد، يضرب أروع الأمثلة في الأخوة والكرم، ويجعل كل دولة شقيقة تشعر بأنها بين أهلها.
وقد كان على رأس مستقبلي الوفد الصومالي فخامة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، إلى جانب كبار شخصيات الدولة من القيادات العسكرية والمدنية. في مشهد يعكس مكانة الصومال لدى الجزائر قيادةً وشعبًا، ويؤكد عمق العلاقات التاريخية والإنسانية بين البلدين.
اتفاقيات تعزز التعاون وتفتح أبواب الشراكة
أسفرت الزيارة عن توقيع عدة اتفاقيات وتفاهمات شملت المجالات:
الدبلوماسية والعلاقات الثنائية، الثروة الحيوانية، الثروة السمكية والاقتصاد البحري، الطاقة والنفط
ورغم طابعها العام، فقد شكلت هذه الاتفاقيات أرضية صلبة لتعميق التعاون الاقتصادي وتفعيل الشراكة الاستراتيجية بين الجزائر والصومال.
التعليم العالي جوهرة الزيارة وأهم مكاسبها
احتل ملف التعليم العالي والبحث العلمي الصدارة ضمن مخرجات الزيارة، انطلاقًا من قناعة البلدين بأن بناء الإنسان هو السبيل الأنجح لتحقيق الاستقرار والتنمية.
جهود وزارة التربية، والثقافة والتعليم العالي بجمهورية الصومال الفيدارلية
وقد برزت في هذا السياق الجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة التربية، والثقافة والتعليم العالي بقيادة: معالي الوزير فارح شيخ عبدالقادر وجميع العاملين في سلك الوزارة، حيث عمل الجميع بروح الفريق الواحد، وبمهنية عالية، لضمان تحويل هذه الزيارة إلى مكسب تاريخي للطالب الصومالي، وفتح آفاق واسعة للتخصصات التي تحتاجها الدولة في الحاضر والمستقبل.
خمسمائة منحة… دعم كبير من الجزائر للطلاب الصومال
أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون تخصيص 500 منحة دراسية للطلاب الصوماليين في التخصصات النادرة، وهي خطوة تعكس عمق الأخوة بين البلدين ورغبة الجزائر الصادقة في دعم الصومال علميًا وتنمويًا.
الدفعة الأولى (2025–2026م): 110 طالبًا
بدأ تنفيذ الاتفاقية فعليًا عبر قبول الدفعة الأولى المكونة من 110 طالبًا للعام الأكاديمي 2025/2026م، وهو ما يمثل بداية مشروع أكاديمي كبير سيسهم في إعداد كوادر شابة قادرة على الإسهام في بناء الدولة الصومالية الحديثة.
ختاما: إن زيارة فخامة الرئيس الدكتور حسن شيخ محمود إلى الجزائر لم تكن مجرد محطة بروتوكولية، بل كانت زيارة استراتيجية ناجحة وضعت أسسًا جديدة للتعاون بين البلدين.
وقد أثبتت الجزائر مرة أخرى أصالتها ووفاءها، فيما أثبتت الحكومة الصومالية – وخاصة وزارة التعليم – قدرتها على تحويل العلاقات الأخوية إلى فرص تعليمية وتنموية ملموسة.
إنها مرحلة جديدة من العلاقات الجزائرية–الصومالية، عنوانها:
الأخوة – التعليم – المستقبل.

عبدالقادر علي معلم عبدالله:

كاتب ومحلل سياسي صومالي

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى