يعد العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس قضية رئيسية في الصومال، وخاصة بالنسبة للنازحين داخلياً الذين يعيشون في جنوب ووسط الصومال. وقد قامت منظمة انقذوا نساء وأطفال الصومال غير الحكومية، المختصة بمساعدة النساء والأطفال ومقرها مقديشو، بتسجيل أكثر من 2,000 ناج من العنف الجنسي في مقديشو منذ تأسيسها في يوليو 2012.
ووفقاً لفاطمة إبراهيم من منظمة انقذوا نساء وأطفال الصومال، يعتبر الناس في مخيمات النازحين داخلياً الأكثر عرضة للخطر لأنهم لا يتمتعون بالمأوى المناسب أو الضمانات الأمنية اللازمة. وأخبرت فاطمة شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنه “يمكن للجناة الوصول بسهولة إلى مخيمات النازحين داخلياً والقيام بالاغتصاب حتى في وجود الأزواج والأطفال”.
وتقول المنظمة أن العديد من حالات العنف الجنسي تحدث في مناطق داخل مدن مثل هدن ودينيل.
وقد تم اقتراح دينيل كموقع محتمل لإعادة إسكان النازحين داخلياً الذين يعيشون في مقديشو، ولكن تم تجميد الخطة في يوليو 2013 بسبب المخاوف الأمنية والسيطرة الضعيفة للحكومة على تلك المنطقة.
وقالت الحكومة الاتحادية الصومالية، في بيان مشترك لها مع الأمم المتحدة في مايو 2013 أنه “يتم الإبلاغ وبشكل مستمر عن أعداد كبيرة جداً من حوادث العنف الجنسي لاسيما في مخيمات ومستوطنات النازحين داخلياً في مقديشو والمناطق المحيطة بها”. وأضاف البيان أن “هناك ثقافة متجذرة من الصمت والخوف، فيما يتعلق بجرائم العنف الجنسي، مما يؤثر بشكل كبير على عمليات الإبلاغ والاستجابة.”
ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) بلغ عدد حالات العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس في مقديشو 800 حالة خلال النصف الأول من عام 2013.
وأوضحت ليتيتيا بدر، وهي باحثة بالشؤون الأفريقية لدى منظمة هيومان رايتس ووتش أن “الاجراء الملموس وغير المستحيل الذي يمكن أن تقوم به الحكومة كخطوة أولى هو التأكد من تواجد الشرطة بشكل أساسي في المخيمات الكبيرة للنازحين داخلياً في مقديشو”.
وقد دعا تقرير صدر في 13 فبراير عن منظمة هيومان رايتس ووتش الحكومة لاتخاذ إجراءات صارمة لحماية النساء والأطفال بشكل أفضل في الأجزاء التي تسيطر عليها من البلاد.
وقال سامر مسقطي، الباحث في مجال حقوق المرأة لدى هيومان رايتس ووتش وأحد مؤلفي التقرير متحدثاً خلال جلسة الإعلان عن الدراسة في نيروبي: “كان واضحاً من خلال أبحاثنا أن الاغتصاب هو حقيقة يومية في حياة الكثير من النساء والفتيات في مقديشو”.
“الإفلات من العقاب هو القاعدة”
ويشكل الوصول إلى خدمات العدالة أيضاً عائقاً رئيسياً، حيث أضاف مسقطي أن “المحاسبة على العنف الجنسي في الصومال شبه معدومة والإفلات من العقاب هو القاعدة. فبعد سنوات من الصراع المسلح، أصبح نظام العدالة الرسمي ضعيفاً؛ وتتردد النساء في تقديم الشكاوى بسبب المحظورات الاجتماعية، كما أن لدينهن مخاوف مشروعة من إمكانية تعرضهن للانتقام.”
وفي يناير 2013، ادعت امرأة أنها تعرضت للاغتصاب، فألقي القبض عليها وعلى الصحفي الذي أجرى مقابلة معها، وصدر حكم ضدهما. وفي نوفمبر، تم القبض على صحفي وصحفية بعد أن أفادت الأخيرة بأنها كانت ضحية اغتصاب وتم اتهامهم الاثنين بالتشهير.
