الصومال ذاك البلد الواقع في القرن الإفريقي له تاريخه وتقلباته وأفراحه وأتراحه،ولايسع لتدوينة سرد ذلك إيجازا أواطنابا،ففي الشقّ السياسي منه فإنه بعد شد ّوجذب،وتفاؤل وتشاؤم تمّ تجاوز المرحلة بأمان، واختير الرئيس محمد عبد الله فرماجو للصومال ،وهو المحبوب لدي الشعب،وقد تطابق صوت الشعب مع صوت أكثر النوّاب بتوافق وانسجام ، و شاهد العالمم ثلاث رؤساء في منصة واحدة لتهنئة المنتخب وتبادل السلطة في الصومال، في مشهد نادر في العالمين العربي و الأفريقي،
لقد استقبل الشعب نتيجة الانتخابات بفرحة عارمة في شتي ولايات الصومال أو في جميع القارات( المعتربين في المهجر)، ابتهاجا لقدوم الزعيم المفضل لديهم ، وتوالت القصائد والمدائح للرئيس بلغات متعددة، و قد كان لوسائل التواصل الاجتماعي دور ملموس في النشر واللف، وتوزيع البشائر والأخبار سيما الجيل الجديد جيل الديجتال والملتميديا ،
وبما أنّ روح التفاؤل مرغوب إلا أن الإطراء والمبالغة لاتحمد عقباها ، ففي بلد مثل الصومال الذي انهمك في الحروب حتي بلغ السيل الزبي،و شاع الظلم والفساد فيه بأبشع صوره ،يمارسه القريب والغريب ،و الشعب والحكومات بلاوازع ديني او عقلي ،فمن يملك لها الحلّ السحري، وبناء الدولة المنشودة ؟،و من يقدر اجراءالعدالة وارساء السلام بين عشية وضحاها؟،
إنّ رفع التوقعات البعيدة عن الواقع المحيط بالرئيس الجديد مضرّة، وبداية انتكاسة جديدة، وخيبة أمل ستصيب المتسرعين قبل الأوان ، فالعواطف وحدها لم ولن تكفي لإنقاذ أمة محاطة بأمّ المشاكل ومصابة بداء عضال امتد قرابة نصف قرن،
ان داء العجلة مستشر في المجتمع ، مما أورثنا التشرذم ،والتقاتل بين شعب متحد لغة ودينا وعرقا ، والعجلة أم النّدامة كماقيل قديما ، أتذكر أيام المحاكم الاسلامية في الصومال انفجرت العواطف المكنونة في صدور الصوماليين، وسبح الكلّ مع التيار الا القليل، ولكنّ القادة لم تستطع ترشيد العواطف وبناء وعي سليم، يحسب للواقع ألف حساب، ويخطط قبل التنفيذ، فحلّت الكارثة، وأكلت الثورة أبنائها قبل أعدائها فيما بعد ، فركوب العواطف الهوجاء عادة ضارّة ،أدّت بنا سابقا التناطح مع كل معسكر متربص، فالانتظار والتريّث سبيل كل ناج وناجح،
فعلي الرئيس الجديد وحاشيته الاستفادة من التجارب السابقة في الصومال، ووضع استراتيجية واضحة المعالم لنهضة البلد والسعي إلي الأفضل، وضبط العواطف الجياشة بالعلم والعمل الدؤوب ، وإشراك أصحاب الخبرات في الأمر، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب مهما أمكن، لأحداث التغيير المنشود، وتنفيد الوعد المحتوم أيام الحملة الانتخابية وما بعدها من خطب حماسية وبارعة، اضافة الي ذالك الاعتماد على الكفاءات المقيمة في البلد أفضل من الاعتماد على المغترب الذي يعرف بلاد التجنس أكثر من موطنه الأصلي،مع المفارقة في العادات والتقاليد والثقافات كماهو ظاهر للعيان، وما كان صالحا في باريس واوسلو ونيويورك قد يصعب تطبيقه في مقديشو وأخواتها.
وعلي صعيد آخر: لايمكن للدولة ان تقوم لوحدها فعلى الشعب الصومالي بشتي أصنافه التصالح فيما بينهم ونبذ الخلاف وعصا الشقاق، وترجمة العواطف إلي أعمال جليلة تساعد الرئيس والحكومة يالقيام بمهامها على أكمل وجه وأيسر سبيل ،كما يقول المثل الصومالي” بالاتحاد تبنى الدول” وبالوحدة نصل الازدهار والتقدم .
واخيرا : إن موافقة القول للفعل والعاطفة للعلم أمر في غاية الأهمية لإخراج الصومال من عنق الزجاج كما يقال، وبناء الصومال علي أركان متينة ،وأسس قوية عسى ان تعود الى عزها ومجدها .