في 7/سبتمبر – أيلول/2019م، وصل رئيس الوزراء الصومالي السيد حسن علي خيري إلى مدينة بيدوة العاصمة المؤقتة وسط استقبال حافل وذلك في طار جولة تشمل عددا من مناطق ولاية جنوب غرب الصومال.
التقى السيد حسن علي خيري خلال زيارته لمدينة بيدوة بعض شيوخ عشائر جنوب غرب الصومال وممثلي المجتمع المدني، واستمع إلى مطالبهم ووعد لهم بتحقيق مطالبهم التي من بينها إطلاق سراح القيادي المنشق عن حركة الشباب الشيخ مختار روبو علي (أبو منصور) الّذي اعتقلته الحكومة الفيدرالية أواخر العام الماضي وهو يستعدّ لخوض الانتخابات الرئاسية في ولاية جنوب غرب الصومال.
وشارك خيري في افتتاح بعض المشاريع التنموية في مدينة بيدوة، حيث قدّم إلى إدارة جنوب غرب الصومال مبلغا كبيرا من المال يقدّر بــ 120 ألف دولار أمريكي لإعادة ترميم ملعب أيوب في مدينة بيدوة، حتى يجد الشباب في مدينة بيدوة ملعبا لممارسة هواياتهم الرياضية، كما تعهّد بدفع تعويضات إلى أسر ضحايا الأحداث الدموية التي شهدتها بيدوة أواخر العام الماضي إبان الاستعدادات الأخيرة لإجراءات الانتخابات الرئاسية فيها.
وكذلك زار رئيس الوزراء خيري أمس الثلاثاء إلى مدينة حُضر حاضرة إقليم بكول والتي تعاني منذ سنوات من حصار فرضته عليها حركة الشباب التي تسيطر على مناطق في كل من محافظتي باي وبكول الواقعتين في الجنوب الغربي من الصومال. كما سيزور أيضا مناطق أخرى في الولاية.
كلّ هذا وغيره دفع بعض المحللين إلى محاولة استكشاف أهداف زيارة رئيس الوزراء إلى جنوب غرب الصومال، والتي من الممكن إجمالها بما يأتي:
أولا: أهداف سياسية:
- سعى رئيس الوزراء من خلال الزيارة أن يظهر بمظهر رئيس وزراء قوي ومطلع على جميع الأوضاع المعيشية والأمنية وعازم على متابعة جميع قرارات الحكومة بنفسه، حيث قام خلال الشهور الماضية بزيارات مماثلة إلى مناطق في كل من ولايتي جوبالاند وجلمدغ وقبلها بونت لاند، وكان حريصا على الا تكون اجتماعاته مقتصرة مع السياسين فقط وانما كان يزور الأماكن العامة ويلقي خطابات حماسية إلى جماهيره في ميادين عامة معدة سلفا.
- فتح صفحة جديدة مع سكّان جنوب غرب الصومال: إن الأحداث الدموية التي سبقت انتخاب الرئيس الحالي لولاية جنوب غرب الصومال السيد عبدالعزيز لفتي غرين، أدّت إلى حدوث فجوة كبيرة بين معظم سكّان هذه المنطقة والحكومة المركزية، حيث يرى معظم سكان هذه المنطقة أنهم وعلى الرغم من ميلهم إلى السلم وحبّهم للنظام الحكومي إلاّ أن الحكومة المركزية فرضت عليهم توجّهاتها السياسية بقوّة الحديد والنار واستخدمت القوات الأجنبية الموجودة في بيدوة لقمع المتظاهرين السلميين الّذين خرجوا للتعبير عن آرائهم ومواقفهم السلمية بصورة سلمية وحضارية، إلا أن الحكومة الفيدرالية واجهت هذا السلوك الحضاري لشعب المنطق بالعنف المفرط مما أدّى إلى وفاة عدد كبير من أبرياء المنطقة بدون ذنب سوى مطالبتهم لحقوقهم السياسية الشرعية، هذه الطريقة التي عاملت بها الحكومة الفيدرالية سكّان هذه الولاية أدّت إلى أن تتراجع ثقة السكان بالحكومة الفيدرالية، وعليه ولكي يمكن استعادة