الأطماع التوسعية الإثيوبية نحو المياه الصومالية .. الموقف الصومالي وتداعيات القضية

قال السيد الدّكتور حسن شيخ محمود، رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية في خطابه اليوم أمام أعضاء مجلسي الشيوخ والشعب بالبرلمان الفيدرالي الصومالي: “إننا كحكومة ندين ونرفض الانتهاك غير القانوني الّذي قامت به إثيوبيا أمس ضدّ سيادتنا الوطنية ووحدة أراضينا. ليس بإمكان أيّ أحد التوقيع على منح شبر من الصومال لأيّ طرف آخر…”.

ويأتي خطاب الرئيس الصومالي أمام الجلسة الاستثتائية الطارئة المشتركة لأعضاء مجلسي الشيوخ والشعب بالبرلمان الفيدرالي الصومالي، بعد إلغاء المجلس الوزاري الصومالي ظُهر اليوم الثلاثاء لمذكرّة تفاهم، وقّعها في أديس أبابا أمس الاثنين، كل من آبي أحمد، رئيس وزراء إثيوبيا وموسى بيحي عبده، رئيس إدارة صوماليلاند الانفصالية، تسمح لإثيوبيا باستخدام مساحة 20 كم من الساحل الصومالي، مما اعتبرته الحكومة الصومالية خرقا لسيادتها الوطنية وتهديدا لأمن المنطقة.

وذكر البيان الصادر عن المجلس الوزاري الصومالي أن الحكومة الصومالية تستدعي سفيرها لدى إثيوبيا للتّشاور، مؤكّدة على استعدادها للدّفاع عن سيادتها وحماية وحدة أراضيها عبر الطرق والقنوات الشرعية والقانونية.

هذا، ويرى متابعون أن هذه الخطوة لها تداعياتها على الصومال بشكل خاص، وعلى المنطقة بشكل عام، وهو ما نبّه إليه الرئيس الصومالي خلال خطابه اليوم أمام الجلسة الاستثنائية للبرلمان الفيدرالي، وذلك عندما أشار إلى أن ظهور حركة “الشباب” المرتبطة بتنظيم القاعدة ما هو إلا أحد نتائج تدخل مليس زيناوي، رئيس وزراء إثيوبيا الرّاحل في الصومال، واصفا في الوقت ذاته تصرّفات آبي أحمد الحالية تجاه الصومال بخطوة مماثلة لذلك، وبالتالي قد تشكّل فرصة لتجنيد متطرفين جدد تحت لافتات وطنية وشعارات دينية، في الوقت الّذي يستسلم فيه قادة “الشباب” وعناصرها للحكومة الفيدرالية الصومالية بفضل الحرب الشاملة التي أطلقتها الحكومة الفيدرالية على الحركة.

وقد يكون من تداعيات هذه الخطوة، تعثّر محادثات تقرير المصير بين الصومال وإدارة صوماليلاند الانفصالية التي انطلقت مؤخرا ذلك جيبوتي، ذلك أن الرئيس موسى بيحي قال في تغريدة له على حسابه في تويتر عقب التّوقيع على الاتفاقية إنّه “بموجب مذكرة التفاهم، تعترف إثيوبيا رسميًا بجمهورية أرض الصومال (صوماليلاند) بينما تمنح أرض الصومال لإثيوبيا حق الوصول البحري والتجاري على سبيل الإيجار لمدة 50 عامًا“، الأمر الّذي لا تستسيغه الحكومة الفيدرالية الصومالية، وبالتالي يؤدّي إلى تعثر أو جمود هذه المفاوضات الهشّة أصلا.

هذا، ويقترح محللون، على الحكومة الصومالية أن تفعّل قنواتها الدّبلوماسية وتكثف مساعيها السياسية من أجل الحشد لحقّها القانوني والالتفاف حول قراراتها بهذه القضية وذلك عبر التّواصل مع أصدقائها الدوليين من أجل إعداد مشروع قرار لدعم استقلال الصومال ووحدة أراضيها ومن ثم تقديمه إلى مجلس الأمن الدّولي والموافقة عليه.

إن الأطماع الإثيوبية للحصول على منفذ بحري ليست وليدة اللحظة، وإنّما ضاربة في عمق التّاريخ وجذور، غير أن ما يُعطي للقضية في هذا الوقت زخما واسعا هو إقدام إثيوبيا على هذه الخطوة بعد تجهيزها قوّة عسكرية بحرية تتبعها تصريحات رئيس وزرائها وقادتها في أكثر من مناسبة حول ضرورة حصول إثيوبيا على ميناء بحري تمتلكه إثيوبيا وتديره بانفراد، وهذا ما يؤرّق الشعب الصومال وحكومته، ويجعله ينتفض ضدّه هذه الاتفاقية المخالفة للقوانين المحلية والأعراف الدّولية.

زر الذهاب إلى الأعلى