عندما تحكم المرأة من جديد!
في منتصف هذه الليلة أي نحو ساعة من وقت كتابة هذا المقال انتقلت السلطة في النرويج من يد ائتلاف السيار الاشتراكي التقدمي الحاكم الي يد ائتلاف اليمين الرأسمالي المعارض بكل سلاسة ويسر.
اعترف رئيس الوزراء الحالي بهزيمة تحالفه الحاكم حتي قبل اتمام فرز كل الاصوات، ثم هنأ الائتلاف الفائز في الانتخاب وأعلن انتقال حزبه الي صفوف الاحزاب المعارضة.
بذلك أعلن رئيس الوزراء الذي انتهت ولايته احترامه الكامل لإرادة الشعب النرويجي الذي سحب منه شرعية الاستمرار في الحكم ومنحها للمعارضين لحكمه.
النقطة الثانية ذات الاهمية القصوى هي وصول المرأة الي سدة الحكم للمرة الثانية في تاريخ النرويج ممثلة بالسيدة أنا سولبيرج من حزب يمين الوسط وهي التي ستقود البلاد نحو المستقبل في السنوات الأربعة القادمة.
لقد قال الشعب النرويجي كلمته وعلى الجميع احترام ارادته وعدم التنازع على السلطة.
الاعتراف بجهل شعوبنا، وقلة خبرة نخب بلادنا في شأن الحكم وتسيير دواليب الدولة، ثم استعدادنا التام للتعلم من الأخر المختلف والاستفادة من خبرته في شأن الحياة المعاصرة، هو بداية وعي الاحتكام للعقل وليس لسواه.
السير في الصراط المستقيم نحو المواطنة الكاملة، والحكم الشفاف في المجتمعات الإسلامية لا يكون بالنقل من تراث عفى عليه الزمن، بل بأعمال العقل والاقتباس من الحاضر المعاش.
تعلن مقولة كتب الفقه الشهيرة على أسماع كل من يعقل أن: “الحكمة ضالة المؤمن، وعليه الآخذ بها، والاستفادة منها دون أدني اعتبار لمصدرها”
مقولتي هذه لا تعجب جهابذة فكر الاسلام السياسي لأنها – وبكل بساطة- تسحب من تحت أقدامهم بساط التسلط على رقاب شعوبنا باسم تراث عفي عليه الزمن قبل قرون، وعدٌ بدخول الجنة في يوم القيامة اذا رضينا بحكمهم الماضوي و قدمنا لهم فروض السمع والطاعة على طبق من دهب.
أحمد عثمان: كاتب وباحث إجتماعي