كشف تناقضات العقلانيين (7)

من القواعد والضوابط التي التزمها العقلانيون وجعلوها من واجبات الدين، بل من أصول الدين، هو ما يسمونه بتحسين صورة الإسلام، وهذا غريب جدًا، تجد الغرابة من تكوين العنوان: لماذا نحسّن صورة الإسلام؟ أليس الإسلام من أحسن الأديان على الإطلاق، وهو الدين الحق بخلاف غيره م ن الأديان الباطلة التي اخترعها البشر؟؟؟ والدين الوحيد الذي ارتضاه لنا ، ثم يا عقلاني، ألا ترى أنك أسأت إلى الإسلام من حيث أردت أن تحسن إليه إذا قلت: إني أريد تحسين الإسلام؟؟؟
سيقول: لا لا، انتظر انتظر يا أخي، هل فهمت ماذا أقصد من تحسين صورة الإسلام؟؟ هكذا أنتم دومًا تغلقون عقولكم فلا تفكرون، أو ليس الله قال: أفلا تعقلون، وفي آية أخرى: أفلا تتفكرون، فلماذا تغلقون عقولكم؟؟؟
طيب ما الذي يدخل هذه المسألة إلى التفكر والتدبر يا عقلاني؟ أنا أسألك: ماذا تقصد بتحسين صورة الإسلام؟؟؟
العقلاني: تحسين صورة الإسلام معنى جميل لا يفهمه من أغلق عقله وسلمه لأناس عاشوا قبل الآلاف السنين.
أنا: يعني الصحابة والتابعين إذا سلّمت لهم الفهم وفهمت كيف يفهمون هم النصوص أنا متخلف؟؟
العقلاني: نعم هم بشر ونحن بشر، فلم يتعبدنا الله باتباعهم.
أنا: هل أنت الصادق أم الله الذي يقول: ﴿والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه﴾؟ يا عقلاني، خلِّك من هذا ورجعنا إلى موضوع تحسين صورة الإسلام.
العقلاني: تحسين صورة الإسلام هو أن نعرض الإسلام بشكل يتوافق مع العالم، فالإسلام دين رحمة وليس عنفًا، ونبينا رؤوف لأمته، فلا بد أن يرى العالم أننا متسامحون معهم، ولكن المشكلة أنكم لا تفقهون من القرآن إلا العنف والدمار، أين الآيات التي تأمر بالصبر والحِلم، حتى يرضى العالم عنا؟
أنا: هل أنت أعز على الله من نبيه صلى الله عليه وسلم؟ فهو كان مستضعفًا وقد أمره بالجهر بالدعوة وهو لم يؤمن به سوى بضع وأربعون نفسًا، لماذا لم يرخص الله له أن يتوافق مع كفار قريش حتى تقوى شوكته، وبعدها يحارب قريش أو يسلموا هم؟ أتدري أنك غبي حيث تريد أن يتوافق الإسلام مع العالم، ولا تريد للعالم أن يتوافق مع الإسلام؟ ثم العالم اليوم لا يفهم إلا لغة القوة، وليس هناك لغة حوار، وكل دولة قوية لا تتحاور في شؤونها المصيرية من الأمن القومي وغيرها، لكن أنت جعلتنا لقمة سهلة حيث عرضتَ العالم على إسلام يتوافق معهم، ومع ماذا يتوافق عليهم الإسلام؟؟ غزو الدول ونهبها مثلًا؟؟ كما تفعله الدول الأقوياء بالضعفاء…
العقلاني: المشكلة الحقيقية أنتم الوهابية، الراديكاليون الأصوليون، الغرب ليس له مشكلة مع الإسلام الصحيح، إنما مشكلته الإسلام الإرهابي العابر للقارات.
أنا: انتظر يا عقلاني يا فهمان، النبي صلى الله عليه وسلم أهدر دم كعب بن الأشرف لأجل أنه كان يتغزل بنساء المسلمين، وهو الذي قال: ” أمرت ان أقاتل الناس حتي يشهدوا أن لا اله الا الله واني رسول الله”، كيف تعارض تلك النصوص؟؟؟
العقلاني: هذه نصوص ظنية يا رجل وليست قطعية، أنا أتكلم عن آيات قطعية، وأنت تستدل بأحاديث لا ندري هل الرسول قالها أم لا. طبعًا هذا هو حال من يغلق عقله مثلكم…
أنا: ما ضابط الظني والقطعي عندك؟ إذا وافق النص أهواءك يكون قطعيًا، وإذا لم يوافق يكون ظنيًا؟؟؟
لنعد إلى موضوعنا، أعني تصويب صورة الإسلام، عفوًا أقصد تحسين صورة الإسلام، لكن لا ضير، استخدم تصويب، أقصد تصويب عقول هؤلاء المخرفين. فهؤلاء الذين ينادون بتحسين صورة الإسلام ويتشدقون بمثل هذه العبارات أساؤوا للإسلام أكثر من أعدائه، عفوًا، أقصد هم أعداء الإسلام، بل هم أعدى أعداء الإسلام.
