ثمة أربع رسائل للاشتباكات التي جرت، الأسبوع الماضي بين الشرطة ومسلحين تابعين لقوى المعارضة في مقديشو وما تلى ذلك من اعتقالات وتهديدات بالتصعيد:
الرسالة الأولى : أن التصعيد الأمني لن يكون لصالح الرئيس حسن شيخ محمود.
لا يرغب الرئيس حسن شيخ في تفاقم الخلافات مع المعارضة، وانتقالها من مرحلة ضبط النفس أو الحوار إلى مرحلة استخدام القوة أو التهديد بها، والدليل على ذلك أن الرئيس أمر بإطلاق سرح وزير الأوقاف والشؤون الدينية السابق عمر علي روبلي ، وشيوخ عشائر رئيس الأسبق شيخ شريف بعد فترة وجيزة من احتجازهم على خلفية المواجهات بين الشرطة وقوات من المعارضة أمام مركز أمني في مقديشو، خوفا من مزيد من التصعيد.
تحاشى الرئيس في خطابه الأخير أمام جلسة افتتاح البرلمان توجيه نقد صريح للمعارضة، والحديث مباشرة عن المواجهات بين الشرطة والمعارضة التي خلفت عددا من القتلى والجرحى، وأكتفى بوصف المعارضة ، بشخصيات لا تريد الخير للبلاد والشعب الصومالي، محذرا من مغبة أي شكل من أشكال التصعيد الأمني ، وتطور تباين الأراء والخلافات السياسية إلى مرحلة استخدام القوة والعنف.
إضافة إلى ذلك، أن الرئيس حسن شيخ لا يفضل الخيار الأمني؛ لأنه يهدد الانجازات التي حققها خلال الأعوام الماضية وخاصة في المجال الأمني، ويفتح المجال أمام تدخل أجنبي لن يكون لصالحه، بل يدفعه نحو مزيد من التنازلات، وتعيين رئيس وزراء جديد من المعارضة، وتكرار سيناريو الرئيس فرماجو ورئيس الوزراء روبلي.
الرسالة الثانية: أقطاب داخل الحكومة متمسكة بالخيار الأمني.
إن جهات سياسية وأمنية مؤثرة داخل الحكومة لا يعجبها هذا الرأي ، وتطالب بالحسم الأمني، واتخاذ اجراءات أكثر صرامة ضد المعارضة، بينها تقييد تحركات رموزها، ومصادرة الأسلحة الثقيلة التي تملكها شخصيات من المعارضة ، واعتقال رموز قوى المعارضة إن تطلب الأمر ذلك. تلك الجهات تتصدر المشهد الحكومي في الوقت الحالي، وأكدت أكثر من مرة على ألا تتسامح الحكومة أبدا مع أي سلوك يهدد الأمن ، والتعايش السلمي بين المجتمع، محذرة قوى المعارضة من القيام بمظاهرات غير مصرح بها ، واستخدام وسائل عنيفة للتعبير عن آراءها.
الرسالة الثالثة: الأساليب التصعيدية ضمن خيارات المعارضة الإستراتيجية
أن التصعيد الأخير بين الحكومة والمعارضة ليس الا جزءا من سلسلة خطوات كانت تتخذها المعارضة في مقديشو للّي ذراع الرئيس حسن شيخ محمود ، واجباره على التراجع عن التعديلات الدستورية، واستماع رأي المعارضة بشأن الإنتخابات المقبلة، وأن المعارضة أوضحت من خلال ما حدث الأسبوع الماضي في مقديشو بأنها ماضية على درب التصعيد السلمي وحتى العسكري إن تطلب الأمر.
الرسالة الرابعة: الصراع بين الطرفين سياسي والحل لا يمكن الا أن يكون عبر الوسائل السلمية
لب الصراع بين الحكومة والمعارضة ليس على القضايا الاقتصادية ولا الاجتماعية كما يصورها البعض ، وانما على القضايا السياسية وعلى رأسها الانتخابات المقبلة، وبالتالي فإن المفاوضات الجادة لإيجاد حل سلمي للخلافات السياسية هو الطريق الوحيد لإنقاذ البلاد ، ومنع عودة الاقتتال الداخلي ، وعزلة دولية جديدة، وتدهور الوضع الأمني.