تلك الثقة المفقودة بين سكان جنوب غرب الصومال والحكومة الفيدرالية قام رئيس الوزراء حسن علي خيري بهذه الزيارة إلى مدينة بيدوة، لمحاولة إصلاح ما أفسدته سياسة الحكومة الفيدرالية في التعامل مع مطالب سكّان مدينة بيدوة إبان فترة الانتخابات الرئاسية فيها أواخر العام الماضي 2018م. يرى بعض المحللين أن هذه الزيارة بمثابة إعلان لإدارة جنوب غرب الصومال وسكّان هذه المناطق بأن الحكومة الفيدرالية لا تترك وحدهم لمواجهة التحدّيات التي تواجه هذه المناطق سواء كانت تلك التحدّيات تحدّيات أمنية أو اقتصادية أو غيرها، وفي هذا السياق نفسه قد تأتي الزيارة المقررة لرئيس الوزراء إلى مدينة حُضر حاضرة محافظة بكول التي تحاصرها حركة الشباب منذ فترة منعت خلالها من دخول المدينة الأدوية والأغذية عن طريق البرّ، وأن القليل الّذي يصل إلى هذه المدينة يأتي عبر ما يتم نقله على متن الطائرات التي تهبط بمطار المدينة، فهذه الزيارة لرئيس الوزراء إلى المدينة محاولة للمساهمة في رفع معنويات سكّان المدينة، حيث يرون في هذه الزيارة فاتحة خير لهم إذ إن رئيس الوزراء سيقف على معاناتهم ومن ثم سينقل إلى الجهات المختصة للتعامل معها.
- حملة انتخابية مبكرة: يرى كثير من المتابعين أن رئيس الوزراء الصومالي يودّ خوض السباق نحو رئاسة الصومال في 2021م، ويعتبر هذا الفريق من المحللين أن زياراته في كلّ من غلمذغ وجنوب غرب الصومال تصب في مصلحته السياسية حيث يقوم من خلال هذه الزيارات بتعريف الناس بما سيقدّم لهم إذا تم انتخابه في 2021م، وخاصة وأنّه قد ثبت بأنه قام بتنفيذ بعض المشاريع التنموية في كلّ من غلمذغ وجنوب غرب الصومال في زيارتيه المتتاليتين إلى هذه المناطق.
ثانيا: أهداف أمنية
- تخطط الحكومة الحالية بتشكيل قوات أمنية خاصة تعطي ولائها بشكل كامل لها وبالتالي تجري تحركات في عدد من الولايات لجمع هذه القوات وأن هذه الخطة كانت جزءا من أهداف زيارة رئيس الوزراء، واجرى لقاءات مع المسؤولين في ولاية جنوب غرب الصومال بهدا الخصوص. وبحسب مصادر مطلعة، يتوقع أن يزور رئيس الوزراء أيضا مدينة مركه عاصمة اقليم شبيلي السفلى في اطار زيارته لمناطق ولاية جنوب غرب الصومال وخلال الزيارة سيتم الحديث أيضا عن توحيد القوات الحكومية في الاقليم وتنظيمها من اجل المشاركة في الحرب على مقاتلي حركة الشباب في الاقلي
النتائج المتوقعة:
يبدو للمتابع أن رئيس الوزراء الصومالي يبذل جهودا جبارة توحي بأنها حملة انتخابية، إلاّ أن السؤال الذي يفرض نفسه تلقائيا هو: هل يقوم حسن علي خيري بهذه الحملة الانتخابية لتحقيق نجاح شخصي، أم أنه يقوم بها لمصلحة المنظومة الإدارية التي ينتمي إليها؟، ومهما يكن من أمر، فإنّه أثبتت الوقائع التاريخية في النظام السياسي الصومالي صعوبة عودة تيار أو شخص إلى منصبه بعد انتهاء فترة ولايته، وإن حدث ذلك فلن تطول إقامته بهذا المنصب، مما يعني صعوبة تحقيق حسن علي خيري ورفاقه فوزا سياسيا كبيرا في انتخابات 2021م، إلاّ إذا حدثت مفاجئات وتقلّبات سياسية، وهي كثيرة هذه الآونة الأخيرة في الساحة السياسية الصومالية.