أجرى الرئيس حسن شيخ محمود ، ليلة أمس ، مفاوضات وصفت بالمكثفة والصعبة استمرت لعدة ساعات مع رئيس ولاية جوبالاند أحمد مذوبي.
بحسب مصادر مطلعة، انتهت المفاوضات بلا نتائج، وأن الطرفين اتفقا على استئنافها صباح اليوم الإثنين. لكن المصادر ذاتها قللت فرص نحاج هذه المفاوضات ، مشيرة إلى تباعد مواقف الطرفين. يصر الرئيس حسن شيخ محمود على ضرورة عودة أحمد مذوبي إلى جلسات مجلس الاستشاري الوطني- أعلى هيئة تنسية سياسية في البلاد تضم رئيس الحكومة المركزية، ورؤساء الولايات الاقليمية – ودعم مسار الحكومة بشأن الانتخابات العامة المقبلة.
وفي المقابل ، يطالب رئيس ولاية جوبالاند أحمد مذوبي بأن تعترف الحكومة الفيدرالية بنتائج الانتخابات التي شهدتها جوبالاند العام الماضي، وأن تتراجع عن القرار القضائي المطالب باعتقاله، وهذا مطلب من الصعب أن يحظى بقبول الرئيس حسن شيخ محمود دون إلتزام واضح من قبل أحمد مذوبي تجاه المسار الإنتخابي التي طرحتها الحكومة الفيدرالية.
وسط هذا التباعد بين مواقف الطرفين يحاول الوسطاء الكينيون والإثيوبيون في تحقيق احتراق لإيجاد مخرج لهذا المأزق يحفظ ماء وجه الطرفين، وعدم إنهاء الجولة الأولى من المفاوضات دون أفق لحلها ، وذلك بسبب ارتباطها لقضايا أخرى اقليمية ودولية بحسب مصادر إعلامية.
لكن لا يساورنا أي شك ،على الرغم من كثرة تقلبات المشهد السياسي الصومالي في أن طريق المصالحة الحقيقية بين الحكومة الفيدرالية برئاسة حسن شيخ محمود ، ورئيس جوبالاند أحمد مذوبي طويل ومعقد ، وأنه لا يمكن في أي حال من الأحول أن يتصالح الأخير بصورة حقيقية مع الرئيس حسن شيخ محمود ، وذلك لعدة أسباب أبرزها: غياب الثقة، والتجربة المرة بين الرجلين، وقرب موعد إنتهاء فترة ولاية الرئيس حسن المنتهية منتصف العام المقبل ، بالإضافة إلى عدم جدية الوسطاء ، وضعف تحمسهم تجاه ايجاد حل دائم لمشكلة جوبالاند التي طال أمدها.
وفي هذا السياق، لا يمانع كل طرف استمرار المفاوضات ويريد من خلالها تحقيق بعض الأهداف التكتيكية. فالرئيس حسن شيخ محمود يسعى عبر هذه المفاوضات إلى تحقيق هدفين رئيسيين:
الهدف الأول : توجيه رسالة إلى المجتمع الدولي مفادها أن الحكومة الفيدرالية جادة في تحقيق المصالحة مع المعارضة وأنه يخطط أيضا إجراء مفاوضات مماثلة مع رئيس ولاية بونت لاند سعيد عبد الله ديني ، وذلك بهدف زيادة فرص إجراء انتخابات تحظى بأكبر قدر ممكن من التوافق السياسي ، ومنع تدهور الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد.
الهدف الثاني: منع قيام تحالف حقيقي بين رؤساء الولايات الاقليمية المعارضة للمسار الإنتخابي الذي تقوده الحكومة الفيدرالية، وقوى المعارضة السياسية في مقديشو؛ لأنه في حال تحقق هذا التحالف لا يشكل عقبة أمام إمكانية إجراء انتخابات مباشرة ووفق شروط الحكومة فحسب، وانما يقلل أيضا دور الرئيس حسن شيخ محمود في الانتخابات المقبلة، ويهدده بسيناريو فرماجو-روبلي .
أما الرئيس أحمد مذوبي ، لم يكن راغبا من الأساس في دخول مفاوضات جاده مع الرئيس حسن شيخ محمود، إلا أنه رضخ لضغوط إثيوبيا وكينيا. في الوقت ذاته يسعى مذوبي من خلال هذه المفاوضات إلى تحقيق ثلاثة أهداف تكتيكية :
الهدف الأول : الحصول على اعتراف الحكومة الفيدرالية لنظامه مما يمهد الطريق لإعادة اقليم جذو إلى سلطته
الهدف الثاني: إقالة رئيس الوزراء الحالي حمزة برى وتعيين رئيس وزراء جديد يقترحه هو بنفسه
اما الهدف الثالث يتمثل في دفع الرئيس حسن شيخ محمود إلى التعامل مع قضية المعارضة كحزمة واحدة والرضوخ لمطالبها.
وبناء على ذلك، نتوقع استمرار المفاوضات بين الحكومة الفيدرالية وجوبالاند لفترة طويلة ، وحدوث مار ثونات تفاوضية خلال الشهور المقبلة في كل من مقديشو، ومدن صومالية أخرى ، وعواصم دول الجوار ، إثيوبيا وكينيا ، وأن تلك المفاوضات لن تكون لصالح الحكومة المركزية، والرئيس حسن شيخ محمود، وأن كثيرا من مؤيديه يرونها مضعية للوقت.