الصومال هي من ضمن الدول على مستوى أفريقيا والعالم العربي العاجزة طوال عقود من الزمن التحول والانتقال من التراجع إلى التقدم والازدهار رغم أنها من أوائل الدول المستقلة مبكرا عن الاستعمار الأوربي الرابض في المنظفة فترة هامة من تاريخ الوطن وربط بها الكثير من الدول والشعوب أملها في أن تكون من مصاف الدول القوية في الإقليم كونها تحظى وجود مجموعة من مسببات النهوض المتنوعة بين الطبيعية والبشرية. وتتعدد تلك العوامل المسببة والعناصر إلى ثابتة ومتغيرة تمت الصلة بمجالات الحياة العامة. ولكن القاسم المشترك بينهم جميعا هو فقدان صفة الاستقرار السياسي ووجود فجوة الانسجام بين المواطن والقيادة السياسية على أنواعهم المختلفة، حيث أن عدد الحكومات منذ الاستقلال عام 1960م تجاوز الأربعين، وعدد رؤساء الحكومات يصل إلى خمسة عشر، بينما عدد رؤساء الجمهوريات وصل إلى تسعة، علما بوجود عقد كامل تقريبا من الوضع اللاحكومي في البلاد، وذلك بعد سقوط الحكومة المركزية، وتحديدا مابين 1991-2000م
وأكاد اجزم بان حصيلة التطورات السياسية التي عاشتها البلاد في الشهور التي تكاد أن تتخطى الأربعة الأشهر، والمتمثلة تحديدا بسيادة أجواء الخلافات الحادة بين قطبي الحكم (الرئيس، رئيس الوزراء السابق السيد عبد الولي شيخ أحمد ) وما نتج عن ذلك من تجمد عمل مؤسسات الحكومة، وتوالي المناشدات الدولية لاحتواء ألازمة، وحدوث الانقسامات الحادة بين مختلف القوى السياسية الوطنية وصولا إلى عدم الاتفاق النهائي بعد لتشكيل الحكومة المرتقبة وتعديل القائمة الوزارية أكثر من مرتين وطلب المزيد من المهلة من البرلمان لإعطاء الفرصة في التوافق على القائمة؛ ربما هي مظهر من مظاهر التراجع المستمرة منذ العقود، وجزء من امتدادات تتصل بأسس بناء الدولة وهيكلة البناء والممارسة الثقافية. ويمكن من حيث المعنى أنها من أكثر الفترات أهمية في تاريخ الصومال بعد استقلالها، وهي أقرب من حيث الشبه في حالات ما قبل وقوع الحدث الحاسم في سير اتجاه تاريخي ما ساد بعض الوقت في تاريخ الأمم والشعوب بأكمله مثل فترة قبيل انتهاء العلاقة بين الحكم الإيطالي والمحلي عام 1956م وسقوط نظام الحكم المدوي عام 1991م.
وطبيعة الخلاف والمواقف بين قطبي الحكم كانت واضحة جدا على أنها سياسية بالدرجة الأولى، ولا علاقة لها لا بالقانون ولا بالدستور المعمول به حاليا بصورة مباشرة رغم اعتمادها أو استخدامها كمبرر ما، أو اعتباره مصدرا من مصادر الخلاف والتوتر، ويصحب في امتداده قلق حقيقي حول حجم أثره استمراره على استقرار الحكم العام وطبيعة استمرار فعالية مؤسسات الدولة لاحقا، وإمكانية دوامة العلاقة بين الإدارات الإقليمية والحكومة المركزية في البلاد، بالإضافة إلى مستقبل العلاقة العملية بين النظام ودول الشركاء بالشأن الصومالي على المستويات المختلفة بدء من الدول الأفريقية التي تتواجد قواتها على الأرض، وكذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي الحاضرين بقوة على الساحة العملية، وصولا إلى الدول الكبرى الممولة على مهمة تلك القوات ميدانيا، وتقدم دعما مختلفا إلى النظام منذ ولادته، وتسعي إلى المساهمة الفاعلة في تشكيل الخريطة السياسية وتحديد الهوية السياسية للدولة الصومالية المنتظرة في عام 2016 م المقبل.
