الحكومة و”منصة الانقاذ الصومالية” أمام خيارات مليئة بالتحديات

تقف الحكومة والمعارضة أمام خيارات صعبة المراس، وحلول أحلاهم مر.  في الأسبوع الماضي، أعلن عدد من أعضاء المعارضة عن الانسحاب من “منصة الانقاذ الصومالية” ، وهي أكبر واجهة للمعارضة السياسية.

جاء الانسحاب احتجاجا على توجه قيادات العليا للمنصة  نحو التصعيد ضد الرئيس حسن بعد أن رفض التراجع عن تعديل الفصول الأربعة الأولى من الدستور الانتقالي  التي وافق عليها البرلمان في 30 مارس  من العام الماضي.

 ومن أبرز  ما نص عليه هذه  التعديل، إصلاح نظام الحكم، حيث يسمح التعديل بوجود ثلاثة أحزاب وطنية فقط ، ومنح الرئيس صلاحية تعيين وعزل رئيس الوزراء دون الحاجة إلى تصويت ثقة من البرلمان.

 كما شمل التعديل الانتقال من نظام التصويت القائم على العشائر إلى الاقتراع العام في الانتخابات الرئاسية القادمة.

أكدت القيادات المنسحبة من المنصة إثر اجتماع مع الرئيس حسن شيخ محمود بأن الخلافات بين المعارضة والحكومة قد حلت ، وأن الجميع باتوا الآن متفقين على المسار الإنتخابي في الصومال، وأعربوا أيضا عن شكرهم للرئيس على تراجعه عن بنود رئيسية من التعديلات الدستورية ، وخصوصا فيما يتعلق بإنتخاب الرئيس مباشرة من الشعب .

اتفقت القيادات المنشقة والرئيس حسن أيضا على انتخاب الرئيس الفيدرالي المقبل عبر البرلمان وأن يحصل رئيس الوزراء المعين من قبل الرئيس ثقة البرلمان. وكان ذلك مطلبا رئيسيا من مطالب المعارضة . كما اتفق الجانبان على انتخاب رؤساء الولايات أيضا عبر برلمانات الولايات.

والجدير بالإشارة إلى أن الاتفاق جرى دون أن يتخذ البرلمان خطوة بهذا الشأن.

صحيح أن هذا الاتفاق يعد حطوة لافتة اتخذها الرئيس حسن شيخ محمود، لكن فيما يبدو لن تضع حدا للخلافات بين الحكومة والمعارضة.

تعتبر الخطوة اتفاقا  مع جزء بسيط من المعارضة لا تحكم منطقة، ولا تحظى بأي نفوذ قبلي أو تأثير اجتماعي يذكر. لا تزال القيادات الرئيسية في المنصة تعارض بشدة هذا الاتفاق ، مثل الرئيس الأسبق شيخ شريف ، ورئيس الوزراء الأسبق حسن خيري بالإضافة إلى رئيسي ولاية جوبالاند أحمد مذوبي ، وولاية بونت لاند سعيد ديني .

وبالتالي يتساءل كثيرون كيف يمكن لهذا الاتفاق أن يغير الحقائق على الأرض؟.أعتقد أن الاتفاق مجرد بداية. وأن هناك تراجعات لاحقة سيقوم بها الرئيس خلال الشهور المقبلة مع اقتراب نهاية فترة ولايته ، وخلال مفاوضاته مع قيادات المنصة ورئيسي بونت لاند وجوبالاند، وأن  هذه الترجعات بالتأكيد ستغضب حلفاؤه من رؤساء الحكومات الاقليمية .

في المقابل، فالقيادات السياسية في المنصة تواجه تحديات صعبة.  من الناحية  لا تمتلك أوراقا كثيرة يمكن من خلالها الضغط على الحكومة من أجل الرضوخ لمطالبها، وليس لديها سيطرة كبيرة على المشهد السياسي والاعلامي ، وانما الحكومة الفيدرالية هي صاحبة اليد العليا في المشهد وخصوصا في المجال الإعلامي. ومن ناحية ثانية فأن علاقتها مع رئيسي ولاية جوبالاند وبونت لاند غير مفعلة على الأقل في الوقت  الحالي. فهي خائفة من أن يتكرر سيناريو انتخابات عام 2022. عندما دعمت هذه القيادات الرئيس الحالي حسن شيخ خوفا من فوز الرئيس السابق فرماجو ، لكن صار حالهم كالمستجير من الرمضاء بالنار. فهم اليوم متوجسون في حال تحالفوا مع رئيسي جوبالاند وبونت لاند أن يتكرر هذا السناريو. وبالتالي لا يندفعون نحو هذه الخطوة في الوقت الحالي الا أن كثيرين يرونها ضرروية لتحقيق الانتصار وأنهم مجبرون عليها عاجلا أم آجلا.

 ليس أمام المعارضة السياسية في مقديشو سوى خيارين لا ثالث لهما.  إما أن تشارك في تحالف مع رئيسي بونت لاند أو جوبالاند.  وإما أن تلجأ إلى الشارع وهذا أمر محفوف بالمخاطر.

وفي حال نجح هذا التحالف فالنتائج معروفة. فإن فرص المعارضة السياسية في مقديشو، وحظوظهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة سيكون مرهونا بدورهم في تحالف يقودها ثنائية ديني ومذوبي.

عبد الرحمن عبدي

كاتب وصحفي صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى