أكثر من مرة كاد الصومال أو الصراع فيه أو حوله أن يقود إلى حرب عالمية ثالثة، في إطار الحرب الباردة. حتى بعد سقوط نظام “سياد بري” في أواخر 1990، كان الصومال هو الدولة التي بدأ فيها التطبيق الفعلي لمبدأ “التدخل الإنساني”، وهو تدخل عسكري، ولكن لأهداف إنسانية، أو هكذا يُفترَض. ولذا أُطلِق اسم “عملية إعادة الأمل” على العملية العسكرية- الإنسانية التي سعت الأمم المتحدة أن تكون عنواناً لتعاملها مع ما سمي النظام الدولي الجديد، بعد نهاية الحرب الباردة.
• لم تنجح “عملية إعادة الأمل” في إعادة أي أمل لأي عمل، بل أدت الأخطاء المقصود منها أو غير المقصود، إلى إعادة الأمور إلى المربع رقم واحد، وانطلقت المعارك الطاحنة داخل الصومال دون توقف، ودون توقف أيضاً كان تدخل دول الجوار وغير الجوار في استمرار الصراع، بالطبع مع الأخذ بالاعتبار حالات استقرار استثنائية كصوماليلاند وبونتلاند. ظل الصومال ومازال نموذجاً سافراً للدولة غير المستقرة، وبدلاً من محاصرة “صومالي سيندروم” وجدناه يتم اعتماده وتطبيقه وإن بدرجات مختلفة، وبتفاصيل متباينة، في سورية وليبيا والعراق واليمن.
• استمرار النموذج الصومالي العنيف وغير المستقر في النمو والاستمرار، بتواطؤ أو بصمت أو ما بينهما، أدى إلى بروز ظواهر ومظاهر معقدة كالقرصنة والإرهاب إن شئت، كما أدى إلى موت القلوب واعتياد استمرار القتل والموت والتدمير، حتى اعتاد الناس الدمار ورائحة الدم في كل مكان، دم يصنع دماً، ودمار يصنع دماراً، والفرقاء يشجِّعون ما يجري كأنها مباراة كرة قدم.
• بالطبع هناك أمل لإعادة الاستقرار إلى الصومال، ولسنا بحاجة إلى النظر بعيداً، وتشجيع الاستثمار الممكن والآمن يدفع بهذا الاتجاه، وبناء قطاع التعليم، وتطوير موارد المياه وغير ذلك كثير. ولذا سنحت لنا الفرصة في مركز السلام للدراسات التنموية والاستراتيجية أن ننظم، بالتعاون مع مركز دراسات الخليج بجامعة الكويت، ندوةً حول التنمية والاستثمار في الصومال، في السابعة مساء اليوم الأربعاء في قاعة عبدالله الجابر بجامعة الكويت بالشويخ، لعرض الواقع والممكن، بمشاركة عدد من المختصين وعلى رأسهم وزير المالية الصومالي. وذلك على هامش مؤتمر القمة العربي الإفريقي، لعلها تكون إسهاماً في إخراج الصومال من أزمته الخانقة. محاولة بسيطة قد تسهم في اختصار الطريق.
د/ غانم النجار