المقدمة
مع اقتراب موعد كل استحقاق انتخابي في الصومال، تشتد سخونة حمى المشهد السياسي، والجشع الحكومي. من ناحية، تتشمر المعارضة معولة على عامل الوقت من أجل فرض جملة ضغوط على الحكومة المحاطة أصلا بفيض من التحديات الحاسمة، وتطالب منها بإظهار قدر كبير من الشفافية، والعدالة، والتشاركية وخصوصا فيما يتعلق بالقوانيين المنظمة للإنتخابات الملقية ظلالا من الشك على مدى جدية الحكومة في تحقيق النزاهة والحرية، لمنع تكريس نظام انتخابي ضامن للرئيس الحالي وحده الفوز في الانتخابات دون غيره، وممهد له الطريق نحو العودة إلى السلطة لفترة رئاسية جديدة . ومن ناحية ثانية، مواقف الرئيس لا تلين عادة مع اقتراب موعد الانتخابات ، ولا يتحلى الا بمزيد من التشدد ، والتشبث بمقاربات يراها منطقية ، وقابلة للتطبيق ، إيمانا منه بأن كل ما تقوم به المعارضة من تحركات لا تمت لمصلحة الشعب الصومالي بصلة. برأي الرئيس، فالشعب لا تنطلي عليه الدعايات والتحريض السياسي المبثوثة من قبل المعارضة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وإن الهدف من دعواتها تقويض الانجازات المحرزة خلال الأعوام الماضية في الأصعدة كافة، ليس إلا، وخاصة في المجالات السياسية، والأمنية ، والاقتصادية، والعلاقات الخارجية ، وانتزاع السلطة منه بدون وجه حق .
الأ أني أعتقد رغم التصريحات النارية المتبادلة والمواقف المتشددة المهيمنة على المشهد السياسي الصومالي، أن الحكومة والمعارضة ستتوصلان في نهاية المطاف إلى إطار معين لتجاز الأزمة، وأن الرئيس حسن شيخ محمود لن يحاول فيما يبدو تمديد فترة ولايته دون توافق عريض، ولن ينجر إلى ورطات خطرة -وسأذكر الأسباب لاحقا- في ظل الاستنفار السياسي ، وتنامي الأصوات الشعبية المعارضة له، والتململ الموجود في أوساط أرباب الفكر ، ورجال الظل، بل سيقبل الجلوس مع المعارضة، وتقديم تنازلات بشأن الانتخابات وعلى قاعدة أنا أربح وأنت تربح.
وبالتالي نتساءل في هذا التقرير عن واقع المسار الانتخابي الذي طرحته الحكومة وفرص نجاحه في ظل اليقظة السياسية المتصاعدة. كما نبحث عن واقع قوى المعارضة ، حجمها وتشكيلاتها، وأوراقها ذات المفعول والتأثير القوي لإحداث تغيير في رؤية الحكومة المركزية بشأن الانتخابات، وقدرتها على عرض توجه جيوسياسي أكثر ديناميكية وحيوية.