وغالبا ما تكون مثل هذه الخلافات القائمة ناتجة من عوامل تراكمية ولا تتم بمجرد الصدفة أو بحدوث حدث أوقرا ر أو خطوة واحدة، وهي تراكمات تستند أصلها إلى طبيعة دساتيرنا المستنسخة واستتبا ع منازعات سياسية تاريخية بين قطبي الحكم وتجاذب أهداب السلطة بينهما منذ الاستقلال وكذلك تغير هويات النظم الحاكمة، وتستند بالوصول إلى من ينبغي أن تكون له الكلمة الأخيرة إلى القرارات المتخذة على مستويات الحكم المختلف في البلاد، وتحديدا فيما إذا كانت يجب أن تتم ذلك بالتوافق والتشاور المتبادل أم بالاعتماد والاحتكام كل طرف من أطراف الحكم إلى ما يعطيه الدستور غير المكتمل من الصلاحيات.
والخلافات بين القطبين بدأت مبكرا، وربما يمكن القول أنها بدأت مع بداية تشكيل الحكومة، وانتهاء فترات الأولى من الحذر والترقب والحرص المتبادل، واستمرت بعدها تأخذ درجات متباينة من الصعود والهبوط وتأرجحت بين ظهورها في العلن وبقائها تحت الأضواء، وأثرها سلبا وقوع الأحداث السياسية المتلاحقة دوما. ويمكن القول بان الخلافات بين القطبين ترجع إلى العوامل التالية: –
التركة السياسية الموروثة
حيث أن رئيس الوزراء السابق ورث عن سابقه وضعا سياسيا لا يحمل في طياته عوامل الاستمرار والبقاء ويؤدي إلى الصدام والخلاف حتميا مع الرئاسة، ويتسم ذلك الوضع بتداخل السلطات الدستورية بين القطبين عمليا، وغياب آليات الفصل الدستوري (المحكمة الدستورية، وعدم إصدار البرلمان أي مذكرة إيضاحية تحسم التوتر ) عند ظهور الخلاف السياسي الوارد دائما في الممارسات السياسية وهيمنة صورة ذهنية غير مؤصلة في الدستور الحالي تعتبر بسلطات الرئيس شبه مطلقة باعتباره منتخبا من قبل البرلمان، وتجعل سلطات الأخير مقيدة باعتباره معينا من قبل الرئيس بالإضافة إلى وجود حكومة موازية تشعر الجميع بأنهم ملاك النظام وأصحاب المشروع والحكم عموما وكذلك تمرس شخصيات مختلفة وراء الرجلين ينتمي بعضها إلى مرجعية حركية وحزبية واحدة “ حزب السلام والتنمية” الوليد لراس النظام في انتخابات 2012م، والبعض الأخر كان جزاء من الأنظمة السابقة، وفقد أمل الانضمام إلى الحكومة الحالية، ومن ثم نتيجة لذلك حدثت فجوة سياسية متسعة قبل وأثناء إسقاط الحكومة السابقة، وقام كل واحد من هولاء بحث فرصة معينة تمكنه بركل الآخر سياسيا، وإبعاده من المسرح السياسي حتى وإن كان الثمن عالي التكلفة.
اختلاف مزاج الرجلين
كان يوجد اختلاف واسع في وجهات النظر بين الرحلين في العديد من المسائل ذات الصلة بأساسيات الحكم وتحقيق الاستقرار في مختلف مجالات الحكم. ومن ضمن تلك القضايا، حدود طبيعة العلاقة العملية بين المجلس الوزاري والرئاسة في تشكيل الإدارات الإقليمية والعلاقة بين الوزارات والرئاسة هل هي تمر عبر المجلس الوزاري أم تمتد رأسا إلى الرئاسة، كما وجد خلاف شاسع بين الرجلين في إدارة ملف العلاقات الخارجية والتعاون الدولي وفي تشكيل اللجان الوزارية وغير الوزارية عند الضرورة والحاجة، هذا فضلا عن تشكيل اللجان الوطنية المستقلة، وإصلاح الخلل الظاهر بين الو زارت وأجنحتها التنفيذية ( وزارة الدفاع والجيش، الأمن والمخابرات، الداخلية والبوليس، الخارجية والسفارات على سبيل المثال ) وأخيرا مسألة الارتباط العضوي بين الزمن وتحقيق المهام الدستورية العالقة و تحقيق الرؤية العملية في 2016 م باعتبارها محور العمل الأساسي للنظام الحالي والعقد المشترك بينه والمجتمع الدولي الشريك فيها بشكل أساسي.
