ارتبط اسم ” حركة الشباب الصومالية ” بنشر الخراب وسفك الدماء بمناطق من شرق إفريقيا، خاصة في دولتي “الصومال” و”كينيا”.
ففي “الصومال” لا يكاد يمر يوم دون أنْ تُطالعنا الأنباء عن تفجير قامت به هذه الحركة هنا وآخر هناك.
وتستهدف الحركة مواقع القوات الحكومية والجيش، فضلًا عن تفجيرات أخرى تستهدف مناطق عشوائية في العاصمة الصومالية “مقديشيو”، والتي خلّفت الكثير من القتلى والمصابين؛ في محاولة لزعزعة ثقة الصوماليين في دولتهم، وإثارة الرعب في قلوب أفراد الجيش والشرطة.
في “كينيا”، تقوم الحركة بشن هجمات متكررة على المدن الكينية المجاورة للحدود الصومالية؛ ردًّا على إرسال الحكومة الكينية قواتها إلى الصومال في إطار التعاون المشترك بين الدولتيْن في مجال مكافحة الإرهاب.
ومن خلال متابعة ” مرصد الأزهر لمكافحة التطرّف” لإستراتيجية هذه الحركة، تبيّن أنها صعّدت من وتيرة العنف خلال الأشهر الأخيرة، فضلًا عن تحركاتها المتنامية في الصومال وخارجها، مستغلة الفوضى العارمة والفراغات والاضطرابات؛ ففي شهر ديسمبر عام 2019م، ووسط العاصمة “مقديشيو”، ارتكبت عناصر الحركة حادثًا إرهابيًّا عن طريق تفجير شاحنة مفخخة، ما أودى بحياة ما يقرب من 100 شخص وإصابة العشرات، وذلك بعد أقل من أسبوع على هجوم آخر شنّته عناصرها في 21 ديسمبر 2019م الماضي ضد قائد القوات البرية الصومالية، وأودى بحياة 8 جنود صوماليين.
قبل هذا الهجوم وبالتحديد في 6 ديسمبر 2019م، شنّ مسلحون تابعون للحركة هجومًا استهدف حافلة ركاب في منطقة محاذية للحدود بين الصومال وكينيا، ما أسفر عن مقتل 8 أشخاص بينهم ضابط بالشرطة الكينية، كما شهد شهر يناير من العام الحالي 2020م العديد من العمليات الإرهابية على الأراضي الصومالية.
رغم أنّ خطر الحركة يُعد أكثر حِدة في الصومال وعلى طول الحدود الكينية الصومالية، فإنها شنّت هجمات مماثلة على مدن كينية كبرى، مثل: “نيروبي” و”غاريسا” و”لامو”.
إن هذا التصاعد الخطير الملفت للنظر في عدد ونوعية العمليات الإرهابية التي تشنها تلك الحركة خلال الآونة الأخيرة سواء داخل الصومال أو خارجها، يُعيد تسليط الضوء مجددًا على الخطر الذي لا تزال تُشكله هذه الحركة بعد سنوات من إعلان الحرب عليها، كما أنه يطرح تساؤلات عِدة حول أسباب الحركة ودوافعها من وراء تصعيد نشاطها الإرهابي، وانعكاسات ذلك على مستقبل الأوضاع الأمنية في الصومال ومنطقة “القرن الإفريقي”، تلك المنطقة التي تقع فيها جيبوتي والصومال وإريتريا، ويجاورها كينيا وأثيوبيا.
ويرى المرصد أنّ هذا النشاط المتزايد للحركة في الآونة الأخيرة يجعلها واحدة من أكثر الجماعات الإرهابية خطورة في مناطق شرق إفريقيا، وخصوصًا بعد تراجع نشاط الحركات والجماعات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط وأفغانستان، وهو ما ظهر جليًّا في مؤشر العمليات الإرهابية في القارة الإفريقية عن شهر يناير من العام الحالي 2020م؛ حيث تصدّرت الحركة المشهد الدموي بتنفيذها نحو 28 عملية إرهابية في الصومال وكينيا، تنوّعت هذه العمليات بين هجمات مسلحة وتفجيرات انتحارية وعمليات اغتيال، ما أسفر عن سقوط أكثر من 148 شخصًا بين قتيل وجريح.
إنّ كل هذا النشاط الإرهابي يشير إلى أنّ مركز الحرب على الإرهاب قد يتحول إلى منطقة القرن الإفريقي التي ربما باتت تُشكل الخاصرة الرخوة للقارة، والتي قد تستغلها الجماعات الإرهابية لشنّ مزيد من هجماتها الإرهابية.
ورغم من تكثيف الجهود المحلية والإقليمية والدولية للحد من نفوذ هذه الحركة والقضاء عليها بشكل تام، فإنّ كل ذلك لم ينه التهديد الذي تُشكله هذه الحركة الإرهابية، والتي نجحت في استعادة جزء كبير من قوتها وتكثيف عملياتها الإرهابية؛ لتنتشر مجددًا على نطاق واسع.
وما يحذر منه مرصد الأزهر من ضرورة تكثيف المجابهة الأمنية والفكرية لهذه الحركة المتطرفة، و مرصد الأزهر لا يتواني عن رصد أية أفكار تصدرها تلك الجماعة أو نظيراتها من الجماعات المتطرفة والإرهابية.