لقراءة الدراسة بصيغة pdf اضغط المسؤولية الاجتماعية ودورها في بناء واستقرار المجتمع
الملخص: تناولت هذه الدراسة موضوعا حيويا جديدا، لم يطرق من سابق – في مجتمع الدراسة – سواء بالبحث او المعالجة. م يصل بعد مستوى المسئولية الاجتماعية لرجال الأعمال في مصر ما وصلت إليه في الدول الكبرى. فبرغم الإكثار من النقاش عن دور رجال الأعمال في التنمية وخاصة بعد تقلص دور الدولة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العقود الأخيرة من القرن الماضي، إلا أن هذا الدور مازال في طوره الأول دون تطور فعال. وتكمن أهمية تفعيل دور منظمات رجال الأعمال في التنمية إلى تملكهم لرأس المال ولقوة اقتصادية قادرة مع تعاونها مع القطاع العام والمجتمع المدني أن تحدث نقلة حقيقية في المجتمع، مع الأخذ في الاعتبار أن بمصر 20,000 رجل أعمال لديهم 60 جمعية ترعى مصالحهم واستثماراتهم. ومن الملاحظ في الآونة الأخيرة أن هناك بعض الجهود الفردية لبعض منظمات رجال الاعمال، وخاصة الكبرى، الذين أصبحوا على وعي بمسئولياتهم الاجتماعية. ولكن معظم هذه الجهود غير مؤثرة أو محسوسة.
وهناك عدة أسباب تؤدي إلى قصور دور رجال الأعمال في التنمية، من أهمها: عدم وجود ثقافة المسئولية الاجتماعية لدى معظم رجال الأعمال، فمن الملاحظ أن عدد الشركات المتبنية هذه الثقافة يمثلون قلة من الشركات الكبرى في حين أن الغالبية يجهلون تماما هذا المفهوم. وايضا أن معظم جهود رجال الأعمال غير منظمة، فالمسئولية الاجتماعية لمنظمات رجال الأعمال كي تكون مؤثرة في حاجة إلى أن تأخذ شكل تنظيمي ومؤسسي له خطة وأهداف محددة، بدلا من أن تكون جهودا عشوائية مبعثرة.
وكذلك غياب ثقافة العطاء للتنمية حيث أن معظم جهود رجال الأعمال تنحصر في أعمال خيرية غير تنموية مرتبطة بإطعام فقراء أو توفير ملابس أو خدمات لهم دون التطرق إلى مشروعات تنموية تغير المستوى المعيشي للفقراء بشكل جذري و مستدام.
ومن ثم، يتضح لنا مما سبق أننا في حاجة إلى مجهودات كبيرة لنشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية وثقافة العطاء التنموي بين رجال الأعمال والشركات الكبرى في مصر.
وعلية ري الباحث اهمية تناول هذا الموضوع بوصف ان المسؤولية الاجتماعية من المبادئ التي اتفقت عليها جميع الملل والشرائع ، والأنظمة والقوانين ، لما لها من دور كبير في صلاح الأفراد والمجتمع على حد سواء ، فهي من القيم الاجتماعية التي حث المربون وعلماء الدين والنفس والاجتماع على أهميتها ، وضرورة الاتصاف بها . وأقرتها الشريعة الإسلامية وسائر المجتمعات البشرية على اختلاف عقائدهم وسلوكهم ، وهي عامة شاملة لكل أحد من أفراد المجتمع .
إذا تتمحور الدراسة في توضيح ان : المسؤولية الاجتماعية مطلباً علمياً وحاجة اجتماعية ؛ لأن المجتمع بأسره وأجهزته ومؤسساته كافة في حاجة إلى الفرد المسؤول اجتماعياً ، فارتفاع درجة إحساس والتزام أفراد المجتمع بالمسؤولية الاجتماعية تعد المعيار الذي نحكم بموجبه على تطور ذلك المجتمع ونموه . وتنمية الشعور بالمسؤولية في نفوس أبناء المجتمع ضرورة مؤكدة ، وهي مهمة تقع على عاتق المؤسسات الاجتماعية المسؤولة عن تربية الأفراد وتنشئتهم “
اذ تم تسليط الضوء علي ان : المهمة الملقاة على عاتق جميع الدوائر والمؤسسات الحكومية والأهلية ، المدنية منها وغير المدنية ، والمؤسسات التربوية والاجتماعية بصفة خاصة ، لأنها – على المدى القريب والبعيد – قضية مجتمع ، وهمّ أمة بأكملها ، وإعداد جيل يحمل العبء في المستقبل .
وعلية بنيت نتائج الدراسة ان المسؤولية الاجتماعية هي المسؤولية الفردية عن الجماعة ، هي مسؤولية الفرد أمام ذاته عن الجماعة التي ينتمي إليها . وهي إحساس أفراد المجتمع بمسؤوليتهم تجاه أنفسهم بالتزامهم ومسؤوليتهم تجاه أنفسهم وتجاه الآخرين من أفراد المجتمع والبيئة والوطن . وان “المسؤولية الاجتماعية تعبر عن النضج النفسي للفرد ؛ لأن الفرد الناضج نفسياً هو الذي يتحمل المسؤولية ، ويكون لديه استعداد للقيام بنصيبه كفرد في تحقيق مصلحة المجتمع ويشعر أنه مدين له ”
وأظهرت الدراسة : وجود ضعف في الشعور بالمسؤولية لدى الكثيرين وأخص جيل الشباب –حيث يتصفون ببعض المظاهر السلبية من اللامبالاة والإهمال ، والفوضى وعدم الاهتمام ، وإفساد الممتلكات العامة وعدم الجدية في الأمور ” وإن العناية بهذه المرحلة أمر بالغ الأهمية لما لهذه المرحلة من أهمية وعناية وخاصة ، وما يكتنفها من أخطار قد تودي بضياع جيل المستقبل ،
وعن واقعنا العربي يشير الباحث إلى أن : المتأمل في واقع شباب الأمة المسلمة اليوم يجد أنهم يواجهون تحديات كبيرة على جميع المستويات ( دينياً وخلقياً واجتماعياً وفكرياً ) وهي نتيجة للانفتاح على العالم ، وهي ظاهرة ولا تحتاج إلى دليل ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر : موجة التغريب وطمس الهوية الإسلامية ، والمتمثلة في الغزو الثقافي والفكري والأخلاقي ، وأيضاً البث المباشر عن طريق بعض القنوات الفضائية ، وما يعرض في شبكات الانترنت من مواقع إباحية وصور ومشاهد حية ، ودعايات مغرضة لكلا الجنسين تؤثر سلباً على عقول الشباب ، وقد تجر بعضهم إلى الوقوع في شراكها ، والانزلاق إلى الهاوية
لذا كان من الضروري إلقاء مزيد من العناية لهذه المرحلة لتنمية جوانب قيمية مهمة ، لتنشئة جيل نافع صالح لنفسه وأمته . وليس هناك أنفع ولا أجدى من أثر الدين في تنشئة النفوس وتربيتها التربية الصحيحة ، التي تجعل من الإنسان خليفة في الأرض يقوم بدوره في عمارتها والقيام بواجبها تجاهها خير قيام . فإن الدين الإسلامي دين كامل شامل صالح لكل زمان ومكان ، قال تعالى : ” ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء ” و« كلّ شيء» يفيد العموم من إصلاح النفوس، وإكمال الأخلاق، وتقويم المجتمع المدنيّ، وتبيّن الحقوق
لقد أصبح لزاما على المنظمات أن تضاعف جهودها و تسعى إلى بناء علاقات استراتيجية أكثر عمقا مع المحيط الذي تؤثر فيه و تتأثر به, لكي تتمكن من مواجهة التحديات و خاصة تلك المتعلقة بمتطلبات التنمية المستدامة التي أخرجت المنظمة من عزلتها الداخلية كنظام مغلق إلى نظرة حديثة و بيئة خارجية أكثر تشابكا و تعقيدا. إذ أصبح مفهوم المسؤولية الاجتماعية يكتسب اهتماما لدى المنظمات مما جعل هذا المفهوم يخرج من كونه ممارسات طوعية اختيارية إلى ممارسات جبرية تمثل مصدرا لتحقيق بقاء المنظمة وتضمن استمراريتها ضمن بناء مقاربة للمسؤولية الاجتماعية.
وخلصت الدراسة: الي أهم المنظمات التي يقع على عاتقها تنمية رأس المال البشري الضروري لتحقيق التنمية المستدامة. لذا سعينا من خلال هذه الدراسة إلى إبراز مضمون الادوار التي تستطيع الجامعة القيام بها لتنمية رأس المال البشري, وهذا من خلال الشراكة مع مؤسسات المجتمع وتزويد سوق العمل بالكفاءات.
وتهدف هذه الدراسة : لا ظهار الانجازات التي تسعى الدولة وغيرها من مؤسساتها المختلفة في تحقيقها ضمن الدور المنوط بها في تحقيق التنمية المستدامة لمواردها البشرية .
المدخل: –
من الواضح أننا نعيش في عصر يشهد ظهور متغيرات وتفاعلات تساعد على نضج الوعى الإنساني بقضايا تقع على الساحة القومية والعالمية على السواء.
بحيث تداخلت هذه القضايا والحدود، حتى أصبح من الصعب فصل ما هو قومي عن ما هو عالمي وخارجي. الأمر الذى انعكس بطبيعة الحال على طبيعة العلاقة بين الإنسان ومجتمعه، أو بين المواطن ودولته.
وفى هذا السياق فإنه إذا كان العالم قد أصبح عالم واحد، أحداثه واحدة تتداخل وتتبادل التأثير. فإلى أين تتجه المسئولية الاجتماعية للفرد خاصة أن بعض حقوقه وإشباعاته بدأت تتحقق بفعل ضغوط قوى خارجية، وأن كان ذلك يحدث على صعيد مجتمعه القومي.
ذلك أن المسئولية الاجتماعية تعيش حالة تحول وضعتها على مفترق طرق، وبفعل ظروف ومتغيرات عديدة، منها انفتاح المجتمعات على المجتمعات الأخرى في نطاق النظام العالمي، بحيث لم يعد الوفاء بالمسئوليات الاجتماعية من قبل فاعليها محدد بالحدود القومية والثقافة القومية والمصالح القومية، بل أصبح الفاعل العالمي ممثلا في القوى العالمية، دول أو مؤسسات، حاضراً ويلعب دوراً اساسياً في تعيين حدود المسئولية الاجتماعية على الصعيد القومي ومدى الوفاء بها.
بالإضافة إلى ذلك فقد تطور وعى المواطن بمعاني المسئولية الاجتماعية على الصعيد القومي، سواء أو فيما يتعلق بمسئوليته الاجتماعية، وفيا يتعلق بالمسئولية الاجتماعية للدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والآخرين عموما.
فقد أدرك المواطن أن أداء المسئولية الاجتماعية على الصعيد القومي، ما زال ناقصا وغير مكتملا كما تمارس مضامينها مختلف الأطراف. ففي نطاق مسئوليته نجد أن المواطن يؤدى – من وجهة نظره – واجباته دون أن يحصل على حقوقه، وهو يدرك أن الدولة تفرض عليه واجبات دون أن يحصل في المقابل على الحقوق التي تحقق إشباعاً لحاجاته.
بالإضافة إلى ذلك فإن القطاع الخاص ما زال لم يعثر على وعيه بمسئوليته الاجتماعية نحو المجتمع، كما يعيش المجتمع المدني حالة من الترهل الرخو فيما يتعلق بإدراك وأعباء مسئوليته الاجتماعية. وهو الوعى الذى بدأ بدفع المواطن باتجاه المطالبة بضرورة أن يفي كل الأطراف بمسئولياتهم الاجتماعية، قد تبدأ المطالبة سلامية وناعمة، غير أنها قد تنتهى بسلوكيات خشنة، حيث تنتشر مظاهر الاحتجاج والرفض على سطح المجتمع.
بحيث يمكن اعتبار ذلك في حد ذاته إرهاصات تدق نواقيس الخطر حتى يضطلع كل طرف بمسئولياته وإلا تآكل الاستقرار الاجتماعي.
لذلك ينبغي إدراك مفهوم المسئولية الاجتماعية باعتباره كائن حي يتأثر بسياقة المحيط، القومي والعالمي على السواء، ويتفاعل مع المتغيرات التي تتدفق من هذه السياقات. وإذا كان المفهوم هو رمز يشير إلى متغير واقعى، فإننا نستطيع القول بأن متغير المسئولية الاجتماعية لم يكن ابدا متغيرا ثابتا، ولكنه كان دائما مفعم بالحيوية، يتحرك عبر التاريخ، كحقيقة كلية تتكشف تدريجيا عن جوانب أو صور عابرة ومؤقتة، وربما زائفة.
وهو ما يعبر عن حيوية المفهوم وحيوية المتغير الذى يرمز او يشير إليه. لذلك غير أننا نلاحظ أن المفهوم والمتغير الذى يرمز إليه أصبح يواجه ازمة سببها تقصير بعض أطراف المسئولية الاجتماعية عن الوفاء بالتزاماتهم، أو سببها غياب الوعى بحدود ومتطلبات المسئولية الاجتماعية من قبل أطرافا أخرى، ومن ثم ضغطها باتجاه ضرورة الوفاء بالتزاماتها.
أو أن هذه الأزمة سببها تدخل أطراف وقوى عالمية وخارجية لتعلب أدواراً على الساحة القومية بعضها يتصل بطبيعة توزيع المسئوليات الاجتماعية. يسر ذلك أن مجتمعات العالم، خاصة مجتمعات الجنوب أصبحت أبوابها وفضاءاتها مفتوحة، بحيث أصبح ما يحدث بداخلها موضع مراقبة ومتابعة عالمية.
أو أن هذه الأزمة ترجع إلى ظروف سببت في بعض الأحيان تراجعا للمسئولية الاجتماعية إلى أسفل، من حدود المجتمع القومي إلى حدود الجماعة الأثنية، أو انفلاتها في الاتجاه المضاد إلى أعلى لتتابع مضامين ذات طبيعة عالمية.
غير أنه من طبيعة الأزمة أنها قد تدفع الكائن الاجتماعي على طريق الموت، أو تساعده في اكتساب المناعة وتحقيق حالة من الصحة والعافية الاجتماعية، وسوف أحاول التعرض الصفحات التالية لهذه الأبعاد جميعا.
مشكلة الدراسة: – إذا كانت المسئولية الاجتماعية لأى طرف من الأطراف هي ضمن عملية تبادل بين طرفين، فإن عدم وفاء أي من الأطراف بالتزاماته، سواء كانت حقوق أو واجبات، من شأنه أن يدفع الطرف الآخر إلى الأخلال بالتزاماته في المقابل أو على الأقل عدم الوفاء بها في الحدود المثلى.
وهو ما يؤدى بالمسئولية الاجتماعية إلى أن تعيش حالة أزمة، وقد يقود اهتزاز حزمة مضامين المسئوليات الاجتماعية في المجتمع إلى التأثير على الاستقرار الاجتماعي.
ومن ثم فان اهمية الدراسة الراهنة تكمن في انها تسلط الضوء علي موضوع يعد من اهم المواضيع بالإضافة إلى ذلك فنحن إذا تأملنا أوضاع وأنماط المجتمعات الإنسانية، فإننا سوف نجد أنها تخضع لمنطق المتكشف وهو المنطق الذى يؤكد إنه في كل مرحلة من مراحل التطور الاجتماعي، يتكشف وجه جديد للمجتمع لم يكن معروفا قبل ذلك.
وإذا كان علم الاجتماع هو العلم الذى يهتم بظهور وأفول المجتمعات وتغير التكوينات والتفاعلات المرتبطة بذلك. فإننا نجده توازيا مع ذلك يشهد في كل مرحلة، ظهور جهاز مفاهيمي جديد، يشكل بنية رمزية لمتغيرات جديدة تكشفت في بناء المجتمع.
ذلك بالإضافة إلى تسارع التغير الاجتماعي الواقعي، وهو التسارع الذى يكشف عن متغيرات جديدة تحتاج إلى الرمزية المفاهيمية، أو يكشف عن جوانب جديدة للمتغير الذى يشير إليه مفهوم معين.
وهى التفاعلات التي تسبب حالة من عدم الثبات سواء فيما يتعلق بمصداقية تمثيل أو رمزية المفهوم، أو فيما يتعلق بثبات حدود المتغير الذى يشير إليه المفهوم. وهو الأمر الذى بدأ ينعكس من ناحية على هيئة فوضى التنظير في العلوم الإنسانية، بحيث اتجه العلم الاجتماعي أخيرا، لكى يصبح مشروعاً ذاتياً وفنيا، وبعد أن كان مشروعاً موضوعيا وعلميا.
لأن الاتفاق حول المفاهيم الأساسية التي تتعامل بواسطتها النظم العقلية الإنسانية بدأ ينحسر وتضيق دوائره. تأكيداً لذلك أنه في مرحلة من مراحل تطور العلم الاجتماعي تظهر مفاهيم جديدة ترمز لتكوينات التفاعلات القائمة بهذا المنطق تكشفت مفاهيم التطور والانتشار بفعل القطيعة بين المرجعية الدينية والمرجعية العلمية من ناحية، وبداية التواصل بين الحضارات من ناحية أخرى. بحيث طرحت هذه المرحلة بنية من المفاهيم تتلاءم مع التفاعلات الواقعية، حيث طرحت مفاهيم التطور والتقدم والتحلل، والانتخاب الطبيعي، وتحولات الطاقة والقوة، والانتشار والتثاقف، والمناطق الثقافية والمركبات الثقافية.
ومن ثم فان الدراسة الراهنة: تحاول ان تبين : جانب آخر للمسئولية الاجتماعية يتمثل في المسئولية المدنية والمسئولية الجنائية، وتحدد المسئولية المدنية قانونا، أي بنص القانون، وهى تفرض على الشخص إصلاح ما أتلفه، تطبيقا للمبدأ الذى يؤكد أن من أتلف شيء فعليه إصلاحه. وقد تتسع المسئولية المدنية للشخص لتشغل مساحة كبيرة، كمسئولية صاحب العمل عن استثمار وتعظيم أمواله، أو مسئولية رب العائلة عن سلامة ورعاية أطفاله الصغار، وعن خدمة ورعاية حيواناته، وأيضا عن الحفاظ على الأشياء التي يمتلكها، ومسئولية صاحب السيارة عن خطأ حادث وقع منه في هذا الإطار تتغير شروط المسئولية المدنية بتغير أوضاع المجتمع وتطوره الحضاري.
على خلاف ذلك نجد أن المسئولية الجنائية تحدد حالة الشخص المستحق للعقاب، بسبب خروجه عن النظام الأساسي للحياة المجتمعية، والذى يجازى عليه القانون. وفى حالة المسئولية الجنائية يجد الإنسان نفسه معرضا لإصلاح خطأ وقع فيه، إضافة إلى تحمل نتائج المخالفة أو الجنحة أو الجناية. وترتبط المسئولية الجنائية بانتهاك عاطفة قوية وعميقة في النفس الإنسانية، تتضمن شعوراً واضحاً بالتوافق مع النظام العام خوفا من حكم شائن يقضى على المكانة الاجتماعية للفرد. وإذا كان القانون هو الحد الأدنى من الأخلاق كما يقرر علماء الاجتماع، أو هو الأخلاق في أقل مستوياتها.
اهداف الدراسة: –
• تعريف المسئولية الاجتماعية باعتبارها مسئولية أمام المجتمع، تحددها أعرافه وتقاليده واحتياجاته
• بروز فاعلية المجتمع المدني والقطاع الخاص وتراجع دور الدولة أو المجتمع السياسي.
• ان المسئولية الاجتماعية هي المفهوم الشبكي الشامل أو النواة الصلبة،
فرضيات الدراسة: -تنطلق الدراسة الراهنة من فرضية رئيسية هي: فالمجتمع يشكل الإطار الشامل الذى تسعى كافة الأطراف الأداء مسئولياتها الاجتماعية بهدف تأكيد بقائه واستقراره. ومنها الفرضيات الفرعية الاتية:
• تحمل الفرد مســـــئولية إصلاح المجتمع
• تعليل مسئولية الفرد عن إصلاح المجتمع
• النجاة من العقاب الجماعي
• من فوائد تحمل المسئــــــولية
• نطاق فاعلية المسئولية الاجتماعية.
• المسئولية الاجتماعية للمجتمع
منهجية الدراسة: –
تعتمد الدراسة الراهنة على منهجية المنهج التحليلي الوصفي في تحليل المسئولية الاجتماعية ودور الفرد والمجتمع ومنظماته المختلفة في ذلك .
من الاهمية بمكان ان تستند البحوث والدراسات الي القواعد النظرية العلمية التي تساعد الباحث علي توجيه بحثه الي الاسباب التوضيحية والعوامل المفسرة ل (موضوع البحث) كما هي في دراستنا الراهنة .
اولا :- تعرف المسئولية الاجتماعية واهدافها
المسـئولية لغة: هي الأعمال التي يكون الإنسان مطالباً بها.
المسئولية اصطلاحاً: المسئولية هي المقدرة على أن يلزم الإنسان نفسه أولاً, والقدرة على أن يفي بعد ذلك بالتزامه بوساطة جهوده الخاصة وقيل: المسئولية حالة يكون فيها الإنسان صالحاً للمؤاخذة على أعماله وملزماً بتبعاتها المختلفة. من أهم المسؤوليات مسئولية الإنسان أما الخالق عز وجل: ذكر جمهور المفسرين أن الأمانة تعم جميع وظائف الدين,
وان جميع الأقوال في تفسير قوله تعالى: {إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان} متفقة وراجعة إلى أن الأمانة هي التكليف وقبول الأوامر والنواهي.
إن حمل هذه الأمانة يعني مسئولية الإنسان عنها واستعداده لتحمل نتائجها وقبوله بمبدأ الثواب والعقاب المنوطين بها.
أنواع المسـئولية:
1.المسئولية الدينية: وهي التزام المرء بأوامر الله ونواهيه, وقبوله في حال المخالفة لعقوبتها ومصدرها الدين.
2.المسئولية الاجتماعية: هي التزام المرء بقوانين المجتمع ونظمه وتقاليده. وقيل: هي المسئولية الذاتية عن الجماعة, وتتكون من عناصر ثلاثة هي: الاهتمام والفهم والمشاركة. 3. المسئولية الأخلاقية: هي حالة تمنح المرء القدرة على تحمل تبعات أعماله وآثارها, ومصدرها الضمير.
تحمل الفرد مســئولية إصلاح المجتمع:
من المبادئ التي قررها الإسلام قصر المسئولة على المسئولة وحده, فلا يؤخذ برئ بجريرة مذنب, ولا يشرك أهله فيما اقترفت يداه, أو نسب إليه, وحماية للإمام المسلم من الانزلاق في الظلم جاء قوله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أُخرى}اشتراك الراعي والرعية: الراعي والرعية يدان تتعاون على خير الأمة ورعاية مصالحها, وكفالة الأمن على حياة الناس وأعراضهم وأموالهم. ولا يستقيم أم الأمة, ولا تتسق شئونها إلا إذا قام كل من الحاكم والمحكوم بمسئولياته, وأخلص المعاونة لصاحبه.
تكافؤ مسئولية والجزاء: حدد القرآن الجزاء بقدر المسئولية مع إيثار جانب الرحمة والعفو, ومضاعفة الحسنة, قال تعالى: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها} هذه معالم في المسئولية في الإسلام: فالإنسان مسئولة عن كسبه من خير وشر ومجازى عنه, وباب التوبة مفتوح له ما بقيت الحياة, والجزاء العادل يوم القيامة. ومسئولية الفرد نحو المجتمع تتلخص في التالي:
1.الالتزام بقانون الجماعة, وهذا يستلزم من الأفراد الالتزام بعقيدة المجتمع الأساسية, التي تعبر أمانة اجتماعية.
2. التعاون مع الجماعة في سبيل الخير العام:{وتعاونوا على البر والتقوى}من مساهمة الاقتصاد وغير ذلك.
3. تقديم العمل الصالح والتنافس في هذا السبيل: {ليبلوكم أيكم أحسن عملا}.
4.نشر العلم الذي يسهم إسهاما إيجابيا في بناء المجتمع وتطويره واستغلال الذكاء في هذا السبيل, ومن ذلك, الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في تحمل المسئولية:
تعليل مسئولية الفرد عن إصلاح المجتمع:
1-الفرد يتأثر بالمجتمع:
الإنسان كائن اجتماعي يتأثر بالمجتمع الذي يعيش فيه, فتمرض رُوحه أو تُهزَل, أو تصح وتقوى تبعاً لصلاح المجتمع أو فساده.
2-ضرورة قيام المجتمع الصالح: وقيام المجتمع ضروري للفرد, لأن المطلوب من المسلم تحقيق الغرض الذي خُلق من أجله وهو عبادة الله وحده, فإن لم يكن كذلك بأن كان مجتمعاً جاهلياً صرفاً, أو مجتمعاً مشوباً بمعاني الجاهلية, فإن المسلم لا يستطيع فيه أن يحيا الحياة الإسلامية المطلوبة أو يتعذر عليه ذلك, ولهذا يأمر الإسلام بالتحول من المجتمع الجاهلي إلى المجتمع الإسلامي, مادام عاجزاً عن إزالة جاهليته.
3-النجاة من العقاب الجماعي:
وقيام الأفراد بإصلاح المجتمع من الهلاك الجماعي أو العقاب الجماعي أو الضيق والضنك والقلق والشر الذي يصيب المجتمع لأن من سنن الله تعالى, أن المجتمع الذي يشيع فيه المنكر, وينتشر فيه الفساد, ويسكت الأفراد عن الإنكار والتغيير, فإن الله تعالى يعمهم بمحن غلاظ قاسية, تعم الجميع, وتصيب الصالح والطالح, وهذه في الحقيقة سنة مخيفة وقانون رهيب يدفع كل فرد لا سيما من كان عند علم وفقه أو سلطان إلى المسارعة والمبادرة فوراً لتغيير المنكر دفعاً للعذاب والعقاب عن نفسه وعن مجتمعه.
قال د. حسن علي الحجاجي: يرى ابن القيم أن مسئولية التربية تقع على الآباء والمربين لا سيما إذا كان الناشئ في أول مراحل نموه, فإنه في أمس الحاجة إلى تقويم أخلاقة وتوجيه سلوكه, وهو بمفرده لا يستطيع القيام بذلك, فالمسئولية على ولي أمره, يقول رحمه الله: (.. ومما يحتاج إليه الطفل غاية الاحتياج الاعتناء بأمر خُلقِه, فإنه ينشأ على ما عوده المربي في صغره من حرد وغضب, ولجاج, و عجلة, وخفة مع هواه وطيش, وحِدَّة, وجشع, فيصعب عليه في كبره تلافي ذلك, وتصير هذه الأخلاق صفات وهيئات راسخة, فلو تحرز منها غاية التحرز فضحته ولا بد يوماً ما, ولهذا تجد أكثر الناس منحرفة أخلاقهم, وذلك من قبل التربية التي تنشأ عليها)
فابن القيم يبين أن للتربية أهمية قُصوى في تهذيب الخُلق وتقويم السلوك, كما يوضح أن التربية السليمة هي التي تجعل للتدريب والتعويد شأناً في رسوخ الصفات الطيبة. وفي هذا القول أيضاَ يُحمل أبن القيم التربية مسئولية انحراف الأخلاق والسلوك. قال الدكتور علي أبو العينين: ” من المقومات الأساسية التي يقوم عليها المجتمع المسلم أنه مجتمع مسئول عن بعضهم, ومأمورون بالدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”.
من فوائد تحمل المسئــولية:
1.تشعر بوجود أداء الأمانة أمام الله وأمام الناس.
2.الإخلاص في العمل والثبات فيه.
3.كسب ثقة الناس واعتزازهم به.
4.يشعر الشخص المسئول بالسعادة تغمره كُلما قام بتنفيذ عمل نافع.
5.كُل مسئول بقدر استطاعته تحَمُّلِه ولا يخلو أحد من المسئولية مهما قلت منزلته في المجتمع.
6.تجعل بُنيان الدولة قوياً غير قابل للتصدع عند التعرُّض للمحن والحُروب.
7.المسئولية تجعل للإنسان قيمة في مُجتمعه.
ثانيا :- حول تعريف المسئولية الاجتماعية
يهدف تعريف المفهوم إلى تعيين حدوده، وطبيعة المتغير الذى يشير إليه وفى هذه الحالة فإننا إذا تأملنا أن غالبية المتغيرات الواقعية، فسوف نجد أنها ليست ثابتة. وذلك يرجع إلى أن مفاهيمنا ما زالت في حالة تشكل وتبلور لحداثة عمر علومنا الإنسانية والاجتماعية من ناحية، ونتيجة لذلك فهي لم تصل بعد إلى ترسانة مفاهيمية راسخة، قوية ومتماسكة.
وفى مرحلة تالية وبالتحديد في أعقاب الثورة الفرنسية والصناعية، وقعت تحولات اجتماعية ذات طبيعة درامية طرحت متغيرات جديدة من ناحية، بالإضافة إلى تحقق تراكم في ذات الوقت على صعيد التنظير في العلوم الإنسانية من ناحية ثانية.
الأمر الذى دفع إلى ظهور ترسانة جديدة من المفاهيم ذات علاقة بالتفاعلات الواقعية التي تشير إلى تكشف جوانب أو مساحات جديدة من الحقائق المجتمعية. في هذه الفترة ظهرت مفاهيم الطبقة الاجتماعية، والتغير الاجتماعي، والتضامن الاجتماعي، والطبقة البرجوازية، وفائض القيمة، إضافة إلى مفاهيم التضامن الآلي والتضامن العضوي والبيروقراطية والكاريزما والصفوة. وفى المرحلة المعاصرة التي نعيشها، حيث إضافة إلى بروز دور الجماهير وتقدمها من خلال انتظامها فى تشكيلات اجتماعية مختلفة، انتقلت إليها بعض مسئولية تطوير مجتمعاتها.
ارتباطا بهذا السياق بدأت تظهر الأن مجموعة جديدة من المفاهيم كالمنظمات غير الحكومية، والتنمية المستدامة، والشفافية، والمحاسبية والتشبيك والشراكة. إضافة إلى المسئولية الاجتماعية التي تعد مفهوما نواه لكم كبير من المفاهيم الأخرى (1).
بحيث نستطيع القول بأنه نظراً لأن المفاهيم التي ظهرت في كل مرحلة، ترمز إلى مساحة جديدة من الواقع المتكشف، الذى يتضمن عديد من المتغيرات. التي نتعرف عليها ونتفاعل بشأنها من خلال رموزها. فإن هذا الوضع قد دفع إلى ظهور ما يمكن أن يسمى بشبكة المفاهيم، تناظر شبكة العلاقات الواقعية بين المتغيرات.
وفى هذه الشبكة المفاهيمية نستطيع التمييز بين المفهوم الذى يشكل النواة الصلبة أو مركز الشبكة، وبين جملة المفاهيم التي تقع على دوائر متتابعة من هذا المركز. واعتقد أن مفهوم المسئولية الاجتماعية من نمط مفاهيم النواة الصلبة أو هو المفاهيم المركز (2).
وترجع مركزية مفهوم المسئولية الاجتماعية، من خلال عدة اعتبارات،
الاعتبار الأول أن هذا المفهوم شكل أحد المواضع التي تفاعلت بشأنه مختلف الاتجاهات النظرية.
بعض هذه الاتجاهات رأى أن المسئولية ذات طبيعة فردية بالأساس، وانطلاقا من المسئولية الفردية تتشكل المسئولية الاجتماعية. بينما ادركت باتجاهات نظرية أخرى المسئولية الاجتماعية باعتبارها ذات جذور مجتمعيه بالأساس،
فالمجتمع هو المسئول عن تشكيل المسئوليات الفردية والاجتماعية التي يمكن أن تؤدى أدواراً أو وظائف تؤكد استمراره وتعيينها على الأفراد. يضاف إلى ذلك وجود بعض الاتجاهات النظرية التي حاولت تعيين المسئولية الاجتماعية بالنظر إلى مرجعيات وسط، كالقول بالمسئولية الطبقية عن التغيير الاجتماعي كما تذهب النظرية الماركسية.
كما تتجلى مركزية المفهوم من كونه يتسع لينتشر في نطاق نظم عقلية عديدة، كقول علم الاجتماع بالمسئولية الاجتماعية، أو اهتمام علم الأخلاق بالمسئولية الأخلاقية أو تركيز القانون بالمسئولية الجنائية أو المدنية. يضاف إلى ذلك أن مركزية المفهوم قد تتجلى من خلال إمكانية أن تلتقى على ساحته مختلف التكوينات الاجتماعية.
في هذا الإطار قد تكون المسئولية فردية، أو تكون اجتماعية تقوم بها مختلف جماعات المجتمع ومؤسساته كالقول بالمسئولية الاجتماعية لرجال الأعمال أو الشركات، أو القول بالمسئولية المجتمعية، أى مسئولية المجتمع، ويتصاعد الأمر حتى القول بالمسئولية العالمية(3)
عن بعض الأحداث أو الظروف التي تطلب تكاتف جهود العالم. ذلك يدفعنا إلى محاولة تعريف مفهوم المسئولية الاجتماعية الذى طرحت له تعريفات عديدة ومن زوايا متنوعة، فمن الناحية اللغوية تعرف المسئولية الاجتماعية، باعتبارها تعنى “أن الإنسان مسئول عن فعل قام به في الماضي وخلف وراءه آثاراً معينة، وهو الذى يتحمل تبعه هذه الآثار والنتائج” (4).
وارتباطا بذلك يعرف المعجم الوسيط المسئولية باعتبارها “حال أو صفة من يسأل عن أمر تقع عليه تبعيته، يقال: أنى برئ من مسئولية هذا العمل، وتطلق أخلاقياً على التزام الشخص بما يصدر عنه قولاً أو عملاً، وتطلق قانونيا على الالتزام بإصلاح الخطأ الواقع على الغير طبقا للقانون” (5).
وفى هذا الإطار فإننا نجد أن التعريف اللغوي للمسئولية يجنح إلى ربطها بالفرد عادة، إضافة إلى إبراز طابعها السلبى والماضوي حيث يدور الحديث دائماً عن مسئولية الفرد، عن فعل وقع أو عن خطأ وقع، وينبغي إصلاحه، إلى جانب أن التعريف اللغوي يجعل الفرد هو مرجعية الأفعال التي تجسد المسئولية الاجتماعية.
وارتباطا بذلك يطرح التنظير الاجتماعي تعريفا للمسئولية الاجتماعية باعتبارها مسئولية الفرد عن أفعاله حيال السلطة الاجتماعية، وما تمثله من أعرف وتقاليد وعادات ورأى عام، وتتميز هذه المسئولية بعودة السلطة فيها لمرجعية المجتمع والثقافة ومنظومات القيم المتضمنة فيها، وتكون العبرة فيها بالنتائج التي تتحقق على ساحة المجتمع (6).
في هذا الإطار تدرك وهى تتصل عادة بجانب الواجبات المرتبطة بأدوار الفرد في المجتمع. وهى الأدوار التي تؤدى وظائف أساسية لصالح بناء المجتمع، حيث يستوجب عدم الوفاء بها العقاب من قبل المجتمع، وهو العقاب الذى يبدأ مخفقا كاللوم، وينتهى إلى إنزال العقاب المادي بالشخص. على هذا النحو تعد المسئولية الاجتماعية بنية من الواجبات والحقوق تحدد السلوك الذى ينبغي أن يطرقه الفرد تجاه المجتمع.
وفى هذا الإطار فإننا نجد أن المجتمع وليس الدولة أو النظام السياسي هو هدف ونطاق فاعلية المسئولية الاجتماعية.
وفى هذا النطاق تعتبر أو مركز دائرة منظومة المفاهيم ذات العلاقة بالمسئولية الاجتماعية، أو هي المفهوم الشامل للمسئولية بحيث تعتبر أنماط المسئوليات الأخرى تفريعات منه. فمثلا تحتوى المسئولية الاجتماعية على المسئولية الأخلاقية، التي يمكن تعريفها بأنها العقل الذى يشعر القائم به بالارتياح إذا قام به باعتباره واجب، أو بالندم إذا خالف فعله أمر هذا الواجب. وتشترط هذه المسئولية الفعل الذى يميز بين الخير والشر، وامتلاك الفاعل الحرية التي على أساسها يختار أحدهما ويفضله على الاخر.
استنادا إلى ذلك تعد المسئولية الأخلاقية ذات طبيعة داخلية، ولذلك فهي لا تحاسب الفاعل على نتائج أفعاله فحسب، بل وعلى نواياه أيضا، حتى وإن لم يقم الشخص بفعل يؤثر به على العالم الخارجي. فهي مسئولية تستند إذا إلى النية والسلطة فيها تعود إلى الضمير الفردي الذى يشكله المجتمع (7).
فإن هذا القانون يقرر المسئولية الجنائية على الكائن المرتكب للفعل متى توفرت فيه شروط الفردية الإنسانية والعقل والحياة والرشد. وعلى هذا النحو توقع المسئولية الجنائية على الجماعة ولا على ما ليس إنسانا ولا على المجنون أو الطفل (8).
وإذا كانت المسئولية الاجتماعية بفرعياتها العديدة، مفروضة على الفرد من خارجه أي من قبل المجتمع وهى معينة له، وتتزايد متطلباتها وتتسع مساحتها كلما شب الإنسان عن الطوق، وباكتمال الأدوار الاجتماعية للشخص فإن ذلك يعد معياراً أو مدخلاً لاستكمال مسئوليته الاجتماعية.
وفى هذا السياق تتوازى مساحة المسئولية الاجتماعية مع مراحل تحول دوره حياة الإنسان، حيث نجد أن المرحلة الأولى والأخيرة فى حياة الإنسان هى المراحل التى تضيق فى نطاقها المسئولية الاجتماعية.
ففي مرحلة الطفولة يتدرب الكائن البشرى على المسئوليات الاجتماعية، وأنماط المسئوليات الأخرى، وتتصاعد معرفته وممارسته لهذه المسئوليات، توازيا مع تصاعد نموه الاجتماعي، حتى يبدأ فى القيام ببعض المسئوليات المحدودة التي تتوازى مع قدرته على إنجاز بعض الأدوار الاجتماعية، بحيث يستمر ذلك تقريبا حتى منتصف العشرينيات واوائل الثلاثينيات. وابتداء من هذا الحد تتسع المسئوليات الاجتماعية للإنسان، حتى تبدأ مرحلة أخرى من الانكماش والتراجع مع بداية مرحلة الكهولة والشيخوخة.
حيث يبدأ الفرد في التخلي عن مسئولياته الاجتماعية الواحدة تلو الأخرى، توازيا مع تخلى الإنسان او اكتمال وفائه بأدواره الاجتماعية (9).
ارتباطا بذلك فإننا نجد أن المسئولية الاجتماعية تتميز ببعض الخصائص الرئيسية، أول هذه الخصائص أن المسئولية الاجتماعية للفرد تعكس توازن بين التكوين البيولوجي للإنسان والتكوين الاجتماعي. (10).
وتتمثل الخاصية الثانية بتباين المسئوليات الاجتماعية وفقا لمجموعة من المتغيرات الاجتماعية، ارتباطا بذلك تتباين المسئوليات الاجتماعية التي تقوم بها الإناث عن الذكور استنادا لمتغير النوع، وكذلك تتباين المسئوليات الاجتماعية استنادا إلى متغير السن، حيث يلعب هذا المتغير دوراً محوريا في تحديد قدر المسئولية الاجتماعية للشخص.
بالإضافة إلى ذلك نجد أن لمتغير المستوى الاجتماعي الاقتصادي فاعلية في هذا الصدد، حيث نجد أن مساحة المسئولية الاجتماعية تتسع عند الأغنياء مقارنة بمساحة المسئولية الاجتماعية للفقراء.
وتأكيداً لذلك نجد أن المرجعيات الدينية تتحدث عادة عن مسئوليات الأغنياء تجاه الفقراء، تأكيدا لذلك تفرض واجبات معينة على الأغنياء تجاه الفقراء، كالزكاة مثلاً. كما تتباين المسئولية الاجتماعية حسب متغير التعليم، فملكية البعض لرأس المال التعليمي أو الثقافي أو الاجتماعي أو منها جميعاً.
يجعل من هذه الفئة المالكة نخبة تكون بالتالي مسئولياتها الاجتماعية اكثر اتساعا مقارنة بالمسئوليات الاجتماعية للجماهير. في هذا الإطار نستطيع التأكيد على قاعدة أنه كلما كان الإنسان أكثر انتماء للمجال العام وأكثر ارتباطا به، كلما اتسعت مساحة مسئوليته الاجتماعية بصورة واضحة.
وتشير الخاصية الثالثة للمسئولية الاجتماعية إلى أنها لا تختلف بين المجتمعات، فجميع البشر لديهم مسئوليات اجتماعية تجاه المجتمع، وفى هذا الإطار من الضروري أن نميز في المسئولية الاجتماعية للفرد عدة أبعاد أساسية. أول هذه الأبعاد تمثل فى طبيعة مسئوليات الفرد تجاه التكوينات الاجتماعية داخل المجتمع.
فكلما كانت التكوينات الاجتماعية ذات طبيعة أثنية، كلما كان ثقل الواجبات بالنظر إلى الحقوق في بنية المسئولية أعلى. غير أننا إذا انتقلنا من نطاق التكوينات الاجتماعية الأثنية ذات الطبيعة التقليدية إلى المجتمع، فإننا سوف نلاحظ توازنا فى بنية المسئولية بين الحقوق والواجبات (11).
وارتباطا بذلك فإنه كلما قطع المجتمع شوطا على طريق التقدم، وكلما ابتعد عن التكوينات الأرثية، وكلما تحققت بصورة نسبية دولة الرفاهية، كلما تضخم مكون الحقوق مقارنة بمكون الواجبات.
بحيث تصبح حقوق المواطن على الدولة واضحة ومعترف بها مقارنة بالدولة المتخلفة التي لا تعترف بأن للمواطن حقوقا إلا على الصفحات الورقية للدستور. من الأبعاد الأساسية للمسئولية الاجتماعية للفرد أنها تتشكل في اتجاهين، فهناك مسئولية للفرد تجاه الآخر داخل المجتمع. فعلى الفرد عديد من الواجبات تجاه الآخرين كما أن له حقوق عليهم، وهو ما يمكن أن نسميه بالمسئولية في بعدها الأفقي.
بالإضافة إلى ذلك يوجد البعد الرأسي للمسئولية الاجتماعية، وهى مسئولية الفرد تجاه المجتمع، فعليه استنادا إلى مرجعية المواطنة حزمة من الواجبات في مقابل أن له حزمة من الحقوق (12).
وتؤكد الخاصية الرابعة على ميل المسئولية الاجتماعية للاتساع، وهو ما يعنى أن هذه الخاصية تعنى أن هناك دوائر متتابعة للمسئولية، ابتداء من مسئولية الفرد فى نطاق الأسرة وحتى مسئوليته كفرد في هذا العالم. وفى هذا الإطار فإننا نلاحظ أن عبور الفرد إلى دوائر أوسع من المسئولية، يستند إلى بعدين أساسيين. ا
لأول النمو أو التطور العمرى إذ نجد أن الإنسان كلما كبر كلما اضطلع مسئوليات أوسع، كالانتقال من حدود المسئولية الأسرية إلى نطاق مسئولية الفرد في العمل مثلا، بحيث تصبح مسئولية العمل مضافة إلى مسئولية الفرد.
أما البعد الثاني فيتصل بتحرك الفرد من مجال الأسرة حيث المجال الخاص إلى المجال العام، ومن المجال العام إلى مركز المجال العام.
وفى هذه الحالة فإننا نجد أن هناك بعض الأفراد الذين تتوقف مسئولياتهم عند حدود الأسرة أو العمل، غير أن هناك بعض الأفراد الآخرين الذين تتسع مسئولياتهم الاجتماعية، حينما ينضموا إلى النخبة الاجتماعية والثقافية. بحيث يضيفوا إلى مسئولية العمل مسئوليات عامة بحكم كونهم من النخبة، وفى هذه الحالة تتسع مسئولياتهم لتصبح مسئوليات عن المجتمع ككل.
ونحن إذا تأملنا هذه القضية فسوف نجد أن اتساع المسئولية الاجتماعية للفرد تتضافر مع اتساع مساحة التفاعل الاجتماعي، كلما اتسعت مساحة مسئولياته الاجتماعية (13).
وعلى ذلك نجد أن مساحة المسئولية الاجتماعية للكبار مقارنة بالصغار وللرجال مقارنة بالنساء، وللعقلاء مقارنة بفاقدي العقل، ولمن هم في أعلى السلم الاجتماعي لم هم فى درجاته الأدنى.
وتؤكد الخاصية الخامسة على تميز بنية المسئولية الاجتماعية بالتوازن بين الحقوق والواجبات. وإذا كانت الواجبات هي التي كانت في البداية هي المفروضة على الفرد استنادا إلى وازع أخلاقي بداخله أو أوامر دينية تفرض عليه ذلك، أو أن هذه الواجبات هي عبارة عن لزوميات متوقعة من الآخر الذى يتدرج حتى الآخر العام.
في مقابل ذلك فإننا نجد أن من حق الفرد على المجتمع أن يحصل على الفرص التي تتيح له إشباع حاجاته الأساسية، وهى التي يعبر عنها عادة بصيغ حقوق الإنسان (14).
وفى هذا الإطار فإننا نجد أنه كلما تحقق التوازن بين الواجبات والحقوق، كلما تقوى ارتباط الفرد بمجتمعه وتأكيد انتمائه له، وكلما انعكس ذلك على دعم المواطنة. أما إذا اهتز التوازن بين الواجبات والحقوق، كأن يفرض المجتمع ممثلاً فى الدولة على الفرد كثيراً من الواجبات. فإن مثل هذا الموقف يصبح قهريا، وإذا استمر لفترة طويلة، فإنه قد يضعف انتماء الفرد لمجتمعه، خاصة أن الأخير يفرض عليه القيام بالواجبات دون أن يمنحه حقوقه في إشباع حاجاته الأساسية.
والعكس صحيح فإنه إذا اختل التوازن لصالح الحقوق، فإنه ينشر حالة من الاسترخاء في المجتمع. كما أنه يقتل الطوعية والإرادية في الأفراد وقد يؤدى ذلك إلى ضعف الانتماء، بحيث يصبح مدخلاً لحالة من عدم الاستقرار الاجتماعي (15)،
يحدث ذلك إذا لم تكن ثمة عدالة قائمة فيما يتعلق بتوزيع الحقوق والواجبات بين مختلف أفراد المجتمع أو جماعاته.
بالإضافة إلى ذلك تذهب الخاصية السادسة إلى أن الوازع الأخلاقي يعد أحد الخصائص الأساسية للمسئولية الاجتماعية، ويرجع ذلك إلى أن سلوك الفرد والأدوار التي يؤديها في مختلف المجالات الاجتماعية تكون موجهة بثلاثة أبعاد أساسية.
الأول من خلال منظومات القيم كموجهات ثقافية عامة، حيث يعنى توجيهها للأداء البشر لأدوارهم الاجتماعية تعبير عن بعد أخلاقي.
بالإضافة إلى ذلك – وهو البعد الثاني – فإن القيم والمبادئ تتسلل إلى داخل الفرد، من خلال عملية التنشئة الاجتماعية لتشكل ضميره الداخلي، الذى يدفعه إلى أداء أدواره أو مسئولياته الاجتماعية حسبما يفرض أو يتطلب المجتمع ذلك.
بينما يتصل البعد الثالث بصيغة التوقعات المتبادلة حيث يعمل الوازع الأخلاقي هنا باتجاه تطابق أداء الفرد لأدواره التي تعكس، وفائه بمسئولياته الاجتماعية تطابقا مع توقعات الآخر، ابتداء من الآخر الفردي إلى الآخر العام أو المجتمع (16).
بالإضافة إلى ذلك هناك الوازع الأخلاقي للوفاء بالمسئولية الاجتماعية من خلال تحول الثقافة ومنظومات القيم إلى أعراف وتقاليد وقواعد وقوانين. تفرض ضرورة قيام الأفراد بمسئولياتهم الاجتماعية تجاه الجماعة أو المجتمع، وإلا واجه الفرد العقاب بسبب تقصيره عن الوفاء بأي من متطلبات المسئولية الاجتماعية.
ثالثا: المكونات البنائية لمتغير المسئولية الاجتماعية
عرضنا في الفقرة السابقة لتعريف مفهوم المسئولية الاجتماعية، وهى المسئولية الأكثر شمولا والتي تحتوى على مختلف انماط المسئوليات الأخرى كالمسئولية الأخلاقية والأدبية والدينية والقانونية.
وإذا كنا في الصفحات السابقة قد عرضنا لتعريف المسئولية الاجتماعية، وخصائصها الأساسية فإننا نعرض في هذه الفقرة لمكونات بنية المسئولية الاجتماعية باعتبارها متغيرا واقعيا له مفهومه الذى يرمز إليه. ارتباطا بذلك فسوف نركز بالأساس على متغير المسئولية الاجتماعية باعتباره تكوين واقعى. والمتغير بطبيعته هو عنصر له بناء ووظيفة، كما أن هناك شروط أساسية تنظم فاعليته، وتضبط تفاعله مع مختلف المتغيرات الأخرى المشكلة لبناء المجتمع. ونعرض فيما يلى لعناصر بناء متغير المسئولية الاجتماعية وهى الاهتمام والحرية والقدرة على المشاركة والقابلية لها، إضافة الفهم، والإرادة التي تدفع الفرد للقيام بمسئوليته بصورة طوعية وليست قهرية أو مفروضة.
1. الاهتمام بالجماعة: حيث يشكل الاهتمام البعد الأول في المسئولية الاجتماعية، وهو يتضمن الارتباط العاطفي بالجماعة، وحرص الفرد على سلامتها وتماسكها واستمرارها، إضافة إلى تطوير قدراتها على تحقيق أهدافها.
ويتضمن الاهتمام عدة مستويات أساسية، حيث يتمثل المستوى الأول بالانفعال مع الجماعة، ويتحقق ذلك حينما يساير الفرد بصورة آلية الحالة الانفعالية للجماعة.
وتعد هذه المسايرة موضوعية ومنطقية باعتبار أن الفرد هو وحدة مضمنة فى بنية الجماعة، ومن ثم فتوحده مع الجماعة انفعاليا يتسم بالتلقائية.
ويتصل المستوى الثاني من الاهتمام بالانفعال بالجماعة وهو امر يحدث بصورة إرادية وطوعية، حيث يتحقق تضامنه مع الجماعة استنادا إلى قناعاته الذاتية.
ومن ثم تصبح أهدافها أهدافه، وفى نطاق ذلك نجده يسعى بصدق وشفافية لتحقيق أهداف الجماعة، التي تصبح مرجعية لأهدافه كفرد في غالب الأحيان.
ويشير المستوى الثالث للاهتمام بالجماعة إلى التكامل مع الجماعة، وهو ما يعنى أن الفرد يشعر بأن مصيره مرتبط بمصير الجماعة، يتأثر بتفاعلاتها وأحداثها لدرجة أن يشعر أن الجماعة امتداد لذاته، وأن خير الجماعة هو خير له. يسعى من أجل مصلحتها ويبذل كل جهده من أجل إعلاء مكانتها وتحقيق أمنها.
هذا الاهتمام يعبر عن العواطف الوطنية التي تعد أبرز نماذج التوحد مع الجماعة. حيث يهتم الإنسان بالجماعة حينما يستوعب تراثها وتصبح هي مرآة ذاته، وهو بهذا التوحد يلعب دوراً – إذا تبنى الاخرون نفس السلوك – في تأكيد التضامن الاجتماعي للجماعة (17).
2. الفهــم: حيث يتضمن فهم الفرد للجماعة إدراك القوى النفسية المؤثرة في أعضاء الجماعة، كما يعنى إدراك الدوافع التي تشكل الطاقة المحركة لسلوكياتهم. كما يعنى الفهم إدراك المعاني الأساسية التي يستوعبها من قبل الجماعة ومنظوماتها القيمية، كذلك يساعد الفهم على إدراك اهتمامات الجماعة وقضاياها ومشكلاتها.
على هذا النحو يساعد الفهم الصحيح لواقع الجماعة في دعم مشاركة الفرد في حياة الجماعة، وقيامه بمسئولياته الأساسية. كما يتطلب الفهم الالتزام بالمعايير والاهتمامات الجماعية للجماعة، إضافة إلى مقاومة الضغوط الحياتية – إن كان لها مبرر – التي يؤدى الخضوع لها إلى إضعاف روابطه مع الجماعة.
ومن شأن الفهم كأحد أركان المسئولية الاجتماعية، أن يلعب دوراً فى تحديد المشكلات التي تعانى منها الجماعة. ومن ثم المساهمة بأفضل السبل والجهود لحل مشكلات الجماعة او تخليصها من تفاعلاتها السلبية.
بالإضافة إلى ذلك فإن الفهم يساعد على مواجهة الأزمات التي قد تتعرض لها الجماعة، وتحمل مسئولية المشاركة في مواجهة هذه الأزمات المختلفة (18).
ومن الواضح أن الأزمات التي تتعرض لها الجماعة تدفع بها إلى أحد احتمالين، إما التحلل والانهيار أو البقاء بمزيد من الحيوية. ذلك يعنى أن فهم الفرد لأوضاع الجماعة يساعده في البحث عن أفضل السبل، التي تيسر مشاركته الفعالة لدعم الجماعة بإمكانياته وطاقاته حتى تستطيع الخروج من أزمتها.
حيث يقتضى هذا الفهم أن يعمل المواطنون حين مواجهة أزمة، في اتجاه استدعاء خبرات المجتمع سواء تلك الكائنة في التراث، أو التي تحققت في ماضيه، أو التي توفرت في حاضرة للمساهمة فى حل الأزمة التي يواجهها المجتمع (19).
3. المشـــاركة: ونقصد هنا بالمشاركة الملتزمة والمسئولة للفرد، وفى هذا الإطار نجد أن المشاركة الملتزمة، تعد جزءاً أو بعدا من أبعاد المسئولية الاجتماعية، وهو ما يعنى الالتزام بالمشاركة في تجسيد أهداف الجماعة.
وهنا من الضروري التأكيد على أن المشاركة ينبغي أن تتحقق بالنظر إلى مرجعية الجماعة وليس بالنظر إلى مرجعية الأنظمة السياسية، لأنه قد يحدث انفصال في مجتمعات الجنوب بين أداء النظام السياسي واحتياجات الجماعة، وهو الانفصال المسئول بقدر كبير عن تخلفها. لذلك فإنه من الضروري أن تكون المشاركة واعية، ملتزمة بتطوير اوضاع الجماعة والارتقاء بها. وتتطلب المشاركة الجادة توفر عدة أركان أساسية، الأول تحديد الأهداف الأساسية التي تسعى الجماعة لتحقيقها، وما يتطلبة تحقيق هذه الأهداف من مناشط وجهود تقوم بها مختلف الأدوار. والثاني القبول، وهو يعنى قبول الفرد القيام بمختلف أدواره الاجتماعية تجسيدا لمسئوليته حسبما تفرض الثقافة ذلك.
ثم إنجاز الأدوار بما يساعد على رفع كفاءة المجتمع أو الجماعة، ويعنى ذلك أن يقوم الفرد بأدواره المختلفة حسبما تحدد ذلك المنظومات القيمية والمعيارية للجماعة.
والثالث التنفيذ، ويعنى أداء الأدوار بما يساعد على إنجاز أو تحقيق الأهداف، وذلك حتى يمكن أن تتحقق النتائج المرجوة من أداء الأدوار او أداء جهود المشاركة.
والرابع التقييم بحيث يعمل الإنسان على تقييم أدائه ومشاركته في مختلف المجالات الاجتماعية، للتأكد من أن أدائه الفعال لهذه الأدوار كانت له فاعليته في تحقيق أهداف الجماعة ومصالحها العامة (20).
وتساعد ثقافة المجتمع ومنظومات القيم التي يستوعبها البشر من خلال عملية التنشئة الاجتماعية على تعريف الشخص بالمستويات المثلى للأداء الأدوار التي تتطلبها المشاركة الاجتماعية. كما تؤهله للتضامن مع الأخرين، حتى تتدفق المشاركة بطبيعة جماعية باتجاه الارتقاء بأوضاع المجتمع أو الجماعة.
4. الحــرية: وتعتبر الحرية شرطا ومكونا أساسياً من مكونات المسئولية الاجتماعية، وهى الشروط المنشئ لهذه المسئولية، يؤكد ذلك تنظير العقد الاجتماعي.
الذى فرض أن تكون الحرية مكونا أساسياً لتطوير المسئولية عن تطوير المجتمع، وكل التكوينات الاجتماعية بما في ذلك النظام ذاته. على هذا النحو تعد الحرية مصدراً ومكونا محوريا من مكونات المسئولية الاجتماعية.
ونقصد هنا الحرية قدرة الفرد على الاختيار والمفاضلة بين الأمور، كما تعنى شعور الفرد بقيمته وأهميته لتحمل نتائج أفعاله. وهذا يعنى أن الإنسان أو المواطن لا يكون مسئولا مسئولية كاملة في حالة قيامه ببعض الأفعال التي أنجزها في ظل ضغوط داخلية أو خارجية.
فالقوة التي قد تفرض على الشخص القيام بأدوار وجهود معينة تقود إلى تآكل مسئوليته عن أفعاله (21).
وهناك ثلاثة أنماط من القيود التي تحد من حرية الفرد، ومن ثم تجعل مسئوليته الاجتماعية ناقصة إلى حد كبير.
الأول، القيود التي تفرضها الثقافة، فإذا تبنى بعض الأفراد بعض القيم أو القناعات الثقافية ذات الطبيعة الجامدة.
والتي تصرفهم عن فهم احتياجات الواقع الاجتماعي، فإن من شأن هذه القناعات أن تقلص قيامهم بمسئولياتهم الاجتماعية مثال على ذلك أعضاء الجماعات الدينية المتطرفة. الذين تفرض عليهم قناعاتهم الثقافية ممارسة العنف والاعتداء على المجتمع، أو محاولة جذبة إلى الخلف، أو إلى نوع من الماضوية المرفوضة.
إذ نجدهم بذلك يتخلون عن مسئوليتهم الاجتماعية تجاه المشاركة في مجتمعهم والعمل على تطويره، وذلك لكونهم يريدون نزع المجتمع عن عصره وعن حاضرة وعالمه. وبنفس المنطق يعمل العلمانيون المتطرفون، الذين يسعون إلى نقل الثقافة ومنظومات القيم الغربية لكى تسير وتنظم التفاعل في مجتمعاتنا، معتدين بذلك على هويته غير عابئين بتراثه.
إنما هم يفرضون قيوداً على مسئولياتهم الاجتماعية، لكونهم يعبثون باستقلالية مجتمعهم، ويدفعونه إلى تبعية لا فكال منها، إضافة إلى تخليهم عن تراثهم وهويتهم ومن ثم انتمائهم، فالانتماء هو الطاقة الدافعة عادة للقيام بالمسئولية الاجتماعية.
ويتمثل النمط الثاني، فى تلك القيود التى تفرضها الأنظمة السياسية أو الحكومات على المواطنين فتقلص حريتهم، ومن ثم تنتقص ركن من أركان مسئوليتهم الإجتماعية. مثال على ذلك الممارسات السياسية او الإقتصادية التى قد تتبناها الحكومات، دون ان تأخذ فى الأعتبار مضامين الرأى العام، أو إذا تمادت فقلصت حرية التعبير، فى هذه الحالة فإنها تضر بالمسئولية الإجتماعية. ويدخل فى هذا الإطار الضغوط الإقتصادية التى يتعرض لها البشر فى المجتمع، والتى تلعب دوراً فى تقليص مساحة حركة البشر وحرياتهم.
والتى قد تصل أحيانا إلى حرمانهم من المشاركة، أو التى إذا تزاوجت مع مظاهر الفساد فى المجتمع، فإن ذلك من شأنه أن يضع قيوداً على حرية البشر، فى التحرك للحصول على الفرص التى من حقهم، الأمر الذى قد يؤدى إلى كثير من مظاهر الإحتجاج الإجتماعى (22).
التى تبدأ باللامبالاة والإنسحاب وتنتهى بالتمرد والرفض، وهى سلوكيات تعوق جميعها القيام بالمسئولية الإجتماعية فى مستوياتها السوية. ويتصل النمط الثالث من القيود بتلك القيود التى تنبع من داخل الشخصية، إذ يحدث أن تتكاثر فى فترات التحول الإجتماعى التى تمر بها بعض المجتمعات بعض شرائح البشر، بخاصة على مستوى النخبة الإجتماعية، التى تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة تعبيراً عن عواطف أنانية وغير إيثارية.
وذلك على حساب المصالح العامة للمجتمع، الأمر الذى يسقط التزام هؤلاء البشر نحو القيام بمسئولياتهم الإجتماعية نحو مجتمعهم، إضافة إلى أنه ينشر عدوى عدم التزام شرائح واسعة من المواطنين بمسئولياتهم الإجتماعية، الأمر الذى يؤدى فى النهاية إلى إضعاف المجتمع (23).
5. الإرادة : تعبر الإرادة عن جوهر الشخصية الإنسانية وتتأسس الإرادة إستناداً إلى الخبرات الإنسانية المتناقضة، والتى تضم اللذة والألم والخوف والأقدام والحب والكراهية بإعتبارها الأبعاد أو الجوانب التى تتحرك عبرها الشخصية الإنسانية (24).
ونظراً للطبيعة المتناقضة للخبرات الإنسانية، فإن ميل الإنسان إلى أى منها يكون عادة بإرادته، وحركة الإرادة بين المتناقضات ضمن شفرة الفطرة الإنسانية.
إرتباطا بذلك هناك إتجاهات عديدة لمحاولة فهم أصل الإرادة الإنسانية، فهناك المصدر الدينى الذى يرى أن الإنسان هو مصدر إرادته، بإعتباره مستخلف من الله، عملاً بقوله تعالى فى كتابه الكريم “وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إنى أعلم ما لا تعلمون” البقرة الآية 30 ، وقوله تعالى “قلنا أهبطوا منها جميعاً فإما ياتينكم منى هدى فمن تبع هدى فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون” سورة البقرة الآية 38.
وقوله تعالى “يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم. فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره. ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره” سورة الزلزلة الآيات 6،7،8. وقوله تعالى “ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين. وهديناه النجدين” الآيات 8،9،19. بذلك يؤكد المصدر الدينى على الإراداة الإنسانية. فالإنسان سيد إرادته بحكم إستخلافه تارة، وبحكم التمييز له تارة ثانية. وتشكل الفلسفة المصدر الثانى للتآكيد على الإرادة الإنسانية، حيث يذهب الفكر النفعى على أن الإنسان فى حالة الطبيعة هو منشئ فعله. وهو وأن كان يؤسس فعله لتحقيق نفع ذاتى، إلا أن هذا الفعل يصبح ذو طبيعة إجتماعية تسعى لنفع الآخرين.
فى هذا الإطار يصور “جون ستيورات مل” إنسان ينصف غيره ويعدل بين نفسه والآخرين عند توزيع المنافع. ويتجه بالخير وجهة إجتماعية خالصة، ومن ثم فقد أقام الصلات بين سعادة الفرد وسعادة المجموع، وأوجب أن يضحى الفرد بسعادته من أجل المجموع. وبذلك أقر – جون ستيورات مل – الغيرية وأباح التضحية بشرط أن تكون آداه لخدمة المجموع، وأكد أن بوسع الإنسان أن يعمل على إسعاد الآخرين، دون أن يكون فى ذلك مصلحة له. ذلك ما يفعله البطل الشهيد، الذى يضحى بنفسه فى سبيل الآخرين طائعاً مختاراً (25).
وقد أكدت الفلسفة الوجودية بوضوح بعد ذلك على الفعل والإختيار والإرادة الإنسانية، وهو ما يعنى أن الإرادة هنا تشكل بعدا أساسياً فى بناء المسئولية الإجتماعية.
بالإضافة إلى ذلك توجد بعض الإتجاهات النظرية، التى ترى أن الإرادة الفردية إستوعبها الفرد من المجتمع. فمن خلال عملية التنشئة الإجتماعية ليستوعب الإنسان القيم والسلوكيات المجسدة لأهداف المسئولية ووظائفها فى المجتمع. فكأن الإرادة الفردية هى من صنع المجتمع، وفى هذه الحالة فإن قيام الفرد بأدواره المختلفة ومسئوليتة الإجتماعية، يصبح مطلبا أو لزومية إجتماعية عليه الوفاء بها. إذا تحقق ذلك فإنه بذلك ينسق حركة المجتمع ويدعم هذه الحركة، وإذا خالف مسئوليتة الإجتماعية، فإن ذلك قد يستوجب عقاب المجتمع.
وهو ما يعنى أن المسئولية الإجتماعية التى يضطلع بها الفرد إنما هى غرس أو إستنبات إجتماعى على ساحتة ولو بصورة غير مباشرة.
6. العقــل والوعــى: يعد العقل مكونا أساسياً من مكونات المسئولية الإجتماعية، وذلك أن أداء المسئولية الإجتماعية يتطلب كائنا عاقلاً، وهذا يعنى أن المسئولية الإجتماعية لا تقع على المجنون أو المعتوه. لذهاب عقله وقصور إدراكه، كما أنها لا تقع على الطفل لعدم إكتمال نموه العقلى والنفسى والإجتماعى (26).
والتأكيد على العقل بإعتباره احد مكونات بناء المسئولية الإجتماعية، يرجع إلى أن العقل هو الذى يختزن خبرات الماضى، التى تشكل تراكما معنويا يساعد الإنسان على ترشيد آدائه لمسئوليتة الإجتماعية (27).
كما أن الإنسان يستطيع بواسطة العقل إكتساب وإستيعاب المعرفة الحديثة التى تساعده على تحديد اهداف مسئوليتة الإجتماعية بدقة، وكذلك الوسائل التى تساعده فى تحقيق هذه المسئولية، وهو ما يعنى أن المعرفة تضفى الطابع العقلانى على المسئولية الإجتماعية للفرد.
بالإضافة إلى ذلك فإنه بواسطة العقل، يستطيع الإنسان أن يصل إلى درجة من الوعى الموضوعى. الذى على أساسه يمارس مسئوليته الإجتماعية، وعن طريق ممارسة البشر فى المجتمع مسئولياتهم الإجتماعية، بوعى يستند إلى إعمال العقل.
فإن الحياة الإجتماعية فى المجتمع تصبح متوازنة، أى تمارس التفاعلات الإجتماعية على أساس من التوقع وكذلك التكامل دون أن تخضع لآية عشوائية. بحيث لا تسقط حياة المجتمع أسيرة الانفلات وعدم الإنضباط، والسقوط فى إطار حالة من الفوضى الإجتماعية، أو قد تسقط أسيرة التطرف والقهر المفروض.
الذى من شأنه أن يعطل القدرة على أداء الأدوار الإجتماعية إستناداً إلى مرجعية المسئولية الإجتماعية الأمر الذى يعوق تحقيق التوازن الإجتماعى (28)
كما يعوق إنجاز عملية التنمية والتحديث. ذلك يعنى أن وفاء المواطن بمستوياته الإجتماعية يتطلب عدم تعرضه لما يشوه وعيه، ويتشوه الوعى بالمسئولية الإجتماعية نتيجة لعدم الشفافية وإتاحة المعلومات. لآن الوفاء بالمسئولية الإجتماعية يكون عادة نتيجة الوضوح بأوضاع وأحوال السياق الإجتماعى التى تؤدى فى إطاره المسئولية الإجتماعية.
كذلك قد يلعب الإعلام دوراً أساسياً فى تشويه الحقائق المتعلقة بالمجتمع، الأمر الذى قد يدفع الأفراد إلى آداء مسئولياتهم الإجتماعية، بمستوى الحد الأدنى إذا هم إكتشفوا أن الحقائق التى لديهم عن مجتمعهم ليست صحيحة.
7. توازن الحقوق والواجبات: ذلك يعنى أن المسئولية الإجتماعية هى عبارة عن عملية تبادل متوازنه بين الحقوق والواجبات، وفى هذا الإطار نجد أن للمسئولية الإجتماعية طرفين، كلاهما يتبادل مع الآخر قيما، ذات طبيعة مادية أو معنوية، وهو ما يشير إلى أن كلاهما لديه مسئولية إجتماعية تجاه الآخر.
بحيث يؤكد ذلك أن بناء المسئولية الإجتماعية يتشكل عادة من حزمة من الواجبات إلى جانب حزمة من الحقوق. وأنه إذا قام أحد الأطراف بمسئوليته الإجتماعية، بأن يؤدى واجباته، فإنه من المؤكد أنه سوف يحصل أو حصل فى المقابل على حقوقه. وفى كثير من الأحيان نجد أن الواجبات الإجتماعية هى الوجه البارز او الظاهر للمسئولية الإجتماعية، بينما الحقوق قد تكون ظاهرة او كامنة أو متضمنة.
غير انها من المؤكد تشكل بعداً محوريا فى بناء المسئولية الإجتماعية. مثال على ذلك أنه إذا كان على الفرد مسئولية إجتماعية تفرض عليه واجبات معينة تجاه العائلة أو أى جماعة أو المجتمع، فإن ذلك يكون فى مقابل عضويته داخل العائلة أو الجماعة أو المجتمع. فإذا كانت عليه واجبات بحكم مسئوليتة الإجتماعية تجاه أى من هذه التكوينات الإجتماعية، فإن ذلك لأن أى منها منحه كثيراً من الحقوق، مثل منحه حق المواطنة، إضافة إلى تطوير نوعية حياة ملائمة له. إلى جانب توفر فرص الحياة الكثيرة له ولأولادة، كفرصة الحصول على عمل ودخل، والحصول على ما يشبع إحتياجاته الأساسية فى المجتمع، إضافة إلى منحه حقوق التعبير الحر والمشاركة.
8. وظيفة المسئولية الإجتماعية: ما دام للمسئولية الإجتماعية بناء فإنه من الطبيعى أن تكون لهذه المسئولية وظيفة إجتماعية أساسية، بالنسبة للفرد والمجتمع. فعلى المستوى الفردى، فإننا نجد أن وفاء الإنسان وإنجازه لمسئولياته الإجتماعية يعد مدخلاً لتحقيق حالة الإستقرار الإجتماعى، وهنا ندرك أن آداء المسئولية الإجتماعية، له وظائفة على ثلاث مستويات. المستوى الأول هو المستوى الفردى، وذلك يرجع إلى أن آداء الفرد لمسئولياته وأدواره الإجتماعية يجعله يحس بالرضاء الإجتماعى.
فالإنسان بطبيعته يشارك فى الحياة الإجتماعية، لكى يكسب الأعتراف والقبول الإجتماعى. فإذا إفترضنا أن غالبية البشر فى المجتمع يؤدون مسئولياتهم الإجتماعية، فإن ذلك سوف ينعكس على هيئة إستقرار إيجابى للمجتمع. وأن القيام بالمسئولية الإجتماعية سوف يعنى فى المقابل توفير ما يشبع الحاجات الأساسية للإنسان فى المجتمع (29).
وفى الدائرة الأوسع قليلاً وهى التى تتشكل من الجماعات التى يشارك فيها الفرد، فإن قيام الإنسان بمسئولياته الإجتماعية من شأنه أن يعمل على تأكيد تماسك بنية الجماعات التى يشارك فيها الإنسان. بحيث تكون هذه البنية فى المقابل قادرة على إشباع الحاجات الإساسية لينجز مسئولياته الإجتماعية.
وهو ما يعنى أن الوظيفة الظاهرة للمسئولية الإجتماعية تعنى إتجاه المواطن لآداء واجباته بما يدعم الجماعة، التى تتلقى مضامين الإسهام الناتج عن آداء الواجبات. بينما تتمثل الوظيفة الكامنة فى تلقى المواطن الذى أنجز مسئوليتة الإجتماعية، حقوقه التى تشبع حاجاته الأساسية، بإعتباره عضوا فى الجماعة أو مواطنا فى المجتمع الأمر الذى يحقق قدراً من التماسك والإستقرار الإجتماعى. (30).
ومن شأن التزام الفرد والمجتمع بمعايير المسئولية الإجتماعية، أن يؤكد حالة الإستقرار والتكامل الإجتماعى، بينما إذا حدث إخلال فى القيام بالمسئولية الإجتماعية، كأن يؤدى الفرد الواجبات التى تفرضها مسئوليته دون أن يحصل على حقوقه.
فإن ذلك من شأنه أن يضر بتوازن المسئولية الإجتماعية، ويدفع إلى الخروج على المجتمع من اجل أن يحصل الفرد على حقوقه الأساسية ويتحقق الإستقرار الإجتماعى إذا وقع تبادل لجناحى المسئولية الإجتماعية بين الفرد والمجتمع.
9. المسئولية الإجتماعية، حقيقة متطورة: حسبما أشرت فنحن نعيش فى عصر لا ثبات فيه، كل مفاهيمة ومتغيراته قابلة للتغير أو التطور، ونقول بالتطور لأن الخبرة الإنسانية، تفرض علينا أن ندرك الحقيقة الإجتماعية بإعتبارها ذات حقيقة منكشفة. (31).
ومن خلال البعد الثانى فإننا نجد أن المسئولية الاجتماعية قد تطورت بإتجاه الإتساع حيث نجد أنه فى المراحل الأولى من تاريخ التطور الإنسانى، فإن المسئولية كانت محددة بالأطر المباشرة للفرد. حيث كانت مسئولية الفرد تجاه الأسره، والعائلة أو الجماعة القرابية، ثم تطورت بعد ذلك وإتسعت فى المرحلة التالية، ففى المرحلة الإقطاعية، تحددت المسئولية الإجتماعية للفرد بحدود المجتمع المحلى. ذلك بالإضافة إلى مسئولية الفرد عن التكوينات الإجتماعية السابقة الأدنى من المجتمع المحلى.
وفى المرحلة الحديثة، ومع قيام الدولة القومية إتسع نطاق المسئولية الإجتماعية، فأصبح فى مواجهة المجتمع العام بمعنى Society. حيث للمجتمع حقوق على الفرد، تتحول إلى واجبات مفروضة عليه الوفاء بها بحكم مواطنته فى هذا المجتمع. وإذا كانت المراحل الأولى السابقة على الدولة القومية تحدد المسئولية الإجتماعية بإعتبارها بنية من الواجبات نحو الجماعة القرابية أو الإثنية التى ينتمى إليها الفرد.
فإن المراحل الحديثة والمعاصرة من التاريخ بدأت تشهد إزدواجية بنية المسئولية الإجتماعية، بإعتبارها واجبات على الفرد أن يؤديها تجاه المجتمع الذى تضبط إيقاع تفاعله الدولة القومية، وهى حقوق للمجتمع على الفرد، مؤكدة بالمواثيق الدستورية والتشريعية وحارسة عليها المؤسسات السيادية فى المجتمع (32).
10. مؤسسات التنشئة على المسئولية الإجتماعية: برغم أن مؤسسات التنشئة على المسئولية الإجتماعية لا تعتبر ضمن مكونا بنائها، غير أنها تلعب دوراً محوريا كآلية لتأسيس وترسيخ أسس المسئولية الإجتماعية فى بنية شخصية المواطن، فهى تتولى تدريب النشئ على تحمل المسئولية، وهو التدريب الذى يتم فى الغالب بصورة تدريجية، وعلى مساحات محدودة ومتتابعة من بنية المسئولية. وإذا إتفقنا على أن مؤسسات التنشئة الإجتماعية تضم الأسرة والمدرسة والإعلام وتكنولوجيا المعلومات.
فإننا نجد أن الأسرة هى التى تلعب الدور الأول – تقليديا – فى هذا الصدد، حيث تتولى تعريف الطفل بمساحات محدودة من المسئولية الإجتماعية. وغالبا ما تبدأ ببنية الواجبات، لأن المكون البيلوجى للطفل فى مرحلة البداية يحتاج إلى وضع حدود أو قيود عليه، تشكل مدخل لتكون ما يعرف بعد ذلك بالواجبات.
وهى تغرس دائماً الواجبات متضافرة مع بعض الحقوق التى تحقق له بعض الإشباعات. وهو ما يعنى أن البذور الجنينية للمسئولية الإجتماعية تبدأ فى نطاق الحياة الأسرية، وتنجح الأسرة عادة فى تنشئة الطفل على مفردات المسئولية الإجتماعية.
لأن غرسها لحزمة الواجبات يكون عادة مصحوبا بالعواطف الأسرية ذات الطبيعة الوجدانية، وهو ما يجعل الطفل يستوعبها بسهولة ويسر، ويصبح محببا إلى نفسه أن يقوم بهذا القدر المحدود من المسئولية الإجتماعية (33).
ثم تأتى المدرسة ضمن النظام التعليمى بمراحله المتتابعة، ليتولى تدريب الأبناء على مساحات جديدة من تحمل المسئولية الإجتماعية، وهى عادة المساحات التى تقع على التخوم بين الأسرة والمجتمع العام، بحيث تفرض عليه المدرسة عناصر جديدة للمسئولية تتعلق بقيم المواطنة، وتوجهات الإنسان وواجباته تجاه مختلف مجالات المجتمع العام.
وفى هذا الصدد فإننا نجد أن كل مرحلة من المراحل التعليمية تضيف إلى التأهيل على القيام بالمسئولية الإجتماعية قيمة مضافة تضاف إلى ما قبلها. حتى تنتهى إلى المرحلة الجامعية، حيث يصبح الإنسان أو يقترب من كونه بالغا عاقلاً Adult ، ومن ثم فإذا تخرج من الجامعة، فإنه يصبح مواطنا يمكن أن يضطلع بمسئوليته الإجتماعية كاملة. ومن لم يلتحق بالنظام التعليمى فإن المجالات المهنية التى يلتحق بها تدربه عادة على تحمل المسئولية الإجتماعية، وفى هذا الإطار قد يحدث تشويه فيما يتعلق بالتدريب والتنشئة على المسئولية الإجتماعية (34).
ويشكل الإعلام وتكنولوجيا المعلومات المؤسسة الأخيرة التى تدرب الإنسان على مسئولياته الإجتماعية، ونظراً لأن الإعلام أصبح اليوم تحت سيطرة القوى العالمية المسيطرة على نظامنا العالمى، فإننا نجد أن الإعلام وتكنولوجيا المعلومات تطور مفهوم المسئولية الإجتماعية وتنشئ عليه فى إتجاهين.
الأول قومى أصبح الإعلام والتكنولوجيا المعاصرة يؤكد على جانب الحقوق أكثر من تأكيده على بعد الواجبات، الأمر الذى فرض أعباء على الدولة القومية عليها الوفاء بها تجاه مواطنيها. وهو الأمر الذى دفع إلى هز الإستقرار الإجتماعى داخل حدود الدولة القومية، وبعد أن كانت هذه الدولة قهرية بالنسبة لمواطنيها، تفرض عليهم الواجبات دونما حقوق، أصبح المواطنون بمساعدة تنظيمات المجتمع المدنى، بخاصة المنظمات الحقوقية يؤكدون بإصرار على ضرورة حصولهم على حقوقهم فى كافة الإتجاهات (35).
ويتصل الإتجاه الثانى بفاعلية الإعلام وتكنولوجيا المعلومات فى إتجاه تطوير بعد عالمى للمسئولية الإجتماعية. فقد أصبح على المواطنين فى مختلف الدول القومية أن يطوروا بعض الأهتمامات بالتفاعلات العالمية التى أصبحت فى مسئوليتهم الإجتماعية، تأكيداً لذلك إستنفار الشعوب تجاه أحداث عالمية معينة.
كالحرب على غزة، أو رفض العنصرية كما حدث فى مؤتمر “دربان 2” بسويسرا وذلك يعنى أن البشر على الصعيد العالمى بدأوا يطورون مواقف تعبر عن مسئوليتهم الإجتماعية والخلاقية تجاه قضايا وأحداث معينة. هذا إلى جانب أن واقع العالم بدأ يشهد وجود جاليات أجنبية على أرض مختلف المجتمعات، بخاصة المجتمعات الأوربية.
الأمر الذى يدفعها إلى تطوير نوع من المسئولية الإجتماعية المزدوجة تتوازى مع الجنسية المزدوجة، فلديهم مسئوليات اجتماعية تجاه أوطانهم السابقة، كما أن لديهم بنفس القدر لديهم مسئولياتهم الاجتماعية نحو الأوطان التي يقيمون فيها (36).
ذلك يعنى أن الإعلام أصبح يلعب دوراً محوريا فى تعيين حدود المسئولية الإجتماعية على الصعيد القومي. بما ينتجه من قيم مضافة كما تحققه مؤسسات التنشئة الإجتماعية العديدة والمتتابعة، كما أنه يتحرك بالإضافة إلى تكنولوجيا المعلومات بإتجاه تأسيس أبعاد عالمية فى بنية المسئولية الاجتماعية لمواطني الدولة القومية.
رابعا :- المجتمع يتولى تعيين المسئولية الاجتماعية:
ويقف هذا الموقف موقفا مناقضا من الموقف السابق، يؤكد أن تعيين المسئولية وتحديد طبيعتها يأتى من خارج الإنسان بالأساس. وإذا كان الإنسان هو الكائن العاقل، فإن تعيين المسئولية يرتبط بدرجة عالية من العقلانية.
وإذا كانت الفلسفة المثالية عند هيجل تؤكد أن الكون رشيد بطبيعته، وأن تطوره يعتمد على نشر العقلانية فى الواقع، حتى يتطابق مع مقتضيات العقل الكونى. فإن ذلك يعنى أن عقلانية الإنسان تتأكد إذا تطابقت مع العقل الشامل أو عبر عنه. وأن الرجال العظماء فى التاريخ هم الذين تكيفت عقولهم مع متطلبات هذا العقل الكونى أو الفكرة المطلقة. وفى هذا الإطار تستند مسئولية الإنسان إلى مستوى عقلانيته، وإذا كانت عقلانيته تأتيه من خارجه، فإن ذلك يعنى أن مسئوليته تعين له، أو بالأصح تفرض عليه.
ولذلك يرفض هذا الموقف تحديد المسئولية الإجتماعية بإعتبار أن دافعيتها من داخل الإنسان، أو هى عقلانية ومسئولية محتمة بيلوجيا، أو محتمة بعوامل ليست إجتماعية مرفوضة. وفى هذا الإطار نجد أن السلوك أو الدور ينجز فى ظل شروط موقفية، لا سيطرة للإنسان عليها. وفى هذا الإطار يصبح من أهم لزوميات السلوك العقلانى أو المسئول، أن يتوفر لدى الفاعل فهم كامل للشروط الموقفية المتصله بمسئوليته الإجتماعية وسلوكه (37).
وإذا كان هذا الموقف يؤكد على أهمية أن يتوفر لدى الإنسان الفهم الكامل لطبيعة وحدود المسئولية التى عينت له، فإن ذلك يعنى أيضا أنه من الضرورى أن يعمل وفقا لمتطلباتها.
وإذا كان الإتجاه السابق قد ربط العقلانية بمرجعيتها البيلوجية وجعل المسئولية فردية مرتبطة بعقلانيتها، وهى المسئولية التى قد ترتقى لتصبح ذات طبيعة إجتماعية. فإن الموقف الأخير يعتبر أن المجتمع يعتبر المرجعية الأساسية لتعيين المسئولية الإجتماعية، وذلك بإعتبار أن المجتمع هو الذى يحدد القواعد الحاكمة أو المحددة للمسئولية من خارج الفرد.
فالمسئولية معينة للفرد، غاياتها ووسائلها معينة كذلك، إضافة إلى حزمة الحقوق والواجبات المرتبطة بها. وهو الأمر الذى يشكل جوهر الخلاف بين المسئولية الفردية والمسئولية الاجتماعية (38).
إرتباطا بذلك فإن نسق الثقافة والقيم فى المجتمع هو الذى يتضمن تحديد طبيعة المسئولية الإجتماعية، التى ينبغى أن يقوم بها الفرد إستناداً إلى موقعه بناء المجتمع، أى استنادا إلى المكانة التى يشغلها والأدوار التى يقوم بها.
حيث نجد أن نسق الثقافة والقيم فى المجتمع يحدد المسئولة الإجتماعية للأفراد بصورة مزدوجة، فهو من ناحية يحدد الأهداف أو المهام أو الوظائف، التى تسعى المسئولية لإنجازها فى المجتمع، وهى وظائف أو غايات ذات طبيعة إجتماعية بالأساس.
إضافة إلى أنه يحدد مجموعة القواعد التى تضبط وفاء الأفراد بمسئولياتهم الإجتماعية، ثم يقرر الجزاء الإجتماعى المرتبط بطبيعة ومستوى وفاء الفاعل بالمسئولية المعينة له (39). وفى هذا الإطار فإن المسئولية الاجتماعية للمواطن تسترد عقلانيتها إذا أدرك الفرد مدى إرتباط مسئوليته بمسئوليات الآخرين فى المجتمع. ثم كيف تتآزر هذه المسئوليات الفردية، مسئوليته متضافرة مع مسئوليات الآخرين، لتساهم فى تحقيق وظائف نسقية مرتبطة ببناء المجتمع ككل. كما تسهم فى إستمرار المجتمع مستقراً ومتمتعا بحيويته فى ذات الوقت (47).
فى هذا الإطار فإننا نجد أن هذا الموقف يذهب إلى أنه إذا كانت المسئولية معينة للإنسان من خارجه، عليه أن ينجز التزاماتها، فإن قيام الفرد بمسئولياته المختلفة يستند إلى التحديد الثقافى والمعيارى لذلك.
حيث نجد أن الفرد من خلال عملية التنشئة الإجتماعية يستوعب المعايير المختلفة، التى تولد لديه إستعدادات معينة للإضطلاع بمسئوليات محددة.
إضافة إلى تعيين هذه المسئولية، وفرضها عليه من الخارج، ومن ثم فهو مرتبط من داخله ومن خارجه بالمسئولية المعينة له.
حيث نجد أنه فى حالة عدم قيامة بالتزامات مسئوليته، فإن ذلك يفرض عليه معاناه وخز ضميره الداخلى،
كما يعرضه لمواجهة عقوبات من الخارج لعدم وفائه بمتطلبات مسئوليته الإجتماعية، وهو ما قد يعرض الإنسان لتوتر ومشقة على ساحة شخصيته.
2. تحديد التنظير الحقوقي لطبيعة المسئولية الاجتماعية
مع بداية العقد الأخير من الألفية الثانية برز التنظير الحقوقى كمدخل لفتح أبواب المشاركة أمام الجماهير وتدريبهم على تحمل مسئولياتهم، وقد إرتبط بروز المدخل الحقوقى مع صعود نجم تنظير المجتمع المدنى
وبخاصة المنظمات الحكومية، ودورها فى التنمية من أسفل، أى من الجماهير، وتراجع دور الدولة القومية كفاعل تنموى فشلت غالبية تجارب التنمية التى قادتها. ذلك يعنى أن ظهور هذا المدخل إرتبط من ناحية بعدم فاعلية كافة أشكال التنمية المفروضة من أعلى.
والتى تجعل بنية المسئولية الإجتماعية بنية غير متوازنة، حيث تنفصل الحقوق عن الواجبات ضلعى المسئولية الإجتماعية.
فى نطاقها فرضت الدولة على المواطنين واجبات فى مواجهة إعتراف ضعيف بالحقوق التى ينبغى أن يحصل عليها المواطنين، العاجزين فى مواجهة الدولة العاتية فى قوتها.
ولهذا السبب ولضعف الدولة وفشل تجاربها التنموية كما أشرت حدث إنقلاب فى الفكر التنموى، حيث برز تنظير يؤكد على ضرورة أن تبدأ التنمية من أسفل، فى هذا الإطار عملت بعض تنظيمات المجتمع المدنى بإتجاه تطوير وعى البشر بأهمية قيادتهم للتنمية لتحسين أوضاعهم.
وهو ما عرف بالتنمية المستدامة، ولكى يشاركوا فى تطوير أوضاعهم، فإنه من الضرورى أن يكونوا على وعى كامل بحقوقهم والتزاماتهم.
وقد ساعد على تبلور وترسخ هذا النمط من التنظير من ناحية ثانية بتراجع دور الدولة، وتراجع بطشها تحت وطأة رقابة مؤسسات النظام العالمى.
بحيث أتاح ذلك الساحة أمام المواطنين لأخذ زمام المبادرة، لتطوير أوضاعهم وفرض الرقابة على أجهزة الدولة، وتوجيهها لخدمة مصالحهم بتأهيل وتوجيه من تنظيمات المجتمع المدني. غير أن ذلك لم يتم بصورة عشوائية ولكنه – أى التأكيد على المدخل الحقوقى – تبنى الطابع المؤسسى، من طرفين متقابلين.
حيث نجد على أحد الأطراف تنظيمات المجتمع المدنى، بخاصة المنظمات غير الحكومية التى تعبر عن روحه وجوهرة، والتى تولت تدريب الجماهير على تحمل مسئولياتها الإجتماعية، وحتى يمكن أن يتحمل مسئولياتها الإجتماعية فإنه من الضرورى أن يمتلك المواطن الوعى بحقوقه ووجباته، وهو الطرف المقابل فى التفاعل مسئوليته الإجتماعية.
ومن ثم فإلى جانب أن تنظيمات المجتمع المدنى عملت بإتجاه تمكين الفئات الإجتماعية المهمشة إقتصاديا وسياسيا، فإنها عملت كذلك على تطوير وعيها الإجتماعى والسياسى والقانونى، بما يؤسس لديها مسئولياتها الإجتماعية بإتجاه المشاركة الفعاله على كافة الأصعدة.
ذلك يدفعنا إلى البحث عن الفاعل الذى يتولى – استنادا إلى المدخل الحقوقى – تطوير نوعية حياة الفقراء بما يجعلها قادرة على إشباع إحتياجاتهم الأساسية، من خلال تدريبهم وتنشئتهم وتطوير وعيهم بحقوقهم وواجباتهم.
فى هذا الإطار نجد أن تنظيمات المجتمع المدنى من خلال مسئوليتها الاجتماعية عن التنمية الإجتماعية المستدامة، التى تبدأ من الجماهير هى الفاعل الذى يعمل فى إتجاه تطوير إمكانيات الفقراء وقدراتهم،
وتأكيد ثقتهم بأنفسهم وأحقيتهم فى فرص الوطن، إلى جانب أن هذه المنظمات تعمل فى إتجاه تمكين هؤلاء المهمشين والفقراء إقتصاديا وإجتماعيا.
إضافة إلى ذلك نجدها تعمل على تطوير وعيهم الحقوقى فى مختلف المجالات الإقتصادية والسياسية والإجتماعية، فى مقابل توعيتهم بضرورة الوفاء بواجباتهم كاملة.
لأن القيام بهذه الواجبات يعد المدخل الحقيقى للحصول على الحقوق، وأن ذلك يشكل النواة الصلبة لمسئولياتهم الاجتماعية.
فالقيام بالواجبات يشكل المدخلات بينما الحصول على الحقوق يشكل المخرجات من وجهة نظر هذا المدخل. وفى هذا الإطار نجد أن تنظيمات المجتمع المدني تلعب دورها فى مساندتهم على إدراك واجباتهم، والوقوف إلى جانبهم للحصول على حقوقهم، بما يجسد بعدى مسئوليتهم الاجتماعية (48).
فالمسئولية الاجتماعية الناقصة للجماعة تتميز بأن توازن الحقوق والواجبات لغير صالح الحقوق ولصالح الواجبات، بمعنى أن الجماعة تقوم بواجبات أكثر من الحقوق التي تحصل عليها. أما المسئولية الاجتماعية الفائضة، فتعنى أن بعض الجماعات تحصل على حقوق اكثر مما تؤدى من واجبات.
ذلك يعنى أن تباين الجماعات من حيث طبيعة المسئولية الاجتماعية، من المحتمل أن يكون سببا في اندلاع حالة الصراع الاجتماعي بين الجماعات من ناحية، أو بينها وبين النظام السياسي من ناحية ثانية. وتذهب الحقيقة الثالثة إلى تباين الجماعات المشكلة لبناء المجتمع إلى ثلاثة أنماط من الجماعات.
أول هذه الأنماط هى الجماعات الإثنية أو الأرثية، حيث العضوية فى هذه الجماعات تكون عادة بالمولد، كالجماعة القرابية والجماعة العرقية والجماعة الدينية. ونظراً لأن هذا النمط من الجماعات هو الذى يخلع على الفرد بعض هويته،
فإن الإنتماء لهذا النوع من الجامعات يكون أقوى، إلى الدرجة التى يرى فيها الفرد أنه من الإيجابى أن يمنح الجماعة مضامين واجباته نحوها دون إنتظار للحصول على حقوق بنفس القدر، ومن ثم يكون إنتماؤه أقوى لهذا النمط من الجماعات.
على خلاف ذلك نجد الجماعات ذات الطبيعة التنظيمية كالمدرسة والجامعة ومؤسسة العمل، حيث ينتظم الأفراد فى هذا النمط من الجماعات كمدخل لتنظيم المجتمع.
3. المسئولية الإجتماعية للقطاع الخاص:
مع تحول مجتمعات العالم إلى الأيديولوجيا الليبرالية، حيث أصبحت الأيديولوجيا الليبرالية هى الموجه للفعل والآداء بالنسبة لغالبية مجتمعات الجنوب وأوربا الشرقية منذ بداية الستينيات، بعد أن توارت إلى خلفية المسرح العالمى الأيديولوجيا الإشتراكية. وقد كان من الطبيعى أن يتضافر هذا التحول الأيديولوجية مع تحولات واقعية دفعت بالقطاع الخاص إلى مركز الصدارة فى قيادة عملية التنمية والتحديث فى هذه المجتمعات.
فى هذا الإطار بدأت مناقشة المسئولية الإجتماعية للقطاع الخاص، خاصة بعد أن أتسعت فاعليته، لتصبح ذات طبيعة عالمية بإنتشار صيغة الشركات المتعددة الجنسية، وتضافرها مع موجات العولمة.
التى إنطلقت من السياقات الإجتماعية الإقتصادية للقوى الكبرى المسيطرة على النظام العالمى، مع ما صاحبها من إتساع رقعة التهميش الإجتماعى سواء على الصعيد العالمى أو على صعيد مجتمعات الجنوب. الأمر الذى أثيرت معه قضية هامة تتمثل فى أنه إذا كان العالم قد تحول إلى سوق كبيرة يجنى منها القطاع الخاص أرباحة التى يحصل عليها من مصادر أو موارد أساسية فى هذا العالم،
فإن على القطاع الخاص مسئولية إجتماعية بأن يعمل على توجيه جزء من أرباحة إلى السياقات الإجتماعية التى تشكل بيئته ليعمل على تطويرها، بما يجعلها باقية كبيئة مواتية له على الصعيد الإقتصادى والإجتماعى والسياسى والثقافى.
على هذا النحو برزت اهمية المسئولية الإجتماعية لرجال الأعمال او القطاع الخاص على صعيد الفكر الإقتصادى والتنموى. إستناداً إلى ذلك رأى التنظير الإجتماعى المهتم بالمسئولية الإجتماعية أن القطاع الخاص تقع عليه المسئولية الإجتماعية لتطوير أوضاع المهمشين والفقراء وأن عليه أخلاقيا أن بمتطلبات هذه المسئولية، التى تصدر مستندة إلى أهمية إدراك المسئولين عن القطاع الخاص،
أنه كلما إرتقت نوعية الحياة بالنسبة لمختلف فئات المجتمع، كما أتسع نطاق السوق، الأمر الذى يعنى تدفقا للسلع وعائدا أكبر من الأرباح، وهو ما يعنى أن جهود القطاع الخاص فى تطوير نوعية الحياة فى المجتمع من خلال الدفع بنسبة من أرباحه فى المساعدة فى تمكين الفئات المهمشة، من المفترض أن يعود إليه بأرباح أكثرا ذلك أنه يعد واجهة إجتماعى مثلما هو واجب أخلاقى أن يعمل القطاع الخاص فى إتجاه ترقية الأوضاع المجتمع المدنى يعمل فى إطاره، لأنه بذلك يؤسس البيئة الآمنة والمواتية لممارسة نشاطة (59).
إستناداً إلى ذلك يعرف البنك الدولى المسئولية الإجتماعية للقطاع الخاص أو الشركات بإعتبارها ” إلتزام أصحاب الشركات والمؤسسات الصناعية والتجارية بالمساهمة فى التنمية المستدامة، من خلال العمل مع موظفيهم وعائلاتهم والمجتمع المحلى والمجتمع العام، لتحسين مستوى معيشة الناس بأسلوب يخدم التجارة ويخدم التنمية فى آن واحد” (60).
وإذا نحن قد تأملنا التعريفات السابقة فسوف نجد أن القطاع الخاص فى مجتمعات العالم الثالث ما زال متخلفا فى وعيه، فيما يتعلق بمفهوم المسئولية الإجتماعية بمعناها الواسع. حيث تشتمل هذه المسئولية على جوانب عديدة منها، الالتزام بالأنظمة والقوانين المتبعة، والإهتمام بالجوانب الصحية والبيئية، ومراعاة حقوق الإنسان وخاصة حقوق العاملين، والعمل بإتجاه تطوير المجتمع المحلى والالتزام بالمنافسة العادلة، والبعد عن الإحتكار وإرضاء المستهلك. ويرى عدد من خبراء المسئولية الإجتماعية،
أن على القطاع الخاص أن يعى بأن الوفاء بالمسئولية الإجتماعية له عائد إقتصادى على المدى الطويل. فيما يتعلق بهذه القضية أكدت دراسات كثيرة على أن الشركات التى تأخذ بمفهوم المسئولية الإجتماعية يزيد معدل الربحية فيها على 18% ، عن تلك الشركات التى لا تقوم بمسئولياتها الإجتماعية (61).
كما أوضحت الإحصاءات الدولية أن 86% من المستهلكين يفضلون الشراء من الشركات التى لديها دور فى خدمة المجتمع، وأن 70% من المستهلكين يرون أن المسئولية الإجتماعية لها دور مهم جداً فى نجاح هذه الشركات فى مشروعاتها. وأن 64% من المستهلكين يشجعون فكرة أن يكون الوفاء بالمسئولية الاجتماعية للشركات من معايير تقييم فاعلية آدائها على الصعيد الإقتصادى والإجتماعى (62).
وإذا كان القطاع الخاص فى المجتمعات الرأسمالية قد قطع شوطاً كبيراً على طريق التعرف على مسئوليته الإجتماعية، وهو يؤديها بكفاءة عالية تساعد فى نحقيق درجة عالية من الإستقرار الإجتماعى. فإن القطاع الخاص فى مجتمعاتنا العربية أو مجتمعنا المصرى بالتحديد لم يتعرف على مسئولياته الإجتماعية بعد، وذلك يرجع بطبيعة الحال إلى عوامل عديدة من أهمها ما يلى:
أ. عدم وجود ثقافة المسئولية الإجتماعية لدى معظم شركات القطاع الخاص، فقله من الشركات الكبرى هى التى تتبنى هذه الثقافة، فى حين تجهل بقية الشركات هذا المفهوم. هذا بالإضافة إلى أن الحديث عن المسئولية الإجتماعية للقطاع الخاص، يتطلب مستوى من الوعى الإجتماعى الملتزم ومنظومة قيمية ذات طبيعة عصامية فى الصعود الإجتماعى. هى التى ساعدت على تبلور مفهوم المسئولية الإجتماعية لرجال الأعمال فى التطور الغربى، ولم يتحقق ذلك لغالبية رجال الأعمال فى مجتمعاتنا.
ب. أن غالبية شركات القطاع الخاص فى محاولتها الأضطلاع بمسئولياتها الإجتماعية تكون جهودها عادة مبعثرة ووقتية وعشوائية، الأمر الذى لا يتيح لها تحقيق الأهداف المتعلقة بالمسئولية الإجتماعية، وتتداخل أحيانا مع السلوكيات الخيرية. فى هذا الإطار تحتاج الجهود المجسدة لمعانى ومضامين المسئولية الإجتماعية، حتى تصبح مؤثرة، إلى أن تأخذ الشكل التنظيمى والمؤسسى. الذى يتبنى خطة محددة وأهداف واضحة، حتى لا تتحول الجهود إلى الطبيعة العشوائية المبعثرة والتى لا تفيد فى تحديث المجتمع.
ج. غياب ثقافة العطاء من اجل تحقيق التنمية، حيث نجد أن معظم جهود مؤسسات القطاع الخاص تنحصر فى أعمال ذات طبيعة خيرية – إن وجدت – غير تنموية مرتبطة بإطعام الفقراء أو توفير ملابس أو خدمات لهم. دون التطرق إلى القيام بتأسيس مشروعات تنموية، تلعب دوراً محورياً فى حل مشكلات البطالة، وتساعد على تحسين نوعية حياة الفقراء. بما يساعد على إعادة إدماجهم فى المجرى الرئيسى للمجتمع، وبما يجعلهم مشاركين فاعلين فى عمليات التنمية المستدامة لمجتمعاتهم، الأمر الذى ينعكس على هيئة تحقيق درجة عالية من الإستقرار الإجتماعى (63).
د. غياب الضغط الإجتماعى الذى يمكن أن يتنامى بواسطة النخبة الإجتماعية والثقافية، إضافة إلى الإعلام القومى الملتزم، الإنتاجى وليس الإستهلاكى. وهو الضغط الذى يمكن أن يتشكل من خلال تطوير الوعى بأهمية الدور الإجتماعى لرجال الأعمال.
بحيث تصبح الشركات التى تقوم بمسئولياتها الإجتماعية فى إتجاه تنمية المجتمع معروفة على المستوى الشعبى، وذلك حتى يمكن أن يشكل إبرازها إلى زيادة التعاملات الإقتصادية معها من قبل الجمهور. بحيث يمكن أن يشكل ذلك فى حد ذاته عاملاً ضاغطا يدفع رجال الأعمال الأخرين للقيام بمسئولياتهم الإجتماعية مع إدراك أن ذلك ليس عملاً خيريا وإحسانيا، ولكنه التزام بمجتمع يشكل سوقا لتطوير مؤسساتهم وزيادة أرباحهم.
4. المسئولية الاجتماعية للمجتمع المدنى:
يعد المجتمع المدنى أخر أشكال المجتمعات التى تبلورت بحيث أصبح يشكل بيئة حاضنة لحياة الإنسان. وإذا كان ظهور المجتمع المدنى قد تضافر مع ظهور المجتمع السياسى فى القرن السادس عشر، وهى المرحلة التى تعرض لها بعمق وإسهاب تنظير العقد الإجتماعى.
فإن المجتمع المدنى قد أصبح أكثر بروزاً فى وجوده وفاعليته فى عصر العولمة، بسبب ظروف عديدة، منها تراجع دور الدولة القومية، بحيث أصبحت هذه الدولة، بخاصة فى نطاق مجتمعات الجنوب، عاجزة عن تنمية مجتمعاتها وإشباع حاجات مواطنيها. من هذه الظروف أيضا تخلف آداء القطاع الخاص على الصعيد الوطنى فى مجتمعات العالم الثالث، بحيث إقتصر وعية على مسئولياته الإقتصادية، دون أن يتسع ليشمل مسئوليته الإجتماعية.
خاصة إذا تصاحب تضافر آداؤة مع القطاع الخاص الأجنبى بحيث إستفحل إستغلال السوق المحلية، يضاف إلى ذلك التغيرات التى طرأت على سوق العمل، الأمر الذى زاد من معدلات البطالة. بحيث أدت هذه الظروف جميعا إلى زيادة مساحة التهميش الإجتماعى، حتى أننا نجد أن عدد السكان تحت خط الفقر فى مجتمعاتنا العربية تراوحت بين 34% و50%، وأن عدد السكان الذين يقعون تحت خط الفقر المدقع نحو 12.5% من هؤلاء (67). ذلك بالإضافة إلى إنتشار النظم الأبوية والإستبدادية فى مجتمعات الجنوب عموما، وهى النظم التى لا تعتقد فى حرية التعبير، ولا ترى جدوى فى مقولة الديموقراطية.
وتعمل على سد أو تضييق قنوات المشاركة الإجتماعية والسياسية، وتجعلها فى غالب الأحيان ذات طبيعة قهرية ودعائية وسطحية.
إرتباطا بذلك تبرز المسئولية الإجتماعية للمجتمع المدنى، بخاصة المنظمات غير الحكومية، التى تؤسس سياساتها بإتجاه السعى لتطوير قدرات المهمشين الفقراء – الذين عجزت الحكومة عن إشباع إحتياجاتهم الأساسية. فأستبعدوا إلى ضفاف المجتمع، وإنشغل عنهم القطاع الخاص، بل سحق بعضهم بسبب سعيه المحموم من أجل الربح – والدفع بهم مرة أخرى فى قلب المجرى الرئيسى للمجتمع.
ولإنجاز هذه المهمة فإننا نجد أن المجتمع المدنى يتبع ثلاثة اساليب. من خلال الأسلوب الأول يسعى المجتمع المدنى إلى تطوير قدرات المهمشين بالعمل على تمكينهم من الناحية الإقتصادية، من خلال صيغ المشروعات الصغيرة تارة، أو إعادة تأهيلهم بحسب متطلبات وإحتياجات سوق العمل الحديثة تارة أخرى.
وفى هذا الصدد فإن تبنى المنطق الجديد للتنمية، وهى التنمية المستدامة التى تتميز بأنها تبدأ التطوير من أسفل، أى من الجماهير المهمشة ذاتها بتحويلها من قوى عاطله، إلى قوى قادرة على الإنتاج والعطاء. وبذلك من خلال تنظيمهم فى أطر إنتاجته تستوعب طاقة العمل التى لديهم، خاصة أن التنمية التى ينشدها المجتمع المدنى، هى تنمية تعتمد على الخامات المحلية بالأساس.
بالإضافة إلى ذلك يسعى المجتمع المدنى إلى تدبير تمويل مشروعاته التنموية هذه، من خلال مصادر عديدة، قد تكون الدولة، وقد تكون مؤسسات التمويل الدولية، وقد يكون القطاع الخاص. وقد يصدر التمويل عن بعض أهل الخير أو المستفيدين المهمشين والفقراء أنفسهم، حتى يشعروا بأنهم قد تحولوا إلى منتجين ولا يتلقون إحسانا.
بالإضافة إلى ذلك تعمل تنظيمات المجتمع المدنى على نشر ثقافة إدارة الحكم الرشيد وهى الصيغة التى تضبط آداء السياسة والإدارة فى الدولة، أو تنظيم العلاقة بين المواطنين وسائر مؤسسات الدولة، حيث تستند هذه الإدارة الرشيدة إلى منظومة من القيم التى نعرض لبعضها. فى هذا الإطار تتمثل القيمة الأولى فى الشفافية والقدرة على المحاسبة والقابلية لها، بحيث تتضمن هذه القيم أهمية ونشر المعلومات.
بحيث يصبح الجمهور المتعامل مع الإدارة على وعى بها، ومن ثم يصبح قادراً على المساءلة والمحاسبة وأن تكون الإدارة ذاتها قابلة لهذا السلوك. يضاف إلى ذلك الإحتكام للقانون، حتى يصبح التعامل مع الإدارة محايداً لا يشكل تربة مواتية لإستنبات أى من سلوكيات الفساد. وذلك بالإضافة إلى التخلى عن النزعة الأبوية فى ممارسة السلطة والإدارة، والقبول بآليات تداول السلطة على كافة المستويات. وإذا كان العصر التنموى الذى نعيشه هو عصر القطاع الخاص والمجتمع المدنى كفاعلين أساسيين، فإن جانب من المسئولية الإجتماعية للمجتمع المدنى، تتمثل فى ضرورة أن يعمل على نشر ثقافة التطوع فى المجتمع.
بحيث تصبح هذه الثقافة المرجعية التى تتحقق إنطلاقا منها ثقافة التنمية المستدامة التى تتحمل الجماهير أعباءها بالأساس. إلى جانب ذلك يعمل المجتمع المدنى من خلال الأسلوب الرابع بإتجاه حراسة ومراقبة التحول الديموقراطى، حتى يمكن إنجاز هذا التحول وفق معاييره الصحيحة. بحيث يساعد ذلك على قبول أصحاب القرار إمكانية المشاركة فى مقابل إقبال المواطنين على المشاركة، والعمل على تصحيح أى إنحراف عن الممارسة الديموقراطية من الطرفين.
6. الدولة فاعل يضطلع بمسئولية اجتماعية:
تعد الدولة فاعل محورى عليه مسئولية إجتماعية تجاه المجتمع. ونحن إذا تأملنا تاريخ الدولة فى تحملها لمسئولياتها المختلفة فى النهوض بالمجتمع والعمل على تحديثه فإننا سوف نجد أن وفاءها بهذه المسئوليات مر بعدة مراحل أساسية. فى المرحلة الأولى منذ إكتمال الدولة كضابط لإيقاع المجتمع القومى فى القرن السادس عشر تحملت الدولة أعباء الإستجابة لإحتياجات المجتمع القومى.
وبغض النظر عن التوجه الأيديولوجى الذى تبنته الدولة، فإننا نجدها قد عملت على الدفع بإتجاه تحديث المجتمع، بحيث إعتبرت ذلك من مسئولياتها الأساسية.
بل أننا إذا تأملنا حركة الإستعمار فى السياق الأوربى فسوف نجدها عبارة عن سعى الدولة لجلب موارد المستعمرات. للإستفادة بها فى تطوير المجتمع وتعظيم قدراته وإمكانياته، بغض النظر عن كون الدولة هى الفاعل المباشر الذى يتولى عملية التحديث، أو شاركها فى ذلك القطاع الخاص، القطاع العام، كما حدث فى بعض المجتمعات الأوربية. ومن خلال تاريخ طويل من النضال بين الجماهير والأنظمة السياسية، إستقرت العلاقة بين المواطن والدولة على أساس فتح الأخيرة لكل قنوات المشاركة أمام المواطنين، حسب ثقافة الحكم الرشيد المتطورة.
وهو ما يعنى أن الدولة القومية تجاوزت مرحلة الثقافة الأبوية، التى تنظر إلى المسئولية الإجتماعية بإعتبارها واجبات مفروضة على المواطنين، عليهم الوفاء بمتطلباتها.
وإذا كانت الدولة فى المجتمعات الأوربية التى قطعت شوطا على طريق التحديث قد قبلت مشاركة المواطنين فى مختلف مجالات التقاء الدولة بهم، الأمر الذى عجل بالتطور الديموقراطى وجعله أكثر شفافية.
فإن الدولة فى مجتمعات الجنوب، بغض النظر عن طبيعة النظام السياسى، ظلت أبوية، معانده وصعبة المراس، ترفض التخلى عن الثقافة الأبوية. وإستناداً إلى هذه الثقافة فهى تنظر إلى المسئولية الإجتماعية، من خلال نافذة فرض الواجبات على المواطنين دون الالتفاف إلى الإستجابة لآية حقوق لهم عليها. الثقافة والدولة الأبوية تبتعد قدر الأمكان عن الصيغ الحديثة لإدارة الحكم الرشيد فى ممارسة السلطة، قراراتها أبوية لا مراجعة لها، وما على الجميع سوى الخضوع لهذه القرارات.
وقد يصل الأمر إلى حرمان الجماهير حتى من حقها فى المطالبة بالحقوق، بوسائل الخداع حينا، وبالقهر الأبوى أحيانا، لذلك فشل التحول الديموقراطى فى غالبية مجتمعات العالم الثالث. ولأن معادلة الوفاء بالمسئولية الإجتماعية والقوة لصالح الدولة الأبوية ولغير صالح المواطنين، فقد أصبح مقدرا عليهم أن يقوموا بالواجبات دون أن يحصلوا على الحقوق، وهو ما دفع المواطنين فى أغلب دول الجنوب إلى العزوف عن المشاركة.
الأمر الذى أضر بالمجتمع وأورثه كثيراً من الأمراض الإجتماعية، الناتجه عن العزوف عن المشاركة فى مختلف المجالات الأمر الذى أدى إلى انخفاض الإنتاج، وممارسة مظاهر الإحتجاج والتمرد والتخريب، طالبا للوفاء بجانب الحقوق فى بنية المسئولية الإجتماعية.
ونتيجة لعدم الوفاء بمسئولياتها الإجتماعية سقطت الدولة فى بعض مجتمعات الجنوب أسيرة حالة من الضعف والوهن أو الهوان، فهناك ضغط له وطأته عليها من قبل القوى الخارجة دولا كانت أم مؤسسات، يشل يدها نسبيا عن قهر الجماهير. وهناك ضغط عاليها من أسفل، من القطاع الخاص الذى يسعى إلى السيطرة عليها لتوجيه سياساتها الداخلية والخارجية بإتجاه تحقيق مصالحة، وضغط موازى من قبل الجماهير وتمرد عليها ورفض لها، لأنها لم تعد قادرة على الوفاء بالتزاماتها الأساسية نحو مواطنيها.
خامساً: أزمة المسئولية الاجتماعية
نؤكد أن المسئولية الإجتماعية فى مجتمعاتنا – كمتغير – تعيش حالة أزمة، والأزمة يمكن أن تقود إلى الإنهيار والموت، ولما كانت المجتمعات لا تموت، فإن المتتاليات السلبية للأزمة قد تقود إلى حالة من الفوضى الخلاقة، التى قد تقود إلى تغيير موضوعى وشامل، غير انه قد يسلم إلى إستقرار جديد.
كما يمكن أن تقود الأزمة إلى حالة من العافية الإجتماعية، حينما يستطيع المجتمع التغلب على أزمتة، بأن يتولى تصحيح أو علاج جوانب العطب أو المرض الذى أصاب المسئولية الإجتماعية فى كل مستوياتها على ساحته. فالأزمة تؤدى إلى العافية إذا فى كلتا الحالتين، تارة إلى العافية بصورة مباشرة، وتارة اخرى من خلال المرور بدرامية الفوضى الخلاقة. غير أن الأمر المؤكد أن المسئولية الإجتماعية فى مجتمعاتنا تعيش فى ظل حالة أزمة نعرض فيما يلى لبعض أبعادها.
سادسا :- النتائج :-
وعن المردود على المؤسسة من تطبيق المسئولية الاجتماعية فجاءت زيادة الثقة بين الشركة والبيئة المحيطة في المقام الأول، كما رأت بعض الشركات أن هناك مردودات أخرى مثل: توفير العمالة المدربة للقطاع بشكل عام، والإحساس بالمسئولية الاجتماعية وراحة الضمير والإحساس بالدور الاجتماعي، كما أن الشعور بزيادة الإنتاجية يعطى جو من الاستقرار للاستثمار (استثمار آمن)، وأيضا إن المردود هو بالأساس مردود أخلاقي. ولم يأتي زيادة الارباح بأي شكل من الاشكال في هذا السياق.
أما عن الصعوبات التى تحول دون تطبيق برامج المسئولية الإجتماعية فجاء في المقام الأول سيادة مفهوم العمل الخيرى على مفهوم المسئولية الإجتماعية، وعدم دعم الإعلام للمبادرات القائمة للمسئولية الإجتماعية،
وجاء في المقام الثاني أن الدولة لا تشجع على الإلتزام بالمسئولية الإجتماعية والبيروقراطية، وبعض الإجراءات والقوانين المعطلة، ومستوى التعليم، الوضع الاقتصادى، عدم وجود حوافز من الدولة لدعم هذا الفكر أو لنشر هذا المفهوم، ثم تلاه صعوبة تحديد الفئات المستهدفة وعدم وضوح مفهوم المسئولية الإجتماعية بين الشركات، وأن:-
1 – عجزالأنظمة السياسية عن الوفاء بالتزاماتها لإشباع حاجات البشر والوفاء بحقوقهم.
2- اللجوء إلى مرجعاتهم الإثنية، للمساعدة فى إشباع حاجاتهم الأساسية، وهو ما يساعد على ان تتقدم الجماعة الإثنية لتحل محل الدولة فى الإضطلاع بالمسئولية الإجتماعية نحو الأبناء التابعين لها.
• وذلك من شأنه أن يدفع الأبناء إلى حجب بعض جوانب مسئولياتهم الإجتماعية نحو الدولة، ومنحها للجماعة الإثنية، التى تبدأ فى التقدم فى المجال الإجتماعى لتحل محل الدولة بالنسبة لتابعيها.
• تقليص مسئوليتهم الإجتماعية تجاه الدولة، واجبات أو حقوقا، وتعظيم مسئوليتهم الإجتماعية للجماعة الإثنية التى ينتمون إليها، حتى لتكاد أن تحل محل نظيرتها المتصلة بالدولة.
• دخول الجماعة الإثنية فى صراع مع الجماعات الإثنية الأخرى داخل المجتمع القومى، أو حتى دخلت فى صراع مع الدولة ذاتها.
فمثل هذه الظروف من شأنها أن تقوى المسئولية الإجتماعية للجماعة الإثنية نحو أتباعها مثل تقوى المسئولية الإجتماعية لدى الأتباع تجاه جماعتهم الإثنية.
• التفكيك والفوضى الاجتماعية، مثال على ذلك سلوك الجماعات الإثنية فى العراق وشرق وغرب السودان، وسلوك الجماعات الإثنية فى لبنان.
سابعا :- التوصيات
• أن المسئولية الإجتماعية هى توازن بين جناحى الواجبات والحقوق، والحالة الإفتراضية أن يكون المواطن على معرفة كاملة بواجباته وكذلك حقوقه.
• إضافة إلى القيم والمبادئ التى تحفزنا للقيام بمسئولياتنا الإجتماعية.
• ويتحدد دور هذه الثقافة فى دفع كل الأطراف للوفاء بالتزاماتهم نحو المجتمع، غير أننا نلاحظ أن هناك مجموعة من الظروف التى تعمل على إضعاف ثقافة المسئولية الإجتماعية، بل وخضوع هذه الثقافة لحالة من الأنومى.
• وتعد الأمية الإبجدية والخاصة بالثقافة السياسية أبرز هذه العوامل، حيث لا يدرك المواطنون بصورة محددة فى الغالب، بخاصة الشرائح الطبقية الدنيا واجبات وحقوق مسئولياتهم الإجتماعية.
• ومن ثم فهم فى غالب الأحيان لا يقومون بواجباتهم فى مستوياتها المثلى، ولا يدركون أن لهم حقوق ينبغى أن يحصلون عليها. وذلك لأن تضافر الواجبات والحقوق من شأنه أن يؤسس المواطن الملتزم بآداء مسئولياته الإجتماعية.
• وفيما يتعلق بالأسرة، فإننا نجدها بفعل عوامل عديدة لم تعد قادرة على تنشئة أو تدريب الأبناء على أصول المسئولية الإجتماعية، بسبب الإنهيارات التى أصابتها من جوانب عديدة. ذلك يعنى أن التفاعل الأسرى لم يعد ملائما لإنجاز هذه الوظيفة، بسبب حالة التربص والصراعات التى بدأت تتواجد على ساحة الأسرة، لأن فضاءها قد أخترق بأفكار غريبة على تراثها، وما زالت هذه الأفكار تتدفق لتقضى على البقية الباقية من حياتنا الأسرية.
• وتشكل المدرسة أحد آليات تنشئة التلاميذ وفق مضامين المسئولية الإجتماعية الصحيحة.
• وإذا كان من المفترض أن تشكل جهود المدرسة قيمة مضافة إلى جهود الأسرة – بإفتراض أنها صحيحة – فإن ما يحدث أن آداء المؤسسة التعليمية، يبدد النذر اليسير من التدريب على المسئولية الإجتماعية التى قامت بها الأسرة.
• ومن الواضح أن النظام التعليمى يؤسس تفاوتات إجتماعية وتعليمية بين التلاميذ، تتلوها تفاوت فى القدرة على الحصول على نصيب من الفرص الإجتماعية، من المؤكد أنه سوف تترتب عليها تفاوتات فى مستويات الالتزام بمضامين المسئولية الإجتماعية.
• ويعتبر الإعلام وتكنولوجيا المعلومات من الآليات التى يفترض أن تنشئ الأبناء على مضامين المسئولية الإجتماعية تجاه المجتمع وتكويناته المختلفة. غير أن متابعة آداء الإعلام وتكنولوجيا المعلومات فى هذا الصدد، يشير إلى تحركة – بحكم ثقافة القنوات الفضائية الدولية وإنزواء القنوات القومية – لكى يصبح إعلاما يبث مضامين عالمية. وهو ما يعنى أن الإعلام إذا إعتبرناه أحد آليات التنشئة الإجتماعية يعمل وفق مضامين عالمية، وهو يدفع المشاهدين والمتابعين له إلى تطوير واجبات وحقوق وإن كانت ذات طبيعة معنوية، إلا أن لها طبيعتها العالمية.
• ويعد القطاع الخاص أبرز الفاعلين فى مجتمعات الجنوب الذى يتخلى عن مسئوليته الإجتماعية، قد يرجع ذلك إلى عدم الوعى بالمسئولية الإجتماعية، وهى البعد الهام بالنسبة لمصالحة من منطق نفعى بحت. هذا القطاع الخاص نقل عن القطاع الخاص الأجنبى شرهه بإتجاه الربح غير أنه فشل أن ينقل عنه أن إنجازه لمسئوليتة الإجتماعية، التى تعد أحد قنوات إشباع هذا الشره.
• المجتمع المدنى يعانى ايضا من أزمة أضطلاعه بمسئولياته الإجتماعية كاملة، برغم كونه الفاعل الذى عليه أن ينشئ ويدرب الآخرين وفق أصول ممارسة المسئولية الإجتماعية. أحد أبعاد الأزمة فى سياق المجتمع المدنى، القيود الكثيرة التى تفرضها الدولة على حركته فهو متهم دائماً فيما يتعلق بمصادر وقدر التمويل.
• التراجع بالمسئولية الإجتماعية إلى حدود الجماعة الإثنية:
• ويحدث ذلك عادة حينما تكون الأنظمة السياسية عاجزة عن ضبط التفاعل والعلاقات بين الجماعات الإثنية المشكلة للمجتمع، أيا كان المتغير المؤسس لهذه الإثنية.