أرأيت لو رجل عنده بنت رباها وأحسن تربيتها ثم يطوف بالأسواق والمساجد ويقول: لي بنت جميلة حسنة الأخلاق؛ ويعرض بنته كسلعة رخيصة، فهذا مثل حال من ينادي بتحسين صورة الإسلام. فالإسلام لا يحتاج إلى أن يحسنه أحد، فهو أحسن الأديان وأفضلها، وقد اختار الله له دينًا، ومن يردد تلك الشعارات فهم أحد أمرين: إما أنهم سذج غافلون لا يدرون عن الإسلام شيئًا ويرددون ما لا يفهمون، أو أنهم أعداء الإسلام ويريدون إسلامًا مزيفًا. فهذه مسألة حسمها الله في القرآن الكريم قبل ألف وأربعمائة سنة حين قال: ﴿ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم﴾.
والمشكلة الحقيقية للغرب ليست الإسلام الأصولي أو المتطرف أو الوهابي كما يزعم من أضله الله، بل المشكلة هي الإسلام نفسه… يقول صامويل هانتجتون : “المشكلة المهمة بالنسبة للغرب ليست الأصولية الإسلامية، بل الإسلام”.<1>
ويقول أيضًا: “والمشكلة المهمة بالنسبة للإسلام ليست المخابرات المركزية الأمريكية ولا وزارة الدفاع، المشكلة هي الغرب<2>”، ويعلل السبب بأنهما حضارتان مختلفتان، وأن لكل منهما التزامات تفرض كل منهما على الآخر، فلا يمكن أن يجتمعا.
يقول “إيوجين روستو” رئيس قسم التخطيط بوزارة الخارجية الأمريكية ومستشار الرئيس الأمريكي السابق “ليندون جونسون” حتى عام ١٩٦٧: “يجب أن ندرك أن الخلافات القائمة بيننا وبين الشعوب العربية ليست خلافات بين دول أو شعوب. بل هي خلافات بين الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحية.
لقد كان الصراع محتدمًا بين المسيحية والإسلام منذ القرون الوسطى “الحروب الصليبية” وهو مستمر حتى هذه اللحظة بصورة مختلفة. ومنذ قرن ونصف خضع الإسلام لسيطرة الغرب وخضع التراث الإسلامي للتراث المسيحي.
إن الظروف التاريخية تؤكد أن أمريكا إنما هي جزء مكمل للعالم الغربي، فلسفته وعقيدته ونظامه، وذلك يجعلها تقف معادية للعالم الشرقي الإسلامي بفلسفته وعقيدته المتمثلة في الدين الإسلامي، ولا تستطيع أمريكا إلا أن تقف هذا الموقف في الصف المعادي للإسلام، لأنها إن فعلت عكس ذلك فإنها تتنكر للغتها وفلسفتها وثقافتها ومؤسساتها”<3>
ويقول جلادستون” رئيس وزراء بريطانيا: “ما دام هذا القرآن موجودا، فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق، ولا أن تكون هي نفسها في أمان <4>.
وهذا غيض من فيض ، بأن العدو الحقيقي لديهم هو الإسلام نفسه وليس إلى تيار خاص من هنا أو هناك ، ترى ماذا سيقول العقلانييون؟؟
لطالما تشبتث العقلانيون على أن الغرب يحارب الإسلام الوهابي المتطرف حسب زعمهم وهذا إن دل فإنما يدل على جهلهم بحال أسيادهم ، ماذا لو علموا أن اسيادهم لديهم مشلكة مع الإسلام ؟ هل سيتركون الإسلام جملة وتفصيلا؟ أم يتفلسفون وينعقون؟؟
ونعود ونقول للعقلانيين كيف تريدون تحسين صورة الإسلام ممن يرى الإسلام اصلا على أنه تهديد حقيقي ينتظره ؟؟
انا اضحك من رقة قلب العقلانيين حين يظنون أن جهدهم بتحسين صورة الاسلام سيدخل كثير من الغربيين للإسلام،أو أنهم سيكسبون ودهم.. والأدهي والأمر حين يظنون أنهم يجتهدون في هذا ويحسبون انهم على خير ولا أصدق وصف عليهم من قول الله تعالى [ الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا ]

المراجع :
١/ صدام الحضارات ، صامويل هانتجتون، ص٣٥٣.
٢/ المرجع نفسه ص ٣٥٣.
٣/ النبوة والأنبياء في اليهودية المسيحية والاسلام ، أحمد عبد الوهاب علي ، ص ٢٧٧.
٤/ الإسلام على مفترق الطرق ، ليوبلد فايس ، ص٤١.

محمد بن الحسن

كاتب وباحث صومالي ، خريج ماجستير في أصول الفقه من الجامعة الإسلامية
زر الذهاب إلى الأعلى