تتواصل هذه الأيام في كل من العاصمة مقديشو ومدينتي جوهر وبلدوين مشاورات بشأن مؤتمر تشكيل إدارة هيران وشبيلي الوسطى آخر حلقة من حلقات تشكيل الإدارات الاقليمية في الصومال، والمزمع عقده في مدينة جوهر مركز محافظة شبيلي الوسطى خلال الأيام القليلة المقبلة، وبدأت وفود مختلفة تصل تباعا الي تلك المدن للمشاركة في ترتبيات المؤتمر وإجراء لقاءات مع القيادات العشائرية والقوى السياسية المؤثرة في سير فعاليات المؤتمر وتحديد معالم من سيكون حاكم إدارة هيران وشبيلي الوسطى.
مسارين متوازين
تتحرك الشخصيات التي تسعى إلى الترشح للرئاسة إدارة الإقليمين الوفود الأخرى المشاركة في المؤتمر وفق مسارين متوازين، شراء الذمم بالمال السياسي، وتحريك المشاعر القبلي في نفوس العشائر القاطنة في الإقليمين، هيران وشبيلي الوسطى واستخدامهما مطية للوصول إلي السلطة.
تتوافق الآراء بين القوى السياسية في البلاد على أن مساري، المال السياسي وورقة الإنتماء المناطقي والقبلي هما أبسط الطريق نحو الوصول إلى إدارة الإقليمين، فالمال السياسي يساعد المرشح وخصوصا في هذه المرحلة التي تتزايد حدة السباق نحو انتخابات الحكومة الفدرالية المزمع إجراؤها نهاية العام الحالي، في كسب أصوات زعماء القبائل التقليدين وشيوخ العشائر والسياسين المقربين من هؤلاء الزعماء. أما الانتماء القبلي فهو شرط أساسي يجب أن يتوفر لدى كل من يترشح لهذا المنصب، يعني لا بد أن يكون الحاكم المقبل لإقليمي هيران وشبيلي الوسطى شخصية تنحدر من أحد الإقليمين. وأن من يتحقق لديه هذين العاملين هو الأقرب إلى الفوز برئاسة إدارة شبيلي الوسطى وهيران التي تعد صوتها الفصيل في الخلافات بين الإدارات الاقليمية على مستقبل المسار السياسي في الصومال.
خريطة القوى الرئيسية
يتوقع أن تنطلق فعاليات جلسات مؤتمر تشكيل إدارتي اقليم شبيلي الوسطى وهيران هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل على أن تستكمل عمليات تشكيل الإدارة بحسب مصدر لوزارة الداخلية في غضون ثلاثة أشهر على أبعد تقدير ، الأ أن المصدر نفسه توقع أن يتم انتخاب رئيس الإدارة قبل نهاية شهر فبراير القادم ليكون حاكم الإدارة ضمن الوفود المشاركة في مؤتمر رؤساء الإدارات الإقليمية الذي سيعقد في شهر فبراير بمدينة اسطنبول التركية .
ورغم إبداء عدد غير قليل من السياسين رغبتهم في الترشح لرئاسة الاقليمين الإن الشخصيات البازة والمتوقعة فوزها بالرئاسة لم تعلن ترشحها بعد. فهي منشغلة في فرز الأوراق وتحيط أمرها بالكتمان إلى اسكتمال وصول المشاركين إلى مدينة جوهر، وافتتاح المؤتمر، خوفا من ردود أفعال بعض السياسين الذين يقفون بالمرصاد، ويريدون تأليب العشائر ضد هذه الشخصيات، ورغبة في الإبتعاد عن الإثارة.
يتوقع أن يأتي المرشحون من ثلاث قوى سياسية رئيسية تعمل على الأرض وتتصارع على تولي سلطة إقليمي هيران وشبيلي الوسطى وهي، تحالف الرئيس ، التيار السلفي ، وتيار يقوده رئيس الوزراء الأسبق على محمد جيدي.
أولا- تحالف الرئيس
هذا التحالف هو الأقوى في الساحة ويبذل أقصى جهده للظفر بهذا المنصب المهم. وفيما يبدو يحتل ملف إدارة شبيلي الوسطى وهيران صدارة خطته نحو البقاء على السلطة لأقصى فترة ممكنة أو على الأقل خلال السنوات الخمسة المقبلة، وبالتالي يستعمل التحالف كل الأساليب السياسية الممكنة ليتولي هذا المنصب شخصية ليست من التحالف ولا يستبعد أن يكون المرشح المفضل له واحد من الشخصيات التالية:
1- وزير العدل السابق فارح شيخ عبد القادر الساعد الأيمن للرئيس. وبفوزه على منصب حاكم إدارة هيران وشبيلي الوسطى تكتمل صورة مشروع التحالف خلال السنوات المقبلة ويكون التحالف قد ضمن رئاسة إدارتين اقليميتين يعتبران من أهم الإدارات الإقليمية الخمسة في الصومال.
2- محمد عمر وزير الأمن القومي المنحدر من اقليم هيران والمقرب من الرئيس
3- طاهر عرب رئيس إحدى الجامعات في مقديشو
4- شعيب شيخ عبد اللطيف يعمل في المنظمات الخيرية وينحدر من الاقليمين ولكن هناك معلومات أخرى تتحدث عن رفضه تولي إي منصب سياسي في هذه المرحلة.
ثانيا: التيار السلفي:
هذا التيار ليس من التيارات القوية في الساحة السياسية في الصومال ويفتقر إلي شخصيات سياسية فاعلة ونشطة إلا أنه يقوم بدور مهم في ترجيح كفة المرشحين وهناك رجال أعمال ينتمون إلي هذا التيار قادرون على دفع مرشح إلى سباق رئاسة إدارة اقليمي هيران وشبيلي الوسطى أو تأييد مرشح معين من بينهم رجل الأعمال الصومالي البارز والنائب في البرلمان عبد القادر عوسبلي، بيد أن بعض المصادر تقول إنه لم يحسم موقفه فيما يتعلق بانتخابات إدارة هيران وشبيلي الوسطى بعد، وينوي الترشح للإنتخابات العامة التي ستجرى في الصومال نهاية العام الحالي.
ثالثا- تيار رئيس الوزراء الأسبق علي محمود جيدي
حظوظ هذالتيار للفوز برئاسة الإدارة الاقليمية قليلة ولأسباب كثيرة فهو تيار لا تتقاطع مصالحه مع مصالح تحالف الرئيس وآراؤه حول مستقبل البلاد يعتبر لدى العشائر التي ينتمي إليها آية في الغرابة بسبب علاقاتة الطيبة مع إدارة بونت لاند الغريم التقليدي للتحالف وبالتالي من الصعوبة بمكان أن يفوز هذا التيار بالانتخابات إن قرر تقديم مرشح للسباق .
دلالات مهمة
أصدر رئيس الجمهورية نهاية شهر ديسيمبر الماضي مرسوما رئاسيا قرر بموجبه:
1- عقد مؤتمر تشكيل إدارتي اقليم هيران وشبيلي الوسطى في مدينة جوهر
2- أن تكون مدينة بولي بوردي عاصمة مؤقتة للإدارة
يحمل هذا المرسوم دلالات معنية على سير العملية الانتخابية وعلى الشخصيات المتوقعة للفوز بمنصب حاكم الإدارة ومن أبرز هذه الدلالات:
الدلالة الأولى: لا يمكن أن تحصل العشائر المنحدرة من شبيلي الوسطى على امتياز احتضان المؤتمر وتولي رئاسة إدارة الإقليمين وهذا الأمر يقلل من فرص المرشحين المنتمين إلي عشيرة أبغال والمنحدرين من اقليم شبيلي الوسطى. وكذلك ليس أمرا معقولا وفق العقلية السياسية الحالية في الصومال أن يكون رئيس البلاد ورئيس إدارة اقليمية من عشيرة واحدة، وبالتالي يصبح الحاكم القادم لإدارة اقليمي شبيلي الوسطى وهيران سخصية تنحدر من اقليم هيران وليس من شبيلي الوسطى.
وعلى ضوء هذه المعادلة يتم استبعاد مرشحين أقوياء ينحدرون من اقليم شبيلي الوسطى والراغبة في الخوض في غمار السباق نحو حاكم إدارة هيران وشبيلي الوسطى من بينهم مقربين للرئيس مثل: سيد علي مدير ميناء مقديشو السابق، وعبد الله محمد نور وزير الدولة للوزارة المالية .
الدلالة الثانية: اختيار مدينة بولي بوردي التي يحاصرها تنظيم الشباب فرع القاعدة في الصومال دليل دامغ على أن مدينة جوهر ستكون مقرا شبه دائم للإدارة خلال السنوات المقبلة على غرار ماحدث في المناطق الوسطى، حيث لم تتمكن إدارة جلمدغ بعد أكثر من نصف عام من تشكيلها من الانتقال إلى عاصمتها طوسمريب والمسيطر من قبل تنظيم أهل السنة والجماعة المعارض ولا تزال تعمل في مدينة عذاذو التي استضافت مؤتمر تشكيل إدارة جلمدغ.
والسر في هذا أن تحالف الرئيس يسعى ليكون مركز صنع قرارات إدارة هيران وشبيلي الوسطى قريبا من العاصمة مقديشو وبعيدا عن تأثيرات عشائر هيران وسلطة المباشرة للقوات الإثيوبية المتمركزة في مدينة بلدوين.
الدلالة الأخيرة: أن يصدر قرار تحديد مسار تشكيل إدارة هيران وشبيلي الوسطى بمرسوم رئاسي وليس ببيان من اللجنة الملكفة بتنظيم المؤتمر والمشكلة من قبل وزارة الداخلية مؤشر قوى على أن الرئيس حسن شيخ محمود يتحرك أكثر من مسار ليصبح حاكم إدارة هيران وشبيلي الوسطى شخصية من الموالين له، وأن يكون وزير العدل السابق فارح شيخ عبد القادر المنحدر من اقليم هيران هذه الشخصية لن يكون أمرا مفاجئا؛ لأنه كان ضمن وفد الرئيس الذي زار مؤخرا مدينة بلدوين مركز محافظة هيران، ولعب دورا هاما في وفق القتال الدائر فيها، وأجرى لقاءات مطولة مع مختلف القيادات السياسية والعشائرية في الاقليم تم البحث خلالها علاقته مع عشائر هيران ودوره في تشكيل إدارة هيران وشبيلي الوسطى بحسب مصدر مطلع في مدينة بلدوين.