إثيوبيا تواجه أسوأ أزمة جفاف منذ 30 عاما

أديس أبابا (مركز مقديشو)- قالت صحيفة نيويورك تايمز، إن إثيوبيا تعانى أشد موجة جفاف من أكثر من عقد، مشيرة إلى قوة ظاهرة النينو هذا العام، والتى تتعلق بارتفاع درجة حرارة سطح مياه المحيط الهادى وتراجع هطول الأمطار.

ظاهرة النينو

وأوضحت الصحيفة الأمريكية فى تقرير، الاثنين، أرفقته بصورة لأبقار ماتت جوعا، حيث يظهر الجفاف على بقاياها، وأن النينو تسبب هذا العام فى ضعف شديد فى معدل هطول الأمطار فى أنحاء البلاد، حيث لم يتجاوز معدل سقوط الأمطار يوما واحدا فى الشهر خلال موسم الأمطار.

وأشارت إلى أن ما هو أقسى، فإن الظاهرة قد تتسبب فى حدوث فيضانات فى بعض المناطق خلال الأشهر المقبلة، ذلك وفقا لمسئولين إثيوبيين والأمم المتحدة وشبكة نظم الإنذار المبكر للمجاعات، مجموعة رصد الأزمات التابعة لوكالة التنمية الدولية الأمريكية. ويعيش 80% من سكان إثيوبيا على أعمال الزراعة، التى تشكل 40% من الناتج الاقتصادى لها.

وهو ما يهدد البلاد التى هى عرضة للجفاف وتأثير التغيير المناخية. ففى أعقاب موجة جفاف شديدة ضربت إثيوبيا فى 2002، تقلص الإنتاج الإجمالى الداخلى إلى 2.2%، وفق بيانات البنك الدولى.

مجاعة 1984

وموجات الجفاف هذه دائما ما تعيد للذاكرة ذكريات أليمة تعود لعام 1984، عندما تصدرت أخبار مجاعة مدمرة عناوين وسائل الإعلام العالمية وظهر أطفال إثيوبيا على الملصقات الداعية لضخ مساعدات دولية لهم. ويقول مسئولو الحكومة إن الجفاف هذا العام على نفس القدر من السوء الذى اتسمت به الاحداث التى تسببت فى مجاعات خلال أعوام 1965/1966 و1972/1973 و1984/1985.

ويفترض أن يكون هذا وقت الحصاد فى شمال وولو، أكثر المناطق الحساسية للجفاف فى البلاد. ويقول المزارعون فيها أن المحاصيل قد فسدت. فالأمطار السنوية لم تسقط إلا لثلاثة أيام فقط، وارتفعت معدلات الجوع وسوء التغذية بشكل كبير ليؤثر على ملايين الأشخاص.

وتشير الصحيفة إلى أنه منذ أن وصلت جبهة الشعب الديمقراطية الثورية للحكم عام 1991، فإنها تقوم بخطوات جادة نحو تقليص الفقر وبناء الطرق والمدارس والمستشفيات. فضلا عن تحقيق معدلات نمو اقتصادى كبيرة طيلة العقد الماضى. غير أن سجل الحكومة من الحريات المدنية والتعدد الديمقراطى فقير، وقد سيطر أعضاء الائتلاف الحاكم وحلفاؤهم على جميع مقاعد البرلمان البالغ عددها 547 مقعدا، فى مايو الماضى.

ويتهم المعارضون مسئولى الحكومة بالتقليل من حدة الأزمة. لكن رد مسئول لجنة منع الكوارث الوطنية، وأن الحكومة ردت استباقيا على الأزمة من خلال تخصيص 192 مليون دولار للمساعدات الغذائية ونقل المياه وطعام الحيوانات وغيرها من المساعدات منذ يوليو الماضى.

وفاة الماشية جوعا

وتنقل الصحيفة عن حميد كامل، أب لـ7 أطفال والذى اضطر لبيع ما لديه من مواشى لشراء الطعام: “حوالى 30 بقرة مما لدى ماتت هذا العام بسبب الجفاف إذ لا يوجد عشب تماما”. وأضاف “نحن أحياء، لكننا نواجه الكثير من المشكلات. ليس لدينا لبن أو لحوم حاليا. نحن نأكل فقط الحبوب التى نشتريها”.

وتقول نيويورك تايمز إن منذ عام 2005، تسهم الحكومة فى المساعدات عبر نظام يقوم على تسليم الطعام للمواطنين فى مقابل العمل فى مشروعات التنمية مثل الإنشاء والرى. ومع ذلك يبقى غير القادرين على العمل مؤهلين للحصول على المساعدات. غير أن المرحلة الأخيرة من هذا البرنامج انتهت فى يوليو الماضى، ولن تبدأ حتى يناير 2016.

ومن جانبها تساءلت صحيفة “جلوبال بوست” عما إذا كان بإمكان حكومة أديس أبابا أن تواجه الموجه هذه المرة. وأشارت إلى أن الفقراء فى إثيوبيا ظلوا على مدار عقود يعيشون على رحمة ديوان ملكى تجاهلهم ومجلس عسكرى فرض عليهم اقتصاد يعانى خللا. وعندما لم يأت المطر، مات مئات الآلاف منهم عطشا.

أكثر مرونة فى مواجهة الجفاف

إلا أن الصحيفة تشير إلى أن الإثيوبيين أكثر مرونة إزاء الجفاف مقارنة بما كان عليه الوضع فى الماضى. وهم يعيشون الآن فى الدولة صاحبة الاقتصاد الأسرع نوما فى العالم، وتشرف عليهم حكومة قلصت معدل الفقر فى 20 عاما بفضل أكبر برنامج للحماية الاجتماعية فى أفريقيا، وذلك من خلال تخصيص 70% من الناتج المحلى للقطاعات المناصرة للفقراء، وخاصة الزراعة، ومضاعفة حجم شبكة الطرق لربط المزارعين بالأسواق وتقديم الطوارئ للقرى البعيدة. كما أن نظام الأمنى الغذائى فى إثيوبيا يقدم التدريب فى مجال الزراعة والإغاثة الطارئة وأنظمة التحذير المبكرة لفساد المحاصيل وسوء التغذية للأم والطفل، مما يجعل البلاد أكثر مرونة فى التعامل مع صدمات الجفاف.

إلا أن الجفاف الحالى يختبر تلك الأنظمة بدرجة كبيرة. ونقلت “جلوبال بوست” عن محمد ياسين، المسئول عن منع الكارثة والأمن الغذائى فى نورث وولو، أن هناك خسائر فادحة فى حصاد هذا العام، وأضاف أن كثير من الأشخاص قد ماتوا فى الماضى، لكننا الآن لدينا أنظمة تحذير مبكر وبرامج لنقل الحبوب من مناطق الفائض إلى مناطق الندرة.

ومن ثم يكون باستطاعتهم تجنب تلك المشكلة دون إخلاء للمناطق المتضررة. وأشادت الصحيفة ببرنامج الحماية الاجتماعية فى إثيوبيا ووصفته بأنه الأكبر فى أفريقيا وقالت إن كان محركا أساسيا لحملة أديس أبابا لمكافحة الفقر، إلى جانب استثمارات هائلة من قبل الدولة فى قطاع الزراعة وتطوير التعليم الأساسى، وفقا لمعهد التنمية فى الخارج، وهو مركز أبحاث بريطانى.

المصدر: اليوم السابع

زر الذهاب إلى الأعلى