أعرف أن الكثير منكم سوف ينتقد بشدة عند رؤية أو قراءة هذه المقالة تحت عنوان سياسة الإستحمار لعدة إعتبارات قد تكون ذاتية أو موضوعية، وقد يكون نقد بناء أو نقد هدام، لذلك أنا على أتم الإستعداد لقبول كل الإنتقادات ومهما كان حجمها لذلك يقول فرانك كلارك النقد مثل المطر ينبغي أن يكون يسيراً بما يكفي ليغذي نمو الإنسان دون أن يدمر جذوره.
أنا أقصد بهذه الأسطر المنظومة الحالية التي تسير أحوال وشؤون البلاد، حيث أصبح هذا النظام يعتمد سياسة لم نجد لها تسمية غير تسمية سياسة الإستحمار للحالة المزرية التي يعيشها الفرد والمجتمع في بلدنا إستعرنا كلمة الإستحمار من كتاب الدكتور علي شريعتي، وعرفه بأنه ” تزييف ذهن الإنسان ونباهته وشعوره وحرف مساره عن النباهة الإنسانية والنباهة الاجتماعية فردا كان أو جماعة “، وأطلقنا عليها هذه التسمية لعدة اعتبارات منها:
قتل فضاء تطارح الأفكار والبدائل بين المعارضة والحكومة وعدم تقبل الرأي المضاد والمخالف.
مشاكل إجتماعية كثيرة ومتعددة كالبطالة وأزمة السكن ونقص فادح في المشاريع وأبسط الخدمات الإجتماعية، أصبحت في عداد سناريوهات الحياة اليومية للأفراد والجماعات، ولم تجد هذه المنظومة الحلول المناسبة لها، ولن تجدها بهذه الأساليب البدائية.
منظومة التربية والتعليم يشوبها كثرة الإضرابات، ومازالت بعيدة كل البعد عن مستويات مقارنة مع مختلف منظومات التي تسير هذا القطاع في أنحاء العالم.
عدم القدرة على تنسيق بين مختلف الوزرات الحكومية، فكل حكومة تنفي سابقتها، وهذا الأمر غير مقبول في هذا المستوي، وفي بلد كالجزائر.
نعود مجدداً إلى المشاريع فأغلبها إن لم نقل كلها فاشلة ويشوبها فساد مالي وإداري ولم تحقق التطلعات التي بنيت عليها الآمال.
وجوه سياسية وأحزاب سياسية ليس لهما مفعول سياسي بالمنظور الفكري السياسي المعاصر ويقتصر ظهورها في المناسبات الإنتخابية لشراء الأصوات إن صح التعبير.
نظام سياسي وإقتصادي وثقافي وإجتماعي قائم على الإستهلاك فقط، لم نرى من هذا النظام أي إنتاج فكري ماعدا الفساد المالي، الذي نحتل به المرتبة الأولى عالمياً.
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تعاني ولم تجد الحلول للوصول إلى أرضية صالحة بين نظامين كلاسيك و ل م د، إلى جانب ذلك جامعات تسيرها منظمات طلابية فاشلة غرضها يقتصر على مصالحها فقط.
لم نفهم بعد ما هو نوع الحكم السياسي ولا النمط الإقتصادي الذي تسير به البلاد.
كل هذه الأمور التي تم التطرق إليها لمسناها من الواقع المر الذي نتخبط فيه ونغرق فيه، فلم نعد نثق فيكم ولا في مشاريعكم ولا في تصريحاتكم ولا في مسكناتكم، رجاءاً أوقفوا هذه سخرية وأوقفوا بث أفكاركم وغسيلكم ومهاراتكم فالشعب أنبه من أن تستحمروه.
بقلم علي بوخلخال