الإنتقال إلى النظام الرئاسي في الصومال … التحديات والمآلات

ينهمك الرئيس الصومالي الدكتور حسن شيخ محمود منذ فترة في تدشين نظام فيدرالي جديد في الصومال  يحل محل  النظام القديم الذي تم تشكيله في مؤتمر المصالحة الذي عقد في مدينة عرته  بجيبوتي عام 2000م، وأن محاولة الرئيس حسن شيخ محمود تهدف إلى تغيير النظام السياسي في الصومال من النظام البرلماني إلى نظام الرئاسي  يتم فيه انتخاب رئيس الجمهورية ونائبه ، عبر انتخابات عامة كما تهدف محاولة الرئيس إلى إنشاء نظام انتخابي يقوم على أساس القائمة المغلقة وحصر الأحزاب السياسية على حزبين  فقط.  لكن جهود الرئيس حسن تواجه  تحديات كبيرة من عدة أطراف سياسية وقبلية لها نفوذ في  النظام السياسي الصومالي بالإضافة إلى تنظيم الشباب الذي يمثل عقبة كبيرة في عودة النظام والإستقرار بالبلاد الأمر الذي يتطلب إلى توقي الحذر وبذل مزيد من الجهود لإقناع جميع الأطراف ذات العلاقة بالقضية.

كانت أول خطوة قام بها الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود عندما تولى السلطة في البلاد في مايو عام 2022 م اطلاق حملة أمنية وعسكرية واقتصادية واسعة وبلا هوادة على حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، وشن الجيش الصومالي مدعوما بالقوى الشعبية هجوما واسعا على التنظيم في مناطق هيرشبيلي وجلمدغ وسط الصومال، كما شن حملة منظمة لتجفيف منابع التمويل للتنظيم، حيث تم اغلاق جميع الحسابات البنكية المرتبطة لحركة الشباب في البنود والحولات الصومالية ، ومراقبة دورها ونفوذها في القطاعات الاقتصادية في البلاد. وكان هدف الرئيس من هذه الحملة رفع العقبة الرئيسية أمام الاستقرار السياسي والأمني في البلاد باعتبار حركة الشباب غصة في حلق الشعب الصومالي، وخطرا على الكيان الصومالي،  وتحديا على الجهود الجارية لبناء نظام سياسي قوي في الصومال.

لقد حققت الحملة العسكرية التي أطلقها الرئيس حسن شيخ محمود  خلال أقل من عامين  تقدما كبيرا في تقويض قوة تنظيم الشباب ونفوذها في عدد من المناطق بوسط الصومال وجرى تحرير مناطق شاشعة كانت تمثل معقلا للتنظيم كما تم تصفية عدد من قيادتها  خلال المواجهات العنيفة التي شهدتها تلك المناطق، وأن الرئيس أكد خلال لقائه مع عدد من القيادات المجتمعية في الاسبوع الماضي أن الجيش الصومالي سيستأنف عملياته العسكرية ضد حركة الشباب فور انتهاء موسم الأمطار في البلاد  والذي  يعرقل سير العملية بسبب صعوبة العملية اللوجسيته، ونقص في المعدات العسكرية الضرورية للقتال في المناطق الريفية خلال موسم الأمطار.

بالرغم ما تحققه هذه العملية من انتصارات  الا أن كثيرا من المراقبين يحذرون من مغبة توقفها لفترة طويلة تمكن العدو من إعادة بناء قوته وترتيب صفوفه أو فشلها في تحقيق أهدفا خلال النصف الأول من العام المقبل  الأمر الذي سيشكل في الحقيقة براي المراقبين نسفا للجهود السياسية التي يقوم بها الرئيس حسن شيخ محمود والهادفة إلى إجراء تعديل في النظام السياسي في  الصومال وتنظيم انتخابات شعبية حرة ونزيهة بحلول عام 2026، بل تكرر سيناريو أفغانستان في الصومال.

 لا تقتصر التحديات التي تواجه برنامج الرئيس حسن شيخ محمود على حركة الشباب  فحسب وانما  هناك عقبات سياسية لا تقل خطورة من عقبة تنظيم الشباب تتمثل في بعض الحكومات الأقليمية كحكومة بونت لاند التي تشهد علاقاتها مع الرئيس والحكومة المركزية بالتوتر الشديد  وبالتالي من الصعب تنفيذ برنامج سياسي على مستوى الدولة ليست حكومة بونت لاند جزءا منها. وإلى جانب بونت لاند فهناك حكومتي جنوب غرب الصومال وجوبالاند بالرغم من اعلانهما عن تأييد مقترحات الرئيس حسن  الا أن المعطيات على الأرض تؤكد أن الحكومتين ليستا متحمستين لمسألة التعديل الدستوري في البلاد ولديهم هواجس زاء النظام الرئاسي والذي من الممكن أن يعطي نفوذا قويا للرئيس. بالإضافة إلى الحكومات الإقليمية، توجد شخصيات سياسية وقبلية تعارض توجهات الرئيس أو على الأقل تبدي توجسها إزاء النظام الرئاسي في الصومال وأنه ما إذا يتوائم مع الظروف السياسية والقبلية في هذا البلد الذي دمره الحرب، وأن هذه الأطراف تضم شخصيات تتمتع بنفوذ سياسي واجتماعي قوي، وان قبولها لمساعي الرئيس حسن شيخ امر ضروري للتحول السياسي في الصومال والانتقال إلى النظام الرئاسي،  وتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد.

يبدو أن الرئيس شيخ محمود مصمصم وعازم على قضاء على حركة الشباب ، وازالة جميع العقبات السياسية والأمنية أمام توفير مناخ سياسي ملائم لإنجاح مساعيه الرامية في اجراء التعديل الدستوري واجراء انتخابات شعبية مباشرة ، وأنه يبذل جهود حثيثة في هذا  الإطار لكن يؤكد كثير من المراقبين يرون بأن الوقت يداهم الرئيس وأن  مآلات جهوده نجاحا أو فشلا تتوقف على الانتصار على تنظيم الشباب والقضاء عليها  او على الأقل تقويض قوتها ونفوذها وحشرها على الزاوية، ورفع الحصار على المدن الكبرى في وسط وجنوب الصومال وفتح الطرق الرابطة بين العاصمة مقديشو وهذه المدن مثل مدينة كسمايو الساحلية ومدينة بيدة غرب البلاد، نهاية العام المقبل والا فالأمر يكون لا أرض قطع ولا ظهرا أبقى.  

زر الذهاب إلى الأعلى