تدهور الأخلاق وأثره على المجتمع الإسلامي

لا شك أن مكارم الأخلاق سمة المُجتمعات المُتحضّرة، وتعد من أكبر ما تعتز به الأمم وتمتاز عن الأمم الأخرى، الأخلاق الحستة جزء أساسي في حياة المجتمعات البشرية، إذ تدهوره عندهم بمقتضي فساد الأمم، وزوال ماضيها وعزتها وقوتها…، لذا فإن الأخلاق أساس الشعوب وتاريخها، وإذا فسد أو حدث بها خلل تدهور المجتمع كله، تلك أزمة فادحة!.

فإياك أن تلجأ إلى الانتقام بشخص ما، والتصرف على نحو سيء، وغير متعقل، وإياك والابتسامة بالعدائية، وهذا هو المحصلة النهائية أعني ألّا تتدنى إلى مستوى الأخلاقيات الهابطة؛ بل تتصرف على نحو يتسم بنبل الأخلاق والاحترام والرقة والتسامح والتهذيب أيا كان معنى ذلك بالنسبة لك، مهما كانت الاستفزازات والانتقامات التي تتعرض لها ومهما كانت التحديات التي يعرضك لها ومهما كانت السلوكيات مجحفة أو مسيئة، فلا ينبغي أن تقابل السيئة بمثلها، بل ينبغي أن تتحلى بالاخلاق الحميدة وتتصرف كشخص خيّر ومتحضر، وأن تكون سلوكياتك خالية من العيوب، واستخدم ألفاظا مهذبة يغلفها الاحترام.

فالأخلاق الحسنة تجمع شتات صنوف الفضائل من كريم الصفات وطيب الأفعال، بينما الأخلاق السيئة تعكس الأمور السيئة كلها، حيث أنها تجمع شتات صنوف الرذائل وقبيح الأفعال، إنها أزمة أخلاقية ونقص حاد في القيم على مستوى الدول والمجتمعات والأفراد، وهذا يؤدي إلى نتائج مدمرة تهدد القيم العليا والأهداف السامية في المجتمع.

ما الذي يسبب تدهور أخلاق المجتمع؟

وقد يتساءل البعض لماذا ساءت أخلاق المجتمع؟ وجدت بعد متابعتي لبعض المظاهر التي نعيشها، كتدني مستوى أخلاق المجتمع، أن هناك أزمة حادة ولكت ليس معنى هذا أنه لا يوجد أفراد يحملون القيم والأخلاق الحميدة.

فمظهر انتشار الكذب مثلا من مظاهر فساد الأخلاق. وفي عصرنا هذا أصبح كثير من الناس يستخفون في هذا الأمر خاصة في المزاح، وقد علمنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يمزح، غير أنه لا يقول إلا حقا؛ ومعنى هذا أنه لم يكن يكذب قط وحتى ولوكان مازحا.

ومن مظاهر فساد الأخلاق أيضا عدم الوفاء بالعهود.

الأخلاق الحسنة معرضة للتغير

هناك أسباب عارضة وأمور طارئة تجعل الإنسان اللين غليظا وعبوسا، فمن هذه الأسباب مايلي:-

– الولاية التي تحدث في الأخلاق تغيرا، وبين الخلطاء تنكّرا، إما من لؤم طبع وإما من ضيق صدر.

– العزل، فربما يسوء به خلق الإنسان ويضيق به صدره، إما لشدة أسف وإما لقلة صبر.

– الهموم، التي تذهل اللُّبَّ وتشعل القلب، فلا تطيق الاحتمال ولا تقوى على صبر، وقد قيل قديما الهم كالسُّمِّ.

– الأمراص، فعندما مرض الإنسان يتغير به طبعه ما يتغير به جسمه، فلا تبقى الأخلاق على اعتذار ويقدر معها على احتمال.

– كبر السن واقتراب الهرم لتأثيره في الجسم، ويكون تأثيره كذلك في أخلاق النفس، فكلما ضعف جسم الإنسان عن احتمال ما كان يطيقه من أعباء وأثقال، فتعجز النفس عن أثقال ما كانت تصبر عليه من مخالفة الوفاء، ومضيق الشقاق.

فهذه

كيفية التخلص من الأخلاق السيئة

للتخلص من الأخلاق السيئة لا بد باتباع الخطوات التالية:-

١. الإقلاع من الأخلاق السيئة: فينبغي للإنسان أن يكون لديه الإرادة، والإرادة هي القوة الخفية عند الإنسان، وتعني اشتياق النفس وميلها الشديد إلى فعل شيء ما وتركه، وتجد راغبة فيه ومدفوعة إليه؛ فالإرادة قوة مركبة من رغبة بالإضافة إلى حاجة إلى أمل. وعلى هذا ينبغي لكل إنسان أن يتطهر من الأخلاق السيئة أن يمتلك الإرادة، فتبدأ كرغبة ثم تتحول إلى عزم في القلب.

٢. البديل الحسن:

فإذا تعود الإنسان -مثلا- استماع المعازف والأغاني والتلذذ بها، أصبحت جزءا من كيانه، وأما إذا أراد ترك هذه الأخلاق السيئة وخلع العادات القبيحة، فعليه أن يسد الفراغ الناتج عن ترك هذا السماع، فسماع القرآن الكريم هو البديل الحسن، فإذا تلذذ الإنسان بسماع كتاب الله تعالى وقراءته فقد أوجد البديل للمعازف فليجد البديل الحسن ليحل محل البديل السيء، فيسد الفراغ حتى لا يعود إلى ما كان عليه.

وعلى هذا فلا بد للإنسان أن يكون لديه عزيمة بترك العادات السيئة وإيجاد البديل الحسن، والاستمرار بالمحاسبة والمتابعة ولوم نفسه بالتقصير حتى لا تشمخ وتأمن.

وفي نهاية المطاف؛ تكون الأخلاق الروح الوحيد التي لا تموت في غيابنا، لذلك لا قيمة للإنسان إذا انعدم أخلاقه!

حسن علي معو

طالب دكتوراه في اللغة العربية، جامعة الجزيرة، السودان _ الخرطوم
زر الذهاب إلى الأعلى