تعد كينيا من الدول التى أثرها الوضع الصومالي نظرا لكونها أحد الدول المجاورة للصومال ونظرا للعلاقات التي تجمع بين البلدين ، حيث توجد حدود مشتركة بين البلدين سواء في البر والبحر ، إضافة الى ذلك يوجد في كينيا اقليم يسكن فيه صوماليون وهو إقليم(انفدي )في شمال شرق كينيا.
وبما أن الصومال حاليا تشهد هشاشة في الوضع الامن والاستقرار ، فإنه من المحتوم أن تتأثر كينيا بالوضع الأمني في الصومال
وقد حدثت عمليات شنتها حركة الشباب المجاهدين داخل كينيا ، من خطف لجنود وموظفين في كينيا وتفجيرات في قلب العاصمة نيروبي وهجوم على المراكز الرئيسية في كينيا مثل الهجوم على جامعة قاريسا في كينيا .
وقد أدت هذه العمليات إلى حدوث خسائر كبيرة لكينيا مما صوّر للعالم هشاشة وضعف أمنها ، وقد لقي العشرات من الكينيين حتفهم في هذه العمليات وأصاب الذعر والخوف الكثير منهم.
وهذا استدعى من كينيا أن ترسل الآلاف من جنودها إلى داخل الصومال بحجة إبعاد حركة الشباب المجاهدين من حدودها ، حيث دخلت القوات الكينية وتحت مظلة قوات الاميصوم إلى مناطق جوبالاند وتمكنت من الاستيلاء على العديد من المدن في هذه المناطق إلى أن وصلت قواتها الى مدينة كسمايو عاصمة إقليم إدارة جوبالاند المؤقته.
وادعت كينيا أن الهدف من دخولها إلى الصومال هي إعادة الأمن والاستقرار للداخل الكيني ولحدودها، وتشجيع إقامة ادارة قوية في هذه المناطق تمنع حركة الشباب المجاهدين من جعل هذه المناطق قواعد آمنة لها تشن منها حروب وعمليات نوعية.
إلا أن التدخل الكيني في الصومال ودعمها لإدارة جوبالاند تحت مظلة الاميصوم لم يوقف العمليات والتفجيرات التي كانت تحدث في داخل كينيا، بل استطاعت حركة الشباب المجاهدين شن العديد من العمليات وتنفيذها داخل كينيا بعددخول القوات الكينيةإلى الصومال.
وقد ظهر إلى العلن في الآونة الأخيرة أن الحكومة الكينية تريد أن تبني جدارا عازلا في الحدود الكينية ــــ الصومالية للمحافظة على أمنها ومنع حركة الشباب من الدخول غلى العمق الكيني وشن عمليات نوعية عليها ،ومن أجل أن تتحكم في حدودها وتحدد من يدخل الى كينيا ومن يخرج منها.
لكن السؤال المهم والملفت للنظر هو : هل هذا الجدار سيوفر الأمن والاستقرار لكينيا؟
لقد أعدت قناة الجزيرة باللغة الانجليزية برنامجا وثائقيا حول هذه القضية ، وناقشت فيه ما يمكن لهذا الجدار أن يجلب لكينا، وأين يوجد العدو الكيني هل هو خارج كينيا أم في داخل كينيا؟
يشير البرنامج إلى أن هناك العشرات من أنصار الحركة والمخلصين لها والذين يتواجدون في داخل كينيا وأنهم مستعدون من أجل التضخية في تنفيذأوامر الحركة ، وقد أبدى البعض منهم الذين قابلهم معد البرنامج أنهم ساعدوا أعضاء من الحركة كانوا قد قاموا ببعض العمليات في كينيا وأنهم على استعداد لمساعدتهم مرة اخرى.
ومما تجدر الاشارة إليه أن هناك عمليات حبس ومساءلة وقتل لبعض من الائمة المسلمين في ممباسا بكينيا ـــــــ بعد اتهامهم بالراديكالية وأن لهم صلة بالحركات التي تعتبرها كينيا ارهابية مثل حركة الشباب المجاهدين.
لذا يشير الكثيرون أن التهديد الحقيقي لكينيا يأتي من داخل كينيا، وأن عليها أن تسعى الى إصلاح الأمن الكيني من الداخل والسعي الى إفشال مخططات حركة الشباب والتي تسعىدوما إلى تجنيد العشرات من المواطنين المسلمين الكينيين، لذا على الحكومة الكينية أن تتشاور مع مسلمي كينيا في كيفية مواجهة مثل هذه المخاطر.
والشيء الآخر الذي يشير إليه البرنامج هو أن هذا الجدار ـــ في حال بنائه ــــــ من الممكن أن يؤدي الى تعطل الكثير من مصالح الشعب الموجود في هذه المناطق الحدودية ، حيث تجدر الاشارة أنه يوجد المئات من أهل البدو الموجودين في هذه المناطق والذين يشتكون من مثل هذا الجدار ،والذيقد يعوقهم أو يمنعهم من البحث لماشيتهم الماء والكلأ على حدود البلدين .
ومما يجدر الاشارة اليه أن بناء الجدار قد جلب صخبا كثيرا ، وقد رأى الكثير من الشعب الصومالي أن كينيا تسعى لتجاوز حدودها وضمبعض الأراضيالصومالية إليها ، مما استدعى احتجاج الحكومة الصومالية على بناء هذا الجدار وتعبيرها عن عدم رضائها عن هذه العمل، مما يدلل على أن بناء هذا الجدار جلب لكينيا نزاعا جديدا مع الشعب والحكومة الصومالية وهذا لا يصب في صالح كينيا التي تحتاج إلى التصالح مع الشعب والحكومة الصومالية.
ويمكن لنا أخيرا أن نقول بأنه لا يوجد فائدة كبيرة لكينيا وراء بناء هذا الجدار، وأن بناؤه لن يغير الكثير من الأوضاع الراهنة حاليا ، بل يجلب مزيدا من التدهور بين العلاقات بين الشعبين والحكومتين.