السياسة الخارجية الصومالية في عهد الرئيس حسن شيخ

قام الرئيس خلال الأعوام الثلاثة التي امضاها على الحكم بنشاطات ولقاءات خارجية جذيرة بالدراسة والتقيم على المستوى العربي والافريقي والاسلامي والدولي لكسب الدعم والاصدقا، ولم يترك زاية في العالم الا وزارها، خصوصا العالم العربي والافريقي.
وفي هذه الورقة نحاول قراءة تلك النشاطات والزيارات لنتعرف السياسة الخارجية للرئيس حسن وابعادها وتأثيرها على مستقبل البلاد مع التركيز على أهم السبل الكفيلة لبناء سياسة خارجية تتسم بالحيوية واقامة شراكة تقوم على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل بشؤون الدول الأخرى مع الاحتفاظ بحق الدول لاقامة علاقات استراتيجية وبناء شراكات سياسية وأمنية مع الدول الأخرى.

تتميز السياسة الخارجية الصومالية في عهد الرئيس حسن شيخ محمود بعدم الثبات وغياب القواعد والمبادئ المنظمة للسياسة الخارجية، وباتت تتركز على الظهور بموقف الحياد والسعي الي كسب ود الجميع والابتعاد عن كل ما يؤثر السياسات المتعارضة في العالم وخصوصا في العالم العربي في وقت كان ينبغي ان يدخل في تحالفات استراتيجية مع الدول الكبري والدول ذات الثقل السياسي في العالم العربي والاسلامي.

هذه السياسة الباردة التي تنطلق من سياسة ارضاء الجميع افقدت السياسة الخارجية الصومالية حيويتها ووضعت البلاد في بعض المرات في مواقف حرجة كان غنيا عنها، بل جعلته بعض البلاد المهتمة بالشأن الصومالي تشكك عن نوايا الرئيس وتتحفظ عن دعم الصومال ظنا منها بان له علاقات قوية مع دول أخرى تختلف معها.

لم يهتم الرئيس منذ البداية بوضع سياسة خارجية واضحة تتلام مع طبيعة المرحلة، وكانت تحركاته الخارجية تنم عن عدم وضوح الرؤية تجاه العلاقات الخارجية ، وغياب البوصلة، والهدف . وبالتالي تجد الحكومة كثير ما تتخطط خبط عشواء في الاتفاقيات مع الدول الأخرى، أو تورطها في صفقات لا تجدي للبلد نفعاً ويستفيد منها الطرف الآخر مستغلا بقلة الخبرة لدى الممثلين بالدولة،وان معظم الإتفاقات المبرمة بين الحكومة ونظرائها في العالم – ان لم يكن جلها – لم يتم تنفيذها والسبب الوحيد هو الإهمال وعدم المتابعة من قبل الوزارة الخارجية والجهات المعنية بالأمر.

خلال السنوات الماضية وقعت الصومال مع عدد من دول الاجنبية اتفاقيات تعاون في مجالات عديدة كان البلاد بامس الحاجة الي من يساعده لكن كثير من هذه الاتفاقيات لا تتجاوز من الاروقة التي وقعت فيها وان ما تم تنفيذها على الارض لم تكن سوى جهد الجانب الاخرى الذي قرر الالتزام على الاتفاق وتنفيذه ليس فقط لما يشكله من اهمية وانما ايضا انطلاقا من مبادئه الانسانية ورؤية قياداته التي امرت تنفيذ الاتفاقيات بهدف دعم الشعب الصومالي وتعزيز العلاقة معه رغم ما تلمس تلك الجهات من غياب شريك حقيقي قادر على الالتزام على ما تم الاتفاق عليه .

فخلال السنوات الثلاثة المنتهية من حكم الرئيس، شهدت العلاقات الخارجية حالة من الفوضى واللاتنظيم وتداخل المهام والأدوار وعدم إحترام سيادة وزارة الخارجية وخاصة فيما يتعلق بالإتصال بالعالم الخارجي، بصفتها المسئولة عن الشئون الخارجية وهي بوابة الدخول إلى البلد، حيث ترى اليوم يقوم كل وزير بالاتصال المباشر مع الخارج دون علم الخارجية، فيبرم إتفاقيات ويلتقى مع هذا وذلك ويقدم دعوى الزيارة لمن يريده، ولايحترم سيادة البلد، الكل يعلم في منطق الفوضى، حتى الوفود تأقلمت مع هذه الفوضى وتنسى الدبلوماسية أحيانا.

ووصل الأمر لدرجة أن الازدواجية باتت تشكل ظاهرة في تزايد مستمر وأخشى مستقبلاً وفق هذا المعيار «اللا منضبط» أن يقوم وزراء الحكومات الاقليمية مهام وأدوار وزراء الحكومة المركزية.

فعمل السياسة الخارجية الصومالية ينتابها نوع من العشوائية، حسب ما نلحظه على أرض الواقع، حيث إن هناك عشوائية، والمتابع هذه الحالة يدرك بان الامر ينسجم تماما مع حالة الفوضى التى شملت المجتمع واجهزة الدولة، وهى فوضى مقصودة. وقد يبدو هذا التقييم غريبا لكن المنطق يؤكد ان القائمين على امر الحكم فى الصومال لم يضعوا فى قائمة اولوياتهم اصلاح نظام الحكم وتطوير مؤسسات الدولة.

ومما يزيد الطين بلة هو احتفاظ الوزاراء السابقين إيميلاتهم التي كانو يتعاملون مع نظرائهم حول العالم ولا زال البعض
يدًعون بأنهم مازالوا وزاء ويحتفظون أختامهم الشخصية.

هذا الأمر جعل البلاد – في نظر العالم- ينظر إليه بعين الريبة والشك وبالتالي إلى عدم الحماسة في تنفيذ الوعود والإتفاقات.

د/عبدالوهاب على مؤمن

باحث متخصص في علم الاجتماع info@Mogadishucenter.com
زر الذهاب إلى الأعلى