هل سينجح مشروع ولاية جوبالاند الجديدة ؟

لا أعتقد ذلك، والأسباب كثيرة. لم تحسم الحكومة المركزية بعد موقفها تجاه المستقبل السياسي لولاية جوبالاند بشكل واضح وقاطع. تبدو الحكومة مترددة في قراراتها رغم فشل الاجتماع الأخير بين الرئيس حسن شيخ محمود ورئيس ولاية جوبالاند أحمد مذوبي. فمعظم القيادات العشائرية التي إلتقت مع الرئيس حسن شيخ ، ورئيس وزرائه حمزة بري من بينها شيخ عشيرة مريحان، أوغاس محمد أوغاس حاشي، خرجت بانطباع أن قضية جوبالاند بالنسبة لهما محتاجة إلى مزيد من النقاشات والمشاورات، وأنها مفتوحة لجميع الاحتمالات.
وعزا بعض المسؤولين ذلك إلى عوامل كثيرة وعلى رأسها عامل الوقت الذي بات اليوم ليس لصالح الحكومة ، ووجود انقسامات داخل عشائر القاطنة في اقاليم جوبالاند، والدور الإثيوبي والكيني الذي ما زال يعتبر سلبيا إلى حد ما وغير متعاون. بالإضافة إلى ذلك أن المجتمع الدولي يمارس مزيدا من الضغوط على الحكومة من أجل إنهاء المشكلة عبر المفاوضات ، ويحذر من التصعيد، واتخاذ اجراءات أحادية تطيل أمد الأزمة.
الحكومة المركزية في مقديشو خائفة من أن يثير قرار إنشاء إدارة جديدة في جوبالاند موازية لنظام أحمد مذوبي ، مزيدا من عدم الاستقرار السياسي والأمني، وخلافات بين العشائر الكبرى في جوبالاند ولا سيما بين عشيرتي مريحان وأوغادين، الأمر الذي قد يوسع رقعة الخلاف ، ودائرة الصراع ، وعرقلة الاستعدادات الجارية لإجراء انتخابات البلديات في البلاد. تتمسك الحكومة بموقفها المتمثل في ضرورة استنفاذ جميع الطرق الممكنة للتفاوض مع الرئيس أحمد مذوبي والجهات الأخرى المحلية والأجنبية ذات العلاقة لإنهاء القضية عبر المفاوضات وبالطرق السلمية.
هناك معلومات تتحدث عن إن قيادات سياسية واجتماعية من عشيرة أوغادين التي ينتمي إليها الرئيس أحمد مذوبي والقاطنة في المناطق الحدودية بين الصومال وإثيوبيا وكينيا لا يؤيدون بشكل كامل مسعى الحكومة الصومالية لإنشاء إدارة جديدة في اقليم جوبالاند، ويضغطون الحكومتين الكينية والإثيوبية بعدم قبول مشروع جوبالاند الجديد.
في هذا الإطار، لا بد من الإشارة أيضا إلى إن مسؤولين داخل الحكومة في مقديشو مشككون في جدوى صرف موال طائلة على مشروع إنشاء إدارة جوبالاند الجديدة في مدينة من مدن اقليم جذو دون أن يغير ذلك من الواقع شيئا مع بقاء إدارة جوبالاند الحالية في كسمايو هي المعترفة دوليا، وحكومة أمر الواقع.
رغم تعدد زيارات الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلى العاصمة الإثيوبية لإقناع إثيوبيا بتغير سياساتها تجاه جوبالاند وعدم التدخل في شؤون الداخلية الصومالية وخصوصا فيما يتعلق بالخلافات مع نظام أحمد مذوبي، لكن الرئيس حسن شيخ حتى الآن لم يحقق ما كان يتمناه ، والأمر ذاته ينطبق على كينيا؛ لأن البلدين يعتبران جوبالاند ليس كمنطقة حدودية فحسب، وإنما مسألة تمس الأمن القومي للبلدين، وبالتالي لن يسمحان إنشاء إدارة تتلقى أوامرها من مقديشو في مناطق جوبالاند.
إلى جانب ذلك، فالدول الكبرى مثل بريطانيا والولايات المتحدة والمؤسسات الاقليمية كالاتحاد الأفريقي ، والاتحاد الأروبي يحذرون من مغبة التصعيد ، ويحثون الحكومة الصومالية على عدم اتخاذ اجراءات تصعيدية ، وضرورة إنهاء المشكلة عبر التفاوض ، وبشكل سلمي.
وفي المجمل، يبدو أن الحكومة في ورطة ، وفي وضع لا يحسد عليه، وأن الخيارات أمامها تجاه جوبالاند مع اقتراب موعد الانتخابات محدودة وسلبية . ومن الأجدر أن تتخلى عن قضية جوبالاند، وتتركها على حالها ، وأن تركز في الوقت الحالي على مشروع انتخابات البلديات، وايجاد صغية توافقية للانتخابات التشريعية المقبلة، وتحرير أكبر قدر ممكن من الأراضي الخاضعة لسيطرة تنظيم الشباب.

عبد الرحمن عبدي

كاتب وصحفي صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى