فالعوانس في الغالب يسيطر عليهنَّ شعور بالتمزق والطيش وضعف الوازع والرغبة في الهدم ؛ لأنهنَّ حرمن من نعمة الزواج والأولاد ، ولذلك جاء الإسلام بالقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة فأمر بتزويج العوانس والأرامل ،
حيث قال الله تعالى : (وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)(النور/32) . والأيم هي التي مات عنها زوجها ، والأمر هنا للمسلمين عامة وأولي الأمر خاصة ، فحرمان المرأة من نعمة الزوج ربما يخلق منها امرأة ناقصة عقليـًا وخُلقيـًا وفكريـًا ، ويكون هذا بظلم من المجتمع وهو الذي سيجني ثماره .
تزايد معدلات العنوسة والعزوبية في المجتمعات العربية أصبحت ظاهرة لا يمكن تجاهلها لما لها من آثار نفسية واجتماعية ومادية على شباب المجتمع من الجنسين .. خاصة وان أخر التقارير تشير إلى ارتفاع عدد غير المتزوجين والمتزوجات في مصر إلى ما يقرب من 9 مليون نسمة منهم 5 ملايين و 223 ألفا من الذكور و3 ملايين و 625 ألفا من الاناث ..
هذا اضافة إلى وصول عدد المطلقات والمطلقين إلى حوالى 218 الفا و 718 حالة ، وعدد الأرامل إلى 2 مليون و 81 ألف حالة .
وتذكر بعض الاحصاءات أن نسبة العنوسة في بعض البلدان العربية بلغت أرقاما عالية متجاوزة 13 % في الكويت وارتفع متوسط الزواج عند الرجال في لبنان إلى 32 عاماً بعد أن كان 28 عاماً قبل عشر سنوات و 27 عاماً عند النساء بعد أن كان 22 عاماً وبهذا يتوقع أن تصل نسبة العزوبة إلى 6% من الشباب اللبناني في عام 2008 .
أن ظاهرة العنوسة هي نتاج العوامل الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية مع بعضها فالعامل الاقتصادي يتمثل في البطالة التي تحول دون حصول الشباب على فرصة عمل تدر له دخلا ثابتاً يمكن من خلاله تحمل أعباء الزواج ..
والعامل الاجتماعي يظهر في عدم تفهم الأسرة للتحولات الاقتصادية وما صاحبها من أزمات فهي ما تزال تطالب من يتقدم للزواج من بناتها بمطالب يعجز عن تلبيتها .
والعامل الثقافي يظهر في خروج الفتاة للتعليم الجامعي والعمل ورؤيتها لا نماط مختلفة من الشباب مما لا يجعلها متمردة في الاختيار مما أدى لعدم الاقدام على الزواج بشكل جدى وظنت البنات أنهن يستطعن الحصول على العريس التفصيل – كما يقول العوام – مما أدى إلى ضياع الوقت وتجاوز الفتاة سن الزواج .
ومن ناحية الشباب فقد أصبح قادراً إقامة علاقات محرمة مع الفتيات تتفاوت فى عمقها وطبيعتها فشعر بعدم الحاجة للزواج وبالتالي أرجأ الزواج لانه يعلم أن المجتمع يقبل أن يتزوج الرجل مهما كان سنة بفتاة صغيرة وقتما يشاء بينما ينظر بتوجس إلى فتاة تتزوج من هو أصغر منها أو يتأخر عن زواجها .
ان الزواج بالنسبة للبنت لا يزال يحتل مكانة كبيرة عندها ففى مجتمعنا لا تزال الفتاة تستمد هويتها من الزوج فهى تستكمل كيانها الشخصي معه وتجد الجماية فى مجتمع لا يعترف باستقلالية البنت ، وهناك احصائية ظهرت مؤخراً تقول ان حوالى مليون فتاة فى مصر يتجاوز عمرها الثلاثين بدون زواج .
وحرمان الفتاة من الزواج حتى سن متأخرة يؤثر على حالاتها النفسية وعلاقاتها الاجتماعية بشكل سلبى ، خاصة لان المرأة لا تشعر بأن حياتها مكتملة ان لم تكن أماً وهذا يمثل لها مشكلة ولكن فى حالة تغير الأوضاع فى المجتمع واعتبار المرأة كأناً له استقلاليته فلن يكون تأخر الفتاة فى الزواج مشكلة أو أن تعيش بمفردها بعد وفاة الوالدين دون قيود لان الفتاة التى تعيش بمفردها يكون عليها قيود ومآخذ كثيرة وهى فى حقيقة الأمر مآخذ غير صحيحة ، ومما يقلل من الأثار السلبية فى هذه الفترة على الفتاة العمل ،
فالعمل مهم جداً جداً فهو ليس اضافة أو زينة فى حياة المرأة فعندما تكون المرأة مستقلة اقتصادياً ستختار شريك حياتها بدقة ولا تختار من يستطيع أن ينفق عليها وعلى البيت فقط فإذا عملت المرأة وكانت لديها قدرات ومهارات تجعلها قادرة على الحياة المستقلة فسوف تصبح قوية وبالتالي تجعل الرجل ينظر إليها ويفكر فيها بشكل مختلف .
