مدي التطلع والآمال اليي يحملها الفرد هي التي تجعله مميزا عن غيره, وهي التي ميزت 13 شابا عاشوا في الأربعينات من القرن الماضي, حركهم وحفزهم دافع الأمل في تغيير الوضع الصومالي الرّاهن آنذاك،والتطلع إلى الحرية واستقلال البلاد, ومضى هؤلاء الشباب جاهدين نحو تحقيق هذا الهدف غير آبهين بوعورة الطريق وكثرة العقبات, إلى أن نجحوا في تحقيق أمنياتهم, مما جعلهم مخلدين في ذكرى التاريخ الصومالي.
فاليوم وبعد 73 عاما مضت، ورغم تمتع الصومال بالحرية والاستقلال اعتباريًّا وقانونيًّا, إلا أن الوضع الراهن يرسل نداء استغاثة إلى الشاب الصومالي, وحري به أن يستجيب لهذا النداء ويقوم بدوره, و يستشعر المسؤولية العظيمة تجاه وطنه مثلما استشعر الأسلاف, وأن يتسلم مقود السفينة ويقودها إلى بر الأمان . مستفيداً ومفيداً من مقوّماته الكثيرة لإحداث التغيير الشامل في البلاد. في نفس الوقت متغلبين على المعوّقات بإيمانهم بالله ثمّ بأنفسهم وطاقاتهم، حيث إنّ الشباب الصوماليّ اليوم في ميد ان العمل والبناء يتنازعه قطبا المقوّمات والمعوّقات، المقوّمات التي تشكّل عوامل موجبة للدور ومساعدة على أدائه،سواء كانت نفسية أو بشرية أو مادّية أوبيئية، والمعوقات التي تصدّه وتدفعه عن أداء هذا الدور وهي كذلك قد تكون مادّية أو نفسية أوبيئية
المقومات :فئة الشباب هي المقوم الرئيسي لإحداث أي تغيير في مجتمع ما, ولاسيما في بلد كالصومال التي تمثل هذه الفئة الغالبية العظمى في المجتمع و تقدر بما يقارب نسبة70%, من المجتمع، حيث هم قوة بشرية هائلة, هي أغلى ثروة تملكها المجتمعات, وفي حين تتم الاستفادة منها وتوظيفها جيدا جديرة بأن تحقق الصومال النهوض الأمني والاقتصادي, والسياسي, خاصّة وأنّ نسبة المتعلمين في أوساط الشباب مرتفعة, بالمقارنة مع القطاعات الأخرى، وهذا مؤشر آخر لإمكانية حدوث تغيير في القريب العاجل في الصومال, حيث يزاحم جيل الشباب ذي العنفوان المتوثب والمتطلع للتغيير، والسالم نوعاً ما من تأثيرات الأمراض القبلية والفئوية العمياء التي مزّقت هذه البلاد وقعدت بها في حضيض التخلف والفوضى والفقر والجهل، تزاحم هذه القوى الصاعدة والخيّرة القوى الأخرى في تقلد المناصب القيادية في الوطن, مما ينعكس إيجابا على الوضع الراهن .
أضف إلى ذلك أن كثيراً من المجتمع الصومالي تفاعل مع الأمم والثقافات الأخرى, إبان الحروب والفوضى, وبدأ مؤخرا العودة والإقبال الكثيف لأصحاب المهجر إلى أرض الوطن,وهم يحملون أفكاراً وتجارب ناجحة لأمم أخرى, ومن بينهم شباب في مقتبل عمرهم يقلقهم هم الوطن الأم ويعزمون على إحداث تغيير فيه.
المعوّقات : هذا ويقف أمام إحداث التغيير في الصومال معوقات كثيرة, حيث يعاني الشباب من التهميش وتغييب دورهم الأساسي تجاه الوطن إلى درجة أن تأتي ضغوطات دولية تجاه التمثيل الشبابي في العملية السياسية الصومالية, وكأن الشاب الصومالي ضيف في وطنه .
البطالة المستفحلة في أوساط الشباب, خاصّة في أوساط متعلميهم محبطة لهمة وتطلعات الشباب نحو إحداث التغيير, ومما يعكر المزاج اعتبار المحسوبية في التوظيف, وعدم الاهتمام بالكفاءة، الأمر الذي من شأنه إهدار كبير للكفاءات التي تنوي إحداث تغييرات في الوطن .
وفي العموم الظروف الاقتصادية المتدهورة في الصومال قادت بعض الشباب إلى الهروب من البلاد بحثا عن عيش أفضل,
وبعد هذا وذاك الظروف الأمنية القائمة في الصومال حيث ينعكس ذلك سلبا على التطلعات الشبابية في التغيير, في حين يتم استغلال الشباب كوقود للنزاعات لمتعدّدة الأوجه السياسية أو القبلية, وبالتالي يصبح ضحية لنزاعات لا ناقة له فيها ولا جمل. أو تكبله الخطوط الحمراء للجهات المتصارعة عن العمل تفادي المساس بمحرمات جهة ما حتى لا يكون من ضحايا استهدافها.
كل تلك مؤشرات خطيرة على معوّقات المسيرة الشبابية نحو التغيير في الصومال, والاستفادة من الطاقة الشبابية تحتم على الحكومة الصومالية تحفيزالشباب وخصوصا ذوي الكفاءات, وإفساح المجال لهم كي يتمكنوا من أداء دورهم المطلوب, كما تحتم تذليل كل العقبات والمعوقات التي تحول دون تمكّن الشباب من القيام بواجبهم الوطني وخصوصا المعوقات الأمنيّة والاقتصادية.