مشكلة المعارضة 

قوى المعارضة في مقديشو تنقصها بعض مقومات النجاح في البيئة السياسية الصومالية التي لم تعهد منذ وجودها سوى الخداع السياسي، وتضليل الرأي العام. وأن غياب تلك المقومات هي ما يقلل حظوظ المعارضة، ويمثل بالنسبة للحكومة فرصة لا تعوض.

المعارضة في مقديشو تعاني من أربع مشاكل: غياب الثقة، وعدم القدرة على إثارة القضايا السياسية وفي الوقت المناسب، وغياب شخصيات سياسية بارزة من عشائر دارود، والفشل في استقطاب النخب السياسية داخل الحكومة ورجال الاعمال البارزين . 

 استفاد الرئيس حسن شيخ محمود من خبرات اكتسبها في السنوات العجاف، أيام كان في دكة المعارضة، وأحد أبرز رموزها. قام الرئيس فور توليه مقاليد السلطة عام 2022 بتجفيف منابع تغذية المعارضة ولاسيما القبلية منها عبر استقطاب حاضنتها الشعبية ومروجيها: شيوخ ورموز عشائر العاصمة والمناطق الوسطى المشهورين، ورجال الأعمال القبليين، والإعلاميين. 

استغل الرئيس جميع ما يمكن تسميته بأشكال “الخداع السياسي”، مثل إبهار الناس بمظاهر شكلية من الانجازات، وخطابات هادفة من منابر يكن لها الناس الاحترام والتقديس، واشغال الشارع   في صناعة العدو والبطولات. ضرب لكل فئة من الفئات المؤثرة في المسرح السياسي الصومالي النغمة التي تعجبها.  أقنع البعض بالمناصب،  وأخرى بالمال والجاه مقابل عدم دعم المعارضة، والسكوت عن إخفاقات الحكومة. 

هذه الخطة أثبتت نجاحها، وساعدت الرئيس في تسويق آراءه ومشاريعه السياسية. ساهمت في اهتزاز ثقة قطاع عريض من الشعب بالمعارضة  السياسية أو على الأقل تقليل تأثيرها داخل المجتمع، وفي أوساط الفئآت المشاركة في صناعة الرأي العام الصومالي، وتحشيد الجماهير.

على الرغم من جميع الإجراءات التي اتخذتها الحكومة خلال الأعوام الماضية وأثارت غضب الشارع كمصادرة الأراضي، واعتقال صحفيين ونشطاء قبليين،  واحفاقاتها في ملفات جوبالاند، والعلاقة الخارجية بالإضافة إلى الرأي العام المصاب بخيبة الأمل تجاه الواقع السياسي والاقتصادي في البلاد،الا أن الوضع السياسي  مازال مستقرا إلى حد ما، ولم تقفد الحكومة زمام المبادرة؛ لأن المعارضة  لم تستثمر هذه الفرص بصورة إبداعية ، وانما تعاملت معها بالطرق التقليدية ، التهديد باللجوء إلى الشارع،  وتحريض العشائر، والتحذير من العودة إلى عام ١٩٩٠ ، وإلقاء الخطب والكلمات التي لا تفهمها سوى الطبقة المثقفة . 

سبقتهم الحكومة في توظيف مثل هذه الوسائل ، وأفرغتها من مضمونها ، ولم تعد لها أي  مردود فوري أو جدوى سياسي على المدى القريب . والأهم من ذلك أن المجموعات التي لديها مفتاح الشارع والعشائر سقطت في أيدى الحكومة، وتلعب دورا محوريا في تخدير الشعب وخاصة فئة الشباب ، وتحذيرها من مخاطرة مستقبلها، ووضع  مصالحها فوق اعتبار أهمية التغيير،  ومصالح القيادات التقليدية للمعارضة.

ينبغي على المعارضة أن  تضع خلافاتها جانبا ، وأن تفكر خارج الصندوق ، وتطرح آفكار ومشاريع سياسية موائمة للفترة الحالية،  أو لها رواج في  البئية السياسية  بمقديشو ، وقادرة على كسب ثقة الرأي العام.

عبد الرحمن عبدي

كاتب وصحفي صومالي
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى