هل الرئيس فرماجو قادر على إحدث تغيرات هائلة في المشهد السياسي الصومالي؟

قبل أيام، عاد الرئيس السابق محمد عبد الله فرماجو إلى مقديشو بعد غياب دام نحو 3 أعوام وسط تساؤلات حول دوره المتوقع في المشهد السياسي الصومالي الذي يواجه هذه الأيام حمى الانتخابات العامة، والخلافات حول النموذج الإنتخابي، وحالة من التشابك وتضارب المصالح والتداخل بين عدد كبير من العوامل والظروف التي تؤثر على العملية السياسية في البلاد، وتجعل فهمها أو التنبؤ بمسارها أمرا في غاية الصعوبة.
لا شك أن الرئيس فرماجو مازال يتمتع بقاعدة شعبية لا بأس بها وخاصة لدى الطبقات الفقيرة من الشعب الصومالي، لكن قدرة هذه القاعدة على تغيير الاتجاهات في المشهد السياسي والإعلامي الصومالي كما حدث في انتخابات عام 2017 مثار جدل ، وأمر غير واضح ، وخصوصا في ظل انسحاب ذراعه الأيمن فهد ياسين عن كتلته قبل نحو عامين وعدد من صناعي الملوك سواء في مقديشو أو نيروبي.
يواجه الرئيس فرماجو، تحديات كبرى من المشهد السياسي في مقديشو المليئ بالتقلبات، والتموضعات، والخيانات السياسية ، وأنه من الصعوبة بمكان أن يحصل على دعم الأقطاب السياسية الكبرى ، والقوة المؤثرة التي تشكّل الاتجاهات السياسة وتصنع القرارات والتوازنات في المشهد السياسي الصومالي.
الرئيس فرماجو يفتقر اليوم إلى العديد من مقومات أي مرشح للانتخابات الرئاسية في الصومال أبرزها التحالفات السياسية التي هي أحد أهم الأدوات المساعدة على الفوز بالانتخابات، وأن جميع القوى السياسية الفاعلة في المشهد السياسي قد حسمت أمرها، ولم يبق له أي طرف يمكن أن يتحالف معه باستثناء كتلة الرئيس الحالي حسن شيخ محمود ، وأن ما يجمع بينهما أكثر بكثير مما يفرقهما، وبالتالي يستعبد كثيرون أن يحدث مثل هذا التحالف ما لم يعلن الرئيس فرماجو صراحة دعمه الكامل للنموذج الانتخابي الذي تدعو إليه الحكومة الحالية والانتخابات الشعبية المباشرة ، وإن حدث ذلك فانه لا يمكن اعتبار ذلك سوى انتخار سياسي والخروج من المشهد مبكرا.
يتحدث كثيرون بأن الرئيس فرماجو ليحقق مفاجآت في المشهد السياسي يراهن على ثلاثة عوامل ، أولا الدعم الشعبي وتأثيره ودوره في الساحة السياسية الصومالية ، وثانيا يراهن فرماجو على دعم سلطات الاقليم الجديد (شمال شرق الصومال) الذي أنشئ مؤخرا في منطقة “خاتمو” يسكن في تلك المنطقة أخواله، ويوجد فيها شخصيات مؤثرة لا تزال تدعمه وتظهر له الولاء المطلق. والعامل الثالث يتمثل في دعم ولاية جنوب غرب الصومال ورئيسها عبد العزيز لفتا غرين الذي يتوقع أن يعلب دورا محوريا في الانتخابات المقبلة.
بالرغم من انضمام الرئيس لفتا غرين إلى الحزب السياسي الذي أنشأه الرئيس حسن شيخ محمود الا أن البعض يعتبرونه سياسيا برغماتيا لا يمكن التنبؤ بقراراته. لم يحسم لفتاغرين بعد توجه الحقيقي، ويراقب الوضع عن كثب، وينتظر اللحظة المناسبة لإعلان موقفه السياسي الرسمي، ولذلك من الممكن أن يعلن في محطة من المحطات انسحابه عن حزب الرئيس حسن شيخ، وانحيازه إلى كتلة الرئيس فرماجو. والعامل الثالث الذي قد يراهن عليه أيضا الرئيس فرماجو هو أعضاء البرلمان المقبل. هؤلاء ربما ينحازون إلى جانبه بسبب الضغط الشعبي.
لكن المراقب للمشهد السياسي الصومالي يدرك جيدا أن مثل هذه المراهنات لا تغير من الواقع في هذه المرحلة شيئا، وأن الأمر يتطلب إلى تحلفات أوسع من ذلك بكثير، وأن من يتمتع بالأدوات والآليات التالية هو الأكثر حظوظا في الهيمنة على الانتخابات المقبلة، والفوز بها، أبرزها: المال السياسي، والقدرة على تأثير الرأي العام، بالإضافة إلى فريق عمل قوي يتمتع بالكفاءة ، والثقة، والقدرة على بناء شبكات سياسية وعشائرية معقدة وخاصة بعد انتخاب أعضاء البرلمان ، وأثناء اختيار الرئيس في قاعة ما بات يعرف بقاعة “أفيسيوني”.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى