تنظيم الشباب أبرز التنظمات المسلحة في منطقة القرن الافريقي، وأكبر تهديد أمني يواجه الصومال نظاما، وشعبا، وكيانا منذ أكثر من عقد من الزمن، وأن القضاء عليه أو تقويض قوته شرط ضروري، لتحقيق الأمن ،والسلام ، والاستقرار ، والتنمية في الصومال.
أعطت جميع الحكومات التي مرت على البلاد ، أولوية قصوى لتحقيق هذا الشرط وبدعم قوي من المجتمع الدولي، وقوى اقليمية أخرى ترى الاستقرار في الصومال جزءا لا يتجزأ من أمنها القومي، الا أنه إلى اليوم لم يتحقق هذا الهدف ، ويبدو أن القضية تركت حسمها لعامل الوقت، ويراهن كثيرون بأن تقود التطورات الإيجابية التي تشهدها المدن الكبرى في البلاد وخصوصا العاصمة مقديشو العديد من عناصر تنظيم الشباب غير الأجنبية إلى إلقاء السلاح طوعا، والاندماج مع المجتمع الأمر الذي يدفع بدوره القيادات والعناصر الأجنبية إلى اليأس، والبحث عن دول بديلة ، لكن الواقع يعكس غير ذلك.
رغم الضربات القوية التي تلقتها الحركة على أيدي الجيش الصومالي في الشهور الأخيرة ، الا أن مسلحيها يسيطرون على مناطق واسعة واستراتيجية في وسط وجنوب البلاد، تساهم في تعزيز وجودهم وقوتهم وتوفرهم حرية الحركة والتنقل في مدن رئيسية أخرى بما فيها العاصمة مقديشو البعيدة عن معاقلها ومناطق سيطرتها ، وتنفيذ هجمات نوعية فيها، لأن تلك المناطق تعتبر من أغنى الاقاليم الصومالية التي تتوفر لديها جميع ما تحتاجه المتمردون من الغذاء والمياه، والتمويل لعملياتهم، والتواصل مع نظرائهم وتحالفاتهم في العالمين الأفريقي والعربي.
تفرض حركة الشباب سيطرتها على مساحة أكبر من المساحة التي تسيطر عليها الحكومة المركزية والحكومات الاقليمية، وتقدر بمئات الكيلومرات بدءا من اقليم الشبيلي السفلى جنوب شرق العاصمة مقديشو وصولا إلى اقليمي جوبا الوسطى، وجوبا السفلى في أقصى جنوب البلاد عند الحدود مع كينيا، ما عدا حواضر المحافظات المحاصرة. كما تسيطر الحركة المناطق الواقعة غرب العاصمة مقديشو وصولا إلى الحدود مع إثيوبيا باستثناء حواضر اقاليم باي ، وبكول وجذو. كما لا يزال يسيطر مقاتلوها على مناطق مهمة في اقليم شبيلي الوسطى الملاصق لمدينة مقديشو ، واقاليم مذغ، وجلجذود وسط البلاد. بالإضافة إلى ذلك، هناك مناطق جبلية في بونت لاند وشمال شرق تسيطر عليها الحركة .
مناطق سيطرة تنظيم الشباب في الصومال
أولا: محافظة شبيلي السفلى
يقع هذا الاقليم جنوب شرق العاصمة مقديشو، ويعتبر واحد من أغنى الاقاليم الصومالية التي تمتاز بالزراعة والثروة الحيوانية وتمثل سلة غذاء البلاد، وشريان حياة سكان مدينة مقديشو لما تمده لهم من الغلات الزراعية والمنتجات الحيوانية بما فيها اللحوم والألبان.
يتكون اقليم شبيلي السفلى الذي يعد منطقة في غاية الأهمية، حيث يربط من ناحية بين العاصمة مقديشو ومدينة كسمايو الاستراتيجية جنوب البلاد ، وبين مقديشو ومدينة بيدوة من ناحية أخرى، من 7 مديريات وتسيطر الحركة إثنين منها بشكل كامل، بينما تتحكم المديريات الأخرى ميدانيا عبر سيطرتها على المداخل والمخارج.
- مديرية مركه مطلة على المحيط الهندي، وتبعد عن العاصمة حوالي 100 كلم. فهي حاضرة محافظة اقليم شبيلي السفلى، وتوجد فيها معظم الأراضي الزراعية الرئيسية في الاقليم، والأراضي التي تمتاز بالرعي. بالرغم من سيطرة الحكومة على المدينة ، وتواجد قواعد عسكرية للجيش الصومالي، وقوة حفظ السلام الأفريقية فيها، لكن مقاتلي تنظيم الشباب يسيطرون على المزارع ومناطق الرعي، ينتشرون في مزارع قرى جنالي ، وبريرري، ومبارك ، وكايتوي، وشلبود وغيرها ويفرضون أصحابها اتاوات وضرائب تقدر بملايين الدولارات ما يشكل أحد أهم مصادر تمويلها. كما يسيطر عناصر الشباب الأراضي الرملية الشاسعة بين مدينة مركة ومقديشو بما فيها قريتي غندرشي وجلب مركه الساحليتين، وتعد تلك المنطقة أحد أهم نقاط تخزين الموؤن والسلاح والعبور نحو العاصمة، بسبب أطرافها المترامية، وطرقها الوعرة ، وقد حاولت قوات من الحكومة الصومالية أكثر من مرة السيطرة على تلك المنطقة، لكن باءت كلها بالفشل وذلك للأسباب السابقة ذكرها.
- مديرية أفجوي. تقع على بعد 30 كلم متر وشبيهة لمدينة مركه من حيث تميزها بالثروة الزراعية والحيوانية. فالمديرية، ومعظم قراها وبواديها تحت السيطرة الكامل للحكومة الفيدرالية الا أن تأثير عناصر حركة الشباب للمدينة كبيرة ولافته، وأنها تفرض اتاوات على المزارعين ومالكي المواشي. وكذلك تمثل لهم المدينة بسبب ازدحامها وضعف مؤسساتها الإدرية، وبنيتها التحتية ، حلقة وصل بين عناصرها في وسط البلاد وجنوبه وغربه، ونقطة عبور مهمة للعربيات المفخخة والمسلحين نحو العاصمة مقديشو.
- ناحية ولاوين. تقع في الطريق الرابط بين مقديشو ومدينة بيدوة عاصمة ولاية جنوب غرب الصومال، وهي حلقة وصل بين اقاليم باي، وشبيلي الوسطى ، وهيران. فالمديرية تقع تحت السيطرة الكاملة للقوات الصومالية، وفيها قواعد عسكرية تابعة للجيش الصومالي ، وقاعدة للقوات الأمريكية في الصومال، لكن مقاتلي حركة الشباب ينتشرون في القرى والبوادي التابعة للمديرية وخاصة الأراضي التي تربطها بمديرية بورهكبه باقليم باي، ومديريات قريولي وأفجوي وهذه الأرضي توفر لهم حرية الحركة والتخطيط، وإعداد المؤن والإمدادات .
- مديرية قريولي. منطقة زراعية جميلة يتوسطها نهر شبيلي وتتمتع بأراضي شاسعة صالحة للزراعة والرعي تمتد حتى الحدود مع مدينة دينسور باقليم باي. فالمدينة تسطرها الحكومة، لكن مقاتلي الحركة يسرحون وتمرحون الاراضي الزراعية، والقرى، والبوادي المحيطة بالمدينة من كل جهة مما يجعلها شبه محاصرة.
- مديرية كنت واري. فهي منطقة زراعية وحيوانية على شاطي نهر شبيلي، وتشتهر أيضا بأرضيها الرملية الواسعة التي تمتاز بالتخفي والتمويه وأن المديرية تقع تحت السيطرة الكاملة لتنظيم الشباب باستثناء قرية بولو مرير الواقعة في الطريق بين مدينة مركه ومدينة براوة الساحلية.
- مديرية سبلالي. منطقة زراعية على شاطئ نهر شبيلي تمتاز بالزراعة والرعي . يسطر تنظيم الشباب على المديرية وجيمع القرى والبوادي التابعة لها ، وفيها قواعد لتجنيد وتدريب مقاتلي التنظيم.
