جالكعيو المدينة التي لاتعرف الهدوء
على الرغم من الهدوء النسبي الذي تشهده هذه الأيام بعد أسبوع من المعارك الدامية بين إدارتي بونتلاند وغلمدغ إلا أن الأوضاع في مدينة جالكعيو لاتزال هشة، ويمكن أن تتجدد المواجهات المسلحة بين طرفي النزاع في أي لحظة.
كان هذا الموضوع من أبرز المواضيع المتداولة في أحاديث المجالس في اليومين الماضيين. فقد شغل الحديث عن الصراع بين إدراتي غلمدغ وبونت لاند في جالكعيو حيزا كبيرا في النقاش المطروح على الموائد المفتوحة.
“هذه الحرب اللامنتهية في جالكعيو تدور بين عشيرتين متجاورتين وهما: عمر محمود من “مجيرتين وسعد من “هبرجدر”، وباقي القبائل إنما تشارك في الحرب من أجل مساندة الأطراف المتصارعة” بهذه العبارة أستهل رجل خمسيني كانت أمارات القلق بادية من تقاسيم وجهه أثناء الحديث مع جلسائه، وانضم إلى الحديث رجل آخر أفاد الحاضرين بأن إدارة غلمدغ عرضت قبل أيام للصحفيين في جالكعيو رجالاً وصفتهم بأنهم عناصر من مناطق إدراة جوبالاند كانوا مقاتلين في صفوف بونت لاند… وقبل أن يكمل العبارة قاطعه متحدث آخر مضيفا: أن رئيس بونت لاند اتهم أيضا عناصر من القوات الحكومية بالقتال إلى جانب غلمدغ “أن يتآزر أبناء العشيرة في الحرب بحد ذاته ليس عيبا في العرف الصومالي”أضاف شيخ كان جالسا إلي جنبي من دون أن يعير أي اهتمام لاعتراضات زملائه.
ذكرني ذلك النقاش الحادّ والذي تطور لاحقا إلى جدال محتدم حول طبيعة الصراع في غالكعيو ماقاله لي قبل 15عاما الصحفي الإرتري الشهير محمد طه توكل من أن جالكعيو تمثل النقطة المركزية للصراع القبلي الدائر في الصومال ومنها بدأ وإليها سيعود، وساق لي حينها أدلّة وشواهد تعزز ما ذهب إليه، لكنني وقفت بإصرار موقف المدافع والرافض لهذه الرؤية، ضاربا بتلك البراهين والشواهد التي يسوقها عرض الحائط، حتى دون أن أحاول معرفة الأصول التاريخية للمشكلة، وذلك لعدم استساغتي وصم منطقة معينة وقبائلها وتحميلها دون القبائل والمناطق الأخرى القدر الأكبر من مسؤوليّة الصراع القبلي الذي كان منتشراً حينها في طول البلاد وعرضها. وقد عرفت لاحقا أن الصراع في جالكعيو أعقد بكثير مما كنت أتصوره سابقا.
و على كلٍّ انتهى النقاش دون توصل إلى رأي مشترك، لكنّ معظم التحليلات كانت تذهب إلى أن لاحل يلوح في الأفق، وأن الطريق نحو الحل الذي يمكن أن ينهي الصراع يمر عبر الحوار والاحترام المتبادل واللجوء إلى آليات الحل السلمي، وأن تتوفر الإرادة الصادقة لدي أطراف الصراع هناك للتوصل إلى حلّ جذريّ، وتحقيق التعايش السلمي بين أبناء المنطقة.