أن الفتاة تؤجل الغريزة الجنسية لديها أثناء فترة المراهقة وتحاول تطويعها وحينما تكبر البنت فى السن دون الزواج قد يجعلها ذلك تدخل فى علاقات غير شرعية مع شاب أو في علاقة جنسية مثلية ” سحاق ” مع فتاة أخرى وخاصة حينما تشاهد الفتاة مشاهد مثيرة في الأفلام التليفزيونية أو شرائط الفيديو .
ومع تقدم العمر تبدأ الفتاة فى الشعور بغريزة الأمومة وهى عادة أقوى من الغريزة الجنسية فالاخيرة يمكن تطويعها من خلال ممارسة الرياضة أو الانشغال بالعمل ولكن غريزة الأمومة لا تستطيع تطويعها .
أن عمل المرأة يعتبر سلاح ذو حدين فالعمل يمكن أن يشغل الفتاة عن التفكير الزائد فى الزواج وأحياناً من خلال العمل تستطيع الفتاة لشكوى زميلاتها في العمل من الزواج وهذا يحدث للبنت حالة من التوتر قد يجعلها تخشى الزواج لكثرة المشاكل التى تسمعها .
وتأخر سن الزواج بشكل عام يؤثر على الصحة النفسية لفتاة وتدخل فى حالة من الاضطراب والقلق المستمرين ويظهر ذلك فى فقدان الشهية للطعان وأحياناً الافراط فى الأكل وأيضاً اضطرابات النوم سواء كثرة النوم أو الأرق مما يجعل الفتاة تدخل فى حالة من القلق والاكتئاب قد تصل بها إلى التفكير فى الانتحار .
وأيضاً تفقد البهجة فى حياتها وقد تلجأ إلى التجمل الزائد بشكل هيستري ومبالغ فيه حتى تلفت الانظار إليها .
والمجتمع هو الذى يضع القيود إلى الفتاة ويزيد من الضغوط عليهخا فى هذه الفترة فيجب أن تتكاتف كل وسائل التنشئة الاجتماعية وخاصة المساجد والكنائس حتى يقللوا من الشروط المبالغ فيها التى تؤدى إلى عدم زواج الفتيات إلا فى سن متأخر ، وهذا لا يعنى مسئولية البنت أحياناً فقد تكون الفتاة هي التي تضع شروطاً معينة فى شريك حياتها وان يكون فارس الاحلام فى خيالها فقط وغير موجود في الواقع .
ان الزواج رباط مقدس شرعه الله لينظم حياة الإنسان بعيداً عن الفوضى ويحفظ كرامته وشرفه وهو يقوم على إيجاب وقبول وشهود .. قال الله تعالى ” ومن أياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها ” ونحن فى مجتمع إناثه أكثر من ذكوره ومن تسنى له الاطلاع على احصاءات تتعلق بالزواج فسيشعر بشيء من الضيق لارتفاع نسبة الطلاق والعنوسة وهما ظاهرتان تحتاجان اتضافر الجهود لوضع أنسب الحلول لها والتى من أهمها وعى أولياء الأمور بصعوبة بقاء البنات دون زواج
ومن ثم التخلي عن المهور المبالغ فيها وتقليل مظاهر الفرح والبحث عن أزواج أكفاء لبناتهم ويجب على وسائل الاعلام القيام بالتوعية الشاملة عن المشاكل التى تتسبب فى احجام الشباب والفتيات عن الزواج مثل الزواج العرفي والعلاقات غير المشروعة
ويجب أن توجه كلمتها إلى الأسرة المسلمة للاقتداء بسنة الرسول فى تيسير المهور والحرص على اختيار صاحب الدين والخلق حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أكثر النساء بركة أيسرهن مهراً “
ان الاسلام حث على الزواج ونهى عن العزوبية فالزواج سنة الحياة ومن بلغ سن الزواج وكان قادراً عليه وجب عليه أن يتزوج والشريعة الإسلامية مهدت الطريق أمام الرجل والمرأة فلا يشترط أن يملك عقاراً أو مالاً بل طلبت منه تقديم المهر الذى عبارة عن هدية
والمؤسف أن هذه الهدية انقلبت عند كثير من الأسر لواجب مال ضخم يجعل الرجل غارقاً في بحر من الطلبات مما يؤدى لعرقلة حركة الزواج لدى الشباب فتفاقمت ظاهرة العنوسة والعزوبية .