أنور أحمد ميو-
يعــاني العالم النامي من أزمة في التوظيف خاصة بين فئة الشباب الخريجين من الجامعات، والذين يقدر أعمارهم ما بين 20 – 35 عاما في ظل انتشار ظاهرة البطالة في كثير من الدول الإسلامية والعربية والإفريقية.
وتعدُّ أزمة التوظيف من أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاديات العربية والدول النامية والفقيرة، باختلاف مستويات تقدمها وأنظمتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ولعل أسوأ وأبرز سمات الأزمة الاقتصادية التي توجد في الدول العربية والنامية على حد سواء هي تفاقم مشكلة البطالة أي التزايد المستمر المطرد في عدد الأفراد القادرين على العمل والراغبين فيه والباحثين عنه دون أن يعثروا عليه.
أما في الصومال فمنذ انهيار الحكومة المركزية في الصومال والمؤسسات الحكومية عام 1991، وازدياد الصراع القبلي والجهوي انتشرت ظاهرة البطالة في أوساط فئات عديدة من الشباب ومن بينهم حملة الشهادات العليا وخرجي الحامعات الوطنية والعالمية، ما دفع بعض الشباب للانضمام إلى المليشيات المسلحة التي تمارس النهب والقتل والسلب، أو الحركات الجهادية من أجل ضمن دخل أو راتب الشهري.
ورغم تحسن مستوى التعليم في العاصمة مقديشو والمدن الكبرى إلا أن بلدا مثل الصومال، ينتشر فيه الفساد والمحسوبية من البديهي أن يقوم التوظيف فيه على أساس القرابة والانتماء الحركي لا على أساس الكفاءة والشهادة الأكاديمية. فمعايير التوظيف في الصومال هي والوساطة والمعرفة، ولم يعد شرط إختيار الامثل فالامثل صالحا في الصومال.
يقول ليبان أحمد شري المتخصص في الاقتصاد والمقيم في بوصاصو لمركز مقديشو للدراســــات: ” هذه آفة عمَّت الوطن العربي والإسلامي، وفي الصومال يتم تعيين المناصب الحكومية على أساس المحاصصة القبليَّة في المرتبة الأولى، والانتماء الحركي في المرتبة الثانية”.
وفي الوزارات الحكومية التي لم تتعاف كثيرا عن الفساد، يتم تعيين المناصب المهمة في الوزارة على أساس قبلي، حيث يتم الإعلان بأن وظيفة هذا المنصب إنما لقبيلة فلان فقط، في حين يتوفَّر أصحاب الكفاءة في غيرها من القبائل الأخرى ويحرمون منها.
ويقول الأستاذ الجامعي مهدي حاشي لمركز مقديشو للدراسات: ” أعتقد أن مشكلة البطالة هي مرتبطة بالأزمة التي يعيشها البلد بشكل عام، فلا يتصوَّر بلد يعاني من إشكالات مزمنة منذ أكثر من عقدين أن لا يواجه مشكلة بطالة، حيث إنها مشكلة عامة تواجه حتى الدول المستقرة ناهيك عن دولة تحتل في كل التقارير الدولية صدارة الدول الفاشلة”.
وقال كاتب صحفي طلب عدم ذكر اسمه : ” تكمن مشكلة التوظيف في الصومال في النقاط التالية: الأولى: أنه لا يمكن الحصول على وظيفة إلا بواسطة أو بمعرفة. الثانية: يخاف الباحث عن العمل على نفسه وأسرته اذا تقلُّد بعض الوظائف الرسمية في وجود تهديدات مستمرة من قبل المليشيات الإسلامية. الثالثة: ضعف الكفاءة، حيث يشترط لبعض الوظائف الشاغرة لدى الشركات والمراكز التجارية في البلاد شهادات عليا وخبرات لا تتوفَّر لدى معظم العاطلين عن العمل في الصومال. الرابعة: الفساد وظاهرة المحسوبية التي تعشعش في الدوائر الحكومية والدوائر الأخرى، لذلك لا يمكن أحيانا للمتخرّج مهما توفرت لديه شهادات عليا الحصول على وظيفة إلا بواسطة شخص مَّا أو صديق أو من قبل جماعة ينتمي إليها”.
وعن التوظيف بالمحسوبية في الصومال يقول الأستاذ مهدي حاشي: ” أعتقد أن اأخمر يعود إلى عدم وجود قواعد متبعة في هده الخصوص، وفي الحقيقة أنا لا أتوقَّع في بلد يتم تعيين أو اختيار الوزراء والنواب على أسس أقل ما يقال عنها أنها غير سليمة أن يكون الحال أفضل في الوظائف الأدنى”.
ويضيف حاشي: ” هناك عامل آخر يساهم في انتشار التوظيف على أسس قبلية وحزبية وهو امتلاك أو تحكم معظم الشركات والمؤسسات من قبل أشخاص من قبيلة معينة على الأغلب أو لون فكري معين في بعض الأحيان، أعني أن الشركات أو المؤسسات مملوكة أو تابعة لقبيلة معينة أو لون فكري واحد”.
وعن الحلول الجذرية لهذه المشاكل يقول الأستاذ ليبان أحمد شري المتخصص في الاقتصاد: “الحلول تكمن في العودة إلى الأخلاق الفضيلة التي يأمرها الإسلام، وأن تضع الدولة الصومالية معايير جديدة في التوظيف على أساس مهني وكفاءة، وأن يتم إفضاح أو عقاب من يريد الاستمرار في هذا النهج، وأن يتم إيقاف أو فصل كل موظف حصل عليها بطريقة غير شرعية”.