وقال إد بومفريت، مدير الحملات والسياسات في الصومال لدى منظمة أوكسفام لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): “نحن نشعر بالقلق في الجنوب بسبب سجن النساء اللاتي ادعين الاغتصاب والصحفيين الذين كتبوا في هذا الشأن. تحتاج النساء إلى الوصول إلى المحاكم والأجهزة الأمنية المتعاطفة [معهن بسبب الانتهاكات التي ترتكب بحقهن] لضمان تقديم مرتكبي العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس للعدالة ومحاكمتهم بنزاهة.”
منظمة هيومان رايتس ووتش تدعو إلى ضم المزيد من الضباط الإناث إلى صفوف الشرطة الوطنية
كما وثقت منظمة هيومان رايتس ووتش الحالات التي ادعت فيها النساء بعدم قيام الشرطة بدور مساعد. وتابعت بدر حديثها قائلة: “لقد سمعنا أن الشرطة تقول اذهبن وابحثن بأنفسكن عن مرتكبي الجرائم. لقد سمعنا عن حالات قال فيها رجال الشرطة ‘إذا لم تتمكن من تحديد هوية الجناة، عندها، لا يمكننا فعل أي شيء حيال ذلك’ … إن الاتصال الأولي مع السلطات مهم جداً وأعتقد أن هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به حول ذلك.”
قانون جديد
وأشار تقرير صدر عن الأمم المتحدة في مارس حول العنف الجنسي في النزاعات أن “قانون العقوبات يجرّم الاغتصاب، ولكنه يعتبره جريمة ضد الأخلاق وليس ضد الشخص. ونتيجة لذلك لا تثق العديد من النساء بالنظام”.
وتقوم الحكومة حالياً بصياغة السياسة الوطنية المتعلقة بالنوع الاجتماعي لتكون قانوناً. ولكن مسقطي يرى أن هذه المسودة الأولية “لم تتصد للعنف بطريقة جادة”.
ولكنه يعتقد أنه يمكن أن يكون للوثيقة تأثير كبير. “يمكن أن تشكل هذه السياسة سابقة تاريخية إذا شملت العنف ضد المرأة باعتباره أولوية رئيسية”، ولكنه حذر قائلاً: “أشعر أن هذا ليس من أولويات الحكومة”.
ولا تقتصر المشكلة على الجنوب، فقد أخبر بومفريت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قائلاً: “يوجد في الشمال نظام محدود من الرصد والإبلاغ تدعمه لجنة حقوق الإنسان، وهو بحاجة إلى المزيد من الدعم والتطوير”.
وأضاف أن “القائم بأعمال المدعي العام في أرض الصومال أعلن مؤخراً أن الأشكال التقليدية للعدالة يجب أن لا تحل محل نظام المحاكم المدنية والجنائية. ولكن ما زلنا ننتظر لنرى ما إذا سيكون لهذا تأثير على أرض الواقع … هناك أنظمة مختلفة في أجزاء مختلفة من الصومال ولكن بصفة عامة الوصول إلى العدالة لا يزال محدوداً للغاية”.
كما زاد الأمور صعوبة انسحاب منظمة أطباء بلا حدود من الصومال في عام 2013 بسبب المخاوف الأمنية. وأشار تقرير هيومان رايتس ووتش إلى أن “الناجين ومقدمي الخدمات المحليين قد حددوا مرافق منظمة أطباء بلا حدود باعتبارها أفضل عيادات معروفة بالنسبة لهم من ضمن عدد قليل من العيادات المجانية التي يمكن للمنظمات المحلية أن ترسل إليها ضحايا العنف الجنسي”. وأضاف التقرير أن هذا الانسحاب قد ترك فجوة كبيرة في تقديم الخدمات.
شبكة الأنباء الانسانية (ايرين)