تطور الخلاف إلى الحسم
ورغم أن تلك الخلافات تم حسمها بعد اللجوء إلى البرلمان وإسقاط الحكومة إلا أن الصعوبة أو العثرة الحالية في تشكل الحكومة يعتبر نتيجة مباشرة لهذا الخلاف وانقسام البرلمان راسيا إلى كتل يوجد بينهم اختلافات تنعدم فيها حدود الفصل بين الخاص والعام وبين الذات والموضوع، لدرجة يمكن القول بان عودة الوفاق بين البرلمان والرئاسة تكاد يذهب إلى نقطة اللارجعة، كما أن العقد بينها وبين الشارع تفسخ وانفك واهتزت الثقة بينهما مع تحلل الرئيس من الالتزامات الستة التي وعد تنفيذها في برنامجه الانتخابي عام 2012م وضعفه طرح مبادرات وخطاب يعطي لهم أمل المعافاة من الإحباط، حتى بدء بعض من القوى والفصائل إعداد نفسها أن تكون بديلا جاهزا للتوريث والتسلم تأكيدا لذلك، وذلك عن طريق التحالف مع قوى سياسية أخرى فاعلة في الساحة، وبالتالي قيام كل ما يؤدي إلى الاستفادة القصوى من عثراته المتكررة بدلا من التفكير السائد سابقا ضرورة إعطاء الفرصة الكافية لتصحيح مساره واستعادة تركيزه وترتيب اولوياته المتخبطة
ويبدو أن رئيس الوزراء الحالي أراد من خلال تقديمه القائمة المعدلة إلى البرلمان الخروج النهائي من الجدل المحتدم بين القوى البرلمانية المعارضة لسياسات الرئاسة وبين رئاسة الجمهورية، وطرح وجوه شابة في معظمها وخارجة عن نطاق الخلافات الجارية، وتحظي بقبول مجتمعي أوسع، وتكتسب بمهارات وخبرات كافية في النهوض على تحقيق المهام السياسية العالقة على عاتق الحكومة، وتشمل فيه إلى حد ما مختلف التيارات السياسية القائمة في الساحة السياسية، وتأتي من مطابخ وعائلات سياسية ترسبت فيها معارف ومهارات العمل السياسي سابقا ( أكثر من 10 من آباء الوزراء المرشحين حاليا مسكوا مناصب عليا سواء في العهد المدني والعسكري، ويحملون جنسيات من أمريكا الشمالية بما في ذلك رئيس الوزراء )
ويتزامن ذلك في وقت حرج للغاية على صيانة واستعادة مظاهر السيادة التي هي في طريقها إلى الاختفاء من أيدي النظام حيث تتزايد سعة الهوة بين مقرات قيادة الحكم والشارع نتيجة استمرار عجزه في إيجاد الوسائل للوصول إليه، بالإضافة إلى تراجع مساحة قبضة المليشيات الفاقدة للرشد الطبيعي ويضرب الجفاف في بعض المناطق والمحافظات الواقعة في الجنوب، وبالتالي احتاجت إلى الإسراع في توصيل الخدمات الضرورية وتوفير آفاق التنمية المستدامة تحديدا ودفع تواجد مؤسسات الحكم المختلفة بقوة متجددة، وتمارس فيها الإدارات الإقليمية سواء القديمة منها والحديثة مختلف جميع أشكال الاستقلالية في القرارات والحركة ويستمر فيها التوتر اللامنتهي بينها وبين المركز.
