التغيير السياسي في بونت لاند يفتح آفاقا واعدة لمستقبل الصومال

ينبئ التغيير السياسي الذي حدث في الثامن من الشهر الجاري في ولاية بونت لاند شرق الصومال بمستقبل مشرق للولاية وسكانها ولجميع المناطق الصومالية الأخرى، وللمنطقة القرن الإفريقي عموما، ويبشر بإمكانية فتح آفاق جديدة للتعاون والتنسيق المشترك بين الحكومة الاتحادية والإدارات الإقليمية تساهم بشكل فعال ومؤثر في الجهود الجارية من أجل التغلب على التحديات والعقبات الأمنية  والسياسية والاقتصادية التي كانت ولا تزال تعتري طريق استعادة الصومال عافيتها والحفاظ على وحدتها وسيادتها ولتحقيق تطلعات الشعب إلى الأمن والسلام والازدهار والتقدم . كما أن هذا التغيير المفاجئ يعطي دفعة قوية لإيجاد رؤية سياسية تجاه القوى الإقليمية الصادقة والمهتمة بالصومال والراغبة في دعم شعبها وإقامة علاقات صداقة وتعاون معها في المجالات كافة وبما لايمس سيادة ومصالح البلاد الاستراتيجية،  لأن الرجل يحتفظ بعلاقات طيبة ومتشعبة مع معظم القيادات السياسية والمجتمعية في مختلف الولايات الصومالية ومع عدد من المسؤولين في الدول العربية والإفريقية بحكم فترة عمله الطويلة  في المجالات الاقتصادية والانسانية والسياسية، بالإضافة إلى ما يتمتع به من صفات القائد السياسي الناجج وإلمامه الكامل بخفايا الأزمة  الصومالية والعوامل الداخلية والخارجية المؤدية إلى استمرارها وتفاقمها وما يحظى به من الشهامة والإرادة الفولاذية، والانفتاح للرأي الآخر.

فيما يبدو ستتركز أعمال الرئيس سعيد عبد الله ديني على ثلاثة أمور قد تلعب دورا كبيرا في تغيير وجه الصومال عموما  ولاية بونت لاند على وجه الخصوص وهذه الأمور هي:

الأمر الأول: نهضة بونت لاند

كما استهل الرئيس ديني مهامه الجديد، سيعطي أولوية خاصة لملف هيكلة المنظومة الإدارية والاقتصادية والأمنية في ولاية  بونت لاند ومحاربة شبكات الفساد وتدميرها وإعادة بناء الوزراءات والمؤسسات الحكومية الأخرى  وتنظيمها بصورة تتسم بالمهنية والمسؤولية وبعيدا عن مبدأ “الولاء على حساب الكفاءة” تعكس نية الرجل الصادقة والمخلصة في ارساء قواعد الحكم الرشيد للإنطلاق نحو تحقيق نهضة اقتصادية لا تخطئها العين  في بونت لاند خلال السنوات الخمسة المقبلة.

الأمر الثاني: الحفاظ على وحدة البلاد

يحمل الرئيس ديني هموما أكبر من ولاية بونت لاند ويمثل آملا لجميع الصوماليين وبالتالي لا نشك في  أنه سيوفر حيزا كبيرا من وقته للمساهمة في ايجاد حلول للمشكلات السياسية والأمنية في المناطق الصومالية الأخرى، والقيام بدور فعال وايجابي لتحسين علاقة بونت لاند مع الحكومة الاتحادية ومنع حدوث سيناريوهات سيئة تنبش قبور الماضي الآسنة والسعي من أجل ايجاد آليات عمل بين الحكومة الاتحادية والحكومات الاقليمية وخصوصا فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية وفي إطار الدستور وبما يضمن وحدة وسيادة البلاد، وأن الرئيس ديني أهل لذلك باعتباره من مواليد العاصمة مقديشو -رغم انتمائه إلى عشائر بونت لاند- ومعرفته العميقة لخبايا أروقة الحكم في العاصمة.

الأمر الثالث: العلاقات الخارجية 

يعد ملف العلاقات الخارجية من أكثر الملفات والإشكاليات التي تؤرق السياسيين في لاية بونت لاند وذلك بسبب موقعها الجغرافي،  ومساعي عدد من الدول ولا سيما الدول الاقليمية منها إلى الاستفاذة من هذا الموقع، ولذلك يتوقع كثرون أن رئيس ولاية بونت لاند الجديد سعيد عبد الله ديني لن يتسرع في اتخاذ اجراءت غير محسوبة العواقب في هذا الشأن وأنه قد يلجأ إلى أساليب سياسية تضمن له البقاء والتحرك وسط مصالح هذه الدول المتباينة والمتعارضة، لكنه في ذات الوقت لن يتردد في تقديم مصالح الصومال العليا والاستراتيجية على ما سواها من المصالح ولن يعرض علاقات الشعب الصومالي الضاربة في جذور التاريخ مع دول شقيقة وقفت إلى جانبه في جميع المحطات والمسيرات للخطر .      

زر الذهاب إلى الأعلى