مفهوم “الهوية الإسلامية” و”الالتزام بالدين” متشابكان ولكنهما يختلفان في الدلالة والتطبيق، ويمكن توضيحهما على النحو التالي:
- الهوية الإسلامية
الهوية الإسلامية هي مجموعة السمات والخصائص التي يتميز بها الفرد أو الأمة المسلمة عن غيرها من الأفراد والأمم. هي الإحساس بالانتماء إلى الإسلام كدين وثقافة وحضارة. تتشكل هذه الهوية من مجموعة من العناصر الأساسية:
- العقيدة: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.
- المرجعية: القرآن الكريم والسنة النبوية هما المصدران الأساسيان لتصورات الفرد وق٠
- القيم والمبادئ: العدل، الرحمة، الأخلاق، التسامح، التعايش، الإخاء، وغيرها من القيم التي يدعو إليها الإسلام.
- التاريخ والحضارة: الوعي بالتاريخ الإسلامي الحافل، والاعتزاز بالإنجازات الحضارية التي قدمتها الأمة الإسلامية.
- اللغة والثقافة: اللغة العربية لها مكانة خاصة في الهوية الإسلامية باعتبارها لغة القرآن، كما أن الثقافة الإسلامية تترك بصماتها على الممارسات والعادات في المجتمعات المسلمة.
باختصار، الهوية الإسلامية هي الإطار النظري والفكري الذي يحدد شخصية المسلم ويشعره بالانتماء، حتى وإن ضعف إلتزامه العملي أحياناً.
- الإلتزام بالدين
الإلتزام بالدين هو الجانب العملي والتطبيقي للإسلام. هو ترجمة الهوية الإسلامية إلى سلوكيات وممارسات يومية. يمكن تلخيص مفهوم الالتزام في النقاط التالية:
* العبادات: أداء الفرائض مثل الصلاة، الصيام، الزكاة، والحج.
* المعاملات: الالتزام بأخلاق الإسلام في التعامل مع الآخرين، مثل الصدق في البيع والشراء، الوفاء بالعهود، الأمانة، والبعد عن الغش والخداع.
* السلوك والأخلاق: تمثل القيم الإسلامية في الحياة اليومية، مثل بر الوالدين، صلة الرحم، الإحسان إلى الجار، والتعامل الطيب مع الناس.
* الظاهر والباطن: يشمل الالتزام الجانب الظاهري (مثل الملبس والمظهر) والجانب الباطني (مثل نقاء القلب، والبعد عن الكبر والحسد).
وباختصار شديد ، الالتزام بالدين هو الأداء الفعلي للشعائر والأخلاق الإسلامية، وهو ما يدل على قوة الإيمان وصدق الانتماء للإسلام.
العلاقة بين الهوية والالتزام
العلاقة بين الهوية الإسلامية والالتزام بالدين هي علاقة تكاملية. الهوية الإسلامية هي الأساس النظري، والالتزام هو التطبيق العملي.
* الهوية هي الأساس للالتزام: بدون وجود هوية إسلامية واضحة في قلب وعقل المسلم، يصعب عليه أن يلتزم بأوامر الدين ونواهيه. الإحساس بالانتماء هو الذي يدفع الفرد إلى العمل الصالح.
* الالتزام هو تجسيد للهوية: الهوية الإسلامية لا تكتمل وتتأكد إلا بالالتزام العملي. فالمسلم الذي يعرف نفسه كجزء من الأمة الإسلامية، ولكنه لا يصلي أو لا يلتزم بأخلاق الإسلام، تكون هويته ضعيفة ومهددة.
* الضعف والقوة: قد يمتلك الفرد هوية إسلامية قوية في الشعور والانتماء، لكنه يضعف في بعض جوانب الالتزام العملي، وهذا يحدث غالباً في مراحل ضعف الإيمان. لكن الهوية هي التي تشده مرة أخرى وتساعده على العودة إلى الالتزام. في المقابل، الالتزام القوي بالدين هو الذي يغذي الهوية ويقويها.
يقول الدكتور عبد الرزاق مقري في كتابه الاستنهاض الحضاري وتحدي العبور: “وفي الأخير الذي يجب أن نؤكد عليه،أن التمسك بالهوية دون امتثال بالقيم كما في حال الكثير من المسلمين قد يحافظ على الولاء العام للإسلام ولكن دون مقاصده، وإذا صار الأمر كذلك تصبح الهوية مظاهر ثقافية”.
وفي الختام، يمكن القول إن الهوية الإسلامية هي “من أنت”، بينما الالتزام بالدين هو “ماذا تفعل”. وكلاهما ضروري لشخصية المسلم المتكاملة.
وأصل هذه القيم هو الانتقال من حالة الإعلان إلى حقيقة الإيمان والالتزام به.