تشهد مدينة طوسمريب وسط الصومال هذه الأيام تحركات سياسية ، ولقاءات تشاورية متعددة المحاور والسياقات ، تهدف إلى بلورة رؤية مشتركة للخروج من المأزق السياسي الناجم عن الخلافات حول الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في البلاد نهاية العام الجاري.
وصل رئيس الوزراء حسن علي خيري، يوم أمس الثلاثاء، مدينة طوسمريب تلبية لدعوة رؤساء الولايات الإقليمية إلى المشاركة في مؤتمر تشاوري بين الحكومة المركزية والحكومات الإقليمية، وأجرى خيري فور وصوله إلى المدينة لقاءات تمهيدية لم يعلن تفاصيلها بعد، مع جميع رؤساء الحكومات الإقليمية بإستثناء رئيس ولاية بونت لاند سعيد ديني الذي غادر مدينة طوسمريب عائدا إلى غروي للمشاركة في مراسم تشجيع جنازة الرئيس الأسبق للولاية محمد حاشي عبدي ورئيس الوزراء الصومالي الأسبق حسن أبشر فارح.
وفي سياق متصل، أكد وزير الإعلام في ولاية جلمدغ أحمد شري محمد على زيارة مرتقبة للرئيس محمد عبد الله فرماجو إلى مدينة طوسمريب خلال الأيام القليلة المقبلة للإنضمام إلى الجهود الجارية لإنهاء الخلافات والإتفاق على الإطار العام لإجراء الانتخاباب.
وفي هذا الأثناء، تتزايد احتمالات أن ينجح رئيس الوزراء خيري ورئيس ولاية جلمدغ قور قور في الصلح بين الرئيس فرماجو ورئيسي ولاية جوبالاند وبونت لاند أحمد مدوبي وسعيد ديني تمهيدا لإطلاق المفاوضات والتوصل إلى رؤية مشتركة تقود البلاد نحو انتخابات توافقية تنظم في موعدها المحدد سواء على أساس قرارات اللجنة المستقلة للإنتخابات الصادرة في 27 يوليو الماضي أو على أساس نموذج متطور لـ(نظام المحاصصة القبلية 4.5).
وكذلك لا يمكن الاستبعاد أن تتفق الأطراف السياسية على تمديد فترة حكم الرئيس فرماجو وتعيين رئيس وزراء جديد، أو تمديد فترة ولاية البرلمان وإنتخاب رئيس جديد.
لكن فيما يبدو الوضع أعقد من ذلك وحتى أن زيارة رئيس الوزارء حسن علي خيري لا تحمل دلالات تهدئة وانما تحمل أيضا مؤشرات توتر جديد، فهي زيارة “حجّ وبيع سُبح” ولديه أجندة ثانية يريد تمريرها خلال لقاءاته مع زعماء الولايات تتمثل في حشد الدعم لملف ترشحه للانتخابات الرئاسية.
أما الرئيس فرماجو رغم تحفظاته على بعض خطوات رئيس الوزراء خيري لا يريد استباق الأحداث وخروج الإختلاف بينهما إلى العلن ويحاول أن يتحلى بالنفس الطويل، ويتفادى كل ما من شأنه أن يؤدي إلى تصدع جبهة الحكومة الاتحادية مما يؤثر سلبا على حملته الإنتخابية.
والجدير بالاشارة إلى أن تباين الرؤي بين الرئيس ورئيس الوزراء كان واضحا في تصريحاتهما الأخيرة حول الانتخابات، حيث شدد الرئيس فرماجو على أن تكون أي مبادرة بشأن الانتخابات مبنية على أساس احترام إرادة الشعب والدستور وقانون الانتخابات الجديد ، في حين تركزت تصريحات رئيس الوزراء خيري فقط على ضرورة إيجاد التوافق السياسي للخروج من مأزق الانتخابات.
أضف إلى ذلك أن رئيس مجلس الشعب محمد مرسل أبلغ ، اليوم الأربعاء، أعضاء البرلمان بأن رؤساء الولايات الإقليمية ليس لهم الحق في تقرير مصير الإنتخابات.
وبالتالي يبدي البعض قلقا شديدا إزاء سيناريوهات جديدة للتصعيد وبروز خلاف بين الرئيس ورئيس الوزراء قد يعقد الوضع السياسي ويشكل تهديدا على مساعى رؤساء الولايات الإقليمية للإتفاق على خارطة طريق لحل الخلافات وإجراء الانتخابات في موعدها المقرر.
ووسط هذه الأجواء المفعمة بالتفاؤل والتشاؤم، يحاول رؤساء الولايات الإقليمية الإستغلال من الفرصة ودخول تفاهمات مع رؤساء الحكومة الاتحادية سواء مع الرئيس فرماجو أو رئيس الوزراء خيري وكل لديه مطالب وشروط لإتمام المصالحة والإتفاق على خارطة الطريق.
يأمل رئيس ولاية بونت لاند سعيد دني أن يحقق من خلال مفاوضات طوسمريت مسألتين مهمتين:
الأولى: وقف تدخلات الحكومة المركزية في شؤون حكومته وأن ينهي فترة ولاية في أجواء هادئة ومستقرة سياسيا وأمنيا ، الثانية: هي فك الحصار الاقتصادي المفروض على حكومته والسماح له بالحصول على الأموال المجمدة لدى البنك المركزي والبالغة نحو 7 ملايين دولار والتي كانت ضمن حصة ولاية بونت لاند من المساعدات الدولية للصومال.
وبدوره يسعى الرئيس عبد العزيز لفتاغرين رئيس ولاية جنوب غرب الصومال إلي حشد التأييد لمبادرته حول النموذج الانتخابي وأنه يرغب في أن تجرى الانتخابات على أساس المحاصصة القبلية 4.5 ما يضمن استقرار سياسيا طويل الأمد لحكومة جنوب غرب الصومال.
أما رئيس ولاية جوبالاند أحمد مذوبي لديه هواجس من الرئيس فرماجو ولا يثق به ولا ينفك يدفع الأمور نحو مبادرات تضمن خروجه من المسرح السياسي، و من غير المرجح أن يقبل مذوبي تفاهمات قد تزعزع استقرار ولايته في المستقبل.
وبخصوص رئيس ولاية هيرشبيلي ليس لديه تأثير قوي في المشهد السياسي وأن مطالبه غير واضحة.
أما الرئيس أحمد قورقور يمثل بيضة القبان وهو صاحب التأثير القوي في المشهد السياسي الصومالي، ويتوقع أن يؤدي دورا فعّالا في تقريب وجهات النظر، وردم هوة الخلافات بين مختلف الأطراف السياسية، علاوة على ذلك يبذل قورقور جهدا كبيرا في اشراك الأحزاب السياسية في مفاوضات طوسمريب لتوسيع قاعدة التشاور ولضمان أقصى حد من الوئام والتوافق السياسي.