مجاعة، لا أمن، لا استقرار سياسياً، ولا تنمية. وفوضى على فوضى ذلك حال الصومال، البلد الذي يمتلك أطول ساحل في أفريقيا وكان بإمكانه بموقعه الاستراتيجي هذا أن يكون دولة اقتصادية كبيرة نظراً لما يمتلكه من ثروات بحرية هائلة والتي يمكن أن تدر عليه ملايين الدولارات سنوياً غير أن واقع الحال الذي يشهده منذ قرابة ربع قرن من الزمن لا يبشر بالخير ولا يبث أي شعاع أمل بالعودة إلى الدولة الصومالية إذ بات الصومال مثلاً يضرب به في الحرب والقتال المستمر والإرهاب رغم بعض الجهود التي تقوم بها جامعة الدول العربية لإنهاء الأزمة وإعادته إلى مركب الدول إلا أن هذه المحاولات كثيراً ما تصطدم بعراقيل.
لا استقرار سياسياً
على المستوى السياسي يعيش الصومال حالة من اللا استقرار ومن الصراعات والخلافات المستمرة آخرها الأزمة التي نشبت بين رئيس الوزراء السابق عبدالولي الشيخ أحمد والرئيس حسن الشيخ محمود إذ حمل الأول الثاني مسؤولية الأزمة السياسية في البلاد.
واعتبر الشيخ أحمد أن سبب الأزمة يعود إلى إجرائه في الـ25 أكتوبر الماضي تعديلاً مصغراً في حكومته وفقاً للدستور الصومالي، بهدف تفعيل عمل الحكومة. وأشار إلى أن حسن الشيخ محمود اعتبر التعديل باطلاً وأمر الوزراء الذين شملهم التعديل بالاحتفاظ بمناصبهم السابقة في مخالفة صريحة للدستور وفق تعبيره. وقال إن الرئيس لم يكتف بذلك بل دفع وحرك نواباً من البرلمان إلى التقدم بمذكرة حجب الثقة ضده.
ورغم إقرار البرلمان الصومالي في وقت لاحق تعيين عمر عبدالرشيد علي شرماركي رئيساً جديداً للوزراء والذي تعهد بإنهاء الاقتتال الداخلي إلا أن كثيراً من المراقبين اعتبر مثل هذه التصريحات ما هي إلا مجرد أقوال لن تترجم إلى أفعال.
شبح المجاعة
على مستوى الأمن الغذائي، لا تزال المجاعة شبح يطارد الصومال رغم المساعدات الإنسانية الدولية والعربية التي تصل إليه إذ حذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أخيراً من تفاقم أوضاع الأمن الغذائي في هذا البلد.
وذكرت في بيان أن أكثر من مليون شخص بالصومال في حاجة ماسة إلى المساعدة أي بزيادة تبلغ 20 في المئة خلال ستة شهور فقط بينما ثمة مليونان إضافيان يتعرض أمنهم الغذائي إلى تهديد مباشر.
في السياق، قال المدير العام المساعد لـ«الفاو» والممثل الإقليمي لإفريقيا الخبير بوكار تيجاني «إذا كنا استخلصنا شيئاً من المجاعة المدمرة عام 2011 فهي أن الاستجابة السريعة للتحذيرات المبكرة ضرورية لمنع الكوارث».
تهديدات الشباب
أمنياً، لا تزال حركة الشباب المتشددة تشكل التحدي الأمني الأكبر في البلاد تلك الحركة التي تتبع فكرياً تنظيم القاعدة.
تشكل الحركة تهديداً على الصومال وعلى المنطقة جمعاء إذ امتدت هجماتها خارج الصومال ما جعل الأمم المتحدة تؤكد في أكثر من مرة أن الشباب المرتبطون بتنظيم القاعدة «لديهم القدرة والرغبة في شن هجمات في المنطقة في كل لحظة».
وشددت أنّ لهذا التنظيم «جدول أعمال إقليمياً»، مؤكدة أن «كبار مسؤوليه لديهم أهداف تتجاوز جدول الأعمال داخل الصومال».
ورأت الأمم المتحدة أن هذا التهديد «يتطلب أن تكون دول المنطقة وبدعم من المجتمع الدولي أكثر توحداً في معالجة هذه المشكلة».
ويرى المراقبون أن عناصر الشباب لا يزالون يشكلون التهديد الرئيس للسلام في الصومال.
وكان الشباب الذين طردوا من مقديشو في 2011، فقدوا كل معاقلهم تقريباً في جنوب ووسط البلاد الواحد منها تلو الآخر، لكنهم لا يزالون يسيطرون على مناطق ريفية واسعة ويشنون حرب عصابات. ويستهدفون باستمرار المؤسسات الصومالية والقوة الأفريقية التي تعد حوالي 22 ألف رجل.
نزاعات مستمرة
يشار إلى أن الصومال قبل عام 2012 كانت محرومة من سلطة مركزية فعلية منذ سقوط نظام الرئيس محمد سياد بري في 1991. ومنذ ذلك الحين شهدت البلاد حرباً أهلية ونزاعات بين زعماء حرب وممارسات عصابات إجرامية إلى جانب عنف الجماعات المتطرفة.
تأكيد إفريقي أممي
أكد ممثل الاتحاد الأفريقي في الصومال قائد قوة «أميصوم» مامان صديقو أن «هدف تخليص الصومال من الإرهابيين مستمر بلا هوادة»، مشدداً على أن «مثل هذه الهجمات لا تؤدي سوى إلى زيادة تصميم حكومة وشعب الصومال بدعم من الأسرة الدولية».
من جهته، أكد الممثل الخاص للأمم المتحدة في الصومال نيكولاس كاي أن الإرهابيين لن يمنعوا الصومال من النهوض».
المصدر: جريدة البيان اللبنانية ، تقرير ـــ عبد الرحمن دوار