في صحيح “مايكل كيتينغ”:
حدّثنا المتحدث، عن مولانا المجتمع الدولي، عن جدّنا نظام المحاصصة القبلي، عن أبيه قادة الولايات الفيدرالية، عن رئيس الجمهورية، أن قادة “منتدى التشاور الوطني”، وافقوا بالإجماع -في ختام مؤتمرهم الأخير في مقديشو- على ضرورة إشراك المرأة الصومالية في السياسة، وزيادة تمثيلها في البرلمان بنسبة 30%”. متّفق عليه بين القادة، وصحّحه “كيتينغ” في باب (حصة المرأة) بسند جيّد.
وفي مُسند “هيئة علماء الصومال”:
حدثنا المتحدث، عن المكتب التنفيذي، عن بيان هيئة العلماء الأخير، أن “الكوتة/الحصة” نظام مبني على الظلم، وليس له سند في الإسلام، ولا في الديمقراطية الحديثة، ويصادر حرية الرجل في التصويت، فمن انصاع للإملااءات الغربية وصوّت لصالح المشروع طمعا في ما عند الغرب فليس منا”. أخرجه المكتب التنفيذي للهيئة، وقال “كيتينغ” بيان ضعيف.
وبما أن “الكوتة/حصة المرأة” متفق عليها “بالإجماع” في أحد بنود الاتفاقية في المنتدى، وأكدها الرئيس -خلال زيارته الأخير لبيدوا- بأنها “سياسة وطنية” تعزز الأركان الستة والحكم الرشيد، وليست “فكرة مستوردة” أو “املاءات غربية” كما ورد في بيان الهيئة؛ إلا أن مُسند “هيئة علماء الصومال” عارض هذه “الحصة”، وطعن في متنها وسندها، لأن “رواة الكوتة” ليسوا من أهل الثقة، في نظر “هيئة العلماء”، للعِلل التالية:
- تواجد “المجتمع الدولي” ضمن سلسلة (الرّواة)، وهو ما يُخلّ شرط “السلامة من العلّة”، وبالتالي، يضعف نسبة الثقة به.
- بُطلان “الكوتة/الحصة” ومخالفتها “للشرع”، باعتبار أن “المقبول” لدى المجتمع الصومالي هو ما يتلقاه العلماء بالقبول.
- لوجود أكثر من (راوٍ ضعيف) ومتّهم بالتدليس في السند: كمولانا المجتمع الدولي، ونظام المحاصصة القبلي.
- لوجود علّة في الإسناد، وهي تخصيص نسبة 30% من قبل المجتمع الدولي، والمصادقة عليه من قبل الرئيس وقادة الولايات، وهي “خصم جزء من حق الرجل” المكتسب في المشاركة السياسية.
- لوجود علّة غامضة تقدح في صحة “الكوتة/الحصة”، لما تمثله من عقبة في طريق إجراء انتخابات نزيهة، ومصادر ة “حرية الرجل” في التصويت في الوقت ذاته.
ولعل باب “حصة المرأة في البرلمان” يشغل حيّزا كبيرا في تفكير “هيئة علماء الصومال” منذ أن شرعت الحكومة الفيدرالية –بضغط من المجتمع الدولي- في تخصيص نسبة مقدّرة (30%) لمشاركة المرأة في العملية السياسية، “كحق أساسي” من حقوقهن السياسية، كفّلتها مواثيق دولية، من بينها اتفاقية “سيداو”.
فطريقة تعامل “هيئة العلماء”، مع هذا الملف، يأخذ تفسيرا آخر، عندما تضعه “الهيئة” في قالب “املاءات غربية”، أو “أفكار مستوردة” كأن باقي ما تعانيه الصومال من نظام المحاصصة -المعمول به حاليا-، والفيدرالية … (املاءات صومالية) و (أفكار محلّية الصنع) بامتياز، وأن المصلحة العليا للشعب، ورفاهيته، ونهوضه من كبوته، تكمن في رفضه وطعنه، لنظام “الكوتة/الحصة”.
وثمّة “علّة” في مُسند “هيئة علماء الصومال” يقدح أيضا “بيانهم” الأخير، وفق “راوة الكوتة/الحصة”:
- لوجود علّة في متن المُسند: لربط “صلاح” الأمة الصومالية بإبعاد المرأة عن المشاركة في العملية السياسية، ولزومها في بيت زوجها. وهو ما يتنافى مع “روح المواثيق الدولية” التي وقّعت عليها الحكومة الفيدرالية، ويتنافى -كذلك-مع متطلّبات “مرحلة التحوّل الدّيمقراطي” التي تشهدها الصومال في المرحلة القادمة.
- لوجود علّة في المسند، لتدخّله السافر “نظام العشيرة” في اختيار من ينوب عنهم في البرلمان، واقتراحه لشيوخ القبائل أن يرشحوا من يتّق الله، وفق “مواصفات ومقاييس” تضعه الهيئة للتقوى.
- لوجود علّة تقدح تفسير الهيئة “للكوتة/الحصة” بأنها ورقة أخرى لشرخ هوية المجتمع، وتفتيت الأسرة، دون تقديم دليل علمي يؤكد صحة اعتقادهم، أو ضرب مثال واحد للدول التي تفتّتت، ودفعت ضريبة اختيارها لنظام “الكوتة”.
ويبقى (باب حصة المرأة في البرلمان)، معلّقا بين ما سُمّي بـ”سياسة وطنية”، تضمن حقوق المرأة في المشاركة السياسية، وبذات النسبة المقرر لها حاليا (30%) وبين “فكر مستورد” من الغرب، يتعارض مع الدين الإسلامي والديمقراطية، على قولة “هيئة علماء الصومال” في بيانها الأخير، حتى إشعار المرأة الصومالية بأن “حقها في المشاركة السياسية” لا يقبل التّطاحن في ملعبها.
وبين الفعل وردّة الفعل، وبين الإقرار والإنكار، وبين الفكر المستورد والمحلّيّ الصنع، وبين إملاءات غربية وأخرى شرقية.. يبقى الحل في (باب حصة المرأة في البرلمان)-حسب إعتقادي – فيما ذهب إليه العقيد الراحل “معمّر القذافي” عندما (أنصف) للمرأة، وقال: “للمرأة حق الترشح.. سواء كانت ذكرا أو أنثى!”