- مديرية براوة الساحلية. فهي مدينة قديمة ومشهورة والعاصمة الإدارية لولاية جنوب غرب الصومال. تقع المدينة في الوقت الحالي تحت سيطرة الحكومة ، لكن اللافت للنظر أن جميع القرى والمناطق الرملية المحيطة بها تعد منطقة نفوذ رئيسية لحركة الشباب وفيها واحدة من أهم محاكمها التي تستقبل يوميا أعداد كبيرة من سكان محافظة شبيلي السفلى والمحافظات الأخرى بما فيها محافظة بنادر.
ثانيا: محافظة جوبا السفلى
تتكون المحافظة من 4 مديريات، وهي : كيسمايو عاصمة المحافظة، وجمامة، وأفمادو وبطاطه. يشتهر هذا الإقليم بالإنتاج الزراعي. ومن المحاصيل الرئيسية: الذرة: 9,070 طن (ما يمثل 98% من إجمالي إنتاج الإقليم) السمسم، والبقوليات، والموز، والمانجو.
أما في مجال الثروة الحيوانية، فالإقليم يتمتع بأعداد كبيرة من الحيوانات من الجمال، والأبقار، والأغنام، والماعز. تعتبر هذه الثروة مصدرا أساسيًا لتمويل الحركة التي تسيطر مدينة جمامه بالكامل وجميع القرى والبوادي التابعة للمدن الثلاثة الأخرى كسمايو ، وبطاطه، وأفماذو.
ثالثا: محافظة جوبا الوسطى
بوآلي هي عاصمة محافظة جوبا الوسطى. ومن بين المدن الأخرى الكبرى في الإقليم: ساكوو وجلب. يسيطر تنظيم الشباب على المحافظة بأكملها ، وتعتبر المعقل والمقر الرئيسي للحركة ومصدر تمويلها الرئيس. تقدر مساحة الأراضي الزراعية بالإقليم بحوالي 18,289 كم² يتوسطها نهر جوبا. ومن أهم محاصيلها: الذرة، والسمسم، والبقوليات، والموز، وقصب السكر، والمانجو، والخضروات الأخرى. كما يتميز الإقليم بوجود مساحات واسعة من الأراضي الرعوية، التي ترعى فيها أعداد كبيرة من الحيوانات مثل: الجمال، والأبقار، والأغنام، والماعز. هذه الثروات تشكل جزءا مهما من مصادر تمويل الحركة.
رابعا: المحافظات الوسطى ( شبيلي الوسطى، وهيران، ومدغ وجلجذود) .
باتت معظم مناطق هذه المحافظات تحت سيطرة الحكومة بعد حملة واسعة شن عليها الجيش الصومالي خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، واستطاع على تحرير المدن الرئيسية لتلك الاقاليم ، لكن لا تزال الحركة لديها نفوذ كبير بين العشائر القاطنة في تلك المحافظات، وتحاول في استعادة السيطرة على المناطق التي فقدتها مستفيذة من نفوذها بين العشائر ، والمشكلة اللوجستية التي يعاني منها الجيش الصومالي.
خامسا: المحافظات الغربية (باي، وبكول، وجدذو)
هذه المناطق الواقعة على الحدود مع إثيوبيا ،تعتبر أيضا معاقل رئيسية لتنظيم الشباب . بالرغم من سيطرة القوات الصومالية والقوات الاثيوبية العاملة ضمن بعثة سلام التابعة الاتحاد الأفريقي على المدن الرئيسية الا مقاتلي الحركة لديهم كامل الحرية في القرى والبوادي بتلك المدن، وتعبر الحاكم الفعلي لها، ومصدر تمويل رئيسي لعملياتها.
سادسا : مناطق بونت لاند وشمال شرق الصومال
لا تعتبر هذه المناطق مركز نفوذ وسيطرة للحركة بيد أن لديها وجود استراتيجي في مناطق جبلية وعرة وبعيدة من المدن الرئيسية وأنها تمثل منطقة لعبور امدادتها العسكرية والمالية التي تأتي من اليمن وعبر البحر.





