يتواصل في اقليم غذو جنوب غرب الصومال للأسبوع الثاني على التوالي، مواجهات مسلحة بين قوات الحكومة الفيدالية وعناصر مسلحة تابعة لإدارة ولاية جوبالاند.
جاءت المواجهات على خلفية نزاع مستمر منذ فترة حول النفوذ والتمثيل في هذا الاقليم الاستراتيجي، والواقع في المثلث الحدودي بين الصومال وكينيا وإثيوبيا.
اندلعت الإشتباكات الأخيرة في 22 يوليو الجاري إثر وصول قوات من جهاز الأمن الصومالي بقيادة المسؤول الأمني لاقليم جذو المعين قريبا من قبل الحكومة الفيدرالية عبد الرشيد حسن عبد النور جنان إلى قاعدة عسكرية للجيش الصومالي في ضاحية بلدة بولو حواء الحدودية على متن طائرة مروحية تابعة للجيش.
لكن هذه الخطوة، أثارت غضب قوات تابعة لإدارة جوبالاند بالبلدة، وبادرت بشن هجوم مباغت على أفراد الجيش الصومالي بالمدنية ما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة استمرت حتى يوم أمس الثلاثاء ، ووقوع قتلى وجرحى في صفوف المتقاتلين والمدنيين على حد سواء في ظل شح بالمياه، واستمرار قطع خدمات الاتصالات والكهرباء عن المدينة.
كما أدت الاشتباكات إلى نزوح العشرات من سكان المدنية إلى الحدود مع كينيا والقرى المجاورة.
لم تقتصر المواجهات بين الجانبين على بلدة بولو حواء، وأنما شهدت أيضا مدنية دولو في الحدود مع إثيوبيا اشتباكات عنيفة بين الطرفين حول سيطرة المرافق الحيوية بالمدنية بينها المطار، ومقر الاستخبارات الصومالية.
والجدير بالإشارة إلى أن قوات إثيوبية شاركت في هذه الاشتباكات، دعما لقوات جوبالاند، حيث قامت بالهجوم على مقر الاستخبارات وقصفه بالأسلحة الثقيلة. كما قامت بإعتقال رئيس الاستخبارات بالمدنية العقيد سليمان غيري غارني، وعدد من مرافقيه قبل أن يتم إطلاق سراحهم عبر وساطة من شيوخ العشائر بالمدنية.
لكن القوات الإثيوبية أمرت رئيس الاستخبارات الصومالية في المدنية بالإنضمام إلى قوات جوبالاند أو الخروج من المدنية والذهاب إلى المناطق الأخرى في الاقليم التي تحت سيطرة الجيش الصومالي.
يتبادل الطرفان الحكومة الفيدرالية وإدارة جوبالاند التهامات بالتصعيد الذي تشهد المدنية. فإدارة جوبالاند تتهم الحكومة بارسال عشرات من أفراد الجيش الصومالي إلى الاقليم للسيطرة على كامل الاقليم، وإجراء عمليات تسجيل للناخبين في انتخابات مثرة للجدل. وفي المقابل تؤكد الحكومة على أن سيطرة المعابر الحدودية من مسؤولية الحكومة الفيدرالية وليست الحكومات الاقليمية، وأنها عازمة على إنهاء التوترات في تلك المناطق وفرض سيادة الدولة على المعابر الحدودية.
تعد مشكلة اقليم جذو في جنوب غربي الصومال من المشاكل السياسية التي تعود جذورها إلى عام 1991، ولا تزال تشكل عقبة كأداء أمام بسط الحكومات الفيدرالية في مقديشو سيطرتها على تلك الاقليم، وذلك بسبب موقعه الجغرافي الإستراتيجي ودور كينيا وإثيوبيا فيه ، وبالتالي فقضية جذو، ليست كسائر القضايا الراهنة في الصومال ، وأنها تحتاج إلى عقلية سياسية جديدة ، وحلول ابداعية لإيجاد حل نهائي لها.
بدأت أزمة اقليم جذو منذ ظهور الصراع بين قوات الاتحاد الإسلامي في الاقليم مطلع التسعينات، ومليشيات من عشائر مريحان ودخول القوات الإثيوبية إلى الاقليم لدعم مليشيات العشائر.
منذ ذلك الفترة، لم يعهد الاقليم أي استقرار أمني أو سياسي وأن ما يجري اليوم امتداد لهذا الصراع ذو الخلفية العشائرية ، وتداخله مع مصالح الدول المجاورة.
ومن هنا لا بد من التأكيد أن إثيوبيا وكينيا لن يسمحان على المدى القريب بأن تفرض الحكومة الفيدرالية سيطرتها وسيادتها على اقليم جذو، لأنهما يعتبرانه جزءا من أمنهما القومي.
كما يعتقدان أن المليشيات القبلية في الاقليم هي الطرف الأنسب لتحقيق مصالحها ، وبالتالي ينبغي على الحكومة أن تفتح باب الحوار مع رئيس جوبالاند أحمد مذوبي من جديد، وأن تبحث مقاربات أخرى لإيجاد حل ناجع لمشكلة اقليم جذو.