لماذا لم ينهار الاقتصاد الروسي بعد أكثر من سنتين من الحروب والمعارك؟

كشفت الحرب الروسية الأوكرانية أسرارا عجز عنها المحللون بجميع أصنافهم ومختلف توجهاتهم فبعد أن اتفق جميع المحللين الاقتصاديين على أن الاقتصاد الروسي سيتلاشي فور بداية الحرب بين روسيا واوكرانيا ولكن النتيجة كانت بالعكس وهي صمود الاقتصاد الروسي بنكهة عجيبة.

الحرب الروسية الأوكرانية تعني أن روسيا تقاتل الغرب والشرق ابتداء من الولايات المتحدة الأمريكية ودول حلف الناتو ومرورا بدول الاتحاد الأوروبي وانتهاء إلى جميع حلفائها في العالم. وكان الناتج المحلي الإجمالي لروسيا ارتفع 5.4% على أساس سنوي في الربع الأول بعد نموه 4.9% في الربع الأخير من العام الماضي.

فرض عقوبات إقتصادية علي روسيا :

منذ غزو روسيا لأوكرانيا، فرضت الدول الغربية عقوبات اقتصادية وتجارية على روسيا، لكن الاتحاد الأوروبي لم يفرض أي قيود على النفط والغاز، على عكس الولايات المتحدة وكندا، باعتبارهما دولتين عضويتين تعتمد عليهما بشكل كبير.

وبعد وفاة المنشق الروسي أليكسي نافالني ، وقبل يوم من الذكرى السنوية الثانية للغزو الروسي لأوكرانيا، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أنه سيفرض أكثر من 500 عقوبات جديدة على روسيا، الأمر الذي سيزيد الضغوط على فلاديمير بوتين.

وبالإضافة إلى العقوبات، فرضت الولايات المتحدة أيضًا قيودًا على تصدير ما يصل إلى 100 منظمة “تقدم الدعم لآلة الحرب الروسية” لخفض عائدات الطاقة في روسيا بشكل أكبر. وقال الرئيس بايدن في بيان مكتوب: “لقد وجهت فريقي لتعزيز الدعم للمجتمع المدني ووسائل الإعلام المستقلة وأولئك الذين يناضلون من أجل الديمقراطية في جميع أنحاء العالم.

وبالمناسبة قبل عشر سنوات، استولى بوتين على شبه جزيرة القرم وأنشأ أنظمة  في منطقتي لوهانسك ودونيتسك في أوكرانيا. قبل عامين، حاول مسح أوكرانيا من الخريطة. وصرح  بايدن: “إن التكلفة التي ستتحملها الولايات المتحدة – إلى جانب حلفائنا في الناتو وشركائنا في أوروبا وحول العالم – سوف ترتفع”.

واستهدفت هذه العقوبات الأفراد المرتبطين بسجن نافالني وكذلك القطاع المالي الروسي والقاعدة الصناعية الدفاعية وشبكات المشتريات والتهرب من العقوبات في قارات متعددة. والعقوبات التي نفذتها وزارتا الخزانة والخارجية، هي أكبر عقوبات على مستوى واحد منذ غزو روسيا لأوكرانيا.

اقتراحات بوريس جونسون الستة لهزيمة روسيا اقتصاديا

وفور بداية الحرب بين روسيا واوكرانيا أبدى زعماء أوروبا قلقهم تجاه ما يحدث ومجريات الاحداث المستجدة في أوكرانيا وكان لا بد من الدول الاوروبية أن يطرحو اقتراحات لإنهاء الصراع لصالح أوكرانيا وكان رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون حينها قدم ستة اقتراحات لهزيمة روسيا اقتصاديا وعسكريا وفي جميع الجوانب المادية والمعنوية وهي:

  • أن يقوم زعماء العالم بإنشاء “تحالف إنساني عالمي” من أجل أوكرانيا.
  • مساعدة أوكرانيا في جهودها للدفاع عن بلادها.
  • زيادة الضغوط الاقتصادية على روسيا.
  • أن يرفض المجتمع الدولي “محاولة روسيا تطبيع تصرفاتها في أوكرانيا”.
  • مواصلة الجهود لإيجاد حل دبلوماسي لإنهاء الحرب، مع البقاء جزءًا من الحكومة الشرعية في أوكرانيا.
  • إطلاق حملة متسارعة لتعزيز “أمن وقوة الدول الأعضاء في حلف الناتو”.

روسيا تشترط بيع الغاز بالروبل الروسي

 اشترطت روسيا علي بيع الغاز بالعملة الروسية الروبل وكان ذلك قد شكل ضربة قوية ضد الولايات المتحدة وحلفائها من دول الاتحاد الأوربي الذين لا يستغ نون عن غاز روسيا، وأدى إلى تحسن أداء الاقتصاد الروسي. ويحصل الاتحاد الأوروبي على 70% من احتياجاته من الغاز والنفط من روسيا، وليس لديهم مصدر آخر سهل بديل عن الغاز والنفط الروسي.

 في المقابل، تحصل روسيا على 340 مليون دولار يومياً مقابل الغاز الذي تبيعه إلى أوروبا، ولا تملك الوسائل اللازمة لنقل هذا العرض إلى أسواق دولية أخرى. وقد أشار فلاديمير بوتين إلى أنه يعرف السبيل إلى قطع الغاز عن أوروبا إذا رفض المستهلكون الغربيون دفع الروبل الروسي لشراء الغاز.

ويري بعض المحللين أنه إذا توقفت روسيا عن إمداد الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالغاز و”أجبرتهم على شرائه بأموالها الخاصة”، فسيكون ذلك أكبر تصعيد في العالم منذ الحرب الباردة وسيزيد من نمو اقتصاد روسيا بشكل أكبر بكثير مما يتوقعه العالم.

ورفضت الشركات والحكومات الغربية طلب روسيا بأن تدفع ثمن غازها بالروبل، منتهكة بذلك العقود القائمة، حيث لا يمكن شراء الغاز إلا باليورو أو الدولار الأمريكي.

وكانت ألمانيا  التي تحصل على نحو نصف احتياجاتها من الغاز وثلث احتياجاتها من النفط من روسيا قد حثت مواطنيها وشركاتها على خفض الاستهلاك تحسبا للانخفاض. وتزيد النمسا، التي تستورد نحو 40% من احتياجاتها من الغاز من روسيا، من صعوبة مراقبة السوق.

وفي الوقت نفسه، افتتحت بلغاريا، التي تحصل على 90% من احتياجاتها من الغاز من شركة غازبروم الروسية، عقداً للحفر تحت الأرض كجزء من خططها لمضاعفة سعة تخزين الغاز في البلاد تقريباً، والاستعداد لأي انقطاع في إمدادات الغاز الروسي.

ورغم أن المملكة المتحدة لن تتأثر بشكل مباشر بالتحرك الروسي، حيث أن واردات الغاز من روسيا أقل من 5%، إلا أنها ستتأثر بارتفاع أسعار السوق العالمية مع زيادة الطلب الأوروبي. قالت المملكة المتحدة إنها لا تخطط لدفع ثمن مشتريات الغاز بالروبل الروسي.

ويبقي السؤال الذي حير العالم كيف استطاعت روسيا أن تصمد أمام هذه الهجمة الضخمة وهذا العراك الصعب؟

محمد بن الحسن كاتب وباحث صومالي

Maxamadxasan056@gmail.com

محمد بن الحسن

كاتب وباحث صومالي ، خريج ماجستير في أصول الفقه من الجامعة الإسلامية
زر الذهاب إلى الأعلى