وتتراخى فيه كذلك مستوى التعاون والتنسيق اللازم بين النظام ومختلف الشركاء والدول التي تواجد ميداني مباشر على الأراضي، ومن ثم ترك لها حرية العبور والتنقل والتصرف والنزول والمغادرة والانتشار والحركة كيفما تشاء، وبالذات المجاورة، ناهيك عن الانتقال من البقاء في ذيل قائمة الدول الأكثر فقرا وفسادا والأقل تنمية ونموا و آمنا وشفافية وفقدان القدرة بالسيطرة الكاملة على المواني والمداخل العامة للعاصمة وضبط الجناة وإخضاع المؤسسات العامة عملها على الرقابة العامة وسلطات النيابة العامة غير الآخذة في الاعتبار حاليا.
فرص الانتقال من التراجع
إمكانية الانتقال من التراجع المستمر إلى العكس لا يبدو في الأفق على المدى القريب على الأقل مع استمرار سلوك النظام ، وسيادة التنافر بين النخب والقوى السياسية وذلك نتيجة للأسباب التالية:-
1- أن مسؤولية الانتقال أو الخروج من التراجع غير موجودة فقط في أيدي النظام وقيادته بقدر ما هي مسؤولية الجميع رغم التفاوت في المستوى والحدود بين الذي طلب وتولى وحلف ووعد وبين المواطن العادي الذي يشعر فقدان المعين مع اشتداد مطالب الحياة في خياراته المحدودة والمتألم من ضراوة مجاري الجور المتراكم واستغلال وضعه الإنساني. علما با ن فترة العقد والنصف الماضية لم تخلف وجود أساس مساعد على التجاوز من التراجع، بل ويجب التعامل بها من زاوية أنها أبعدت آمال الخروج السريع من الانسداد والتراجع الممتد.
وأطن أن ترك المواطن بعض من مسؤولياته الأساسية سابقا- بغض النظر عن السبب – وتحوله مع بداية الحكم العسكري واندلاع الحرب الأهلية وسيادة أجواء الخوف والقلق والترهيب من موجود فعلي مبادر، محتج، مناضل، مكافح، متضامن منتظم في السابق إلى ملتقي، مستسلم حائر ومرهق، يائس غائب الدور، خالي الوعي.
2- أن الأنظمة الحكم المتعاقبة كانت وتعلن مابين الحين والآخر، إعطاء الأولوية لفرض القانون واستتاب الأمن وإصلاح المؤسسات ومحاربة الفساد وبسط العدالة وإنهاء مراجعة الدستور وتحقيق الالتزامات الدستورية وغيرها من المسائل والعموميات ذات الصلة بالواقع السياسي القائم ولم يحققها أحد من القائلين بغض النظر عن التبريرات والتفسيرات المقدمة كما لم يتساءل أحد لما ذالا، وذلك نتيجة عجز تحويلها إلى واقع عملي قابل للتنفيذ الزمني أو المرحلي، وخلق الآليات الضامنة له، وربما سوء الفهم الظاهر حول إدراك العلاقة العضوية وارتباط أجزاء تلك العموميات بين بعضها البعض وكذلك الحيرة من أين يجب البدء بها أولا، مما كان يعني افتقاد الإدراك في الارتباط المتبادل بين وجود الأمن بتحقيق العدل، والعيش الكريم بالاستقرار، وتوفير الخدمات العامة بالشرعية والانقياد والالتزام والصدق بالثقة والتجاوب ومحاربة الفساد برفع قدرات أجهزة الرقابة وتقوية النيابة العامة وانطلاق ذلك كله في المكاتب العليا أولا لينزل لاحقا إلى الأدنى وليس العكس وهكذا إلى النهاية.
وهو ما يعني تحديدا انه لا يمكن تصور تحقيق الأمن والنظام العام مع إعدام وانعدام العدالة المطبقة في المؤسسات العامة وان عدم وجود مسؤل حكومي ثم تحويله إلى النيابة العامة أو رفع منه الحصانة أو تم حكمه قضائيا منذ الفترة الماضية، أو تم طرده من وظيفته يشير كلها عكس اتجاه الانتقال إلى التراجع الممتد.
