اصنع نجاحك خارج أسوار الامتحانات

 إلى الطلاب الذين لم يحالفهم الحظ في الامتحان الثانوي الذي أدارته الحكومة الصومالية:

ربما تشعرون اليوم بالانكسار، بالحزن والخيبة. قد يكون لديكم شعور بأن الطريق قد أُغلقت أمامكم، وأن الحلم الذي طالما حلمتم به قد تلاشى. لكن، لحظة، دعونا نتوقف قليلاً ونتأمل الواقع. الامتحانات ليست نهاية الطريق، والفشل فيها لا يعني الفشل في الحياة. بل على العكس، هو قد يكون بداية لرحلة مختلفة تمامًا، رحلة قد تأخذكم إلى أماكن لم تتوقعوها.

أنتم الآن في مرحلة حرجة من حياتكم. نعم، قد يبدو أن الجامعة هي الخيار الوحيد، وأن الفشل في الحصول على القبول هو نهاية العالم. لكن الواقع يثبت أن سوق العمل، وليس الشهادة، هو ما يحدد النجاح. هناك العديد من الناجحين الذين بدأوا حياتهم العملية دون أن يمروا بالجامعة. هؤلاء الأشخاص لم ينتظروا الفرصة بل صنعوها بأنفسهم. لم يقفوا على أبواب الجامعات ينتظرون الشهادات العليا ليبدأوا حياتهم، بل دخلوا مباشرة إلى سوق العمل، تعلموا من التجربة، وكوّنوا مستقبلهم بأيديهم.

وفي الحقيقة، هؤلاء الذين نجحوا في الامتحان اليوم قد يصبحون غدًا موظفين لديكم إذا قررتم دخول سوق العمل الآن والبدء في بناء أنفسكم. فالشهادة لا تعني أن الشخص سيصبح رئيسًا أو قائدًا في مجال عمله. بل هي مجرد ورقة قد تفتح بابًا، ولكن الباب الحقيقي هو العزيمة والإرادة. الشخص الذي يعمل ويجتهد في حياته العملية هو الذي يحقق النجاح الحقيقي.

الطلاب المتفوقون اليوم سيحصلون على شهاداتهم ويبحثون عن وظائف، وربما يأتي اليوم الذي يعملون فيه في الشركات التي ستقومون أنتم بتأسيسها. ستحتاجون إلى خبراتهم، لكنكم ستكونون أصحاب القرار. الفارق بين النجاح الأكاديمي والنجاح في الحياة الحقيقية هو أن الحياة تعطي الفرص لمن يستحق، ليس لمن يحمل ورقة.

العمل الجاد والتفاني هما مفتاح النجاح. لا تدعوا فكرة الفشل في الامتحان تتحكم بمستقبلكم. من الممكن أن تكون هذه هي الفرصة التي توجهكم نحو شيء أفضل، شيء يتيح لكم اكتشاف قدراتكم الحقيقية. هناك عالم واسع خارج جدران الجامعات، مليء بالفرص والتحديات التي تنتظركم لتكتشفوها.

قد تكون البداية في سوق العمل صعبة، قد تواجهون التحديات والمصاعب، لكن تذكروا دائمًا أن كل تجربة فاشلة هي خطوة نحو النجاح. الحياة العملية ليست سلسة، بل هي مليئة بالعقبات، ولكن من يملك الإرادة والإصرار هو من يستطيع تجاوزها.

أنتم الآن أمام فرصة عظيمة لتعيدوا التفكير في مسار حياتكم. الجامعة ليست هي الطريق الوحيد لتحقيق النجاح. بل إن الكثير من العقول العظيمة في العالم اليوم لم يتمكنوا من الحصول على تعليم جامعي تقليدي، لكنهم استطاعوا بناء إمبراطوريات من خلال العمل الجاد واستثمار الفرص. هؤلاء الناس لم يكن لديهم إلا إيمانهم بأنفسهم وقدرتهم على التغيير. لقد أدركوا أن النجاح الحقيقي لا يُقاس بالشهادات بل بالعمل والإنجاز.

إذا بدأتم اليوم في البحث عن فرصة عمل، حتى وإن كانت صغيرة، فقد تكون هذه الفرصة هي الشرارة التي تغير حياتكم. تعلموا من التجربة، طوروا أنفسكم، وكونوا دائمًا على استعداد لتعلم مهارات جديدة. في هذا العالم المتغير بسرعة، النجاح يأتي لمن يستطيع التكيف والتعلم بشكل مستمر. الأشخاص الذين يظلون متمسكين بفكرة أن النجاح مرتبط بالشهادة سيجدون أنفسهم في النهاية يعملون لدى أولئك الذين استثمروا وقتهم في تعلم المهارات العملية.

عليكم أن تتذكروا أن هناك نوعين من النجاح: النجاح الذي تحققه في الحياة الأكاديمية والنجاح الذي تحققه في الحياة العملية. النجاح الأكاديمي قد يفتح لكم بعض الأبواب، لكن النجاح العملي هو الذي سيبقي هذه الأبواب مفتوحة ويمنحكم السيطرة على مستقبلكم. كونوا أصحاب أهداف وطموحات لا تتوقف عند حواجز صغيرة مثل الامتحانات. العالم مليء بالفرص، وتحديد مساركم في الحياة يعتمد فقط على ما ستفعلونه الآن.

لا تسمحوا لأحد أن يخبركم أن الفشل في الامتحان هو النهاية. بل هو مجرد بداية، وربما بداية أفضل مما كنتم تتوقعون. أنتم الآن أمام طريقين: إما أن تبقوا مكتوفي الأيدي تندبون حظكم، أو أن تقفوا على أقدامكم وتبدأوا في صناعة مستقبلكم. الخيار لكم، لكن تذكروا دائمًا أن الناجحين اليوم قد يصبحون موظفين لديكم غدًا، إذا استطعتم أن تصنعوا لأنفسكم مكانًا في هذا العالم المليء بالفرص.

الحياة لا تمنح النجاح بسهولة، لكن من يسعى ويعمل هو من يحقق ما يريد.

محمد بن الحسن

كاتب وباحث صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى