في أكتوبر عام 2017م عرضت قناة ال بي بي سي تقريرا تتسأْل فيه عن سبب تجاهل المغردين العرب تفجير (زوبي ) الذي كان الأعنف والأكثر خسائر في الصومال منذ عشر سنوات ، في حين حظي هجوم لاس فيغاس الذي كان في ذات الشهر الذي وقع فيه هجوم زوبي اهتمام العرب، حتى إنه تصدر منصات توتير العربي في غضون ساعات قليلة جدا ، مع إنه لا يقارن بهجوم مقديشو من حيث حجم الفاجعة والخسائر ، وكان هذا سؤال حسب البي بي سي يُصعب الإجابة عنه بحسم ، فعرضت مجموعة احتمالات تبرر عدم تفاعل العرب مع محنة دولة عربية أخرى ، فكان من بينها انخفاض نسبة مستخدمي الأنترنت في الصومال التي تقع حسب القناة ضمن الدول الأٌقل اتصالاً بالفضاء الإلكتروني ، مما حال على المغردين العرب متابعة ما يحدث في مقديشو ، فضلا عن غياب الصورة الواضحة والمباشرة والسريعة ، وعدم استخدام اللغة العربية أو الانجليزية من قبل مستخدمي وسائل التوصل الاجتماعي من الصوماليين، ولكنه على ما بيدوا لم تعيق كل هذه العوامل الصحف الأجنبية من تغطية الحدث ، فمثلا صحيفة غارديان البريطانية خصصت صفحتها الأولى الصادرة في الصباح التالي لتغطية تفجير زوبي .
بين ذلك الحدث وتغطية قناة الجزيرة وسم “الصومال تتحدث” مدة زمنية لا تتعدى الثمانية أشهر، وهي مدة قصيرة جداً في احداث أي تغيير ، مع ذلك، فأن هذه المدة القصيرة أظهرت حجم اليقظة الفكرية المتنامية في أوساط الشارع الصومالي على كافة الأصعدة ، و الذي جعلته ينقلب من شارع لا يأبه بتغير رأي الأخرين عنه ، وينتظر من الأخرين أن يرسموا صورته الإعلامية ، إلى صانع ثوري متحمس يصنع مفهوم مغاير عن الصومال، و مدافع شرس عن ثوابته التاريخية والسياسية و الثقافية وحتى الجمالية ، ويحاول في غمرة حماس الخروج من مخاوفه التي جعلته رهين ما يقدمه الأخر عنه ، وما يمليه الغير عليه بشؤونه ، وقد حققت تلك القفزة نجاحاً ملحوظا ، وعادت الصومال إلى الواجهة الاعلامية مرة آخري، ولكن بفضل الشباب الذي تسلح بالآلة الإعلامية الجديدة ، وهذا يجعل الحملة شبابية بامتياز من حيث اللغة المستخدمة ومن التقنيات المستعملة ، ومن طرق الحشد الجماهيري المتبعة، وهذا يجعلها متفوقه على الإعلام التقليدي الذي فشل في إقناع من هم داخل الحدود بجدوى حديثه ، فضلاً عن من هم خارج محيطه .
هذا النجاح الشبابي يجعل مستقبل ذلك التغيير ضبابي لا يمكن الجزم بأنه سوف يستمر لأمد بعيد ، أو يمكن الوثوق به والاعتماد عليه في الازمات الإعلامية القادمة ، لذلك يجب أن تتبني هذا النجاح المؤسسات التعليمية والأكاديمية التي بيدها وسائل تمرير الرسائل بطرق أكثر مهنية وقابلة للاستمرار ، وايضا على النخبة الصومالية المثقفة الأكبر سناً أن تعترف بهذا النجاح ، وتتصدر المشهد إلى جانب الشباب ، وإلا يكون الدفاع عن الوطن هو جوهر الذي يحرك الحملة ، بل عليها أن تتجاوز ذلك لكي يكون بمقدورها التخطيط لإدارة الرأي العام الداخلي ، وتسويقه عالمياً حسب شروطها .