3- ضعف فعالية مؤسسات المجتمع المدني، حيث أن ذلك بدء أصلا مع الحكم العسكري وازداد اتساعا مع انتشار الحرب الأهلية وارتفاع موجة الاقتتال الداخلي وحالات القتل المروعة وأخذها إلى إبعاد أيديولوجية أكثر عنفا وخوفا. و يتمثل أهمية وجود المجتمع المدني بالأساس وجود رأي مختلف عن التناقض القائم في الساحة ودعوته الدائمة إلى تقريب وجهات النظر المتباعدة وتأكيد مبدأ الحوار وتعزيز الحريات وترسيخ ثقافة الاختلاف بالإضافة إلى طرح التصور للانتقال الأفضل من مرحلة إلى أخرى، بالإضافة إلى قدرته تحديد متطلبات التجاوز من الانسداد واعتماده بالوسائل السلمية للتعبير بشعور المواطن ونقل إحساسه إلى الجهة المعنية ومراكز صنع القرار، وبالذات المؤسسات التعليمية والتوعية والمراكز البحثية والاتحاديات المهنية باعتبار أنها تعمل اعتياديا رسم الهدف وتحديد المسار وكشف العوج وإنتاج الموارد البشرية وخلق آفاق الأمل إلى غير ذلك من القضايا ذات الصلة بالانتقال من التراجع والتجاوز من النكسات.
4-عدم اختلاف الموقف الراهن أو عدم معرفتنا الكافية به سواء على مستوى القادة والأفراد حول طبيعة الأزمة التي نمر بها وخصائص المرحلة التي نحن في داخلها، ونوعية التحديات التي نواجهها وطبيعة الإقليم المحيط حولنا وهي كلها قضايا تعبر عدم الفهم الواضح للموقف واحد أسباب بقائنا في التراجع المطرد، وان مجرد الاستماع إلى الخطابات المتلاطمة بين مختلف القوى السياسية الموجودة في الساحة بما في ذلك حركة الشباب تجدهم يؤكدون باستمرار أن الوضع مستقر، وأنه في طريقه نحو التقدم والتحسن، وان ما نقوم به متسق مع المطالب المجتمعية إلى غير ذلك من الترف اللفظي الخاوي من المحتوى العملي، مما يمكن الفهم بغياب أجندة وطنية مشترك بين الجميع ووجود وجهات نظر متباينة مجتمعيا فيما إذا كانت ألازمة الحالية سياسية أم وجودية والتحديات التي نواجهها ظرفية أم مصيرية، والإقليم المحيط بنا جزاء من بقائنا في التراجع وليس عاملا مساعدا لها، والعالم الذي ننتمي إليه هل هو يتعامل معنا كجزء منه أم استثناء فيه.
وللتعامل مع تلك ألازمة الوجودية والمصيرية والإقليم المثبط وغيرها من الضروري بان نعرف مسبقا بالتعامل مع حالة ناتجة من خلل استراتيجي سابق وليس بمجرد موقف سياسي اجتهادي ناشئ، ولها امتدادات ضاربة الجذور، وتكثر فيها التقلبات والارتدادات السريعة وتحتاج فترة طويلة من الزمن للتجاوز منها، ولا يمكن الانتهاء منها الابعودة دور الفرد الغائب حسبانه في القرارات والممارسات وبوجود المسؤولية الجماعية وإحياء الوعي المجتمعي الشارد وتوافر المصداقية وتبادل الثقة بين الجميع، واستحواذ ذوق مجتمعي ينفث ويلفظ ويرفض ويمنع ويقبل ويتمسك، وبالتالي فان عدم فصل ذلك عن الأخرى أدى إلى بقائنا في الغور والانغراق في متاهات لا طائل من تحتها، وانشغالنا بـمظاهر الفرد و هو ابن من ؟ وماذا قال وقراء ويملك وليس ماذا أنجز وفعل وغيّر واكتسب.