ثامنا :- الخاتمة :
حاولنا بفضل هذه الدراسة إسقاط ما رأيناه في النظري على شكل تطبيق على هذه المؤسسة وتوصلنا في الأخير، إلى أنه يوجد قيمة للمسؤولية الاجتماعية عند القائمين والمحيطين بالمؤسسة ولكن بتفاوت ،
ويرجع هذا التفاوت إلى بعض نقاط الضعف كانت من بينها ضعف محفزات المسؤولية الاجتماعية حيث هناك غياب واضح لآليات واستراتيجيات المسؤولية الاجتماعية داخل المؤسسة ، ضف إلى ذلك عدم نشر وسائل الإعلام والمساهمات التي تقوم في المسؤولية الاجتماعية إلى إعطاء انطباع داخل المجتمع بأن المؤسسة لا تقوم بدورها في هذا المجال. كذلك هناك أسباب ربما راجعة إلى الاعتقادات المتعلقة بالشخصية المتعلقة بالضمير
حيث نجد في غالب الأحيان في الواقع العملي اعتقاد خاطئ للمسؤولية الاجتماعية على أنها مبادرة تطوعية فقط لا أقل ولا أكثر أي العامل المادي والمالي هو الغالب على الشخصيات المتعلقة بالأعمال . كنتيجة عامة عن هذه الدراسة يمكن حصرها في مجموعة من القيم الممكن الحصول عليها من طرف المؤسسة الاقتصادية حالة إدراكها وإعطاء أهمية للمسؤولية الاجتماعية في ما يلي:
– بناء علاقات قوية وإيجابية مع المجتمع حيث تساهم في تحسين سمعة المؤسسة الاقتصادية أمام طالبي منتجتها؛
– إدراك أهمية المسؤولية الاجتماعية يسمح للمجتمع بحد ذاته القدرة على الحصول على الخدمات التي يحتاجها في مختلف الجوانب الضرورية مثل النقص في الخدمات التعليمية أو الثقافية ، الاقتصادية في المجتمع؛
– إعطاء أهمية وقيمة للمسؤولية الاجتماعية من طرف المؤسسة الاقتصادية يسمح لها بتقليص تكاليف التشغيل و تحسين الصورة العامة للمنتجات ونوعيتها ومن تم زيادة المبيعات ، الثقة والإخلاص للعملاء ، زيادة الإنتاجية والنوعية؛
– إدراك أهمية المسؤولية الاجتماعية يسمح للمؤسسة خلق نوع من روح العمل والتضافر والتعاون بين بين كل ماله علاقة بالمؤسسة (الملاك ، الزبائن، العملاء، أفراد المجتمع…) لتحقيق أهدافها المسطرة.
– خاتـمـة عامـة: وفقا للنتائج التي تم التوصل إليها من خلال هذه الورقة البحثية وذلك من الجانب النظري إلى الجانب التطبيقي، يمكن استدراج مجموعة من التوصيات لإعطاء أهمية للمسؤولية الاجتماعية اتجاه المجتمع على النحو التالي:
– ربط العلاقة بين المؤسسات الاقتصادية والقطاع الحكومي على وضع خطة إستراتيجية من شأنها تطبيق المسؤولية الاجتماعية وتحديد نمط أداءها؛
– محاولة حث وتشجيع المؤسسة الاقتصادية على إدراك أهمية المسؤولية الاجتماعية في حوكمة المؤسسة ؛
– خلق وإدارات ووحدات قانونية تكون مهمتها الالتزام المؤسسي بالمسؤولية الاجتماعية وذلك من خلال تخصيص ميزانية خاصة مستقلة لتدعيم أنشطتها؛
– إعطاء الحق للعمال في المشاركة الخاصة بالقرارات الداخلية والخارجية للمؤسسة؛
– بث الوعي العام عبر المؤتمرات والندوات ووسائل الإعلام وورش العمل بشان المسائل المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية بما في ذلك تشجيع مختلف القطاعات الحكومية على المشاركة الفعالة ،
– إجراء المزيد من البحوث والدراسات الخاصة بالمسؤولية الاجتماعية؛
– تشديد عملية المراقبة على تطبيق المسؤولية الاجتماعية من شأنها تعزيز ملكية الشركات ؛
ونختتم هذه الدراسة بالقول أن المسؤولية الاجتماعية هي بمثابة روح المواطنة التي تعتمد على ضمير وشخصية الإنسان
ولهذا فإذا كانت أهمية لهذه العملية فسيكون تعاون بين كل ماله علاقة بالمؤسسة مما يسمح بتحسين مستوى معيشة الناس بأسلوب يخدم صاحب الشركة من جهة والمستفيدين من الشركة (العمال ، الملاك، المنافسين ، أفراد المجتمع ، الزبائن…)
جهة أخرى، ومن تم تحسين التجارة والاقتصاد في عملية نزيهة شفافة إلى التنمية والتنمية المستدامة بالاعتبار هناك أخلاق دينية اجتماعية
و هكذا يتم الحفاظ على ثروة الأجيال القادمة. من المفترض أن تكون ممارسة متضمنات المسئولية الإجتماعية، على مختلف الأصعدة، ومن قبل مختلف الأطراف فى نطاق المجتمع القومى والدولة القومية.
ذلك لأنها تشكل موضوع تفاعل بين أطراف عديدة فى الداخل. بيد أننا نلاحظ بعض المظاهر المحددة، وإن كانت ما زالت ذات طبيعة جنينية قابلة للنمو والإتساع، غير أنها قد تسلم إلى إقتلاع بعض جوانب المسئولية الإجتماعية من حدودها القومية لتصبح ذات آفاق عالمية، يتضح ذلك من حضور البعد العالمى على ساحة الحوار
بشأن المسئولية الاجتماعية من جوانب عديدة. يتمثل احد هذه الجوانب فى الضغط الذى تتعرض له الدولة القومية من قبل القوى الخارجية، للوفاء بمسئولياتها الإجتماعية تجاه مواطنيها، وهو الضغط الذى أصبح من المفروض على الدولة القومية أن تستجيب له.
غير أن ذلك وأن كان فى صالح الجماهير الخاضعة لسيطرة الدولة الأبوية والقهرية والعاجزة عن الوفاء بمسئولياتها.
إلا أنه يمكن أن يصبح مدخل للتدخل في شئون المجتمع والدولة القومية، بسبب استنفاره للأقليات والفئات الاجتماعية بدعوى الدفاع عن حقوق الأقليات وحقوق الإنسان.
وهو ما يجعل المسئولية الاجتماعية بتنوعاتها، محل تدخل وموضوع حوار من قبل اطراف خارجية، وهو الوضع الذى يهدد استقلال المجتمع،
وقد يطيح بالاستقرار ويعمل باتجاه نشر الفوضى على ساحته. بالإضافة إلى ذلك فإن الدور الذى يلعبه الإعلام في تطوير وعى المواطنين بحدود المسئولية الاجتماعية، سواء مسئوليتهم
أو مسئولية الدولة، ولكونه ينقل العالم الخارجي إلى داخل حجرة في مسكن الأسرة.
فإنه – أي الإعلام – قد يدرب البشر على مسئوليات اجتماعية، ذات مضامين جديدة تشغل مساحة من اهتماماتهم، ويكون ذلك بطبيعة الحال على حساب إنجاز مسئولياتهم الاجتماعية داخل نطاق الحدود القومية.
وذلك لأنه يدفع البشر إلى تطوير مسئولية اجتماعية ذات مضامين عالمية، تتسع قنوات فاعليتها طالما أن قنوات فاعلية المسئولية الاجتماعية داخل الحدود القومية مسدودة.
تاسعا :- المراجع
1- نجم عبود نجم، أخلاقيات الإدارة ومسؤولية الأعمال في شركات الأعمال، ط 1، دار الوراق، الأردن، 2005، ص: 196
2- محمد عاطف محمد ياسين، واقع تبني منظمات الأعمال الصناعية للمسؤولية الاجتماعية: دراسة تطبيقة لآراء عينة من مديري الوظائف الرئيسية في شركات صناعة الأدوية البشرية الأردنية، رسالة ماجيستير غير منشورة، جامعة الشرق الأوسط للدراسات، الأردن، 2008، ص: 19.
3- صالح السحيباني، المسؤولية الاجتماعية ودورها في مشاريع القطاع الخاص في التنمية: حالة تطبيقية على المملكة العربية السعودية، المؤتمر الدولى حول القطاع الخاص في التنمية: تقييم واستشراف، بيروت، 23-25 مارس 2009.
4- Lemercier, la Responsabilité sociale des entreprises, Association membre de l’union sociale pour l’habitat, 2006, P 2.
5 – www.wbcsd.org
6- Yran pesqueux, Yran Biefot, L’ethique des affaires ; Management par les valeur et responsabilité sociale, Edition d’organisation, Paris, P19.
7- محمد عاطف محمد ياسين، مرجع سابق، ص: 33
8- صالح السحيباني، نفس المرجع السابق.
9- طاهر محسن ، منصور الغالبي ، صالح مهدي محسن العامري، المسؤولية الاجتماعية وأخلاقيات الأعمال، دار وائل، الأردن، 2006 ،ص: 52.
•القرآن الكريم .
•ابن عاشور، محمد الطاهر (1997م) : تفسير التحرير والتنوير ، تونس ، دار سحنون للنشر والتوزيع .
•أبو علام ، رجاء محمود (2009م) : مناهج البحث في العلوم النفسية والتربوية ، القاهرة ، دار النشر للجامعات .
•أحمد ، ناصر سيد ، محمد ، مصطفى ، درويش ، محمد ، عبدالله ، أيمن (2008م ) : المعجم الوسيط ، ط1 ، بيروت ، دار إحياء التراث العربي .
•آل سعود ، مشاعل بنت عبدالله بن سعود (1425ه) : دور المدرسة في تنمية المسؤولية الاجتماعية لدى طالبات المرحلة الثانوية بالمدارس الحكومية ، رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة الملك سعود ، الرياض ، المملكة العربية السعودية .
•الألباني ، محمد ناصر الدين (1406هـ) : صحيح الجامع الصغير وزيادته ، ط2 ، بيروت ، المكتب الإسلامي .
•الألباني ، محمد ناصر الدين (1408هـ): صحيح سنن الترمذي ، ط1 ، بيروت ، المكتب الإسلامي .
•البخاري ، محمد بن إسماعيل (1419هـ) : الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله وسننه وأيامه – المعروف بـ : صحيح البخاري – ط2 ، الرياض ، دار السلام .
•بكار ، عبدالكريم (1431هـ ) : المراهق ، كيف نفهمه ؟ وكيف نوجهه ؟ ، ط1 ، الرياض ، دار وجوه للنشر والتوزيع
•بن حميد ، صالح عبدالله ، بن ملوح ،عبدالرحمن محمد عبدالرحمن (1418هـ) : موسوعة نضرة النعيم ، ط1 ، جدة ، دار الوسيلة .
•بيرسون ، سو (2005م ) : أدوات للمواطنة والحياة ، ترجمة مدارس الظهران الأهلية ، ط1 ، الدمام ، دار الكتاب التربوي .
•الحارثي ، زايد بن عجير (1995م ) : المسؤولية الشخصية الاجتماعية لدى عينة من الشباب السعودي بالمنطقة الغربية وعلاقتها ببعض المتغيرات ، مجلة مركز البحوث التربوية ، جامعة قطر ، السنة الرابعة ، العدد السابع .
•الحارثي ، زايد بن عجير (2001م ) : واقع المسؤولية الشخصية الاجتماعية لدى الشباب السعودي وسبل تنميتها ، الرياض ، مركز البحوث والدراسات ، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية .
•حسن ، السيد محمد أبو هاشم (2004م) : الدليل الإحصائي في تحليل البيانات باستخدام SPSS ، ط1 ، الرياض ، مكتبة الرشد .
•الحليبي ، أحمد بن عبدالعزيز بن محمد (1417ه ) : المسؤولية الخلقية والجزاء عليها – دراسة مقارنة ، ط1 ، الرياض ، مكتبة الرشد .
•الحمامي ، ممدوح بن عبدالفتاح بن شحاته ( 1418ه) : المسؤولية الاجتماعية وعلاقتها ببعض سمات الشخصية لدى الأحداث الجانحين وغير الجانحين في كل من ( جدة – الطائف ) ، رسالة ماجستير غي منشورة ، جامعة أم القرى ، مكة المكرمة ، المملكة العربية السعودية .
•الرازي ، محمد بن أبي بكر بن عبدالقادر (1406هـ) : مختار الصحاح ، جدة ، دار القبلة للثقافة الإسلامية
•الزبيدي ، حمزة بن ذاكر محمد (1431ه) : دور مدير المدرسة في تعزيز المسؤولية الاجتماعية لدى طلاب المرحلة الثانوية بمدينة جدة ، رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة الملك عبدالعزيز ، جدة ، المملكة العربية السعودية .
•زهران ، حامد عبدالسلام (2005م) :التوجيه والإرشاد النفسي ، ط4 ، عالم الكتب .
•الزهراني ، مسفر بن سعيد بن محمد ( 1421ه) : التوجيه والإرشاد النفسي من القرآن الكريم والسنة النبوية ، ط1 ، مكة المكرمة ، المكتبة المكية .
•زيدان ، عبدالكريم (1418هـ) : أصول الدعوة ، ط7 ، بيروت ، مؤسسة الرسالة .
•سعفان ، محمد أحمد إبراهيم (2006م) : الإرشاد النفسي الجماعي ،القاهرة ، دار الكتاب الحديث .
•السيد ، هيا بنت هلال بن حسن ( 1423ه) : النشاط الطلابي ودوره في تنمية المسؤولية الاجتماعية لدى طالبات جامعة أم القرى بمكة المكرمة ، رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة أم القرى ، مكة المكرمة ، المملكة العربية السعودية .
•شاكر ، أحمد محمد (1424هـ) : مختصر تفسير القرآن العظيم ، ط1 ، المنصورة ، دار الوفاء .
•الشلوي ، علي بن محمد مبارك (1427ه) : الالتزام الديني والمسؤولية الاجتماعية وبعض المتغيرات الديموغرافية لدى عينة من طلاب جامعة أم القرى ، رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة أم القرى ، مكة ، المملكة العربية السعودية .
•الشناوي ، محمد محروس (2001م) : بحوث في التوجيه الإسلامي للإرشاد والعلاج النفسي ، القاهرة ، دار غريب .
•الشنقيطي ، الطيب أحمد عبدالصمد (1428هـ ) : الأساليب النبوية لتنمية القيم الإيمانية لدى الشباب المسلم في ضوء التحديات المعاصرة ،رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة أم القرى ، مكة ، المملكة العربية السعودية .
•الشنقيطي ، محمد الأمين بن محمد المختار (1413ه) : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ، القاهرة ، مكتبة ابن تيمية .
•الصمادي ، أحمد عبدالمجيد ، الزعبي ، فايز كريم أحمد ( 2007م ) : أثر برنامج إرشادي جمعي بطريقة العلاج الواقعي في تنمية المسؤولية الاجتماعية لدى عينة خاصة من الطلبة الأيتام ، مجلة العلوم التربوية والنفسية ، كلية التربية ، جامعة البحرين ، المجلد 8 ، العدد 1 .
•العتيبي ، هذال بن عبدالله بن مبروك ( 1430هـ ) : فعالية برنامج إرشادي معرفي سلوكي في تنمية المسؤولية الاجتماعية لدى عينة من طلاب المرحلة الثانوية ، رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة الملك عبدالعزيز ، جدة ، المملكة العربية السعودية .
•عثمان ، سيد أحمد (1979م) : المسؤولية الاجتماعية والشخصية المسلمة ، القاهرة ، مكتبة الأنجلو المصرية .
•العثيمين ، محمد بن صالح : شرح رياض الصالحين ، ط1 ، مكتبة الأنصار .
•غانم ، محمد حسن ، القليوبي ، خالد محمد ( 2010م) : علم النفس الاجتماعي – تأصيل نظري ودراسات ميدانية ، ط1 ، جدة ، مكتبة الشقري .
•فضة ، حمدان محمود ، الفقي ، آمل إبراهيم ، أحمد ، سليمان رجب سيد (2010م) : فاعلية العلاج النفسي الديني في تخفيف أعراض الوسواس القهري لدى عينة من طالبات الجامعة ، ندوة التعليم العالي للفتاة : الأبعاد والتطلعات ، من 4 إلى 6 يناير 2010م .
•قادري ، عبدالله أحمد (1403ه) : المسؤولية في الإسلام – كلكم راع ومسؤول عن رعيته ، ط1 ، جدة ، مكتبة العلم .
• قليوبي ، خالد بن محمد بن محمد ( 1429ه ) : المسؤولية الاجتماعية وعلاقتها بكل من وجهة الضبط وفاعلية الذات لدى عينة من طلاب جامعة الملك عبدالعزيز بجدة ، رسالة دكتوراة غير منشورة ، جامعة أم القرى ، مكة ، المملكة العربية السعودية .
•كفافي ، علاء الدين ( 2005م ) : الصحة النفسية والإرشاد النفسي ، ط2 ، الرياض ، دار النشر الدولي .
•المصري ، محمد أمين (1400ه) : المسؤولية ، ط2 ، دار الأرقم .
•المنابري ، فاطمة بنت عبدالعزيز عبدالقادر (1431ه) :الذكاء الاجتماعي والمسؤولية الاجتماعية والتحصيل الدراسي لدى عينة من طالبات كلية التربية بجامعة أم القرى بمكة المكرمة ، رسالة دكتوراة غير منشورة ، جامعة أم القرى ، مكة ، المملكة العربية السعودية .
•نجاتي ، محمد عثمان (2005م) : الحديث النبوي وعلم النفس ، ط5 ، القاهرة ، دار الشروق . •النووي ، محي الدين يحيى بن شرف (1406هـ ) : رياض الصالحين ، ط3 ،بيروت ، المكتب الإسلامي .
•الهذلي ، نايف بن سراجي النجيبي ( 1430ه ) : الاتجاه نحو ظاهرة الإرهاب وعلاقته بالمسؤولية الاجتماعية وبعض المتغيرات الأخرى لدى عينة من طلاب المرحلة الثانوية بمدينة مكة المكرمة ، رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة أم القرى ، مكة المكرمة ، المملكة العربية السعودية .
تعريف الباحث :
الدكتور عادل عامر
دكتوراه في القانون العام
نائب رئيس الاتحاد الدولي للأكاديميين العرب
مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية
مستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا
مستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية
مستشار تحكيم دولي
محكم دولي معتمد
خبير في جرائم امن المعلومات
نائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمركز المصري الدولي لحقوق الانسان والتنمية
جوال:- 01002884967 < 01224121902 >01118984318